رسوم ترمب الجمركية تضرب نشاط التصنيع الآسيوي

التهديدات والطلب الضعيف يلقيان بظلالهما على التعافي

شاحنات تنقل حاويات بميناء تايتشونغ في تايوان (رويترز)
شاحنات تنقل حاويات بميناء تايتشونغ في تايوان (رويترز)
TT

رسوم ترمب الجمركية تضرب نشاط التصنيع الآسيوي

شاحنات تنقل حاويات بميناء تايتشونغ في تايوان (رويترز)
شاحنات تنقل حاويات بميناء تايتشونغ في تايوان (رويترز)

أظهرت مسوحات خاصة، الاثنين، أن نشاط المصانع في آسيا ضعف في يناير (كانون الثاني) مع تأثر معنويات الأعمال بسبب ضعف الطلب الصيني، وتهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية أعلى، مما أدى إلى قتامة آفاق اقتصاد المنطقة.

وتأتي أحدث قراءات المصانع في الوقت الذي تراجعت فيه الأسواق العالمية بعد أن نفذ ترمب يوم السبت تهديداته السابقة، وأمر بفرض رسوم جمركية شاملة على الواردات من المكسيك وكندا والصين.

ومن المرجح أن تشكل الرياح المعاكسة المقبلة من الصين، وعدم اليقين بشأن تداعيات سياسات ترمب، صداعاً كبيراً لصناع السياسات الآسيويين وهم يسعون إلى دعم اقتصاداتهم، التي يعتمد كثير منها على الاستهلاك الصيني والتجارة العالمية.

وأظهر مسح للأعمال في القطاع الخاص، الاثنين، أن نشاط المصانع في الصين نما بوتيرة أبطأ في يناير، بينما انخفضت مستويات التوظيف بأسرع وتيرة فيما يقرب من خمس سنوات مع ازدياد حالة عدم اليقين التجاري. وكانت النتيجة أفضل من مسح رسمي الأسبوع الماضي، الذي أظهر انكماش نشاط التصنيع في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل غير متوقع في يناير.

وتعكس وتيرة النمو منذ ديسمبر (كانون الأول) اتجاه الطلبات الجديدة. ووفقاً لأعضاء لجنة المسح، فإن زيادة الأعمال الجديدة، مدفوعة بتحسن الطلب الأساسي، وزيادة الجهود الترويجية، دعمت ارتفاع الإنتاج. كما أشار بعض المصنعين إلى أن رغبة العملاء في تكوين مخزونات دعمت نمو تدفقات العمل الجديدة.

في الوقت نفسه، فإن الطلبيات الجديدة جاءت بشكل أساسي نتيجة تحسن الطلب المحلي، في حين تراجعت طلبات التصدير بنسبة طفيفة خلال الشهر الماضي. وبفضل تحسن الطلب وتوقعات تحسن النمو وسط توقعات بزيادة جهود تطوير الأعمال والسياسات الحكومية الصينية الداعمة، تحسنت المعنويات بين شركات التصنيع الصينية في بداية العام.

وفي إشارة إلى التأثير الزائد لضعف الصين وتهديدات التعريفات الجمركية الأميركية، انخفض نشاط المصانع في اليابان في يناير بأسرع وتيرة في 10 أشهر مع وصول ثقة الأعمال إلى أدنى مستوى لها في أكثر من عامين.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي النهائي لبنك «أو جيبون» في اليابان إلى 48.7 نقطة في يناير، وهو أقل من 48.8 في القراءة الأولية و49.6 في ديسمبر. وظل مؤشر مديري المشتريات أقل من عتبة 50.0 التي تفصل النمو عن الانكماش لمدة سبعة أشهر متتالية، مما يشير إلى ضعف مستمر في القطاع.

وقال أسامة بهاتي من «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس» التي جمعت المسح: «استمرت الاتجاهات الخافتة في جميع أنحاء التصنيع في بداية عام 2025». وظل المؤشر الفرعي الرئيس للناتج في حالة انكماش للشهر الخامس على التوالي بسبب خفض الإنتاج، خصوصاً في قطاع الاستثمار والسلع الوسيطة. واستمرت الطلبات الجديدة في الانخفاض للشهر العشرين على التوالي، مع ضعف المشاعر بين قطاعي السيارات وأشباه الموصلات بشكل خاص.

ورغم أن الشركات ظلت متفائلة للعام المقبل، فقد تراجع التفاؤل إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر 2022، في حين انخفض مستوى الأعمال القائمة في يناير. وقال بهاتي: «كانت الشركات متفائلة بشأن التعافي النهائي للطلب، لكن المخاوف أثيرت بشأن توقيت أي تحسن من هذا القبيل».

وانخفضت الطلبات الجديدة من الخارج، ولكن بوتيرة أبطأ، في يناير مقارنة بالشهر السابق. وفي حين كانت المبيعات إلى الولايات المتحدة والصين ضعيفة، كان هناك طلب قوي من تايوان.

واستمر التضخم في الضغط على الشركات المصنعة اليابانية في يناير، مع بقاء أسعار المدخلات والمخرجات مرتفعة. وساعد توظيف الموظفين ذوي الخبرة وملء الوظائف الشاغرة في استمرار توسع التوظيف.

وفي باقي أنحاء آسيا، توسع نشاط التصنيع في كوريا الجنوبية بشكل طفيف في يناير، وتباطأ نشاط تايوان والفلبين مع ازدياد التوقعات القاتمة للتجارة العالمية.

وقال تورو نيشيما، كبير خبراء الاقتصاد في الأسواق الناشئة في معهد «داي - إيتشي لايف» للأبحاث: «هناك حذر بين الشركات الآسيوية بشأن تهديدات ترمب بالتعريفات الجمركية. كما أن الشركات المصنعة ليست واثقة من التوقعات للصين، حيث من غير المرجح أن يزيد الاستهلاك كثيراً بسبب ارتفاع معدلات فقدان الوظائف بين الجيل الأصغر سناً». وأضاف: «وقد تؤدي رسوم ترمب الجمركية أيضاً إلى تسريع التضخم الأميركي والحفاظ على قوة الدولار، وهو ما من شأنه أن يفرض ضغوطاً هبوطية على العملات الآسيوية الناشئة. وعندما تتقلص التجارة العالمية، فلن يجلب ذلك كثيراً من الفوائد للمصنعين الآسيويين».

وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصيني «كايشين - إس آند بي غلوبال» إلى 50.1 نقطة في يناير، من 50.5 في الشهر السابق، متخلفاً عن توقعات المحللين، وتراجع إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر. لكنه كان أعلى بقليل من علامة 50 التي تفصل النمو عن الانكماش.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات النهائي لبنك «أو جيبون» في اليابان إلى 48.7 نقطة في يناير، من 49.6 في ديسمبر، وظل أقل من عتبة 50.0 لمدة سبعة أشهر متتالية.

وعلى النقيض من ذلك، ارتفع مؤشر مديري المشتريات في كوريا الجنوبية إلى 50.3 نقطة في يناير من 49.0 في ديسمبر، عندما تأثرت معنويات الأعمال بالاضطرابات السياسية المحلية، وفقاً لما أظهره المسح الذي أجرته «إس آند بي غلوبال». ولم يسجل اقتصاد كوريا الجنوبية نمواً يذكر في الربع الرابع من عام 2024، حيث أضرت الأزمة السياسية التي أشعلتها محاولة الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر باستهلاك البلاد الهش بالفعل.

وأظهرت المسوحات أن مؤشر مديري المشتريات في فيتنام انخفض إلى 48.9 نقطة في يناير، من 49.8 في ديسمبر، بينما انخفض مؤشر تايوان إلى 51.1 نقطة من 52.7 نقطة، كما انخفض مؤشر الفلبين إلى 52.3 نقطة في يناير من 54.3 في ديسمبر.


مقالات ذات صلة

محادثات التجارة الأميركية - اليابانية بين «تقدم» ترمب و«ريبة» إيشيبا

الاقتصاد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة طوكيو للإعلان عن تطورات المباحثات التجارية مع أميركا (أ.ب)

محادثات التجارة الأميركية - اليابانية بين «تقدم» ترمب و«ريبة» إيشيبا

أعلن رئيس الوزراء الياباني، الخميس، أنّ المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق تجاري بين بلاده والولايات المتحدة «لن تكون سهلة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن - طوكيو)
الاقتصاد شعار «إنفيديا» على مبنى الشركة في العاصمة التايوانية تايبيه (رويترز)

رئيس «إنفيديا» يؤكد أهمية السوق الصينية خلال زيارته لبكين

صرّح الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» جنسن هوانغ خلال زيارة لبكين الخميس بأن الصين سوق بالغة الأهمية

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد متداولو عملات أمام لوحة تعرض مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار مقابل الوون في بنك بسيول (رويترز)

الأسهم الآسيوية ترتفع مع التركيز على مفاوضات واشنطن وطوكيو

ارتفعت معظم الأسهم الآسيوية، يوم الخميس، رغم استمرار المخاوف من تبعات الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مبنى «بنك كندا» في أوتاوا (رويترز)

«بنك كندا» يُبقي سعر الفائدة ثابتاً عند 2.75 % وسط غموض اقتصادي

أبقى «بنك كندا» على سعر الفائدة المستهدف لليلة واحدة عند 2.75 في المائة، مع تحديد سعر الفائدة الأساسي عند 3 في المائة، وسعر فائدة الودائع عند 2.70 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا )
الاقتصاد وزير الاقتصاد الياباني ريوسي أكازاوا يتحدث للصحافيين في «مطار طوكيو» قبل التوجه إلى واشنطن لبحث أزمة الرسوم مع الحكومة الأميركية (أ.ف.ب)

بنك اليابان «قد يضطر للرد» إذا أضرت الرسوم الأميركية بالاقتصاد

قال الرئيس الأميركي إن ممثلين للحكومة اليابانية سيصلون إلى الولايات المتحدة في وقت لاحق الأربعاء لحضور اجتماع للتفاوض على الرسوم الجمركية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«جبان لن يضرب إيران»... المعارضة الإسرائيلية تحشد ضد نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 15 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 15 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
TT

«جبان لن يضرب إيران»... المعارضة الإسرائيلية تحشد ضد نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 15 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 15 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

حشد قادة المعارضة في إسرائيل ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لدفعه على شن ضربة عسكرية ضخمة على إيران، واتهموه بـ«الجبن والتهرب» بسبب «تضييع فرصة العمر» للقضاء على البرنامج النووي الإيراني.

وكانت إسرائيل على وشك شنّ هجمات على مواقع نووية إيرانية في مايو (أيار) 2025، لولا أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، رفض الخطة، مفضلاً منح فرصة للمفاوضات، بعد انقسام داخل إدارته بشأن كيفية التعاطي مع طموحات إيران لبناء قنبلة نووية.

وقال يائير لبيد، رئيس المعارضة من حزب «يوجد مستقبل»، إنه «اقترح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مهاجمة حقول النفط الإيرانية»، مشيراً إلى أن «تدمير صناعة النفط سيقوّض الاقتصاد الإيراني ويُسقط النظام». واستدرك قائلاً: «في النهاية، نتنياهو جبن وخاف، فأوقف الخطة».

بدوره، قال رئيس الحكومة الأسبق، نفتالي بنيت، الذي تقول الاستطلاعات إنه الوحيد القادر على هزم نتنياهو، إن الأخير يتبع «استراتيجية الكلام دون أفعال جدية».

وقارن بنيت بين «مبدأ مناحم بيغن (رئيس الوزراء الإسرائيلي السادي) في المسألة النووية، وكان الهجوم والتدمير»، ومبدأ نتنياهو «التهديد المتواصل ثم تسريب أنه كان ينوي الهجوم لكنهم منعوه».

وقال بنيت: «هذا توجه خطير. يجب ألا ينفجر في وجوهنا، فلن تكون هناك فرصة أخرى».

وفي منشور عبر منصة «إكس»، كتب رئيس حزب «المعسكر الوطني»، بيني غانتس، أن «النظام الإيراني خبير في المماطلة، وعلى إسرائيل أن تكون قادرة على الهجوم، وحشد الولايات المتحدة لتغيير وجه الشرق الأوسط».

ترمب يلتقي نتنياهو بحضور جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو في المكتب البيضاوي 7 أبريل 2025 (أ.ب)

نقاشات إسرائيلية حادة

وأثار تقرير «نيويورك تايمز»، الخميس، موجة من النقاشات الحادة في إسرائيل.

وذكرت الصحيفة الأميركية أن الحكومة الإسرائيلية كانت تنوي تنفيذ هجوم ضخم على المنشآت النووية الإيرانية في شهر مايو المقبل، لكن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أوقف الخطة لصالح المسار التفاوضي مع طهران.

وعدّت أوساط أمنية وسياسية إسرائيلية أن الكشف عن الخطط الإسرائيلية قد يضر بتحركات تل أبيب لمواجهة «التهديد النووي الإيراني»، وفقاً لتقرير إسرائيلي.

وأشارت تقديرات في إسرائيل إلى أن التسريب قد يكون خرج من مكتب نتنياهو نفسه، في محاولة لخلق انطباع بأنه كان على وشك تنفيذ ضربة حاسمة، لولا عرقلة خارجية، وذلك في ظل التأييد الواسع في إسرائيل للخيار العسكري في مواجهة النووي الإيراني.

ونقل التقرير عن مسؤول أمني إسرائيلي إن «الجميع كان يعرف أن هناك استعداداً لضربة، لكن نشر التفاصيل بهذا الشكل أمر غير مسبوق».

وقالت مصادر في أجهزة أمنية إسرائيلية، إن «التقديرات العسكرية رجّحت أن العملية لن تكون جاهزة قبل أكتوبر، بينما أصرّ نتنياهو على تنفيذها في مايو، رغم التحذيرات»، قبل أن يوقفها ترمب ويتجه للمفاوضات.

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض بمقر وزارة الدفاع يتابعان ضربة موجهة لإيران في أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

الخيار العسكري على الطاولة

وقال مسؤول أمني في تل أبيب لصحيفة «هآرتس» إن «القيادة السياسية في إسرائيل لطالما أبقت الخيار العسكري على الطاولة، لكننا الآن تلقّينا فرملة حادة»، مشيراً إلى أن «مدى تأثير إسرائيل على قرارات الإدارة الأميركية بات محدوداً جداً».

وقال مصدر عسكري إسرائيلي آخر إن «الجميع كان يدرك أن هناك استعدادات لهجوم»، مشدداً على أن «نشر المعلومات استثنائي للغاية»، في إشارة إلى تقرير الصحيفة الأميركية.

وأكد المصدر العسكري، أن بلاده «تستعد لكل السيناريوهات في كل الأحوال، بمعزل عن التسريبات الصحافية».

مع ذلك، عبَّرت مصادر عسكرية إسرائيلية عن استياء بالغ من توقيت وحجم التسريب، ورأت أنه «أضرّ بشكل كبير بقدرة إسرائيل على المناورة أمام واشنطن»، لا سيما أن التقرير كشف عن تفاصيل دقيقة حول نوعية المساعدات الأميركية العسكرية التي نُقلت مؤخراً إلى الشرق الأوسط، والتي قد تكون جزءاً من الخطة المعدّة لمساندة إسرائيل في حال نشوب مواجهة مع إيران.