أبحاث علمية.. لكشف أسرار الشيخوخة

تجرى على أسماك أفريقية تعيش «حياة مضغوطة» عدة شهور

أبحاث علمية.. لكشف أسرار الشيخوخة
TT

أبحاث علمية.. لكشف أسرار الشيخوخة

أبحاث علمية.. لكشف أسرار الشيخوخة

يعيش سمك «كيليفيش» الفيروزي اللون turquoise killifish في عالم سريع التحولات، إذ تتمثل بيئته الأساسية في البرك التي تظهر فقط خلال موسم الأمطار في شرق أفريقيا.
ومع تكون بركة جديدة، يضع سمك «كيليفيش» بيضه في النبع المائي الموحل. بعد ذلك، يفقس البيض وفي غضون 40 يومًا فقط ينمو السمك لحجمه الكامل، الذي يبلغ قرابة 2.5 بوصة (10 سم). وتعيش الأسماك وتتناول الطعام وتتزاوج وتضع البيض، وبحلول وقت جفاف مياه البركة، تموت جميعها.
وحتى عندما يقدم البعض على نقل الأسماك إلى حوض سمك، لا يتمكن سمك «كيليفيش» الفيروزي من البقاء لأكثر من بضعة أشهر، ما يجعله من بين أقصر الفقاريات عمرًا على سطح الأرض. لذا، فإن هذه الأسماك ربما لا تبدو الكائنات الأمثل لمحاولة سبر أغوار أسرار الحصول على حياة طويلة.

* حياة مضغوطة
إلا أن الباحثين توصلوا إلى أن هذه الأسماك تتقدم في العمر وتشيخ مثلنا تمامًا، لكن بسرعة أعلى بكثير. عن ذلك، أوضح إتامار هاريل، الباحث لدى جامعة ستانفورد، أن هذه الأسماك تمر بـ«حياة مضغوطة». كان هاريل وزملاؤه قد تمكنوا أخيرا من تطوير مجموعة من الأدوات لدراسة الجانب البيولوجي لأسماك «كيليفيش» الفيروزية.
ورغم أن الأشخاص المتقدمين في العمر قد يشكلون محور اهتمام أكثر منطقية للعلماء المتطلعين نحو اكتشاف آليات التقدم في العمر، لكن خطوات التقدم نحو الأمام على هذا الصعيد ستكون بطيئة للغاية.
في هذا السياق، تساءلت سارة جيه. ميتشيل، الباحثة لدى المعهد الوطني للتقدم في العمر: «من منّا يملك 70 عامًا للقيام بدراسة عملية التقدم في العمر التي يمر بها شخص آخر؟».
بدلاً من ذلك، سعى العلماء نحو كشف أسرار التقدم في العمر عبر سلسلة من النماذج الحيوانية، إلا أن أحدًا منها لم يتمكن من أن يعكس بصورة مثالية ما يجري للبشر.
ركزت ميتشيل في دراستها على الفئران التي تعيش لمدة تتراوح بين ثلاث وأربع سنوات. وعبر دراستها، توصلت لكيفية تحول الجينات لمستويات أعلى أو أقل من النشاط خلال المراحل المتقدمة من العمر، بجانب نجاحها في اختبار عقاقير جعلت الفئران تعيش لفترات أطول. وفي العام الماضي، كشفت ميتشيل وزملاؤها كيف أن مركبا يحمل اسم «إس آر تي 1720» SRT1720 كان قادرا على إطالة عمر الفئران بنسبة 8.8 في المائة في المتوسط مع تحسين حالتها الصحية.
ومع ذلك، فإنه حتى الفئران قصيرة العمر بإمكانها إحداث تباطؤ في وتيرة الأبحاث المعنية بالتقدم في العمر. وعليه، حول بعض الباحثين أنظارهم نحو دودة خيطية تدعى «الربداء الرشيقة» Caenorhabditis elegans، والتي تصل إلى مرحلة عمرية متقدمة في غضون بضعة أسابيع فقط. واكتشف العلماء أن بعض الجينات التي تؤثر على تقدم هذه الدودة في العمر، تعمل أيضا داخل الإنسان.
من ناحية أخرى، عندما التحقت آن برونيت بجامعة ستانفورد عام 2004 للعمل كأستاذة مساعدة في الجينات، بدأت في دراسة كل من الفئران والديدان، لكنها شعرت بغياب عنصر ما. ورغم أن الديدان تنمو بسرعة، فإنها عجزت عن طرح إجابات لبعض أكثر الأسئلة إلحاحًا بخصوص التقدم في العمر. مثلاً، نظرًا لأن هذه الديدان تفتقر إلى وجود هيكل عظمي، فإنه لا يمكن الاعتماد عليها في التعرف على أسباب هشاشة العظام.
بعد ذلك، أخبرها أحد الطلاب بشأن سمك «سكيليفيش» الفيروزي. ويذكر أنه بعد اكتشاف هذه الكائنات عام 1968، توصل العلماء لوجود تشابهات كثير بين التقدم في العمر لديها ولدى البشر.

* الأسماك والإنسان
من بين التشابهات أن عظام «سكيليفيش» الفيروزية تفقد بعضًا من حجمها، مثلما يحدث للإنسان. كما تتوقف الإناث عن إنتاج بيض مخصب، وتتداعى أجهزة المناعة لدى هذه الأسماك، بل وتتردى قدرتها على تعلم الأشياء الجديدة خلال الفترات المتأخرة من عمرها.
عام 2006، شرعت برونيت في تكوين فريق من الباحثين والطلاب لدراسة هذه الأسماك بمستوى جديد من التفصيل، إلا أن سلسلة من الانتكاسات تسببت في إبطاء وتيرة عملهم لسنوات.
على سبيل المثال، تسببت إصابة بعدوى طفيلية قضت على كل الأسماك التي كانت بحوزة الفريق. وبعد تطهير المختبر بأكمله، اضطر الفريق إلى إعادة العمل من الصفر.
وبمجرد توصل العلماء لكيفية الحفاظ على الحيوانات، عاود فريق العمل المعاون لبرونيت توجيه اهتمامه للمجهود العلمي. ونجح العلماء في تحديد تسلسل كامل الجينوم الخاص بـ«كيليفيش»، وحددوا الجينات المعروف عنها تأثيرها في عملية التقدم في العمر في كائنات أخرى، منها الفئران والبشر. بعد ذلك، بنى هاريل أدوات جزيئية تمكن فريق العمل المعاون له في استخدامها في دراسة جينات «كيليفيش». وبالاعتماد على تقنية جديدة يدعى «كريسبر» Crispr، نجح هاريل في اختراع مقص جزيئي يمكنه اقتطاع أي جزء من الحامض النووي لـ«كيليفيش» واستبدال آخر به.
ولاختبار أدواته، تفحص هاريل وزملاؤه جينا يسمى «تي إي آر تي»، والذي يحمي الحامض النووي من الاهتراء والتمزق. ويشفر هذا الجين بروتين يساعد في بناء رؤوس عند نهايات جزيئات الحامض النووي تسمى التيلومير.
يشبه التيلومير القطع البلاستيكية الصغيرة الموجودة عند أطراف أربطة الأحذية، وهي تحمي الحامض النووي من الاهتراء. ومع انقسام الخلايا، يصبح التيلومير الخاص بها أقصر، ومن المحتمل أن يكون لهذا التغيير دور في التقدم في العمر، لكن كيفية حدوث ذلك لا تزال سرًا يكتنفه الغموض.

* تغيير الجينات
وقد نجح هاريل وزملاؤه في تغيير جين «تي إي آر تي»، بحيث لم يعد بمقدور الأسماك إنتاج بروتين. وتمكنت الأسماك المعدلة من التطور بصورة طبيعية من الشكل الجنيني، لكن لدى وصولها مرحلة البلوغ عانت عددًا من العيوب.
مثلاً، فقدت جميع الذكور تقريبًا الخصوبة، بينما طرحت الإناث أعدادًا أقل من البيض. وقد ضمرت بطانة الأمعاء بهذه الأسماك، وانخفض مستوى إنتاج أجسامها لخلايا الدم. وأثارت هذه النتائج حيرة الباحثين، فمن ناحية، جاءت التغييرات التي لاحظوا حدوثها في الأسماك شديدة الشبه بما يحدث في البشر لدى التقدم في العمر. ومع ذلك، لم تمت الأسماك في وقت مبكر عن الأخرى التي كانت بداخلها جينات «تي إي آر تي» عاملة.
وشعرت برونيت بالإثارة حيال حصولها بسرعة على هذه النتائج من الأسماك. وعن ذلك، قالت: «إنها واحدة من تلك اللحظات في حياة العلم التي تحيا من أجلها». ونشرت وفريق العمل المعاون لها نتائجهم في دورية «سيل».
وتنوي برونيت التجريب مع جينات أخرى تخص أسماك «كيليفيش» المرتبطة بالتقدم في العمر والتي قد تم إغفالها في الحيوانات الأطول عمرًا. كما يأمل الباحثون في تجريب علاجات مقاومة للتقدم في العمر على الأسماك. يذكر أن عقارًا بمقدوره إطالة العمر لأسبوعين فقط قد ينير الطريق لإطالة عمر الإنسان لسنوات.

* خدمة «نيويورك تايمز».



هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.