أحمد الحجار: أركز على عبد الوهاب «الإنسان» في مسرحية «أم كلثوم»

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الصدفة قادته لتجسيد دور «موسيقار الأجيال»

أحمد الحجار (الشرق الأوسط)
أحمد الحجار (الشرق الأوسط)
TT

أحمد الحجار: أركز على عبد الوهاب «الإنسان» في مسرحية «أم كلثوم»

أحمد الحجار (الشرق الأوسط)
أحمد الحجار (الشرق الأوسط)

قال الفنان المصري الشاب أحمد الحجار، إن مشاركته في مسرحية «أم كلثوم» تمثل تجربة استثنائية له، وفارقة في مشواره الفني، فهي المرة الأولى التي يقف فيها على خشبة المسرح كممثل محترف في عمل ضخم يجمع بين الموسيقى والدراما والسيرة الذاتية لشخصية من أهم رموز الغناء العربي.

وأضاف في حواره لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصدفة وحدها قادتني إلى الدور الذي أجسد فيه شخصية الموسيقار محمد عبد الوهاب، فلم أكن أعلم بوجود اختبارات أداء مسبقة لاختيار الممثلين المشاركين بالعرض، لكنني كنت مرشحاً لتجسيد شخصية عبد الوهاب ذاتها في مشروع مسرحي آخر كان سيخرجه المخرج الكبير خيري بشارة، لكن المشروع لم يكتمل».

وتابع الحجار: «فوجئت بتواصل شركة الإنتاج معي لترشيحي مجدداً لنفس الدور ضمن مسرحية (أم كلثوم) فذهبت لمقابلة المخرج أحمد فؤاد، الذي حدَّثني مطولاً عن طبيعة العمل وعن تفاصيل الشخصية التي سألعبها، وأخبرني في النهاية بأنه يراني الأنسب لتجسيد دور (موسيقار الأجيال)».

وأكد الحجار أنه كان مهيأً ذهنياً ونفسياً لأداء هذه الشخصية، إذ تربطه بالموسيقار محمد عبد الوهاب علاقة وجدانية منذ طفولته، فقد نشأ على الاستماع لأعماله ومتابعة تاريخه الفني الكبير، وفق تصريحاته. مشيراً إلى أنه يرى في عبد الوهاب شخصية ثرية متعددة الأوجه، تحمل بين طياتها ذكاءً وهدوءاً وثقة نادرة.

وقال الفنان الشاب: «حاولت الغوص في أعماق الشخصية لأعيد تقديمها بصورة إنسانية بعيداً عن النمطية أو التقليد»، موضحاً أن دوره في المسرحية يتناول المنافسة الشهيرة بين عبد الوهاب وأم كلثوم، وهي منافسة فنية شريفة بدأت ذروتها مع أول انتخابات لنقابة الموسيقيين وانتهت بتعاون وصداقة بينهما.

جانب من ليلة العرض الأولى للمسرحية (الشركة المنتجة)

وأوضح أن «المسرحية تطرح هذه العلاقة من منظور إنساني وفني، فالمنافسة بينهما لم تكن قائمة على الكراهية أو الغيرة كما يتخيل البعض، بل على الاحترام المتبادل والتقدير العميق بين اثنين من أعظم المبدعين في تاريخ الموسيقى العربية».

ولفت الحجار إلى أن كلّاً منهما كان يدرك تماماً موهبة الآخر، وكان هذا الوعي المتبادل دافعاً لتجويد العمل وتطوير الذات، موضحاً أن «هذا التوازن هو ما حاول أن يقدمه على المسرح عبر نظرة عبد الوهاب إلى أم كلثوم كندٍّ محترم وليس كمنافس عابر».

وأشار إلى أنه أجرى أبحاثاً مطولة حول شخصية عبد الوهاب، وقرأ كثيراً عن حياته الخاصة والعامة، ودرس مراحله العمرية المختلفة، وشاهد عشرات المقاطع من حواراته المسجلة، ليلتقط من خلالها تفاصيل تعبيره الجسدي ونبرة صوته وطريقته في التفكير، مؤكداً أن «أكثر ما لفت انتباهي هو خفة دم عبد الوهاب الممزوجة بقدر كبير من الصراحة، وهي سمة حاولت أن أعكسها على خشبة المسرح دون مبالغة».

ولفت الحجار إلى أن «تصميم الديكور في المسرحية لعب دوراً كبيراً في إبراز طبيعة الشخصية، فالمكتب الثابت والجو الكلاسيكي المحيط بالمشاهد الخاصة بعبد الوهاب يعكسان شخصيته الرزينة والثقيلة، بينما تتحرك الأحداث حوله لتؤكد أن هذه الرصانة ليست بروداً بل حكمة وفاعلية داخلية».

وأضاف أن «التحدي الأكبر لي كان في تجسيد عبد الوهاب بعيداً عن صورته السينمائية المألوفة لدى الجمهور، فقد أردت أن أقدمه كإنسان له نقاط ضعف وقوة، لا كرمز أسطوري بعيد عن الواقع».

وقال إن المخرج أحمد فؤاد كان له الفضل الأكبر في توجيهه كممثل، فقد حرص على أن يتعامل مع النص من الداخل وليس ككلمات جاهزة، بل كحياة كاملة لها منطقها النفسي والدرامي، موضحاً أن «فؤاد يتميز بقدرته على استخراج المشاعر الدقيقة من الممثلين، ويمنحهم مساحة للتجريب والبحث، مما ساعدني على التعمق في الشخصية وتقديمها بأبعاد إنسانية حقيقية».

أحمد الحجار يجسِّد شخصية عبد الوهاب (الشرق الأوسط)

وأضاف أن النقاشات مع الدكتور مدحت العدل، مؤلف العمل، كانت فنية وثقافية في الوقت نفسه، إذ كان العدل يشرح خلفيات كل مشهد ويستحضر مواقفه التاريخية، ويمنح الممثلين مساحة لإضافة رؤاهم الخاصة، مؤكداً أن هذا الحوار المستمر أسهم في إثراء النص وخلق روح جماعية في العمل.

وتحدث الحجار عن تجربته السينمائية الجديدة في فيلم «الشيطان شاطر» مع أحمد عيد، وهو العمل الذي كتبه لؤي السيد ويُخرجه عثمان أبو لبن، ووصفها بأنها «كانت تجربة متميزة لأنها جمعته بفريق عمل محترف يعرف تماماً ما يريد، وأن هذه التجربة منحته ثقة أكبر في قدراته التمثيلية».

وأضاف أن «التمثيل بالنسبة إليه ليس غريباً على حياته، فهو جزء من تكوينه الفني، لكنه لا يضعه في مرتبة تنافس الغناء أو التلحين»، مشيراً إلى أن الغناء يظل بالنسبة إليه الأولوية والهوية الأساسية، فيما يعد التمثيل مساحة للتعبير والتجريب يطوِّر من خلالها أدواته الإبداعية، وأكد حرصه على حضور ورش التمثيل والتدريب المستمر لأنه يرى أن الفنان يجب ألا يتوقف عن التعلم.

وأشار إلى أنه في الوقت الراهن يعمل على مجموعة من المشاريع الموسيقية الجديدة، إذ يحضّر لـ«ميني ألبوم» يضم خمس أغنيات جديدة سيصدر خلال عام 2026، إلى جانب مجموعة ألحان يقدمها لعدد من المطربين، لافتاً إلى أنه حين يلحن لشخص آخر يضع في اعتباره أن اللحن يجب أن يناسب صوت المطرب وشخصيته، بينما حين يلحن لنفسه يتعامل مع الأغنية بوصفها تعبيراً شخصياً لا يلزم أن يناسب كل الأصوات، «لأن لكل صوت لونه ومساحته، وهذه الفروقات هي ما تصنع التنوع الحقيقي في الغناء العربي»، على حد تعبيره.

وقال أحمد الحجار إن علاقة خاصة تربطه بوالده الفنان علي الحجار، موضحاً أن والده زرع فيه منذ الصغر حب المسرح والموسيقى والانضباط الفني، فأول مرة وقف فيها على المسرح كانت في سن الثامنة عشرة، حين شارك والده في مسرحية «يمامة بيضا»، وهي «التجربة التي شكّلت وعيي المبكر بقيمة المسرح كفنٍّ شامل يجمع التمثيل والغناء والحركة»، وفق قوله.


مقالات ذات صلة

«كليوباترا»... استدعاء قصة الملكة المصرية مسرحياً

يوميات الشرق معالجة رؤية شكسبير وشوقي لقصة كليوباترا (وزارة الثقافة المصرية)

«كليوباترا»... استدعاء قصة الملكة المصرية مسرحياً

استعادت دار الأوبرا المصرية دراما الملكة كليوباترا عبر إحدى ليالي اللغة العربية بعنوان «كليوباترا... عروس الشرق»، خلال أمسية وعرض لكورال على مسرح الجمهورية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يلتقي طلبة أكاديمية آفاق للفنون والثقافة (واس)

تدشين أكاديمية آفاق للفنون والثقافة في الرياض

دشَّن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، ويوسف البنيان وزير التعليم، أكاديمية آفاق للفنون والثقافة، بالتزامن مع ختام «مسابقة المهارات الثقافية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق في العرس يرقص الجميع كأنهم يودّعون الحياة (الشرق الأوسط)

«آخر صورة»... مسرحية اكتملت بالنقص

المسرحية تأمُّل في الحياة حين تكون كلّ العناصر جاهزة إلا «المشهد الأهم» الذي لا يأتي أبداً...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مواجهات عدة تحصل بين المرأتين (الشرق الأوسط)

مسرحية «روزماري»... صراع العقل والقلب والعبرة في الخواتيم

«روزماري» للمخرج شادي الهبر تستعرض صراع العقل والقلب من خلال شخصيتين متناقضتين، تتناول قضايا اجتماعية وإنسانية عميقة في إطار درامي مليء بالتوتر والإثارة.

فيفيان حداد (بيروت)
ثقافة وفنون الكاتب والشاعر العُماني الدكتور عبد الرزاق الربيعي... وغلاف مسرحية «روازن غرفة مصبّح» (الشرق الأوسط)

مسرحية «رَوازن غرفة مصبّح» لعبد الرزاق الربيعي... تستعيد الذاكرة العُمانية

ضمن احتفالات سلطنة عُمان باليوم الوطني الذي يوافق 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، يحتفل متحف «المكان والناس»، بالتعاون مع الجمعيّة العمانية للمسرح، بالمناسبة.

«الشرق الأوسط» (مسقط)

«دولة التلاوة» يخطف الأنظار ويعيد برامج المسابقات للواجهة في مصر

صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)
صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)
TT

«دولة التلاوة» يخطف الأنظار ويعيد برامج المسابقات للواجهة في مصر

صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)
صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)

خطفت الحلقة الأولى من برنامج «دولة التلاوة»، والتي ضمت تلاوات قرآنية لعدد من المتنافسين على جوائز مليونية، وعرضت على منصات مصرية، الجمعة، الأنظار، ونالت إشادات لافتة، وحصدت مشاركات وتعليقات «سوشيالية»، خصوصاً على موقع «إكس»، حيث تصدر اسم البرنامج «الترند»، في مصر، السبت.

ودونت حسابات على «إكس» منشورات تشيد بالبرنامج، وتصفه بأنه «جميل»، وأن «اختيار مصطفى حسني موفق»، كما أشادت بديكور الاستوديو، واسم البرنامج.

وبجانب تصدر الحلقة الأولى «الترند»، على «إكس»، شارك عدد كبير من المتابعين مقتطفات من البرنامج على موقع «فيسبوك»، وأشادوا بالأصوات المشاركة في التصفيات؛ إذ أكدوا أن البرنامج أعاد برامج المسابقات، والتي قدمتها قنوات وإذاعات مصرية من قبل، للواجهة مجدداً.

وتفاعل متابعون مع أداء المتسابقين، ولجنة التحكيم، وضيوف الشرف في الحلقة التي شارك بها نخبة من القامات الدينية والعلمية، مثل الشيخ حسن عبد النبي وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف بالأزهر، والدكتور طه عبد الوهاب خبير الأصوات والمقامات، والداعية مصطفى حسني، والشيخ طه النعماني.

من جانبه، أكد خبير الأصوات والمقامات، وعضو لجنة التحكيم الدكتور طه عبد الوهاب، أنه انتظر هذا النوع من البرامج في مصر كثيراً، خصوصاً بعد مشاركته في مسابقات دولية دينية عدة، وتمنى أن يقام مثلها في مصر.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الجائزة المالية المليونية ستذهب في الحلقة النهائية، والتي ستذاع ليلة رؤية شهر رمضان المقبل عبر بث مباشر، لاثنين من المتسابقين، أحدهما في (الترتيل)، والآخر في (التحقيق)، من بين 32 متسابقاً، تم اختيارهم بعد تصفيات شهدت تقدم أكثر من 14 ألف متسابق».

لقطة من برنامج «دولة التلاوة» (صفحة البرنامج على إكس)

وكشف عبد الوهاب عن أن مقولة «تم سحب البساط من مصر في التلاوة»، كانت تزعجه، «برغم تصدر أبنائها في المسابقات الدولية، وقد آن الأوان أن ينالوها في وطنهم»، لافتاً إلى أن البرنامج مليء بالمفاجآت التي ستنال رضا الناس خلال حلقاته الممتدة لشهر رمضان.

وكتب حساب باسم رانيا عزت، «البرنامج ولد كبيراً، وفكرته راقية، وهيبته واضحة».

وبجانب أعضاء لجنة التحكيم الرئيسيين، يشارك في لجنة تقييم المتسابقين عدد بارز من ضيوف الشرف في مقدمتهم، الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري، والأستاذ الدكتور نظير محمد عياد مفتي الديار المصرية، والدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والقارئ الشيخ أحمد نعينع، والقارئ الشيخ عبد الفتاح الطاروطي، والشيخ جابر البغدادي، بالإضافة إلى القارئ البريطاني محمد أيوب عاصف، والقارئ المغربي عمر القزابري إمام مسجد الحسن الثاني.

وينتظر جمهور البرنامج عرض الحلقة الثانية، السبت، بمنافسة وظهور مواهب جديدة تستكمل رحلة «دولة التلاوة» نحو اكتشاف أجمل الأصوات.

وحسب بيان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فإن «اختبارات البرنامج والمقامة بالتعاون مع وزارة الأوقاف، استقبلت أكثر من 14 ألف متسابق من مختلف المحافظات، مما يعكس حجم الشغف الكبير بالمشاركة في التجربة التي تعنى بإحياء مدرسة التلاوة المصرية وتقديم أصوات جديدة للعالم الإسلامي».

وزير الأوقاف حضر الحلقة الأولى من البرنامج (صفحة البرنامج على إكس)

ويقدم البرنامج جوائز مليونية، يحصل فيها الفائزان بالمركز الأول في فرعي «الترتيل»، و«التجويد»، على مليون جنيه لكل منهما، إلى جانب تسجيل المصحف الشريف كاملاً، وبثه على إحدى القنوات المصرية، وإمامة المصلين خلال صلاة التراويح بمسجد «الإمام الحسين»، خلال شهر رمضان المقبل، حسب بيان إعلامي رسمي.

وبدورها، روجت صفحة وزارة الأوقاف على «فيسبوك» للبرنامج، ودعت الناس لمتابعته، مؤكدة «أنه أحد أهم مشاريعها لاكتشاف المواهب ورعايتها، وإبراز أصالة المدرسة المصرية وتفردها في تلاوة القرآن الكريم».

متسابقون من أعمار مختلفة يشاركون في البرنامج (صفحة البرنامج على إكس)

وفي السياق، كتب وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، «مسابقة (دولة التلاوة) فجر جديد للمواهب المصرية، وحناجر ذهبية، من أرض الكنانة تحت شعار اسم الله (الودود)».

وأشاد الداعية الحبيب علي الجفري على حساباته «السوشيالية» بالبرنامج، مؤكداً «أن الحلقة الأولى من ‫(دولة التلاوة)، هي مسابقة نورانية لتلاوة القرآن الكريم، يتنافس فيها قراء من بلد علّم العالم تلاوة القرآن، وتجويده وترتيله وتذوقه».


اكتشاف نبات يُنتج 17 معدناً أرضياً نادراً

منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
TT

اكتشاف نبات يُنتج 17 معدناً أرضياً نادراً

منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)

اكتشف علماء نباتاً ينمو في جنوب الصين يُكوِّن بشكل طبيعي بلورات صغيرة تحتوي على عناصر أرضية نادرة، ما يفتح الباب أمام طريقة جديدة واعدة لما يعرف بـ«التعدين الأخضر» لهذه المعادن.

ووفقاً لدراستهم المنشورة في «مجلة العلوم والتكنولوجيا البيئية»، درس الباحثون نبات سرخس بليشنوم أورينتال، الذي جُمع من مناطق غنية بالعناصر الأرضية النادرة في جنوب الصين.

ويُعرف عن هذا النبات أنه قادر على النمو في التربة والمياه ذات التركيزات العالية من المعادن، وأنه يمتصها ويراكمها عبر جذوره. لكن ما لم يُعرَف هو الشكل الكيميائي الذي تتخذه العناصر الأرضية النادرة داخل النبات.

وكتب الباحثون في بيان نُشر الخميس: «تظهر نتائجنا مساراً جديداً غير مُكتشف سابقاً، يعتمد على النباتات، لتكوين معادن أساسية».

وأضافوا: «لا يُلقي هذا الاكتشاف الضوء على إثراء العناصر الأرضية النادرة وعزلها في أثناء التجوية الكيميائية والبيولوجية (عملية تحلل الصخور وتغيير تركيبها المعدني من خلال تفاعلات كيميائية تحدث بسبب عوامل مثل الماء والأكسجين وثاني أكسيد الكربون والأحماض) فحسب، بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة للاستعادة المباشرة لمواد العناصر الأرضية النادرة الوظيفية».

نبات سرخس بليشنوم أورينتال (مجلة العلوم والتكنولوجيا البيئية)

والعناصر الأرضية النادرة هي مجموعة من 17 عنصراً معدنياً، وجميعها معادن ذات خصائص متشابهة، وهي أساسية في كل شيء في الصناعات العصرية الحديثة، بدءاً من توربينات الرياح، وبطاريات السيارات الكهربائية، إلى الهواتف الذكية، والماسحات الضوئية الطبية. وكما يوحي اسمها، فهي نادرة، وعادةً ما توجد بتركيزات منخفضة في قشرة الأرض.

ووفق الباحثين يُعد استخراجها مكلفاً، وعادةً ما يتضمَّن عمليات تعدين تقليدية واسعة النطاق تعتمد على مواد كيميائية قاسية، وتُسبب تلوثاً كبيراً وضرراً كبيراً للأراضي.

لهذا السبب، يستكشف الباحثون بدائل نباتية أنظف وأكثر استدامة لجمع العناصر الأرضية النادرة، وهو ما يُعرف أيضاً بـ«التعدين النباتي».

باستخدام تقنية التصوير عالية الدقة والتحليل الكيميائي، اكتشف الفريق البحثي أن السرخس يُكوّن بلورات نانوية من معدن المونازيت الغني بالعناصر الأرضية النادرة داخل أنسجته، خصوصاً في جدران الخلايا والفراغات بينها. ويُعد المونازيت أحد المصادر الرئيسية للعناصر الأرضية النادرة في رواسب الخام الجيولوجية حول العالم.

كما لاحظ باحثو الدراسة الشكل البلوري، مشيرين إلى أنه ينمو في نمط مُعقد للغاية من الفروع الصغيرة ذاتية التنظيم، مُشبّهين إياه بـ«حديقة كيميائية» مجهرية. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها العلماء نباتاً حياً يُكوّن بلورة عنصر أرضي نادر.

وقال باحثو الدراسة إنه على الرغم من أنهم قد لا يلجأون إلى البستنة لاستخراج العناصر الأرضية النادرة في المستقبل القريب، فإن هذا البحث يُمثل دليلاً إضافياً على إمكانية التعدين النباتي.


وداعاً لنصيحة «اعمل ما تحب»... الجانب المُظلم لـ«التعلّق الوظيفي»

يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)
يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)
TT

وداعاً لنصيحة «اعمل ما تحب»... الجانب المُظلم لـ«التعلّق الوظيفي»

يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)
يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)

لا يزال مخترع «الآيفون»، ستيف جوبز، أحد أكثر قادة الأعمال احتراماً، حتى بعد سنوات من وفاته. ومن أشهر أقواله، التي أُلقيت في حفل تخرج بجامعة ستانفورد الأميركية، قوله: «الطريقة الوحيدة للقيام بعمل عظيم هي أن تحب ما تفعله. إن لم تجده بعد، فاستمر في البحث. لا ترضَ بالقليل».

ووفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية، فقد امتد تأثير هذه الرسالة إلى ما هو أبعد من مجرد الخريجين الجالسين أمامه.

فمنذ ذلك الخطاب قبل أكثر من عقدين، أصبح من المقبول على نطاق واسع أن القيام بالعمل الذي نحبه ليس أمراً جيداً فحسب، بل هو الصواب أيضاً.

لكن، آخر الأبحاث أوضح أن المجتمع الحديث قد انحرف بمفهوم المُتعة في العمل. وبينما قد تكون هناك فوائد للسعي وراء وظيفة تحبها، فإن الهوس المتزايد بها بوصفها أفضل طريق للنجاح أمرٌ مضلل. وبالنسبة للبعض، يؤدي اتباع شغفهم إلى تحقيق الذات. وبالنسبة لآخرين، يؤدي إلى تحديات غير متوقعة وخيبة أمل.

وهناك تفسيران قد يساعدان على تفسير خيبة الأمل، وهما:

الجانب المظلم لحب العمل

بالنسبة لمَن يُحبّون عملهم، ليس الأمر كله سعادةً وابتسامات. هناك جانب مظلم حقيقي للسعي وراء وظيفة تُحبّها. على سبيل المثال، أجرى باحثان مقابلات مع حرّاس حدائق الحيوانات، وهي فئةٌ غالباً ما تصف عملها بأنه رسالة. وبينما وجد هؤلاء الحرّاس معنى عميقاً فيما يقومون به، كانوا أيضاً يُرهقون أنفسهم بالعمل. ضحّى الكثيرون بوقتهم الشخصي، وتقبّلوا أجوراً زهيدة، وتحمّلوا ظروفاً غير مريحة أو مُرهقة؛ بسبب إخلاصهم للحيوانات ورسالتهم.

لا تقتصر هذه المشكلة على حرّاس حدائق الحيوانات. فقد خلصت مراجعة لأبحاث ذات صلة في كثير من الوظائف والقطاعات إلى أن أصحاب العمل قد يكونون أقل ميلاً لتقديم حوافز أو مكافآت أخرى لمَن يبدو أنهم يُحبّون عملهم. في الوقت نفسه، غالباً ما يُقدّم هؤلاء المُحبّون للعمل تضحياتٍ شخصية كبيرة من أجل تكريس أنفسهم بالكامل لوظائفهم.

ومن عيوب حب العمل أيضاً تكوين افتراضات سلبية حول الأشخاص الذين تحفزهم دوافع غير الشغف. فالتركيز على مبدأ «افعل ما تحب» دفع الكثيرين، بمَن فيهم مديرو التوظيف، إلى اعتبار الدوافع البديلة، مثل العمل من أجل الحاجة إلى الراتب، أقل شرعية.

ما نحبه يتغير

غالباً ما نفترض أن ما نحبه اليوم هو ما سنستمر في حبه في المستقبل. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث أن تصورنا للسعادة يتغير مع تغير حياتنا. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات البحثية أن الشباب يشعرون بدفعة سعادة كبيرة من التجارب الاستثنائية. ومع تقدمنا ​​في العمر، يمكن للتجارب العادية أن تُولّد دفعة السعادة نفسها التي تُولّدها التجارب الاستثنائية، كما يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها.

أيضاً أظهرت إحدى الدراسات أنه قد يكون من الصعب الحفاظ على الشغف بالعمل، لأن استخدام شغفنا يوماً بعد يوم، والاتكال عليه في مواجهة ظروف العمل الصعبة أو غير المقبولة قد يُشعرنا في لحظة ما بالإرهاق العاطفي.

وإذا كانت السعادة قد تأتي من العمل الذي نُحبّه، فإنها أيضاً قد تأتي من عمل أقل بهجة لكنه يُتيح فرصاً للنمو والتطور، ويوفر الاستقرار والموارد المالية التي نحتاج إليها لأنفسنا ولعائلاتنا، ويشعرنا بالرضا، ويُمكِّننا من القيام بأمور مهمة.