إعادة اكتشاف الممثل فنياً... على من تقع المسؤولية؟

ملصق لفيلم {الـكنز}
ملصق لفيلم {الـكنز}
TT

إعادة اكتشاف الممثل فنياً... على من تقع المسؤولية؟

ملصق لفيلم {الـكنز}
ملصق لفيلم {الـكنز}

يصل بعض الفنانين إلى طريق مسدود مع جمهورهم بتقديم أدوار تكاد تكون مستهلكة، دون أن تترك أثرا لديهم، فيقوم بعضهم بالبعد عن الشاشة لفترة مؤقتة، والبحث عن دور يعيده مرة أخرى إلى جمهوره، بينما يستمر الآخرون في تقديم هذه الأدوار بشكل مكرر، حتى يصلوا إلى «قمة الفشل» من وجهة نظر النقاد، وكذلك الجمهور الذي يعزف عن مشاهدة أفلامهم بدور السينما.
الفنان الكوميدي محمد سعد، الشهير بشخصية «اللمبي»، هو خير نموذج لتلك النظرية، حيث ظل يقدم أعمالاً فنية خلال السنوات الأخيرة، تم انتقادها بشكل لاذع، ولم تحقق أعماله أي إيرادات، قبل أن يقوم بتغيير جلده الكوميدي هذا العام بفيلم «الكنز»، بالاشتراك مع الفنان الشاب محمد رمضان، واستطاع «سعد» من خلال دوره البعيد عن الكوميديا، لفت الأنظار إليه مرة أخرى، واستوقف أداؤه إعجاب الجمهور والنقاد، الذين اعتبروا دوره التراجيدي بمثابة إعادة اكتشاف.
وقال الفنان محمد سعد لـ«الشرق الأوسط»، عن سبب تغير جلده من الكوميديا إلى التراجيديا: «فكرة تغيير نمط الأدوار التي أقدمها كانت تراودني منذ فترة طويلة، وأرى أنها تأخرت كثيرا، حتى جاءتني فرصة فيلم (الكنز)، والعمل مع الأستاذ شريف عرفة، وهو مخرج لديه خبرة كبيرة، ويعرف كيف يضع الفنان في قالب مختلف وغير نمطي، ويستطيع إعادة اكتشافه مرة أخرى، فشخصية بشر الكتاتني رئيس البوليس السياسي إبان فترة حكم الملك فاروق أعادتني لجمهوري، والفضل يرجع للكاتب عبد الرحيم كمال، وشركة الإنتاج التي لم تبخل عليّ في العمل لظهوره بأفضل صورة، وسعدت كثيراً بردود الفعل التي وصلت إلي من إشادة بعض النقاد والإعلاميين والجمهور».
لم يكن محمد سعد النموذج الوحيد في السينما المصرية الذي قام بتغيير أدواره الاعتيادية، لكن توجد نماذج كثيرة أعيد اكتشافها مرة أخرى، مثل الفنان ياسر جلال، الذي اعتاد لعب دور الظل في الأفلام والمسلسلات، وكان أغلبها يدور حول الشر، قبل أن يظهر في مسلسل ظل الرئيس بالبطولة المطلقة لأول مرة في حياته، ونال المسلسل الذي عرض في رمضان الماضي على إشادة النقاد.
جيل الفنانات الشابات أيضاً كان له من تغيير أدواره الاعتيادية نصيب، فالفنانة غادة عادل أعادت حساباتها بعد أن قدمت فيلم «في شقة مصر الجديدة»، للمخرج محمد خان، حيث غيَّرَت جلدها تماماً، وابتعدت عن الأدوار الخفيفة، بالإضافة إلى الفنانة روبي التي أعادت اكتشاف نفسها في مسلسل «سجن النسا»، بعد سنوات من التجريب، ومنذ عامين أطلت علينا الفنانة منة شلبي، بتقديم دور يهودية بمسلسل «حارة اليهود»، الذي أكد قدرتها علي تجسيد شخصيات عميقة ومؤثرة، وواصلت شلبي تألقها مرة أخرى في موسم مسلسلات شهر رمضان الماضي، بتقديم دور الأجنبية بمسلسل «واحة الغروب»، الذي اعتبره البعض نقطة تحول في مسيرتها الفنية.
أما الفنانة ريهام عبد الغفور التي شاركت في مسلسل «لا تطفئ الشمس»، فقد تركت أثراً كبيراً لدى الجمهور، وأشاد بها النقاد وزملاؤها من الفنانين، وهو ما يثير تساؤلات البعض، من المسؤول عن إعادة اكتشاف الممثل فنياً، تقول الناقدة الفنية، خيرية البشلاوي: «تقع المسؤولية علي العملية الإنتاجية، والمخرج، والمؤلف، بل وجميع المشتركين في العمل، فالممثل مجرد أداة، وممكن أن يعاد اكتشافه عن طريق مخرج مخضرم، يدخل الممثل في تحدي لتغيير الصورة النمطية المستقرة في ذهن الجمهور، التي أضحكتهم لفترات طويلة».
وأضافت البشلاوي: «عندما يكرر ممثل شخصية بعينها، فهذا يرجع إلى استغلال المنتج لنجاح هذه الشخصية، وهذا ما حدث مع الفنان محمد سعد، عندما قدم شخصية (اللمبي)، في فيلم (الناظر)، وبدأ استنساخها في شخصيات أخرى، لكن بعد ظهوره في فيلم (الكنز) بشكل مختلف مع المخرج شريف عرفة، مخرج فيلم (الناظر) أيضاً، فهذا يدل على قدرات المخرج الذي يضع بصمته علي الممثل، ويحوله من شخصية لأخرى، وهذا يحتاج إلى مجهود كبير من الممثل أيضاً».
وتابعت الناقدة الفنية قائلة: «الفنان محمد رمضان كان يمشي على طريقة محمد سعد، عندما قدم شخصية (عبده موتة) التي تم استنساخها في أكثر من عمل، لكن سرعان ما خرج من هذه الشخصية، واستطاع تقديم شخصيات أخرى مختلفة وناجحة، وهذا يرجع إلى ظروف السينما التجارية التي تستنزف كل طاقات الفنان في شخصية واحدة، لنجاحه في المرة الأولى، فيكون الممثل مفعولاً به، ومجرد مؤدٍّ، والوحيد الذي يُستثنى من هذه الفكرة، هو الفنان عادل إمام، الذي استطاع التحكم في العملية الإنتاجية، وفرض سطوته عليها، ولا يمكن لأي ممثل آخر فعل ذلك حتى لو كان صاحب أعلي إيرادات».
وأوضحت البشلاوي قائلة: «فنانون كثيرون استطاعوا التحول من شخصية إلى أخرى، كالراحلين أحمد زكي، ومحمود عبد العزيز»، لافتة إلى أن إشكالية حبس الشخصية في شكل معين، وتنميطها باختزال الشخصية الإنسانية، بمواصفات معينة، كانت سبباً في نجاح بعض الفنانين القدامى مثل إسماعيل ياسين الذي تم توظيف أدواره في قضايا وطنية مضحكة، وأيضاً الراحلة زينات صدقي، وعبد الفتاح القصري، حيث لم يطالبهم أحد بالتغير».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})
أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})
TT

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})
أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

وأكد سعد في حواره مع «الشرق الأوسط» أن حلم التمثيل مؤجل إلى حد بعيد هذه الفترة؛ بسبب رغبته في استكمال نجاحاته الغنائية، واختار ديو «سبب فرحتي» الذي قدمه مع الفنانة أصالة نصري الأفضل في مسيرته، ونوه سعد إلى أنه يأمل بتقديم جزء ثان من برنامجه «بيت السعد» الذي قدمه أخيراً مع شقيقه عمرو سعد.

أحمد مع الفنانة يسرا في برنامج {بيت السعد} (حسابه على {إنستغرام})

في البداية طمأن سعد جمهوره على صحته بعد العملية الجراحية التي أجراها نهاية منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في الفك، والتي أبعدته عن الغناء لفترة طويلة، وجعلته يعتذر عن عدم المشاركة في مهرجان الموسيقى العربية: «كان علي أن أُجري تلك العملية الجراحية، بعد أن ازداد الألم في الفترة الأخيرة، فلا يوجد أصعب من ألم الفك، فأخذت القرار، وأجريت العملية، واستعدت عافيتي سريعاً، بالغناء في القاهرة، ودبي، وبعد أيام سأكون مع جمهوري في دولة الكويت».

وكشف سعد عن خطته الغنائية الجديدة التي يحضّر لها، قائلاً: «بعد غياب أكثر من 10 سنوات سأعود بألبوم غنائي جديد، سيكون مفاجأة لجمهوري، وأقوم حالياً بتسجيل أغنياته، وهو عمل يحقق كل آمالي وطموحاتي الغنائية، وسيبصر النور مع الأشهر الأولى من عام 2025». مشيراً في الوقت نفسه إلى طرحه عدداً من الأغنيات «السينغل» التي سيتم إطلاقها قبل طرح الألبوم.

يستعد أحمد سعد لإحياء حفل غنائي في الكويت (حسابه على {إنستغرام})

ونفى الفنان المصري مشاركته بالتمثيل في مسلسل شقيقه عمرو سعد الجديد «سيد الناس»، الذي من المقرر عرضه ضمن الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2025: «سأكون مشاركاً مع شقيقي عمرو في المسلسل من خلال غناء شارة العمل، وبالأغنيات الداخلية، لكن فكرة التمثيل حالياً مؤجلة، لا أعرف الموعد النهائي، وأركز إلى حد بعيد في الغناء، وتعويض أحلامي الغنائية التي أفكر بها، بالإضافة لتقديم حفلات غنائية كبرى في مصر والسعودية والإمارات وبلدان أخرى».

أحمد سعد مع شقيقه عمرو والفنان أحمد حلمي (حسابه على {إنستغرام})

وأشاد أحمد سعد بموهبة شقيقه عمرو سعد، قائلاً: «مسلسل عمرو سعد الجديد (سيد الناس)، سيكون مفاجأة، وسيحقق نجاحاً مبهراً خلال الشهر الكريم».

ولمح صاحب أغنية «اختياراتي مدمرة حياتي» إلى أمنيته في تقديم حلقات جديدة من برنامجه «بيت السعد» الذي قدمه رفقة الفنان عمرو سعد: «الموسم الأول انتهى بالفعل، وأتمنى أن تكون هناك حلقات جديدة، خصوصاً بعد أن لاقت الحلقات نجاحاً كبيراً في مصر والمنطقة العربية». واختار سعد حلقتي أحمد حلمي وأحمد فهمي من بين أكثر الحلقات التي أحبها ضمن الموسم الأول: «لا توجد لدي حلقة مفضلة عن الأخرى، الحلقات جميعها كانت رائعة، أحببت بشدة أحمد حلمي، وأحمد فهمي، كما حقق ديو (نغزة) مع الفنانة الكبيرة يسرا نجاحاً رائعاً».

الفنان المصري وصف أغنيته مع أصالة بأنها «الأقرب إلى قلبه»

أحمد سعد

وبشأن الثنائيات الغنائية المفضلة بالنسبة له، قال: «قدمت خلال مسيرتي وبالتحديد في السنوات الأخيرة عشرات الديوهات الغنائية، ولكن أقربها لقلبي بكل تأكيد ديو (سبب فرحتي) الذي قدمته مع صديقتي وزميلتي الغالية أصالة، فكل ما أقدمه برفقتها أعتبره من أعز أعمالي، وأتمنى ألا تتوقف هذه الديوهات مع أصالة، كما لا أستطيع نسيان النجاحات التي حققتها مع روبي في أغنية (يا ليالي)، وأيضاً مع زميلي بهاء سلطان».

وعن حقيقة عودته إلى زوجته علياء بسيوني، قال سعد: «الحمد لله، الخبر صحيح، وهي دائماً وجه السعد والخير عليّ، وكانت ترافقني أخيراً في حفل دبي، ولكنها كالعادة لم تحب الظهور، وشاركتني في الكواليس، وسيكون هناك حفل زفاف لنا مع نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أو مع بداية العام الجديد، وقررت أن أرتدي بدلة زفاف، وأن أشدو لها مرة أخرى بأغنية جديدة خاصة بها».