محاطاً بأجواء كلمات وموسيقى وصوت كوكب الشرق أم كلثوم أبدع الفنان التشكيلي المصري، إبراهيم البريدي، لوحات معرضه «أغنية في لوحة وثوما وهيما» المقام في قاعة «نوت» وسط القاهرة، حتى 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
حاول البريدي من خلال قصاصات الأقمشة، والرسم بما يسميه «المرج خيط» أن يصور مشاعر، وتعبيرات، ومعاني الأغنيات التي قدمتها «ثوما» على امتداد مسيرتها الغنائية، خصوصاً في فترة شبابها، واضعاً في خلفيتها رموز عصرها من الموسيقيين الذين صاحبوها في رحلتها الفنية، وحفلاتها، أمثال الموسيقار محمد القصبجي، عازف العود، وعبده صالح عازف القانون، وقائد فرقتها، وسيد سالم عازف الناي الشهير، والذي اعتبره البريدي بخروجاته النغمية على لحن الأغنيات نموذجاً للإبداع خارج السياق، فصوره بشارب عريض، وعيون مفتوحة كأنه يرى الموسيقى وهي تنساب من بين شفتيه، ممزوجة في نغمات زملائه من العازفين.

جاءت اللوحات، وفق حديث البريدي، لتعبر عن صورة أم كلثوم خلال فترة شبابها، فقد صوَّر وجهها في كامل بهائه، بعيداً عن آثار الزمن، وما تركه عليه، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أريد أن أشير من خلال اللوحات إلى أن ثوما لم تعرف الشيخوخة طوال رحلتها الموسيقية، ظلت متألقة حتى آخر أغنية قدمتها تقاوم الزمن بفنها، وقد حاولت أن أستخدم في لوحاتي رموزاً تشير إلى مكانتها التي ما زالت تحتفظ بها حتى الآن».

رسم البريدي بورتريهات تعبيرية لكوكب الشرق، كان شعرها الأسود بتسريحتها الشهيرة، ومنديلها الذي كانت تتشبث به، وفساتينها التي ارتدتها في حفلاتها، وحركات يديها، وعيونها وسيلته لاستدعاء «روح ثوما» وهي تغني «سيرة الحب»، و«فكروني»، و«جددت حبك ليه»، و«حيرت قلبي معاك»، و«أنت عمري»، و«أنساك»، و«أمل حياتي»، و«رقّ الحبيب»، فضلاً عن قصائدها «الأطلال»، و«سلوا قلبي»، و«ثورة الشك»، وقد صورها في بعض اللوحات بفساتين ألوانها زاهية، وفي أخرى بألوان داكنة تعكس معاني الكلمات، والموسيقى، أما عن اللوحات الأخرى فقد جعلها بصحبة عدد من أفراد فرقتها الذين كان لهم تأثير كبير في رحلتها الغنائية.

جاءت فكرة المعرض، الذي يتزامن مع الاحتفاء بأم كلثوم في الذكرى الخمسين لرحيلها، ضمن سياق طريقة البريدي في الإبداع التشكيلي، فكل معرض قدمه كانت له فكرة ذابت في وعيه قبل أن يصورها بالقصاصات، و«المرج خيط»، وهذه اللوحات تأتي في إطار معرض سابق كان صور خلاله عدداً من الأغنيات للفنانين محمد منير، وفيروز، وهدى سلطان، ومحمد عبد الوهاب، وشادية، ومدحت صالح. لكن هذه المرة وهو يتعايش مع أغنيات أم كلثوم خلال أيامه ولياليه، ويسبح في معانيها، جاءت له الفكرة أن يخصص لها معرضاً بعنوان: «لوحة في أغنية» لأغنياتها هي فقط.

«في هذا المعرض قدمت أم كلثوم كما أراها وأشعر بها وهي تغني، بروحها وبموسيقاها وهي تغزو نفسي، وتأخذ المشاعر في تجليات حب بعيدة لا يرقى لها سواها»، وفق تعبير البريدي، موضحاً أن لوحات المعرض جاءت مستلهمة من شعوره بها وهو يتابع أغنياتها على القنوات الفضائية كل مساء.
اللافت في لوحات إبراهيم البريدي أنه رسم القرط الذي يتدلى من أذني أم كلثوم على هيئة هرم، وقال في تفسير ذلك: «أردت المزج بينها وبين شكل الهرم باعتبارها معجزة غنائية تماثل الهرم في عظمته وتفرده، كما لجأت للتعبير بأنواع مختلفة من الورود في عدد من الأغنيات للتعبير عن مشاعر السعادة والأمل التي تختزنها كلمات الأغاني، وتعبر عنها، مثل أغنية (الورد جميل)، و(أنت الحب)، و(أنت عمري)، وغيرها من أعمال قدمتها (ثوما) تدعو للحب، وتراه منحة من الله».





