البحث عن فضيحة... من يصنع الصورة الذهنية السلبية عن الفنانين؟

إشاعات تعاطي المخدرات كانت وما زالت سائدة في الوسط

كندة علوش وعمرو يوسف وقفا أمام الإعلام الذي اتهمهما بتعاطي المخدرات
كندة علوش وعمرو يوسف وقفا أمام الإعلام الذي اتهمهما بتعاطي المخدرات
TT

البحث عن فضيحة... من يصنع الصورة الذهنية السلبية عن الفنانين؟

كندة علوش وعمرو يوسف وقفا أمام الإعلام الذي اتهمهما بتعاطي المخدرات
كندة علوش وعمرو يوسف وقفا أمام الإعلام الذي اتهمهما بتعاطي المخدرات

لماذا صدق الناس بتلك السرعة إشاعة إلقاء القبض على كل من كندة علوش وعمرو يوسف، وبحوزتهما كميات من المخدرات بمختلف أنواعها؟ كل من عمرو وكندة لم يسبق لهما، لا من قريب أو من بعيد أن تعرضا لهذا النوع من الشائعات السخيفة. الناس تُصدق مع الأسف الخبر السلبي أكثر من الإيجابي، ويحتاج الأمر عادة إلى جهد مضاعف حتى يتم التخلص من توابع زلزال الخبر المسيء التي يتركها في نفوس الجميع.
عمرو وكندة - هذا بالمناسبة حقهما القانوني - يشهران منذ ساعات، في وجه الجرائد والمواقع الإخبارية التي تورطت في النشر، سلاح جريمة السب والقذف العلني الذي يعاقب عليه القانون.
من اكتوى بنيران مماثلة يُدرك كم تتأذى مشاعر الأسرة والأصدقاء من هذه الأخبار، فما بالكم عندما يكون المستهدف بالإشاعة فنانين كان عُرسهما في مدينة أسوان بجنوب مصر قبل بضعة أشهر، هو حديث «الميديا» كلها، وباركه الجميع من العرب.
لن أناقش الحقوق القانونية للعروسين بسبب التشهير، هذه سوف يحسمها القضاء قريبا، ولكني أسأل معكم: لماذا تناقل الإعلام وجزء من الجمهور الشائعة بكل هذه السرعة؟ أتصور أن هناك لدى الناس صورة ذهنية يتم تبادلها في «الميديا» تنال من الفنانين، وتلك الصورة تُسهم في تأكيدها أخبار متعاقبة تُنشر وتنتشر عن الفنانين.
مثلا، بعد أسابيع قليلة من خبر توقيف المطربة أصالة في مطار رفيق الحريري في بيروت، بتهمة حيازتها مخدرات، وكان بصحبتها زوجها المخرج طارق العريان، قرأنا قبل أقل من أسبوع خبرا عن إلقاء القبض على المخرج سامح عبد العزيز. ولأن اسم المخرج لا يضمن له مباشرة تحقيق الإثارة الصحافية أو الإعلامية الواجبة، فلقد أضيف للخبر أنه زوج الفنانة روبي، ثم بعد ذلك تنبهوا إلى أنه لم يعد زوجا لها، فهو قد صار قبل بضعة أشهر يحمل لقب طليقها ووالد ابنتها «طيبة».
هي قطعا مادة ثرية صحافيا، لو أخذتها بمعزل عن الحقيقة، وما يدعمها أن الرأي العام في عالمنا العربي مهيأ مع الأسف وبنسبة كبيرة للتصديق.
كثيرا ما تفرض هذه الصورة نفسها على كل التفاصيل، بقدر ما يبحث الناس عن الفنان ويتابعون أخباره، وبعضهم يُصبح لديه كم من المعجبين لا يتحملون مجرد كلمة نقد توجه إليه، كما أن الناس في العادة، تحتفي بالفنان، وإذا التقته صدفة في الشارع تحرص على التقاط صورة «سيلفي» معه.
هذا عن الجمهور، فماذا عن الوسط الفني؟ مع الأسف قسط منهم لديهم مشاعر سلبية تجاه زملائهم، الحقيقة أن الوسط الفني أيضا هو أول من يدين الفنان؛ بل وفي أحيان كثيرة يستغل الحدث في الترويج، واستغلاله على أساس أن «عدوك ابن كارك»، وهكذا لا أعفي الوسط الفني من هذا الاتهام، حتى لو أظهر بعضهم امتعاضا، فكلنا ندرك أن لدى البعض منهم فيضا من الكراهية تجاه الآخر، ينتظر الفرصة للتنفيس.
كما أنه على المقابل بين الحين والآخر، يجري تصوير الأمر بأبعاد سياسية، مثلا المخرج سامح عبد العزيز قدم قبل ثلاث سنوات الفيلم الذي ملأ الفضاء غضبا، وهو «حلاوة روح»، بطولة هيفاء وهبي، حيث قرر وقتها رئيس الوزراء إبراهيم محلب مصادرته بحكم أنه ضد الآداب، ولكن مع الزمن لم يصمد الاتهام. وفي نهاية الأمر أصدر القضاء حكمه بعرض الفيلم كاملا، ولا توجد من المؤكد أي مشكلات بين الدولة وسامح، فكل أعماله، سواء في السينما أو التلفزيون، لا تُثير مشكلات سياسية.
ويظل حديث المخدرات هو المسيطر، وهو ما لم ينكره حتى الآن سامح عبد العزيز عند التحقيق معه، حيث أقر بالتعاطي؛ لأن جريمة الاتجار تتضاعف فيها العقوبة، فكان الحل هو الاعتراف بالتعاطي.
وهذا النوع من القضايا ليس بعيدا عن الفنانين طوال التاريخ، وهناك قضايا شهيرة راح ضحيتها كثير من الفنانين: ماجدة الخطيب سبقت إدانتها وقضت عاما في السجن، وكذلك حاتم ذو الفقار، وأيضا المطرب عماد عبد الحليم، الذي لقي حتفه بسبب جرعة زائدة من الهيروين، ووجدوه ملقى جثة هامدة في الطريق قبل 22 عاما، والممثلة دينا الشربيني سبقت إدانتها أيضا في قضية تعاط، وقضت عاما بالسجن. سعيد صالح، بالفعل قدم للمحكمة بتهمة التعاطي في منتصف الثمانينات، ولكن بعد عدة جلسات أمام القضاء حصل على البراءة، إلا أنه بعدها دخل السجن لمدة عام بتهمة الخروج على النص، وهو الفنان المصري الوحيد الذي طبقوا عليه القانون الذي يدين فعلا بالسجن من يخرج على النص، حيث إننا تعودنا في العادة أن تتدخل الرقابة ويتعهد الفنان بعدم الخروج مجددا، ويتم إيقاف الإجراءات القانونية التي تؤدي إلى السجن.
- الفنانون يلعبون دورا محوريا في سريان شائعات التعاطي
مثلا سعيد صالح عندما كانوا يحققون معه بسبب التعاطي، كان يقول: «لو قبضوا على كل فنان يتعاطى مخدرات، فلن يتبقى أحد خارج السجن»، طبعا هي مبالغة من سعيد صالح؛ لأن النسبة الأكبر من الفنانين لا تتعاطى.
كما أن السينما مثلا عندما تقدم شخصية فنان، دائما تُلصق به كل الموبقات، مثلما حدث مع الموسيقار بليغ حمدي، فهو أكثر فنان تعرض للظلم في تاريخه، ولاحقته تهمة بشعة في قضية مقتل المغربية سميرة مليان، ووجدنا فيلما مصريا اسمه «موت سميرة»، لعب بطولته يوسف شعبان الذي أدى دور بليغ حمدي، وشارك في البطولة كل من كمال الشناوي ورغدة وإلهام شاهين، رغم أن القضية بدأت 1984، ولكن الفيلم لم ينتظر حتى صدور الحكم، بل سارع بإدانته قبل أن يصدر حتى حُكم القضاء، وعرض الفيلم بعد أقل من عام من الحادث.
ملحوظة: في آخر جولة قضائية، وهي النقض، حصل بليغ على البراءة من تهمة تسهيل الدعارة، والتي دين بسببها بالسجن لمدة عام، ولهذا سافر قبل إصدار الحكم إلى لندن، ولم يعد إلا قبل رحيله بعامين، ليقف مجددا أمام القضاء وتبرئه المحكمة. فهل قدمت السينما فيلما بعدها لرد اعتباره، بعد «موت سميرة»؟ أبدا لم يحدث.
في الأسابيع الأخيرة، كثير من اللقطات انتشرت عبر الإنترنت، وكثير من الفضائح التي ارتبطت بالفنانين، وهناك بالطبع مبالغات، والوسط الفني مثل كل المهن الأخرى، بها الصالح والطالح، لا نلوم الممثل إذا لعب دورا في عمل فني به كثير من الضربات تحت الحزام توجه للوسط الفني، ولكن علينا أن ندرك أن هذه الأعمال الدرامية لها تأثير سلبي على الصورة الذهنية عن الفنان؛ خاصة لو تم تكراراها بأعمال أخرى.
والأمر ليس مرتبطا فقط بالدراما، ولكن بالبرامج أيضا. فضائح الفنانين في زاوية ما من الممكن أن تجدها وقد أصبحت مورد رزق؛ خاصة عندما يصبح الفنان في مرحلة عمرية لا أحد يطلبه في أعمال فنية، ومع الانتشار الفضائي في الخمسة عشر عاما الأخيرة، وجدنا كثيرا من هذه البرامج تستضيف أسماء مثل تحية كاريوكا، وصباح، ومريم فخر الدين، وقد تنفلت، أو في الحقيقة كثيرا ما تنفلت، كلمات ضد فنانين آخرين، لتتحول إلى «مانشيت». والفنان الكبير في مرحلة عمرية محددة يفقد السيطرة على التفريق بين ما يقال وما لا ينبغي أن يقال، ومن هنا يأتي ترسيخ الصورة الذهنية السلبية لدى الناس عن حياة الفنانين. مثلا الفنان المغربي سعد لمجرد، حقق نجاحا استثنائيا، ولكن لا تزال تلاحقه جريمة أخلاقية، بالطبع تؤثر سلبا في صورة الفنان في الساحة العربية كلها.
الفنان الذكي هو الذي لا يتورط في هذه الصغائر. قبل نحو أسبوعين شاهدنا تراشقات من جانب شيرين ضد عمرو دياب، ولكنه بذكاء آثر الابتعاد، فانتصر لأنه لم يدخل معركة خاسرة.
الزمن مليء بتفاصيل متشابهة، مثلا الموسيقار محمد عبد الوهاب، رغم تحفظه الشديد اجتماعيا وحرصه على مراجعة كل كلماته، فإنه تورط في بعض آراء كادت أن تضعه تحت طائلة القانون، عندما أشار إلى أن سيد درويش كان يلحن تحت تأثير المخدرات، وأنه لاقى حتفه بسبب جرعة زائدة. اضطر عبد الوهاب إلى الاعتذار، تحسبا من الملاحقة القانونية.
ورغم كل ذلك فإنه لا يمكن أن نغفل أن بعض الفنانين لعبوا أدوارا في ترسيخ صورة ذهنية جيدة وإيجابية، كانوا يبتعدون، ومع سبق الإصرار، عن الزج بأنفسهم في أي شيء من هذا القبيل، مثل أم كلثوم، وفيروز، ومحمود مرسي، وغيرهم، بينما لدينا عدد آخر من الفنانين، عندما تنحسر عنهم الأضواء يبدأون حتى في البحث عن فضيحة تعيدهم للأضواء، لكي يُصبحوا في لحظات حديث «الميديا».


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.