الحوثيون يحتفلون بذكرى الانقلاب والشعب اليمني يعاني «أكبر مأساة في العالم»

الرئيس الأميركي لدى استقباله الرئيس اليمني عبد ربه منصور (سبأ نت)
الرئيس الأميركي لدى استقباله الرئيس اليمني عبد ربه منصور (سبأ نت)
TT

الحوثيون يحتفلون بذكرى الانقلاب والشعب اليمني يعاني «أكبر مأساة في العالم»

الرئيس الأميركي لدى استقباله الرئيس اليمني عبد ربه منصور (سبأ نت)
الرئيس الأميركي لدى استقباله الرئيس اليمني عبد ربه منصور (سبأ نت)

يحتفل المتمردون الحوثيون في اليمن اليوم بالذكرى الثالثة لانقلابهم، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اليمني مأساة قالت الأمم المتحدة إنها الأسوأ في العالم.
ففي مثل هذا اليوم من العام 2014، انقلب الحوثيون على الشرعية اليمنية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته التوافقية، بالتحالف مع القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، بعد التراجع عن مخرجات الحوار الوطني الشامل التي توافق عليها اليمنيون في حوار استمر لقرابة العام.
الاحتفال بهذه المناسبة، التي وصفتها المصادر الحكومية اليمنية بأنها «يوم النكبة» في اليمن، يأتي في ظل أوضاع إنسانية صعبة يعيشها اليمنيون جراء سيطرة الانقلابيين على مؤسسات الدولة ومواردها المالية في المناطق التي ما زال الانقلابيون يسيطرون عليها، إلى جانب استمرارهم في ارتكاب المجازر، الواحدة تلو الأخرى، بحق المدنيين في عدد من المحافظات، وبالأخص محافظة تعز المحاصَرَة، التي تتعرض لقصف شبه يومي على يد ميليشيات الحوثي وصالح.
كما يحتفل الحوثيون بذكرى الانقلاب، في ظل تعاظم الانتهاكات بحق المواطنين اليمنيين والنشطاء، وهي الانتهاكات التي طالت، أيضاً، الصحافيين المعارضين لسياسية الميليشيات من المنتمين لحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح)، حيث اعتقل الصحافي كامل الخوداني، كما اعتقل صحافيان من المقربين من الميليشيات نفسها، وهما نزار الخالد وعابد المهذري، وذلك إثر تهديدات أطلقها القائد العسكري للميليشيات أبو علي الحاكم، بحق الصحافيين، الأسبوع الماضي، عقب اجتماع في القصر الجمهوري بصنعاء، وهذه الدفعة الجديدة من الصحافيين المعتقلين تُضاف إلى أكثر من 14 صحافياً معتقلين لدى الميليشيات منذ نحو 3 سنوات، وبعضهم تعرض لأحكام قاسية وصلت إلى حد الإعدام، كما هو الحال مع الأستاذ الجامعي والكاتب يحيى عبد الرقيب الجبيحي.
احتفال الانقلابيين هذا العام، يأتي، أيضاً، في ظل خلافات حادة بين شريكي الانقلاب (الحوثي - صالح)، وصلت إلى حد فك الارتباط، بشكل غير معلن بين الطرفين، خصوصاً في ظل استمرار الميليشيات بإضعاف صالح وضربه سياسياً وعسكرياً، عبر تشتيت قواته وممارسة ضغوط عليه وتهديدات باعتقاله ومحاكمته، بعد وضع قيود على تحركاته ولقاءاته ومهرجاناته الجماهيرية، ويبقى السؤال هنا: هل سيشارك صالح، اليوم، في احتفال الحوثيين بذكرى الانقلاب، كما تسرب أنه يتعرض لضغوط للمشاركة في احتفال ميدان السبعين وإلقاء كلمة تتوافق مع سياسيات الحوثيين؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي، وضاح الجليل أنه لا أحد يستطيع التكهن بمشاركة صالح من عدمها في حفل الحوثيين بذكرى الانقلاب، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لا أظن أنه سيضطر لحضور احتفال الحوثيين بـ21 سبتمبر (أيلول)، لأن هذا سيظهره في موقف متناقض، وسيبطل مزاعمه في الدفاع عن الجمهورية، رغم أنه شريكهم في صنع الانقلاب، لكن في المقابل، جميعنا نعرف أن صالح ملك التناقضات والألاعيب، وقد يشاركهم الحفل كنوع من التطمين لهم بأنه لا يزال حليفاً لهم، ولن يبادر للغدر بهم، وقد يفعل هذا ليحظى بمزيد من استعطاف أنصاره الذين ينظرون إليه حاليا بأنه رجل مستضعف تم الغدر به من الجميع بمن فيهم حلفاؤه الحوثيين».
ويذهب مراقبون ومحللون إلى أن ذكرى الانقلاب تأتي في وقت يمارس فيه الحوثيون شتى أصناف التحجيم والإهانات بحق صالح والموالين له في الحكومة وخارجها، وصلت إلى تقييد الحريات والاعتقالات لضباط بارزين في قوات الحرس الجمهوري الموالية له، كما حدث قبل عدة أيام في محافظة ذمار، ويقول الجليل بهذا الخصوص: «صالح فعلاً يمر بمرحلة ضعف حقيقية، لكنها ليست تلك التي تعني نهايته أو استلاب قراره الشخصي من قبل الحوثيين، هو يحاول تجنب الاصطدام بهم، نظراً لجبنه وخوفه، وقد عرف عنه طوال فترة وجوده في مراكز صنع القرار أنه لا يخوض حرباً واحدة بمفرده، وحالياً هو لا يجد حليفاً له ضد الحوثيين، فيعمد إلى تجنبهم ومحاولة مراوغتهم وتقديم التنازلات لهم حتى تتسنى له فرصة لبيعهم في صفقة مع خصومه، أو توفر فرصة وحليف يمكنانه من الانقضاض عليهم».
وتحل الذكرى الثالثة للانقلاب وقد حقق الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبدعم من قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، تقدماً كبيراً، أدى إلى سيطرة «الشرعية» على نحو 85 في المائة من الأراضي اليمنية، فيما بات الانقلابيون محصورين في العاصمة صنعاء ومحافظة ذمار وعمران، فيما الأجزاء الشمالية من إقليم تهامة والتابعة لمحافظة حجة، باتت تحت سيطرة قوات الجيش الوطني، وكذا الحال في مناطق كثيرة من محافظتي صعدة وصنعاء، إضافة إلى المدخل الجنوبي لمحافظة الحديدة، فخلال أقل من عام، تمكنت قوات الجيش الوطني وقوات التحالف من السيطرة على مساحات واسعة من الساحل الغربي، في إطار عملية «الرمح الذهبي»، التي أسفرت عن السيطرة على باب المندب ومنطقة ذباب والقاعدة العسكرية الكبيرة وهي معسكر خالد بن الوليد، في شمال غربي مدينة تعز.
ورغم الأحاديث التي ترددت، الأيام الماضية، عن إمكانية استئناف مشاورات السلام بين الحكومة الشرعية والانقلابيين برعاية من الأمم المتحدة، فإن المراقبين يعتقدون أنه لا توجد مؤشرات حقيقية على إمكانية استئناف العملية السياسية، في ظل استمرار الحوثيين في إحكام قبضتهم على الأوضاع في المناطق التي تحت سيطرتهم، وذلك ما يؤكده المحلل السياسي، ياسين التميمي بقوله: «لا أعتقد أن هناك مؤشرات على استئناف المشاورات، لأنه، حتى اللحظة، لا يوجد إطار متفق عليه للمشاورات، فإذا كان الانقلابيون يرفضون التشاور حول قضية جزئية مثل ميناء الحديدة، فإنهم أبعد ما يكون عن الذهاب إلى مشاورات تؤسس لحل سياسي يقوض مكاسبهم (...). إنهم يمضون في إقامة الاحتفالات بمناسبة مرور 3 أعوام على الانقلاب، وهذا هو المؤشر الأقوى على أنهم يؤسسون على عمل مجرم وغير مشروع شرعيةً جديدةً تتناقض مع القانون الدولي، وهي رسالة واضحة على أن جهود الأمم المتحدة تواجه تحدياً حقيقياً يؤذن بفشل مهمتها».
ويسود اعتقاد لدى المراقبين والشارع اليمني بأن احتفال اليوم، سوف يمثل مرحلة مفصلية في التحالف القائم بين الحوثيين وصالح، حيث بات الحوثيون يعتقدون أنهم المسيطرون الوحيدون على الساحة في المناطق التي ما زالت تحت سيطرتهم، رغم أن قوات الجيش الوطني باتت على بعد أقل من 30 كيلومتراً من مطار صنعاء الدولي، إلى جانب ارتفاع الأصوات المنددة بفساد الانقلابيين الذين سحبوا نحو مليار ريال يمني من فرع البنك المركزي بمحافظة الحديدة (غرب البلاد) لتغطية تكاليف احتفالاتهم وسط تخمة واضحة للعيان أصابت قيادات الميليشيات، فيما يستمر استنزاف المواطنين عبر الجباية بكل الطرق.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن يلزمون طلبة الجامعات بحمل السلاح

الحوثيون يتجاهلون تفشي الجوع ويرغمون السكان على حمل السلاح (إعلام حوثي)
الحوثيون يتجاهلون تفشي الجوع ويرغمون السكان على حمل السلاح (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يلزمون طلبة الجامعات بحمل السلاح

الحوثيون يتجاهلون تفشي الجوع ويرغمون السكان على حمل السلاح (إعلام حوثي)
الحوثيون يتجاهلون تفشي الجوع ويرغمون السكان على حمل السلاح (إعلام حوثي)

في إطار حالة الاستنفار التي تعيشها الجماعة الحوثية في اليمن تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل، ألزمت طلاب الجامعات العامة والخاصة في مناطق سيطرتها بحمل السلاح، كما أرغمت الإناث على الالتحاق بدورات للإسعافات الأولية بعد أيام من إرغام جميع الموظفين العموميين على حمل السلاح.

وأبلغ طلاب في جامعة صنعاء وفي جامعات خاصة «الشرق الأوسط» أن المشرفين الحوثيين من دائرة الحشد والتعبئة أرسلوا مدربين على استخدام السلاح إلى الجامعات، وأمروا بتعطيل الدراسة لمدة أسبوع في كل جامعة على حدة، وحوّلوا ساحات الجامعات وقاعات المحاضرات إلى أماكن للتدريب على القتال واستخدام الأسلحة لكل الطلاب الملتحقين من الذكور، وعدّ ذلك شرطاً لتأكيد الولاء للجماعة.

ووفق هذه المصادر، فإن الإناث أُبلغن أيضاً بحضور دورات تدريبية على الإسعافات الأولية، مع تأكيد أن الالتحاق بهذه الدورات سيكون معياراً للحصول على درجات إضافية، وإبعاد شبهة المعارضة، أما في حال الامتناع فإن الطالب أو الطالبة سيكون عرضة لخصم درجات من محصلته السنوية، وبالذات نسبة 30 في المائة التي تُصنف على أنها درجات الحضور والتفاعل في القاعات الدراسية.

نموذج من إعلان الحوثيين وقف التعليم في الكليات والجامعات (إعلام محلي)

هذه الخطوة أتت بعد أيام من إرغام الحوثيين جميع الموظفين العموميين، بمن فيهم كبار السن، على حمل السلاح والالتحاق بدورات للتدريب على القتال؛ إذ ترى الجماعة في ذلك شرطاً لاستحقاق البقاء في العمل من عدمه، وإقراراً بالولاء لها لتصعيد هجماتها في البحر الأحمر.

المزارعون والقبائل

في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) ذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية أرغمت أيضاً المزارعين وعمال البناء على الالتحاق بما يُطلقون عليها دورات التعبئة للتدريب على الأسلحة.

ووفق المصادر، حشدت الجماعة عبر وجهاء المناطق والقرى المزارعين إلى المدارس بعد أن أوقفت العملية التعليمية، وأخضعتهم لدورات في التدريب على كيفية استخدام الأسلحة وتركيبها، والتعامل مع عدو مفترض، وعلى عمليات القنص.

عناصر حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وخلافاً لما تُسميه الجماعة بالوقفات القبلية المُسلحة في المناطق المحيطة أو القريبة من صنعاء، والتي يحضر المشاركون فيها بأسلحتهم الشخصية، بيّنت المصادر أن الملتحقين بهذه الدورات في أرياف محافظة إب، وهم في الغالب من المزارعين أو عمال اليومية، ولا يمتلكون أسلحة، تكتفي الجماعة بجعلهم يشاركون في مسيرات تحمل أعلامها وشعاراتها الطائفية، وإرغامهم على السير مسافة طويلة، وترديد الهتافات المؤيدة لزعيم الجماعة، واستعدادهم للقتال ضد إسرائيل.

ومع أن قادة الجماعة الحوثية يدركون عدم تقبل السكان للتعبئة الطائفية لجهة أنهم يتمنون وقف الحرب، وتخفيف الجبايات التي تُفرض عليهم، لكن المصادر أفادت بأن الهدف العام للجماعة هو إيهام الرأي العام بوجود تأييد شعبي لخطواتها في التصعيد جنوب البحر الأحمر، والتنصل من اتفاقات السلام، حتى في هذه المحافظة التي باتت رمزاً لمعارضة حكمها.