كارل زيمر
يعيش سمك «كيليفيش» الفيروزي اللون turquoise killifish في عالم سريع التحولات، إذ تتمثل بيئته الأساسية في البرك التي تظهر فقط خلال موسم الأمطار في شرق أفريقيا. ومع تكون بركة جديدة، يضع سمك «كيليفيش» بيضه في النبع المائي الموحل. بعد ذلك، يفقس البيض وفي غضون 40 يومًا فقط ينمو السمك لحجمه الكامل، الذي يبلغ قرابة 2.5 بوصة (10 سم). وتعيش الأسماك وتتناول الطعام وتتزاوج وتضع البيض، وبحلول وقت جفاف مياه البركة، تموت جميعها. وحتى عندما يقدم البعض على نقل الأسماك إلى حوض سمك، لا يتمكن سمك «كيليفيش» الفيروزي من البقاء لأكثر من بضعة أشهر، ما يجعله من بين أقصر الفقاريات عمرًا على سطح الأرض.
أعلن فريق من العلماء أخيرا ما قد يتبين أنه خطوة هائلة نحو الأمام في مقاومة فيروس نقص المناعة. وقال العلماء في معهد «سكريبس» للأبحاث، إنهم توصلوا إلى عمل جسم مضاد صناعي، يستطيع الإمساك بالفيروس ومنع نشاطه بمجرد دخوله إلى مجرى الدم. كذلك يستطيع الجزيء القضاء على فيروس نقص المناعة لدى قرود مصابة به وحمايتها من إصابتها بأي عدوى في المستقبل. مع ذلك، لا يعد هذا العلاج لقاحا بالمعنى المتعارف عليه، حيث يعيد العلماء تشكيل أجسام القردة بحيث تتمكن من مقاومة المرض من خلال زرع جينات صناعية داخل عضلاتها.
تعرفت طالبة تدعى تامار غيفين على مجموعة من الأفراد الكبار في السن عام 2010؛ كانوا قد تطوعوا من أجل دراسة عن الذاكرة تجريها كلية طب «فينبرغ» بجامعة «نورث ويسترن» الأميركية. ورغم أن أعمارهم كانت تتجاوز الثمانين، اكتشفت غيفين وزملاؤها أنهم أحرزوا في اختبارات الذاكرة درجات مرتفعة تكافئ درجات من هم في الخمسينات من العمر. واشتكت من أن ذاكرتهم قوية للغاية، وكانت تطلق عليهم هي وزملاؤها لقب «المتقدمون في العمر الخارقون». وكانت مثابرتهم وما يتمتعون به من حس دعابة مثارا للإعجاب بالنسبة لها. واتخذ بحث غيفين أخيرا منحى جديدا حادا، ففي بداية الدراسة، وافق المتطوعون على التبرع بأدمغتهم من أجل البحث العلمي.
في تاريخ علم الأحياء هناك حيوانان صغيران ظهرا كبيرين، ففي أوائل القرن الـ19 شرع العلماء بدراسة «دروسوفيليل ميلانوغاستر» Drosophila melanogaster ذبابة الفاكهة المعروفة. وقد بين البحث على هذه الحشرات السريعة التناسل، أن الجينات تكمن في الـكروموسومات، وهو ما تبين صحيحا في الحيوانات الأخرى، بما فيها البشر. ولأكثر من قرن استمر العلماء في جمع الأدلة واستخلاصها، من الذبابة البدائية في سلسلة المخلوقات، إلى الألغاز الأخرى في علم الأحياء (البيولوجيا)، مثل لماذا نخلد إلى النوم؟
رغم محاولة الكثيرين منا إنكار ذلك، تبقى الحقيقة القائلة إن دورة الليل والنهار على الأرض هي التي تحدد حياتنا. عندما تغرب الشمس، تطلق الظلمة الآخذة في التسلل العنان لسلسلة من الأحداث الجزيئية الممتدة، بدءا من أعيننا حتى الغدة الصنوبرية التي تفرز هرمون يدعى «ميلاتونين» داخل المخ. ولدى وصول «الميلاتونين» إلى الخلايا العصبية فإنه يغير إيقاعها الكهربائي ويحفز المخ للدخول في عملية النوم.
يستوطن الجسم البشري الواحد نحو 100 تريليون من البكتيريا وغيرها من الميكروبات التي تعرف جميعا بـ«ميكروبيوم» (microbiome)، وهو مصطلح يعبر عن جميع الميكروبات وتركيبتها الجينية داخل الجسم. وكان علماء الطبيعة قد تعرفوا على هذه الأحياء غير المنظورة التي تقطن في الجسم في القرن السادس عشر، لكن التعرف الدقيق عليها ومعرفتها عن كثب، لم يحصلا إلا في السنوات الأخيرة. وقد أضفت الأبحاث الأخيرة على «ميكروبيوم» شهرة «حميمة»، فقد تمكنا من تقدير قيمة هذه الميكروبات، وكم هي مفيدة ونافعة لأجسامنا، فهي تهضم طعامنا، وتحارب التهاباتنا، وتغذي جهازنا المناعي.
في عام 1602 كان الأسطول الإسباني يبحر بالمحيط الهادي قرب شواطئ المكسيك، عندما اجتاح مرض قاتل بحارته، «وكانت العوارض الأولى ألم حاد يتغلغل في الجسم كله»، كما كتب أنطونيو دي لا أسينسيون الراهب الذي رافق الحملة، «فقد ظهرت بقع قرمزية اللون لتغطي الجسم كله، لا سيما عند الخصر وما دون، ثم شرعت لثة الأسنان بالتورم إلى درجة بحيث أضحى من الصعب إطباق الفكين والأسنان على بعضها، وأصبح احتساء السوائل الأمر الممكن الوحيد، قبل حصول الموت المفاجئ أثناء الحديث»، كما أضاف. كان البحارة يشكون من داء الإسقربوط الذي كان في ذلك الحين أمرا مألوفا، وإن كان غامض الأسباب.
في الصفوف الدراسية في علم الأحياء وفي العلوم ألأخرى جرى إبلاغنا مرارا وتكرارا، بأن خريطتنا الوراثية (الجينوم) تقع في قلب هويتنا وشخصيتنا. لذا فما علينا إلا قراءة التسلسل الجيني في الكرموسومات في أي خلية، للاطلاع على كل المعلومات الخاصة بجينات الإنسان. وكما تقول شركة «23 أند مي» 23andme، الشركة البارزة في مجال اختبار الجينات على موقعها على الشبكة، بأنه «كلما علمت المزيد عن حمضك النووي، عرفت نفسك أكثر». وفرة جينية متنوعة لكن العلماء باتوا يكتشفون إلى درجة مدهشة تقريبا بأننا نحتوي على وفرة كبيرة من الجينات.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
