جدد فيلم «المُلحد» جدل «الرقابة على السينما» في مصر، بعد صدور حكم قضائي برفض الدعاوى المقامة لمنع عرض الفيلم، حيث استندت الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري، التي أصدرت الحكم الأحد، إلى حصول الفيلم على جميع التراخيص الصادرة من الرقابة على المصنفات السمعية، والبصرية تحت رقم 121 لسنة 2023، ما يسمح بعرضه، ويزيل أي طعن، بحسب الحكم.
جاء ذلك بعد أكثر من عام على منع عرض الفيلم، إذ كان من المقرر عرضه في أغسطس (آب) 2024، لكن الفيلم لم يُعرض بتعليمات لمنتجه أحمد السبكي، على حد قوله، كما واجه الفيلم قضايا تُطالب بمنع عرضه بدعوى إساءته للدين الإسلامي. وكتب مخرجه محمد العدل، الشهير بـ«ماندو العدل»، وقتها عبر حسابه على «فيسبوك»: «المنع ليس حلاً»، حتى صدر حكم القضاء الإداري الذي أكد اعتداده بالتراخيص التي حازها من جهاز الرقابة من قبل، بإجازة عرض الفيلم الذي كتبه الصحافي إبراهيم عيسى، ويؤدي بطولته كل من أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، وشيرين رضا، ومن إنتاج أحمد السبكي. ويتعرض العمل لقضية التطرف الديني، والإلحاد، وتأثير انتشار مثل هذه الظواهر على المجتمع.
ونفى المؤلف عبد الرحيم كمال، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية في مصر، علاقة الرقابة بالقضية، وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري لا يخص جهاز الرقابة في شيء، وقد أشارت المحكمة إلى أن وزارة الثقافة ليس عليها شيء في ذلك، لأن الرقابة التابعة لها منحت ترخيصاً للفيلم في وقت سابق، أما العرض فيخص شركات الإنتاج، والتوزيع».

وكانت المحكمة قد ذكرت أن إحدى الدعاوى رُفضت لانتفاء القرار الإداري، بعد أن قدمت وزارة الثقافة، والمجلس الأعلى للثقافة المستندات الرسمية التي تثبت صدور الترخيص القانوني، ما يُظهر عدم وجود أي مبرر قانوني لمنع عرض الفيلم، وفقاً للبيان الصادر عنها.
وقال المنتج أحمد السبكي إن موقفهم بصفتهم جهة منتجة للفيلم كان سليماً منذ البداية، وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الرقابة شاهدت الفيلم 4 مرات ولم تطلب سوى حذف كلمات معدودة جاءت في حوار الفيلم، ونفذناها، ومنحتنا الترخيص بالعرض»، نافياً صدور قرار بمنع عرض الفيلم، وإنما كان يُطلب منه الانتظار قليلاً قبل عرضه، وتابع: «كنت واثقاً في عدالة القضاء المصري الذي رفض الاستجابة لدعاوى منع العرض، ومن ثم أقر السماح بعرضه».
وأضاف السبكي: «سننظم حملة دعاية جيدة للفيلم، ونحدد موعداً قريباً لعرضه، لأنه عمل مهم يناقش تربية الأب لأولاده، وإلى ماذا يقودهم، وهو فيلم مع الدين وليس ضده، ولو كان فيه شيء خلاف ذلك لم يكن سينتجه، ولم يكن سيحوز موافقة رقابية من البداية».
وكان الفنان حسين فهمي، أحد أبطال الفيلم، قد قال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» إن فيلم «المُلحد» يطرح قضية مهمة، وإنه تستهويه الأفكار الجديدة، متوقعاً أن يثير الفيلم جدلاً، منوهاً إلى أن الفيلم الجيد هو الذي يُثير نقاشاً حوله، ويكون ذا أثر، وتأثير، كما عدّت الفنانة صابرين أن دورها بالفيلم سيمثل نقطة تحول مهمة في مشوارها.
وترى الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله أن «الحكم القضائي جاء منصفاً للفيلم، لأن منع أفلام أنفقت جهات الإنتاج عليها، وتم تصويرها بموافقات رقابية، لا بد أن يتوقف تماماً، كما أن الدعوى القضائية تمت قبل عرض الفيلم، فكيف حكموا عليه قبل أن يشاهدوه؟».
وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بعضهم حكم على الفيلم من عنوانه، ولو كان بعنوان آخر لشاهدوه دون أفكار مسبقة»، مؤكدة أن «عنوان الفيلم لا يوحي بالإساءة للدين، فلا يمكن أن يدعو للإلحاد»، لافتة إلى أن السينما المصرية قدمت شخصية «المُلحد» في أفلام عدّة وأداها الفنان نور الشريف في أكثر من فيلم، من بينها «الإخوة الأعداء»، متسائلة: «لماذا يعيدنا البعض للخلف؟».
ودعت الناقدة المصرية الجمهور إلى عدم التخوف من مواجهة أي فكر، كما ناشدت الرقابة «ألا تهتز في قراراتها كما حدث في فيلم (آخر المعجزات)، الذي منعته قبل عرضه في مهرجان الجونة السينمائي العام الماضي، خوفاً من أن يمس قناعات بعض الناس، أو يثير جدلاً»، على حد تعبيرها، متمنية أن «يُعرض فيلم (الملحد)، ويُناقَش بموضوعية».




