في تجمع دولي شهدته العاصمة السعودية، التقى خبراء واستشاريون، وشركات عالمية في «أسبوع الترميم الدولي»، لتبادل الخبرات، وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات في مجال الترميم، واستعراض أحدث الممارسات والتقنيات المستخدمة في الحفاظ على المباني والمواقع التراثية.
وكشف جاسر الحربش رئيس «هيئة التراث»، أن السعودية أدرجت أكثر من 40 ألف موقع تراث عمراني في السجل الوطني للتراث العمراني، وتستهدف الوصول إلى 50 ألف نهاية العام.
وأكد الحربش خلال كلمته في افتتاح فعاليات «أسبوع الترميم الدولي» بحي جاكس في الدرعية، أن أسبوع الترميم يحظى بتجمع دولي يضم خبراء واستشاريون وشركات عالمية من أجل تبادل المعرفة، وتحقيق الشراكة الفاعلة في الترميم، متجاوزاً حدود هذا المفهوم من البناء والعمارة، إلى ترميم كل ما يرتبط بالإنسان.

وبدأ «أسبوع الترميم الدولي» الذي تنظمه «هيئة التراث»، خلال الفترة من 1 إلى 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2025م، في حي جاكس بالدرعية، بمشاركة نخبة من الجهات المحلية والدولية المتخصصة في الترميم والحفاظ على التراث العمراني.
وشهد يومه الأول، جلسات حوارية، تناولت عدداً من المحاور والموضوعات المتعلقة بتحديات قطاع ترميم التراث وآفاقه، وتناول ضيوف الجلسات، موضوعات الجهود الدولية في معالم وأصول التراث العمراني ومنهجيات الترميم المستدام، والحلول التقنية المبتكرة في الترميم، ودعا المشاركون إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عملية وبشكل فعال لتسريع وتيرة التنمية للقطاع التراثي.
وعلى مدى 5 أيام، يستمر «أسبوع الترميم» في عقد ورش عمل تفاعلية عملية، وجلسات جانبية تتيح للمشاركين فرصة التعرف على أحدث تقنيات الترميم، والمسارات التي تحافظ على المكونات التراثية بالأساليب المبتكرة والحديثة، فيما فتح المعرض الخاص بالحدث، أبوابه بمشاركة دولية واسعة لأكثر من 12 دولة، بدءاً من الجهات والمنظمات والشركات المحلية والدولية وانتهاء بمشاركة القطاع الثالث المهتم بأعمال ومشاريع الترميم.

حارسات الذاكرة
في أحد أروقة معرض «أسبوع الترميم الدولي»، سلّط جناح «النساء والتراث» الضوء على مجموعة من المساهمات القيمة التي قدمتها رائدات من نساء العالم، في حماية التراث الثقافي المهدد أو المتضرر من النزاعات، وتأثيرات التغيّر المناخي، والكوارث الطبيعية.
وتتنوع اهتمامات النساء في المعرض، بين معماريات، وعالمات آثار، وراعيات مواقع، وأمينات متاحف، وحرَفيات، ومؤرّخات فنّ، بالإضافة إلى أخصائيات ترميم، عملن خلال مسيرتهنّ في الخطوط الأمامية للحفاظ على الآثار والمواقع والمتاحف والمباني الدينية والمجموعات الفنية، وجميع أشكال التراث اللامادي.

ونفّذ المعرض بجهود من مندوبية الاتحاد الأوروبي لدى السعودية، والتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ألف)، التي توّجت بإحدى الجوائز السعودية العام الماضي تقديراً لجهودها القيّمة في حماية التراث في مناطق النزاع أو الأزمات.
وأشاد المعرض بجهود المعمارية السعودية نورا عبد الرحمن غبرة، وبعملها الذي يجمع بين قضايا المناخ والتراث الثقافي والتصميم البيئي. وتعمل غبرة أستاذاً مساعداً في قسم العمارة بجامعة الملك عبد العزيز في جدة، وأسهمت في مبادرات تراثية كبرى، من بينها توثيق وحفظ موقع التراث العالمي لـ«اليونيسكو» في جدة التاريخية.
كما أشار المعرض إلى جهود الفنانة السعودية، رزان طارق سجيني، وبأعمالها التي ركزت على تعزيز حالة صون مواقع التراث العالمي، وضمان إشراك المجتمعات المحلية في جميع مراحل عملية الحفاظ. ويمثّل المعرض تكريماً لحارسات الذاكرة المشتركة، وللنساء اللواتي، رغم كل الصعاب، عملن على الحفاظ على التراث الثقافي، وضمان نقله إلى الأجيال المقبلة، وتقدير وحفظ الروابط التي تجمع المجتمعات وتشكل مصيرها المشترك.

وأشاد المعرض بعالمات الآثار والمعماريات من أفغانستان، إذ تزخر أفغانستان بتراث أثري ومعماري متنوع يمتد لآلاف السنين، لكنّ عقوداً من الصراع، إلى جانب الاضطرابات الأمنية والتأثير الكبير لتغير المناخ، جعلت هذه المواقع مهددة بالخطر، ومنذ عام 2019، يقدّم برنامج «ألف» دعمه لمشاريع في أفغانستان بالتعاون مع شركاء محليين ومنظمات دولية لحماية هذه المواقع وترميمها، بما في ذلك المواقع الدينية والأثرية والمعالم التاريخية.
ونجح البرنامج حتى الآن، في دعم 23 مشروعاً بقيمة تقارب 10.5 مليون يورو، واستعرض المعرض صوراً لنساء معماريات وعالمات آثار أفغانيات يعملن على إعادة رسم مخططات المواقع، وذلك ضمن جهود التوثيق والحفظ.

وتستمر أعمال «أسبوع الترميم الدولي» حتى الأحد المقبل، من خلال ورش العمل، واللقاءات المستمرة بين العاملين في القطاع، لتسليط الضوء على أهمية الترميم بصفته عملية متكاملة تسهم في الحفاظ على المواقع التراثية والهوية التاريخية، إلى جانب تنميتها بأسلوب مستدام يتوافق مع الاحتياجات المعاصرة.
من جانبها أكدت «هيئة التراث» أن «أسبوع الترميم الدولي» يُمثل منصة متخصصة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الجهات المعنية بترميم التراث العمراني، كما يعكس التزام السعودية بتطوير معايير الترميم بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ويعزز من مكانتها في مجال الحفاظ على التراث الثقافي.




