قرية «حسن كيف»... 10 آلاف سنة من عشق الطبيعة في تركيا

منحوتة «دجلة» الفريدة تواجه الاندثار تحت الماء

قرية «حسن كيف» ترقد بين أحضان الطبيعة ({الشرق الأوسط})
قرية «حسن كيف» ترقد بين أحضان الطبيعة ({الشرق الأوسط})
TT
20

قرية «حسن كيف»... 10 آلاف سنة من عشق الطبيعة في تركيا

قرية «حسن كيف» ترقد بين أحضان الطبيعة ({الشرق الأوسط})
قرية «حسن كيف» ترقد بين أحضان الطبيعة ({الشرق الأوسط})

تزخر منطقة جنوب الأناضول في تركيا بكثير من المعالم التاريخية والأثرية والقرى والمناطق الجبلية التي يتجلى فيها جمال الطبيعة.
ومن بين هذه المعالم التي تجذب سنويا الآلاف من عشاق الطبيعة قرية «حسن كيف»، أو«حصن كيفا» كما كانت تسمى قديما، وهي تتبع محافظة بطمان في جنوب شرقي تركيا وتقع على شاطئ نهر دجلة.
استمدت القرية، التي يعود تاريخها إلى نحو 10 آلاف سنة، اسمها من البيوت المنحوتة في الصخور عندما أطلق عليها السريانيون اسم «كيفا»، وأطلق عليها العرب فيما بعد اسم «حصن كيفا»، وفي أواخر عهد الدولة العثمانية أصبح اسمها «حسن كيف» وهو الاسم المستخدم حتى الآن.
أُعلنت قرية «حسن كيف» منطقة محمية في عام 1981، وهي تزخر بكثير من المعالم؛ وفي مقدمتها «قلعة حسن كيف» التي كانت واحدة من القلعتين اللتين استولى عليهما الإمبراطور البيزنطي قسطنطين عند دخوله مدينة ديار بكر.
ومن أهم معالم القرية أيضا «القصر الكبير» الذي يقع شمال القلعة تحت الأنقاض. وبسبب عدم وجود أي كتابة على جدرانه، فإن تاريخ بنائه وهوية بنائيه لا يزالان مجهولين حتى الآن، لكنّ خصائص المبنى تشير حسب الخبراء إلى عصر الدولة الأرتوقية.
يعد «جسر حسن كيف» من أكبر الجسور الحجرية التي بنيت في العصور الوسطى، ويرجح أيضا، حسب بعض المصادر غير المؤكدة، أنّه بني في عصر الدولة الأرتوقية عام 1122م.
أما «جامع الرّزق» فبني بأمر من السلطان سليمان الأيوبي في عام 1409م؛ حيث كتبت عليه أسماء الله الحسني التسعة والتسعين. لكن لم تبق منه سوى المنارة والباب الرئيسي.
كما يوجد أيضا عدد من الأنقاض والقصور الكبيرة التي تقع في شمال القلعة البيزنطية.
وتشير الدلائل إلى أنّ المنطقة التي تقع بها قرية «حسن كيف» كانت مركزاً تاريخياً قديما جداً. وتشير الأبحاث الجيوبوليتيكية إلى أنّ المدينة سُكِنت منذ زمن بعيد، ولا تزال بعض مغاراتها صالحة للسكن حتى الآن. كما تشير الوثائق والمخطوطات القديمة إلى أنّ الإمبراطور البيزنطي قسطنطين هو من بنى «قلعة حسن كيف» في القرن الرابع بعد الميلاد لحماية البلدة.
شهدت قرية «حسن كيف» والمنطقة الواقعة بها كثيرا من الفتوحات، ففي عام 639م فتحها الأمويون، وبعدهم العباسيون، ثم الحمدانيون، والأرتوقيون، والأيوبيون، والعثمانيون على التوالي.
كانت المنطقة ملتقى الطرق التجارية، ومركز جذب للعلوم والثقافة، فكانت تضم كثيرا من المدارس الدينية والعلمية والمشافي. وفي عام 1981 دخلت تحت الحماية بصفتها موقعا أثريا من التراث الإنساني.
تتميز منطقة «حسن كيف» بمغاراتها المنحوتة داخل الصخور التي ما زالت شاهدة على الإبداع البشري قديما. وسكنتها في القدم شعوب عدة كالسومريين، والآشوريين، والبابليين.
يدل نظام إيصال مياه الشرب إلى المغارات وفقا للقوانين الفيزيائية، على التطور العلمي في منطقة «حسن كيف».
ومن المعالم الجذابة في المنطقة أيضا «أخدود حسن كيف» العميق الذي تشكل على مر السنين بفعل جريان الأنهار وبفضل طبيعة الصخور الجيرية في المنطقة، ويشكل الأخدود مع المغارات المحفورة في الصخور لوحة فنية طبيعية رائعة تجلت فيها اللمسات البشرية.
كما تشكلت الحفر والأودية الموجودة في المنطقة والمناطق المجاورة من جريان نهر دجلة لآلاف السنين. ومن أهم المعالم التي تلفت الأنظار في المنطقة خان مغارة يولكيتشن الذي أنشئ ليلجأ إليه عابرو السبيل الذين لا مأوى لهم. وتقع المغارة تحت «قلعة حسن كيف» البيزنطية، وتنفتح على نهر دجلة مباشرة، واستخدمت لتخزين المياه وطريقا سريا للخروج من القلعة. كما استخدمت أيضا للعبور إلى الضفة المقابلة لنهر دجلة. وما زالت هذه المغارة تجذب آلاف الزائرين من تركيا وخارجها.
قفز اسم قرية «حسن كيف» إلى الواجهة بقوة بدءا من عام 2006 عندما وضع رئيس الوزراء التركي حينها رجب طيب إردوغان (رئيس الجمهورية حالياً)، حجر الأساس لمشروع سد إليسو على نهر دجلة، في إطار مشروع كبير لتنمية جنوب شرقي تركيا، أثار المخاوف على حياة سكان المنطقة وأثار الخلافات مع العراق على تقاسم الحصص في مياه النهر.
سيكون السد بعد الانتهاء من بنائه ثاني أكبر سد في تركيا من حيث سعة تخزين المياه، وتقول الحكومة التركية إن السد سيوفر الطاقة الكهربائية وفرص العمل للمنطقة الفقيرة في جنوب شرقي الأناضول حيث الغالبية الكردية من السكان، لكنّ معارضي المشروع يحذّرون من آثار كارثية على بيئة المنطقة وإرثها التاريخي؛ وفي المقدمة قرية «حسن كيف» إلى جانب تشريد أكثر من 50 ألف شخص من السكان.
اعترضت المجالس المحلية في المنطقة ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات أخرى على بناء السد، وشكلت تحالفا للضغط على الحكومة من أجل الحفاظ على القرية التي يقطنها نحو 4 آلاف شخص، ومنع بناء السد، مما دفع الجهات الممولة إلى الانسحاب من المشروع.
وأعلنت الحكومة أخيراً، عن خطط لتوفير بدائل للسكان في المناطق التي سيشملها مشروع السد، كما أعلنت أيضاً عن مشروع سياحي في قرية «حسن كيف» يقوم على تنظيم رحلات بالغواصات الزجاجية للاستمتاع بالآثار التي ستغمرها مياه السد.
وقالت الحكومة التي تمكنت من إقناع جهات أخرى بتمويل المشروع، إنّها ستبني مدينة جديدة لسكان «حسن كيف»، كما أنّها ستنقل أغلب آثار المدينة لتضعها في «حديقة ثقافية» تقام لهذه الغاية خصيصاً، في الهواء الطلق، إلى جانب رحلات الغواصات.


مقالات ذات صلة

الاحتفالات ستستمر 3 أيام... جيف بيزوس يختار وجهة أوروبية لعقد زفافه

يوميات الشرق الملياردير الأميركي جيف بيزوس وخطيبته لورين سانشيز (رويترز)

الاحتفالات ستستمر 3 أيام... جيف بيزوس يختار وجهة أوروبية لعقد زفافه

كشف عمدة البندقية عن مكان حفل زفاف الملياردير الأميركي جيف بيزوس المرتقب بشدة، بعد أن تفاخر بأن الاحتفالات ستدرّ ملايين الدولارات على المدينة الإيطالية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - روما)
سفر وسياحة إطلالة رائعة على أجمل مباني فلورنسا وساحاتها (الشرق الاوسط)

فلورنسا... المدينة الأكثر شهرة عالمياً لمحبي سياحة الفن والتاريخ

إذا كنت من محبي السياحة الممزوجة بالفن والتاريخ أنصحك بالذهاب إلى فلورنسا التي تستضيف حالياً معرضاً خاصاً للفنانة البريطانية تريسي إمين

جوسلين إيليا (فلورنسا)
سفر وسياحة إقبال شديد على السفر بالقطارات التي يمكن النوم فيها (ترينيتاليا)

هل تخطط لرحلة بالقطار في أوروبا؟

ما زال السفر بالسكك الحديدية في توسع في أوروبا، مع افتتاح مجموعة من الطرق الجديدة واحتدام المنافسة على الطرق الرئيسية

بايج مكلاناهان (نيويورك)
آسيا  طائرة (رويترز)

لماذا يزداد عدد شركات الطيران التي تمنع استخدام بنوك الطاقة على متن رحلاتها؟

سلَّطت شبكة «سي إن إن» الأميركية الضوء على تشدّد كثير من شركات الطيران الآسيوية بشأن قواعد حمل بطاريات الليثيوم على متن الطائرات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
عالم الاعمال احتفالات عيد الفطر في فندق موڤنبيك الرياض تجربة فاخرة تجمع الفخامة والضيافة العربية

فندق موڤنبيك الرياض يصنع من احتفالات عيد الفطر تجربة فاخرة

يستقبل فندق موفنبيك الرياض ضيوفه خلال عيد الفطر المبارك بأجواء احتفالية استثنائية، حيث يجمع بين الفخامة والراحة والضيافة العربية الأصيلة.


«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT
20

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.