تبدو معدلات الزيارة المرتفعة التي يشهدها المتحف المصري الكبير منذ افتتاحه مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري مستمرة في فرض تحديات تنظيمية على مسؤولي المتحف، مع تدفق أعداد كبيرة من الزوار يومياً من المصريين والأجانب، بما في ذلك آليات الزيارة والحجز الإلكتروني، لضمان انسيابية الزيارة للمتحف الكبير.
وأثار نظام الحجز الإلكتروني للمتحف بتخصيص نسبة للمصريين وأخرى للأجانب جدلاً بين خبراء ومتابعين. وقد اعتبرت خبيرة الآثار المصرية مونيكا حنا عبر صفحتها على منصة «إكس» أنه «تمييز ومخالفة صريحة للدستور المصري»، وفق وصفها.
«مزاحمة المصريين للسياح«دي جملة تتكتب دي؟البلد دي بتاعة المصريين يا أستاذ عبد العزيز وكل حاجة بتتعمل فيها لازم تكون لخدمة المصريين أولا، السياح عايزين ييجوا أهلا وسهلا بس مش هنمنع أصحاب البلد من حقوقهم عشان «بيزاحموا» الأجانب!!! https://t.co/92Y3rKwC2E
— Hussein Mahran (@TheAlexArch) November 8, 2025
وجاء ذلك عقب مطالبات «سوشيالية» بإعطاء الأولوية للسائح الأجنبي لزيارة المتحف لتعظيم الموارد وجذب الكثير من السياح. لكن الخبير السياحي بسام الشماع قال إنه يتحفّظ على «فكرة تحديد نسبة أو (كوتة) للمصريين لزيارة المتحف»، معتبراً أن هذا «الإجراء لا يُعمل به في أي من المتاحف الكبرى حول العالم»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يتم تخصيص نسب للمواطنين وأخرى للسياح في المتاحف العالمية مثل متحف (اللوفر) أو (المتحف البريطاني)، على الرغم من الإقبال الجماهيري الكبير عليهما؛ فالمشكلة الأساسية ليست في حجم الزائرين، بل في آليات إدارة الحركة داخل المتحف، وهي أمور يمكن التنسيق فيها ما بين القائمين على المتحف وشركات السياحة والمرشدين السياحيين الذين يملكون خبرة ميدانية واسعة في تنظيم الوفود وضبط تدفّق الزائرين داخل القاعات».

وأشار الشماع إلى إمكانية تطبيق عدة بدائل دون اللجوء إلى «إجراءات تمييزية»، منها «تنظيم دخول القاعات التي هي أكثر جذباً، وقصر الزيارة داخلها على مدة زمنية محددة، للسماح لعدد آخر بالدخول، وعلى رأسها قاعة (توت عنخ آمون) وفق نظام الفترات الزمنية المتبع في المتاحف العالمية عند زيارة قطع شهيرة مثل (لوحة رشيد) الحجرية أو لوحات مثل (الموناليزا)؛ إذ نجد طوابير منظمة يحترمها السائح، كما يمكن تدريب المصريين على ثقافتها».
ويشدد على أن «هذه الإجراءات يمكن استيعابها، لا سيما أن المتحف يمتد على مساحة 117 فداناً؛ أي ما يعادل خمسة أضعاف مساحة متحف (اللوفر)، وضعف مساحة (المتحف البريطاني)، وهو ما يجعل امتلاءه بالكامل غير منطقي، إذا وُضعت آليات دقيقة لتنظيم الحركة داخله».

وكان الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي للمتحف المصري الكبير، قد لفت في تصريحات صحافية، إلى أن «نظام الحجز الإلكتروني يعمل وفق آلية تُعرف باسم (الكوتة)؛ إذ يتم تخصيص حصة محددة لكل من المصريين والأجانب، بهدف تحقيق توزيع عادل للتذاكر ومنع التكدّس في أوقات الذروة».
وأوضح غنيم في تصريحاته أنه «حال كان الحجز متاحاً لفئة دون الأخرى، سواء للأجانب أو المصريين، فإن ذلك يعني أن (الكوتة) المخصصة لإحدى الفئتين قد تم حجزها بالكامل»، نافياً ما تردد عن «إتاحة نسبة أعلى للأجانب في مقابل المتاحة للمصريين».

وحسب وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن متوسط عدد زوار المتحف منذ بدء استقبال المتحف للجمهور في 4 نوفمبر الجاري، بلغ نحو 19 ألف زائر يومياً، وهو رقم «يعكس حجم الإقبال الكبير على زيارة هذا الصرح من مختلف الفئات والجنسيات».
ويبلغ سعر تذكرة زيارة المتحف المصري الكبير للزائر المصري 200 جنيه (الدولار يعادل 47 جنيهاً)، في حين يصل سعر تذكرة الزائر الأجنبي إلى 1450 جنيهاً.

ويرى المرشد السياحي المصري هشام سليم أن تنظيم دخول المصريين خلال الفترة الحالية قد يكون له ما يبرره، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون من الجيد تنظيم دخول المصريين والأجانب خلال تلك الفترة، عبر منح فرص أكبر للسائح الأجنبي ولو لفترة ستة أشهر مقبلة، خصوصاً مع توافد عدد كبير من السياح لمواكبة افتتاح المتحف من جهة، وكذلك بدء موسم إجازات رأس السنة الجديدة، وهو من أعلى مواسم حركة السياحة المصرية».
ويضم المتحف المصري الكبير قاعات عرض أثري متنوعة تنقل الزائر في رحلة عبر عصور مصر التاريخية المختلفة، وتعد قاعة «توت عنخ آمون» أبرز وأهم قاعات المتحف المصري الكبير؛ إذ تعرض المجموعة الكاملة للفرعون الذهبي منذ اكتشاف مقبرته في وادي الملوك بالأقصر (جنوب مصر) في نوفمبر 1922؛ ما يجعل المتحف الكبير بمنزلة «بيت توت».




