هل تجدد «أوبك» اتفاق تخفيض الإنتاج مع روسيا بعد مارس؟

{غولدمان} يستبعد قراراً سريعاً... و{سوستيه جنرال} يضع 3 سيناريوهات

«أوبك» (رويترز)
«أوبك» (رويترز)
TT

هل تجدد «أوبك» اتفاق تخفيض الإنتاج مع روسيا بعد مارس؟

«أوبك» (رويترز)
«أوبك» (رويترز)

هل ستجدد منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مع روسيا وباقي المنتجين خارج المنظمة، الاتفاق الذي سينتهي في شهر مارس (آذار) القادم؟ أم ستهجر أوبك وحلفاؤها الاتفاق؟ وما أثر ذلك على أسعار النفط؟
والإجابة عن هذا السؤال لن تكون من عند الوزراء أو المسؤولين في دول «أوبك» أو حلفائها، بل من عند كبار المصارف العالمية التي تلعب دوراً مهماً في تشكيل الرأي السائد في السوق.
والبداية مع كبير المصارف الاستثمارية الأميركية، وهو مصرف غولدمان ساكس. إذ يرى المصرف في مذكرة بحثية صادرة قبل يوم من اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة الإنتاج الجمعة الماضي، أن على أوبك وحلفائها الانتظار قليلاً قبل الالتزام بتجديد الاتفاق.
واتفق منتجون من أوبك مع آخرين، بينهم روسيا، على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا حتى مارس من أجل تقليص مخزونات النفط العالمية وتعزيز الأسعار.
ويتوقع المصرف أن إنتاج دول الأوبك سيزيد تدريجياً في العام القادم بعد انتهاء الاتفاق في مارس، في ظل عدم وجود استراتيجية تخارج واضحة من الاتفاق لدى المنتجين.
وعوامل السوق الحالية قوية في نظر البنك، وهو ما سيساعد المنتجين على أخذ وقت للتفكير، فالمخزونات في طريقها للتوازن مع تحول أسعار النفط إلى الـ«باكورديشين» بعد سنوات من بقائها في وضعية الـ«كونتانغو»، وهي الوضعية التي تشجع على تخزين النفط وبيعه بسعر أعلى لاحقاً بدلا من بيعه في الفور.
ولقد تمكن غولدمان ساكس من توقع نتائج اجتماع اللجنة الوزارية باقتدار قبل ليلة من الاجتماع من خلال قراءة تصريحات الوزراء وتحديد موقف السعودية والكويت وروسيا، التي أبدت حرصاً شديداً في عدم إظهار أي صورة نهائية لقرار التمديد.
وكان وزراء دول أوبك وروسيا الذين اجتمعوا في فيينا يوم الجمعة قالوا إنهم قد ينتظرون أشهر إضافية قبل البت في تمديد قيود الإنتاج الهادفة إلى دعم الأسعار لما بعد الربع الأول من 2018.
أما مصرف سوستيه جنرال فقد أصدر مذكرة يوم 21 سبتمبر (أيلول) قال فيها إنه يتوقع أن تتخذ أوبك قراراً بالإبقاء على التخفيضات حتى نهاية العام القادم مع الإبقاء على الإنتاج على مستواه الحالي عند 32.8 مليون برميل يومياً.
ومع هذا فقد رسم البنك ثلاثة احتمالات قد يخرج بها المنتجون في اجتماعهم القادم حول الاتفاق. ففي الاحتمال الأول الذي يتوقع البنك حدوثه بنسبة 60 في المائة، ستبقى أوبك على الوضع القائم اليوم، وهذا سيؤدي إلى توازن «بشكل عام» في السوق، ولكن سيبقى السوق «غير متوازن بالكامل»، ولن يكون هناك تراجعات مستدامة في المخزون.
أما الاحتمال الثاني فنسبة حدوثه 30 في المائة، وتحت هذا الاحتمال ستجدد أوبك وحلفاؤها الاتفاق ولكنهم سيزيدون من حجم التخفيضات بنحو مليون برميل يومياً، إذ إن زيادة التخفيضات بنسبة 500 ألف برميل يومياً لن تفيد ولن تؤدي إلى أي توازن. فسيؤدي هذا السيناريو إلى وصول أسعار النفط إلى 60 دولارا، ومع ارتفاع أسعار النفط سيزيد إنتاج النفط الصخري، وهذا سيتطلب تخفيضا بأكثر من نصف مليون برميل يومياً حتى تتوازن السوق.
أما الاحتمال الأخير والذي لا تتجاوز نسبة حدوثه 10 في المائة كما يتوقع سوستيه جنرال، فإن أوبك ستتخلى عن الاتفاق وتعود إلى التركيز على الحصة السوقية، وهو ما سيؤدي إلى هبوط أسعار النفط إلى 40 دولارا.
وأمس أعلن كل من وزراء العراق وإيران دعمهم لاتفاق أوبك، ولأي خطوة تتخذها المنظمة من أجل إعادة الاستقرار للسوق. ونقلت وكالة بلومبيرغ عن وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه أمس الأحد قوله إن على أوبك بحث وضع ليبيا ونيجيريا في الاجتماع القادم نظراً لأن السوق مستقرة، ولا توجد زيادات متوقعة سوى من هاتين الدولتين.
وكان الوزير النيجيري قد رفض الأسبوع الماضي أن يتم وضع أي سقف على إنتاجه قبل أن يحافظ على مستوى 1.8 مليون برميل يومياً لمدة ستة أشهر على الأقل، نظراً لأن إنتاجه غير مستقر. أما ليبيا فلن تتنازل عن شرط الوصول إلى 1.2 مليون برميل يومياً على أقل تقدير قبل أن تثبت إنتاجها عند هذا المستوى. وقال وزير النفط العراقي جبار اللعيبي لمؤتمر صحافي في بغداد أمس الأحد إن العراق ملتزم باحترام حصته المخفضة من إنتاج النفط كما هو متفق عليه مع منظمة البلدان المصدرة للبترول ومصدرين آخرين. وقال اللعيبي عندما سئل إن كان العراق سيدعم تمديد تخفيضات الإنتاج: «نحن مع وحدة أوبك وإجماعه».
وخفض أعضاء أوبك ومنتجون آخرون من بينهم روسيا الإنتاج نحو 1.8 مليون برميل يوميا منذ مطلع 2017، مما ساعد في رفع أسعار النفط 15 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام في منشأة «إينبريدج» في شيروود بارك في أفق مدينة إدمونتون في كندا (رويترز)

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، يوم الخميس، بعد زيادة كبيرة في مخزونات الوقود في الولايات المتحدة أكبر مستخدم للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر بمخزونات النفط الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد ضباط تفتيش الهجرة يرتدون بدلات واقية يتفقدون ناقلة تحمل النفط الخام المستورد في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (أرشيفية - رويترز)

أسعار النفط ترتفع وسط مخاوف متزايدة من تعطل الإمدادات

عكست أسعار النفط الانخفاضات المبكرة يوم الثلاثاء، مدعومةً بمخاوف من تقلص الإمدادات الروسية والإيرانية في مواجهة العقوبات الغربية المتصاعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء بفعل تصحيح فني بعد صعود الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.