شيخ مؤذني الحرم المكي: رفعت الأذان قبل 35 عاماً... ونفرح بلقاء الحجاج

شيخ المؤذنين في المسجد الحرام
شيخ المؤذنين في المسجد الحرام
TT

شيخ مؤذني الحرم المكي: رفعت الأذان قبل 35 عاماً... ونفرح بلقاء الحجاج

شيخ المؤذنين في المسجد الحرام
شيخ المؤذنين في المسجد الحرام

لم تكن بدايته قبل نحو 35 عاما تقليدية، أو أنها تتشابه في تفاصيلها مع باقي القصص، إذ كانت بداية الشيخ علي ملا، شيخ المؤذنين، مختلفة لما يمتلكه دون أقرانه في تلك الحقبة.
ما يمتلكه الشيخ علي، المولود في مكة المكرمة عام 1945، من صوت عذب وضعه في مكانة مرموقة لم يكن يدرك أهميتها على المستوى الشخصي والاجتماعي في تلك الأيام عندما اعتلى منارة باب الزيارة في الحرم المكي الشريف والتدرب على الأذان من الأعلى، ومن ثم وبعد انتقل لمنارة باب المحكمة، ليصبح بعد فترة وجيزة مؤذن الحرم المكي بشكل رسمي.
وكان الأذان في تلك الفترة من غير مكبرات للصوت، لتفرد الشاب الصغير بصوته القوي والجهور في رفع الأذان وإيصاله لعموم المصلين في داخل وخارج الحرم، كما كان يرفع الأذان في أيام الحج، مستفيداً مع صوته بما دخل من مكبرات ساعدته في الانتشار على المستوى المحلي والخارجي.
يروي الشيخ علي ملا شيخ مؤذني الحرم لـ«الشرق الأوسط» بعض التفاصيل من تاريخ حياته وذكرياته في أيام الحج قائلا: «إن الأيام الحالية تختلف عما كان في السابق من حيث التعداد السكاني والكثافة الكبيرة من الحجاج، وكانت هناك سهولة للوصول إلى المواقع رغم توافد الحجاج»، موضحاً أن فترة الطفولة كانت ممزوجة بالكثير من القصص والعبر والتي تتمحور في خدمة الحجاج والفرحة بقدومهم لمكة المكرمة».
وأضاف ملا: «عندما تعينت رسميا كمؤذن للحرم، كنت أشعر بإحساس وتفرد لم يسبقه كوني أرفع الأذان في أهم مساجد بيت الله، وكان يسند لي في تلك البداية رفع الصلاة في أوقات محددة، ولعل أبرز الذكريات في تلك المرحلة وخصوصا في الحج، ما نلمسه من فرحة وتعبير غير اعتيادي لوصول الحجاج إلى مكة وخصوصا بمشعر منى عند عودتهم من رمي الجمرات، وهذا الإحساس بلقاء الحجاج والتعامل معهم كان عاملا مهما في صقل مهارتنا نحن أبناء مكة».
وعن المواقف في تلك المرحلة قال: «إن من أبرز المواقف أن عموم الناس والحجاج يقومون بمراقبتنا أثناء توجهنا لرفع الأذان في (المكبرية) والتي كانت تمكن الناس من مشاهداتنا، الأمر الذي يدفعهم إلى رصدنا أثناء الخروج لأخذ صور تذكارية، وكان ذلك يسبب حرجاً كبيراً لنا».
وقال: «لقد عاصرت الكثير من أئمة المسجد الحرام ومنهم الشيخ صالح الحصين، وغيرهم من الأئمة منذ أكثر من 30 عاما، ولعل هذه التجربة أثرت في مسيرتي»، موضحاً أن الاختيار في السابق كان يعتمد على عدة نقاط رئيسية في مقدمتها جهورية الصوت، جمال الأداء، وسلامة مخارج الألفاظ بحيث تخلو من الأخطاء والعيوب، إضافة إلى القبول لدى العامة، في حين يكون الاختيار في هذه المرحلة من قبل لجنة مكونة من 6 أشخاص يقومون باختبار الأصوات المتقدمة وطرح عدد من الأسئلة التي تنصب حول الأداء وبعض المعلومات الأخرى.
وعن تاريخ أداء الأذان في المسجد الحرام، قال الشيخ ملا، إنه في السابق كان أهل المدينة لهم أداء ونهج مرتبط بالمدينة المنورة ويعرف هذا الأداء بـ«المدني»، وأما في الحجاز كان لهم نهج يختلف في الأداء بالإطالة والوقف في مواضع، إضافة إلى الملكة وموهبة الصوت التي تدعم هذا الأداء ليكون بعد ذلك أذان الحجاز متفردا عما يسمع في كثير من دول العالم، وهذا ما يميز مؤذني الحرم خاصة في هذه الأعوام.
وقال الشيخ ملا: «لقبت في عهد الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله)، وأثناء مرافقتي للأمير عبد العزيز، لافتتاح المساجد في كثير من دول العالم، وكنت أرفع الأذان فأطلق عليها من قبل الكثير من الشخصيات (بلال الحرم)، وهذا فضل الله، أن ينتشر أدائي في كافة دول العالم ويردد بشكل دائم مستمر».


مقالات ذات صلة

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

الخليج الأمير سعود بن مشعل أكد ضرورة تكثيف التنسيق بين كافة القطاعات لتهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

نحو تهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها وتحسين المرافق التي تحتضن هذه الشعيرة العظيمة، أعلنت السعودية عن بدء التخطيط الزمني لحج 1446هـ.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».