من المستفيد من شائعات وفاة الفنانين؟

آخرهم صلاح السعدني وعادل إمام وطالت فريد شوقي وأحمد زكي وتطارد مديحة يسري ونادية لطفي وشادية

صلاح السعدني  -  عادل إمام
صلاح السعدني - عادل إمام
TT

من المستفيد من شائعات وفاة الفنانين؟

صلاح السعدني  -  عادل إمام
صلاح السعدني - عادل إمام

«إنها ضريبة الشهرة» جملة تبرر الكثير من الشائعات التي تطال حياة الفنانين الشخصية والاجتماعية والفنية ولا تتوقف عند هذا الحد بل أصبحت الشائعات تعلن وفاة الفنان وهو لا يزال على قيد الحياة. قبل أيام قليلة انتشرت شائعة وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني «عمدة» الدراما التلفزيونية، وانتشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل محبو الفنان على «تويتر» و«فيسبوك» وسط صعوبة التحقق من «الأخبار الكاذبة»، لكن خرج ابنه الفنان أحمد السعدني نافيا الخبر متوعدا بتتبع الصحيفة أو الموقع الذي نشر الخبر لملاحقته قضائيا. وقام ببث فيديو مباشر على صفحته ليطمئن الجماهير على صحة والده، موجهاً النصح لبعض الفنانين الذي يولون أمر صفحاتهم لبعض الشركات أو الأشخاص، وبالتالي يشاركون على تلك الصفحات أخباراً مغلوطة عن الفنانين دون دقة.
وكل عام تقريبا تنتشر شائعة وفاة «الزعيم» عادل إمام، وتنال الشائعات من الفنان نفسه وأسرته وتتسبب بالكثير من الأذى النفسي، وأحياناً تؤدي لعواقب وخيمة مثلما تتعرض والدة الفنانة يسرا لأزمة قلبية بعد سماعها خبر وفاتها وهي تحضر فعاليات مهرجان الأقصر السينمائي.
في الآونة الأخيرة تحوم شائعات الوفاة حول الفنانة الكبيرة مديحة يسري، ونادية لطفي وشادية، وسمير غانم، وجميل راتب وجورج سيدهم، وحسن حسني. كذلك تعرض لها الفنان عزت أبو عوف وأيضاً الفنان أحمد راتب قبل وفاته بعدة أشهر.
ويبدو جليا أن جزءاً من دائرة انتشار الشائعات أيضا هو انتشار الحسابات المزيفة للفنانين التي غالبا ما تروج لأخبار الوفاة والزواج والطلاق، فيقوم بمشاركتها أعضاء «تويتر» و«فيسبوك» وغيرها، بالإضافة إلى وجود حسابات وقنوات على «يوتيوب» لأشخاص عاديين، يحاولون لعب دور «الصحافي المواطن»؛ سعيا لزيادة عدد المتابعين وبالتالي أيضا الشهرة أو الإعلانات أو الظهور الإعلامي، وهو ما أضر بصناعة الإعلام كلها في مصر.
يقول الناقد السينمائي محمد قناوي لـ«الشرق الأوسط»: «شائعات وفاة الفنانين من أكثر الشائعات التي باتت تندلع مثل النار في الهشيم وتتسبب في كثير من الأذى للفنان وأسرته وجمهوره. وأحد أهم أسباب انتشار الشائعات هو إما غياب الفنان وقلة ظهوره الفني أو مرضه».
ويشير قناوي إلى أن مصدر الشائعات عادة ما يكون «المواقع الإلكترونية التي انتشرت بشكل كبير والتي تقوم بنشر الشائعات لتحقيق عدد زيارات للموقع (ترافيك) لجلب الإعلانات؛ لذا فهي المستفيد الأول من الأخبار الكاذبة.»
ويضيف: «فقد جعلوا عادل إمام يموت في الثلاث سنوات الأخيرة 6 مرات، لدرجة أنه ذات مرة صرح بخفة ظله المعهودة «أنا خايف أموت بجد محدش يصدق ويقولوا إشاعة». وكذلك صلاح السعدني أكثر من مرة، وأحمد زكي من قبل، محمود عبد العزيز. ويؤكد أن تلك الشائعات المجردة من الإنسانية هي ظاهرة ليست بجديدة على الوسط الفني، ويروي: «لقد تعرض الفنان فريد شوقي لنفس المأساة حينما كان يتلقى العلاج بالمستشفى وسمع خبر وفاته بنفسه على القناة الأولى فقام بالاتصال بالقناة وأكد لجمهوره ومحبيه أنه حي يرزق».
ويشدد قناوي على ضرورة تحرك مؤسسات الدولة، مثل الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة ووضع ضوابط ولوائح جديدة تحد من انتشار الشائعات وتداولها، ووضع قوانين تنظم عمل تلك المواقع الإلكترونية.
كذلك يرى الناقد السينمائي نادر عدلي، أن المشكلة الرئيسية في انتشار الشائعات تعود إلى الدولة نفسها لأنها لا تضع ضوابط لفوضى «السوشيال ميديا»، مؤكداً: «الجرائد لا تقوم بنشر الشائعات لأنها تسعى للتحقق من الأخبار وعادة ما تنشر المواقع الإلكترونية هذه الشائعات، وهو الأمر الذي يحتاج تدخلاً من الدولة لوضع لوائح وقوانين لمحاسبة من يقوم بنشر الأكاذيب».
ويلفت عدلي إلى أنه في الماضي لم يكن انتشار الشائعات بهذه الصورة، لكنه لا ينفي وجودها، قائلا: «موجودة لكن بشكل محدود. كانت شائعات وفاة الفنانين تخرج ولكن عند وجوده بأحد المستشفيات للعلاج ويتم تداولها عبر المقربين منه أولا في الوسط الفني وتنتشر بين الجمهور»، ويعزي عدلي السبب إلى أن «الشعب المصري بطبيعته يهوى تناقل الأخبار».
أما عن الإجراءات اللازمة للحد من فوضى الشائعات، يقول: «أرى أن الهيئات والمؤسسات المنوط بها وضع التدابير والضوابط، ليس لديها رؤية واضحة لطبيعة عملها، ومعظم أعضائها يتعاملون على أنها وظيفة سياسية فقط».
وتؤكد الناقدة الفنية ماجدة خير الله أن شائعات وفاة الفنانين أمر غير إنساني وغير مهني، وعلقت بقولها: «ناس فاضية» مضيفة: «غالبا ما ترصد هذه الشائعات الفنانين الكبار في السن وتحاول نشر خبر وفاته على أنه سبق، وتنشره على مواقع «السوشيال ميديا» فتتسع دائرة الخبر دون تحقق. وتروي: «أحمد زكي - رحمه الله - كان أبرز من عانوا من تلك الشائعات، فقد كانت الصحف تتبارى في اختلاق العناوين الصحافية الرنانة حول وفاته ولا يزال يتلقى العلاج بالمستشفى، البعض يكتب أنه سيموت خلال ساعات، والبعض يكتب أنه توفي ويذكر أسباب، وللأسف تأثير ذلك على عائلة أي فنان مدمر».
وترى خير الله أن مسألة الشائعات لا يمكن الحد منها بقولها: «ليس لها حل... سوى التكذيب المباشر من عائلة الفنان نفسه أو النقابات الفنية. طالما أن سلوك المجتمع وعاداته لم تتغير، لأننا شعب لا يمكنه قول لا أعرف بل يفضل إعطاء المعلومة ولو خاطئة عن قولها».
وتضيف: «الجماهير لا مأخذ عليها، لأنها تكتب الخبر أو التعزية بدافع الحب والواجب، لكن يجب أن نلوم على من ارتكب الخطأ وتسبب فيه»، لافتة إلى أن تلك الشائعات لا تجد لها مكانا في الخارج لأنهم قبل نشر أي خبر يتحرون الدقة لوجود ضوابط وقانون صارم.
أما عن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها النقابات الفنية، يقول الفنان أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية لـ«الشرق الأوسط.»: «للأسف شيء مشين للغاية، ولازلت أناشد الصحف والصحافيين والجمهور أيضاً عدم نشر أي خبر دون تحري الدقة والتأكد منه؛ لأن تلك الشائعات، وخصوصاً المتعلقة بالشرف أو الحياة والموت تدمر أسر الفنانين وتؤثر على أبنائهم، وفي النهاية أنا بدوري لا يمكنني أن أمنعهم من اللجوء للقضاء للمطالبة بحقوقهم، فمثلا كندة علوش وعمرو يوسف لا يرغبان أبدا في التنازل عن حقهما بعد الشائعة التي طالتهما مؤخراً».
ويرى زكي أن الدولة لن تستطيع منع تلك الشائعات وإنما يجب على الصحافة توخي الدقة والتعامل بمهنية مع تلك الشائعات.


مقالات ذات صلة

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يوميات الشرق منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يكشف فيلم «الست» صورة واقعية لأم كلثوم بما لها وما عليها، مقدّماً سيرة فنية وإنسانية حظيت بإشادات واسعة بعد عرضها.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من فيلم «فلسطين 36» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

«اللي باقي منك» و«فلسطين 36»... ذاكرة بصرية لـ«وعد بلفور» و«النكبة»

يُشدِّد فيلما «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» على أهمية استعادة الذاكرة الفلسطينية وتوثيق تاريخها في مواجهة محاولات التزييف.

انتصار دردير (جدة)
سينما اللاعب المعتزل سعيد العويران في مشهد من الفيلم برفقة محمد الدوخي (نتفليكس)

الفيلم السعودي «رهين»... كوميديا البطل المأزوم

امتلأت القاعة الرئيسية في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» قبل بدء عرض الفيلم السعودي «رهين» بنحو نصف ساعة.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما صورة من الفيلم لمنصور رشيد الكيخيا إلى جانب الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي

«بابا والقذافي»… رحلة بحث عائلية تحول الصمت إلى جائزة دولية

تنطلق جيهان الكيخيا في فيلمها من سؤال طفولي ظلّ يلاحقها منذ السادسة من عمرها: «أين ذهب أبي؟»، والدها هو منصور رشيد الكيخيا، وزير خارجية ليبيا الأسبق.

كوثر وكيل (لندن)
يوميات الشرق ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)

بيع ساعة يد للمخرج فرانسيس كوبولا بـ10.8مليون دولار في مزاد

بيعت ساعة يد من مجموعة مقتنيات المخرج السينمائي الأميركي فرانسيس فورد كوبولا بسعر قياسي في مزاد أُقيم في نيويورك، حسبما قالت دار مزادات «فيليبس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
TT

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)

تواصل مصر خطتها لإحياء وتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وفق أحدث المعايير العالمية والدولية، مع العمل على وصلهما ببعضهما البعض وافتتاحهما قريباً بإدارة من القطاع الخاص.

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة تتابع باهتمام تنفيذ مشروع تطوير الحديقتين، انطلاقاً من أهميته في ظل الطابع التاريخي المميز لهما، وتتطلع لإعادة إحيائهما، والانتهاء من عملية التطوير وفق الخطة الزمنية المقررة، وإدارتهما وتشغيلهما على النحو الأمثل.

وقال مدبولي في بيان عقب اجتماع، الأحد، مع عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بالمشروع: «هذا المشروع بمثابة حلم للحكومة نعمل جميعاً على تحقيقه، وهدفنا أن يرى النور قريباً، بإدارة محترفة من القطاع الخاص، تحافظ على ما يتم ضخه من استثمارات».

وشهد الاجتماع استعراض مراحل مشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان، حيث تمت الإشارة إلى اعتماد التصميمات وأعمال الترميم والتطوير من جانب المنظمات العالمية المُتخصصة، ونيل شهادات ثقة عالمية من جانبها، مع التعامل مع البيئة النباتية بأسلوب معالجة علمي، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة بالحديقتين وفق أعلى المعايير العالمية، بما يواكب رؤية التطوير، ويضمن توافق التشغيل مع المعايير الدولية»، وفق تصريحات المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني.

ويتضمن مشروع تطوير «حديقة الحيوان بالجيزة» مساحة إجمالية تبلغ 86.43 فدان، ويبلغ إجمالي مساحة مشروع «حديقة الأورمان» 26.7 فدان، بمساحة إجمالية للحديقتين تصل إلى 112 فداناً، واستعرض الاجتماع عناصر ربط المشروعين معاً عبر إنشاء نفق يربط الحديقتين ضمن المنطقة الثالثة، بما يعزز سهولة الحركة، ويوفر تجربة زيارة متكاملة، وفق البيان.

وتضمنت مراحل التطوير فتح المجال لبدء أعمال تطوير السافانا الأفريقية والمنطقة الآسيوية، إلى جانب الانتهاء من أعمال ترميم الأماكن الأثرية والقيام بتجربة تشغيلية ليلية للمناطق الأثرية بعد تطويرها بواقع 8 أماكن أثرية.

التشغيل التجريبي للمناطق الأثرية ليلاً بعد تطويرها (حديقة الحيوان بالجيزة)

وأشار البيان إلى أن مستشاري مشروع الإحياء والتطوير؛ وممثلي الشركة المُشغلة للحديقتين، عرضوا خلال الاجتماع مقترحاً للعودة للتسمية الأصلية لتكونا «جنينة الحيوان»، و«جنينة الأورمان»؛ حرصاً على التمسك بهويتهما لدى جموع المواطنين من روادهما منذ عقود، كما أكدوا أن إدارة الحديقتين وتشغيلهما سيكون وفق خطة تضمن اتباع أحدث النظم والأساليب المُطبقة في ضوء المعايير العالمية.

وتم تأكيد ارتفاع نسب الإنجاز في الجوانب التراثية والهندسية والفنية بمشروع تطوير الحديقتين، حيث شملت أعمال الترميم عدداً من المنشآت التاريخية، أبرزها القصر الملكي والبوابة القديمة والكشك الياباني.

وحقق المشروع تقدماً في الاعتمادات الدولية من جهات مثل الاتحاد الأوروبي لحدائق الحيوان (EAZA) والاتحاد العالمي (WAZA) والاتحاد الأفريقي (PAAZA)، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.

وترى الدكتور فاتن صلاح سليمان المتخصصة في التراث والعمارة أن «حديقة الحيوان بالجيزة من أكبر حدائق الحيوان في الشرق الأوسط وأعرق حدائق الحيوان على مستوى العالم، حيث تأسست في عهد الخديو إسماعيل، وافتُتحت في عصر الخديو محمد توفيق، وكان بها في بداية افتتاحها أكثر من 175 نوعاً من الحيوانات النادرة من بيئات مختلفة حول العالم، كما كان تصميمها من أجمل التصميمات في العالم وقتها، وكانت متصلة بحديقة الأورمان وقت إنشائها».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «حديقة الأورمان من أهم الحدائق النباتية في العالم، وكانت جزءاً من القصر الخاص بالخديو إسماعيل، وكانت مخصصة لمد القصر بالفواكه والخضراوات، وصممها مهندسون فرنسيون»، وأشارت إلى أن كلمة أورمان بالأساس هي كلمة تركية تعني الغابة أو الأحراش، وعدت مشروع تطوير الحديقتين «من أهم المشروعات القائمة حالياً والتي من شأنها أن تعيد لهما طابعهما التراثي القديم، وهو من المشروعات الواعدة التي من شأنها أن تغير كثيراً في شكل الحدائق المصرية» وأشادت بفكرة العودة إلى الاسمين القديمين للحديقتين وهما «جنينة الحيوان» و«جنينة الأورمان»، لافتة إلى تغيير الصورة الاستثمارية للحديقتين بعد التطوير لوجود مناطق ترفيهية وكافيهات ومناطق لأنشطة متنوعة.


نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
TT

نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

قالت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي إن العمل الفني لا يولد مصادفة، بل يأتي من تلك الرجفة الداخلية التي يخلّفها هاجس ما، أو من أسئلة لا تتوقف عن الإلحاح حتى تتحوّل إلى قصة.

وبدت نادين في جلستها الحوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الأحد، التي أدارها أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي والكلاسيكي بالمهرجان، كأنها تفتح كتاباً شخصياً، تقلب صفحاته بهدوء وثقة، وتعيد ترتيب ذكرياتها وتجاربها لتشرح كيف تُصنع الأفلام. فمنذ اللحظة الأولى لحديثها، شددت على أن الصدق هو ما يميّز الفيلم؛ ليس صدق رؤيتها وحدها، بل صدق كل مَن يقف خلف الكاميرا وأمامها.

وأكدت أن الشغف والهوس هما ما يسبقان الولادة الفعلية لأي فكرة؛ فقبل أن تصوغ أولى كلمات السيناريو، تكون قد أمضت زمناً في مواجهة فكرة لا تريد مغادرة ذهنها. شيئاً فشيئاً يبدأ هذا الهاجس بالتشكّل والتحول إلى موضوع محدد يصبح البوصلة التي تضبط كل التفاصيل الأخرى. قد تتغير القصة، وقد يتبدّل مسار الفيلم، لكن الفكرة الجوهرية، ذلك السؤال الملحّ، تبقى العنصر الثابت الذي يجب بلوغه في النهاية.

وتسترجع نادين لحظة ولادة فيلم «هلّأ لوين؟»، فتعود إلى حرب 2008، حين كانت مع طفلها في شوارع بدت كأنها على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة. وتروي كيف تسلّل إليها الخوف عندما تخيّلت ابنها شاباً يحمل السلاح، وكيف تحوّلت تلك اللحظة إلى بذرة فيلم كامل.

نادين لبكي خلال «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وفي «كفرناحوم» حدث شيء مشابه، إذ تقول إنها كانت ترى الأطفال في الشوارع، وتنصت إلى قصصهم، وتراقب نظرتهم إلى العالم وإلى الناس الذين يمرّون أمامهم كأنهم عابرون بلا أثر. من هنا بدأت الفكرة، ثم امتدّ المشروع إلى 5 سنوات من البحث الميداني، أمضت خلالها ساعات طويلة في محاولة فهم القوانين، والحياة اليومية، والدوافع الإنسانية التي تحكم هذه البقع المهمَّشة.

وتؤكد نادين أن مرحلة الكتابة ليست مجرد صياغة نص، بل لحظة مشاركة وتجربة مشتركة، فالعلاقة بين فريق الكتابة بالنسبة إليها أساسية. وتشير إلى أنها تحب العمل مع أشخاص يتقاسمون معها الرؤية والمبادئ نفسها. أحياناً يكتبون أسبوعين متواصلين، ثم يتوقفون شهوراً قبل أن يعودوا للعمل من جديد، بلا مواعيد نهائية صارمة، لأن القصة، كما تقول، هي التي تحدد إيقاعها وزمنها، لا العكس.

وعندما تنتقل إلى الحديث عن اختيار الممثلين، تكشف أن العملية تستغرق وقتاً طويلاً، لأن أغلب أبطال أفلامها ليسوا محترفين. ففي «كفرناحوم» مثلاً، كان من المستحيل بالنسبة إليها أن تطلب من ممثل محترف أن ينقل ذلك القدر من الألم الحقيقي، لذلك اتجهت إلى أشخاص عاشوا التجارب نفسها أو عايشوا مَن مرّ بها. وتؤكد أنها مفتونة بالطبيعة الإنسانية، وأن فهم الناس ودوافعهم هو بوابة الإبداع لديها؛ فهي لا تفكر في النتيجة في أثناء التصوير، بل في التجربة نفسها، وفي اللحظة التي يُصنع فيها المشهد.

نادين لبكي عقب الجلسة الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

وتتوقف نادين أيضاً عند تجربتها التمثيلية في فيلم «وحشتيني»، كاشفة أنه من أكثر الأعمال التي أثّرت فيها على مستوى شخصي، وأنها سعدت بالعمل مع النجمة الفرنسية فاني أردان. وترى أن التمثيل هذه المرة جعلها تعيش السينما من زاوية مختلفة، فهي تؤمن ـ كما تقول ـ بنُبل السينما وقدرتها على تغيير الإنسان وطريقة تفكيره ونظرته إلى الأشياء، وهو ما يشجعها على الاستمرار في خوض تجارب سينمائية تركّز على السلوك الإنساني، مع سعي دائم لفهم الدوافع غير المتوقعة للأفراد أحياناً.

وتشير إلى أن المدرسة الإيرانية في إدارة الممثلين كانت ذات تأثير كبير في تكوينها الفني. ورغم غياب صناعة سينمائية حقيقية في لبنان عندما بدأت مسيرتها الإخراجية، فإنها تعلّمت عبر الإعلانات والفيديو كليبات، وصنعت طريقها بنفسها من عمل إلى آخر، لعدم وجود فرصة الوقوف إلى جانب مخرجين كبار. وقد عدت ذلك واحداً من أصعب التحديات التي واجهتها.

وأكدت أن فيلمها الجديد، الذي تعمل عليه حالياً، مرتبط بفكرة مركزية، وسيُصوَّر في أكثر من بلد، ويأتي ضمن هاجسها الأكبر، قصة المرأة وتجاربها. ولأن أفكارها تولد غالباً من معايشة ممتدة لقضايا تحيط بها يومياً، تقول: «نعيش زمناً تختلط فيه المفاهيم بين الصواب والخطأ، ولا نجد مرجعاً سوى مبادئنا الشخصية»، مؤكدة أنها تستند في اختياراتها الفنية إلى ما تؤمن به فقط.

وفي ختام حديثها، تتوقف عند شراكتها مع زوجها الموسيقي خالد مزنَّر، وتصفها بأنها واحدة من أهم ركائز تجربتها، موضحة أن رحلتهما في العمل على الموسيقى تبدأ منذ لحظة ولادة الفكرة. وأحياناً يختلفان بشدة، ويتجادلان حول الموسيقى أو الإيقاع أو الإحساس المطلوب، لكنهما يصلان في النهاية إلى صيغة فنية تجمع رؤيتهما، وترى نفسها محظوظة بأنها ترافق شخصاً موهوباً فنياً وإنسانياً.


تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)

أدّى تسرب مياه الشهر الماضي إلى إتلاف مئات الكتب في قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ما يسلط الضوء على الحالة المتدهورة للمتحف الأكثر زيارة في العالم، بعد أسابيع فقط من عملية سطو جريئة لسرقة مجوهرات كشفت عن ثغرات أمنية.

وذكر موقع «لا تريبين دو لار» المتخصص في الفن التاريخي والتراث الغربي أن نحو 400 من الكتب النادرة لحقت بها أضرار ملقياً باللوم على سوء حالة الأنابيب. وأضاف أن الإدارة سعت منذ فترة طويلة للحصول على تمويل لحماية المجموعة من مثل هذه المخاطر، لكن دون جدوى.

وقال نائب مدير متحف اللوفر، فرانسيس شتاينبوك، لقناة «بي إف إم» التلفزيونية، اليوم (الأحد)، إن تسرب أنابيب المياه يتعلق بإحدى الغرف الثلاث في مكتبة قسم الآثار المصرية.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «حددنا ما بين 300 و400 عمل، والحصر مستمر»، وتابع أن الكتب المفقودة هي «تلك التي اطلع عليها علماء المصريات، لكن ليست الكتب القيمة».

وأقرّ بأن المشكلة معروفة منذ سنوات، وقال إن الإصلاحات كان من المزمع إجراؤها في سبتمبر (أيلول) 2026.

وسرق 4 لصوص في وضح النهار مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، ما كشف عن ثغرات أمنية واسعة في المتحف.

وأدّت الثغرات الهيكلية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إغلاق جزئي لقاعة عرض، تضم مزهريات يونانية ومكاتب.