تتوزَّع على حيطان غاليري «إسباس دادور» في منطقة جلّ الديب اللبنانية أعمال 46 فناناً تشكيلياً في معرض بعنوان «عقدان وألفا قصة»، تروي حكايات خيالية وأخرى متصلة بالحبّ والجمال والطبيعة. تأتي هذه الرسومات المُنفَّذة بالكامل بريشة زيتية احتفاءً بمرور 20 عاماً على تأسيس أكاديمية «آيب تو زد» (Ayp to Zed) الفنية، إذ أراد صاحباها مارال وجيرار بانوسيان تكريم خريجيها من المواهب عبر هذا المعرض الجماعي.
يُشكّل المعرض مساحة دعم لمواهب صاعدة تستحق فرصة إبراز شغفها بالرسم. وهو من تنسيق دزوفيك أرنيليان وزياد جريج، وتنظيمهما. وتشير مارال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ الحدث يُعدّ حصاد جهد طويل لطلاب الأكاديمية، وتقول: «أمارس تعليم الرسم منذ 48 عاماً، ويمكنني القول إنّ المواهب الشبابية تفاجئني دائماً بأفكارها وخيالها الواسع. فلبنان يزخر بفنانين مراهقين وشباب، وأحياناً أشعر بأنّ ريشاتهم تتجاوز التوقُّع بأسلوب متجدّد يخرج عن المألوف».

تستوحي الأعمال المُشاركة موضوعاتها من عنوانَيْن عريضَيْن وضعتهما الأكاديمية. ويوضح جيرار بانوسيان: «القسم الأول يضمّ لوحات يستمدّها الطلاب من فنان يحبّونه، موسيقياً كان أم شاعراً أم ممثلاً أم رساماً، وأخرى يعكسون فيها رؤيتهم لعمل يخصّ فناناً معيّناً». وتتدخَّل مارال مشيرة إلى إحدى اللوحات: «انظري إلى هذه اللوحة التي استوحتها الموهبة رودا يعقوب بعنوان (أصداء في أغنية)، تجمع فيها رموزاً لأغنيات لفيروز. يمكن للمشاهد التعرُّف إليها من خلال طائرة ورقية ونافذة وسيارة وغيرها، فتُذكّر بـ(طيّارة يا طيّارة)، و(ورد وشبابيك)، و(هالسيارة مش عم تمشي)».
وترسم جانيت جرجس أغنية «ع هدير البوسطة» وتهدي اللوحة لروح الموسيقي الراحل زياد الرحباني، عبر باص أحمر وأبيض يرفرف العلم اللبناني من إحدى نوافذه. ويشير جيرار بانوسيان إلى أنّ غالبية المواهب اختارت فيروز لترجمة بصمتها الفنّية، فيما لجأ آخرون إلى مغنّين أجانب مثل تايلور سويفت.

وتضمّ مجموعة أخرى لوحات تتمحور حول النساء، وهو الموضوع الذي اقترحته مارال على الخرّيجين. فتقول: «أردتُ تسليط الضوء على دور المرأة في مجتمعنا. البعض يهتم بحقوقها الضائعة، لكن لوحات المعرض تُظهر وجهاً آخر لنساء ناضلن وربّين أجيالاً. توقّفنا عند الأمومة والحبّ بكونهما محورَيْن لا يمكن اختصارهما بكلمات قليلة، فالحبّ فعل عطاء بأوجه كثيرة».
وتتجلَّى في المعرض لوحات عن حبّ الوطن والتراث، تُقدّم فيها الفنانة سالبي عملاً يستعيد التراث اللبناني وآخر يُبرز التراث الأرمني. وترسم سيرين شعلة نار تخرج من يدَي أنثى تحاول فراشة الإفلات منها، في إشارة رمزية إلى معاناة الحبّ حين يحرق القلوب.
ومن الأعمال اللافتة، لوحة الفنانة تيريزا بعنوان «لوحة العائلة»، تعتمد فيها على رسم 3 قطع ثياب. وتشرح مارال: «هذه اللوحة مؤثرة، إذ فقدت تيريزا والدها وهي صغيرة، فاستعادت ذكراه عبر سترته التي جمعت بها شمل العائلة من جديد، إلى جانب قطعة لوالدتها وفستان لطفلة في العمر الذي فقدت فيه والدها».

ومن بين اللوحات المستلهمة من فنانين عالميين، تأتي لوحة سوزي عن حياة فان غوخ، وقدَّمت فيها الرسام الهولندي يسكن زهرة دوّار الشمس. أما دنيز رزق الله فاختارت الطبيعة موضوعاً للوحتها المعنونة بـ«الأوركيد»، في حين رأت ميغري داكاسيان في زهرات التوليب الصفراء صورة لتطوّر مشاعر الحبّ.
وتعكس لوحة إيليزابيل دكرمندجيان بعنوان «الحب من أجل الصداقة» أجواء طلاب الأكاديمية، مُركّزة على معاني الزمالة والمشاركة. وفي لوحة مارلين الهيبة خليل «محطات الحياة والعمر» تُصوَّر المراحل العمرية عبر شرائط عريضة ملوّنة بالأزرق والأصفر والأحمر.
وتظهر في المعرض أعمال سوريالية وتجريدية لطالبَي الأكاديمية فيراغ وسيفاغ. ففي لوحتي «ازدهار العقل» و«حب للطبيعة المثالية»، يتجاوز فيراغ الأفكار المعتادة بخيال خصب وألوان دافئة. أما سيفاغ فيتناول الصلابة والحب في «البشر الخياليون في تكوين قوي» و«عندما يكون الحب قابلاً للكسر»، بريشة زيتية تنقل أطياف الناس في حالات من الحلم والخيال.




