«قمر الحصاد» العملاق يطلّ متأخراً هذا العام للمرة الأولى منذ 1987

ظاهرة فلكية نادرة... و«ناسا» تُفسّر وهم حجمه عند الأفق

وهم بصري يجعل القمر أكبر حجماً (رويترز)
وهم بصري يجعل القمر أكبر حجماً (رويترز)
TT

«قمر الحصاد» العملاق يطلّ متأخراً هذا العام للمرة الأولى منذ 1987

وهم بصري يجعل القمر أكبر حجماً (رويترز)
وهم بصري يجعل القمر أكبر حجماً (رويترز)

سيكون القمر البدر لشهر أكتوبر (تشرين الأول) هو الأكبر والأكثر سطوعاً لهذا العام، ويمثّل أول «قمر عملاق» منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ووفق «الإندبندنت»، سيكتمل القمر البدر، الثلاثاء، 7 أكتوبر في تمام الساعة 4:48 صباحاً بتوقيت بريطانيا الصيفي (11:48 مساء بتوقيت شرق أميركا الصيفي في 6 أكتوبر)، وسيحمل أيضاً صفة أخرى غير عادية، وهي لقب «قمر الحصاد».

يأتي اسم «قمر الحصاد» من التقاليد الزراعية في نصف الكرة الشمالي، ويشير إلى القمر البدر الأقرب إلى الاعتدال الخريفي.

يحدث الاعتدال الخريفي في 22 أو 23 سبتمبر (أيلول) من كلّ عام، عندما تعبر الشمس جنوباً فوق خطّ الاستواء السماوي.

عادةً ما يظهر القمر البدر الأقرب لهذا التاريخ في شهر سبتمبر. وكان المزارعون يعتمدون تقليدياً على ضوئه خلال موسم الحصاد قبل ظهور الإضاءة الاصطناعية.

هذا العام، سيكون أحدث موعد لظهور «قمر الحصاد» منذ عام 1987، عندما وقع اكتمال القمر أيضاً في 7 أكتوبر. كما سيكون أول قمر عملاق منذ 11 شهراً، مما يجعله أكثر وضوحاً في سماء الليل للمراقبين العاديين.

صِيغ مصطلح «القمر العملاق» للمرة الأولى عام 1979، وهو يشير إلى أي قمر جديد أو قمر بدر يحدث عندما يكون القمر في حدود 90 في المائة من أقرب نقطة له من الأرض، والمعروفة باسم «نقطة الحضيض».

ظاهرة فلكية تخطف أنظار المراقبين (رويترز)

ستجعل ظاهرة تُسمّى «وهم القمر» القمر العملاق يبدو أكبر حجماً عندما يكون قريباً من الأفق؛ إذ يفترض بعض العلماء أنّ الحجم النسبي للأشياء مثل الأشجار والمباني في المسافة قد يخدع العين لتظن أنّ القمر أكبر من المعتاد.

وقالت وكالة «ناسا» في تدوينة: «تثبت الصور الفوتوغرافية أنّ عرض القمر هو نفسه بالقرب من الأفق، كما هو عندما يكون مرتفعاً في السماء، ولكن هذا ليس ما ندركه بأعيننا».

وأضافت: «ومن ثم، فهو وهم متجذّر في طريقة معالجة أدمغتنا للمعلومات البصرية. رغم أننا كنا نراقبه لآلاف السنوات، فإنه لا يزال يُفتَقر إلى التفسير العلمي المقنع للسبب الدقيق وراء رؤيتنا له بهذا الشكل».

كما ستُصنَّف الأقمار البدر في نوفمبر وديسمبر (كانون الأول) على أنها أقمار عملاقة، مما يوفّر فرصة رائعة لمراقبي السماء لرؤية هذه الظاهرة الفلكية الفريدة.

سيتزامن اكتمال القمر التالي مع مشهد سماوي آخر في المملكة المتحدة؛ إذ سيحدث في يوم «غاي فوكس».

إذا ظلّت السماء صافية، سيظهر القمر البدر في 5 نوفمبر، والمعروف أيضاً باسم «قمر القندس»، إلى جانب عروض الألعاب النارية في جميع أنحاء البلاد.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... رواد فضاء صينيون ينجحون في شواء اللحوم بالفضاء

يوميات الشرق رائد الفضاء وو في وصف أجنحة الدجاج المطبوخة حديثاً بأنها «ذات اللون والرائحة والنكهة المثالية» (يوتيوب)

للمرة الأولى... رواد فضاء صينيون ينجحون في شواء اللحوم بالفضاء

نجح رواد الفضاء على متن محطة تيانغونغ الفضائية الصينية في شواء أجنحة دجاج وشرائح لحم في بيئة انعدام الجاذبية لأول مرة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا  صورة ملتقطة في 29 أكتوبر 2025 بكيب كانافيرال في الولايات المتحدة تظهر انطلاق صاروخ فالكون 9 التابع لشركة «سبيس إكس» الذي يحمل أقماراً اصطناعية من سلسلة ستارلينك (د.ب.أ)

شركات تكنولوجيا تراهن على إنشاء مراكز بيانات في الفضاء

تهدف شركات تكنولوجيا عملاقة وأخرى ناشئة إلى وضع خوادم وإنشاء مراكز بيانات بالفضاء وترى في ذلك حلاً لقيود إمدادات الطاقة الحالية

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق كيم كارداشيان تلتقط صوراً عند وصولها إلى العرض الأول للمسلسل التلفزيوني (أ.ب)

بعد تبنّي كيم كارداشيان نظرية المؤامرة... «ناسا» ترد: ذهبنا للقمر 6 مرات

في حلقة جديدة من مسلسل «ذا كارداشيانز» العائلي الطويل قالت نجمة المسلسل إنها تعتقد أن هبوط رائدَي الفضاء نيل أرمسترونغ وباز ألدرين على سطح القمر كان خيالاً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم رواد الفضاء الصينيون طاقم مهمة «شنتشو-21» (أ.ف.ب)

الصين ترسل أصغر رائد فضاء في تاريخها وفئران إلى محطة تيانغونغ

من المقرر أن يتوجه 3 رواد فضاء صينيين، من بينهم أصغر رائد فضاء في تاريخ البلاد، إلى محطة تيانغونغ، الجمعة، في ظل سعي الصين لإرسال بشر إلى القمر بحلول 2030.

«الشرق الأوسط» (جيوتشيوان (الصين))
علوم وكالة الفضاء الصينية للرحلات المأهولة تستعد لإطلاق مهمة «شنتشو-21» الجمعة المقبل (إ.ب.أ)

أصغر رائد فضاء وأربعة فئران ضمن طاقم الرحلة الفضائية الصينية المقبلة

يضم الطاقم المقبل لمحطة تيانغونغ الفضائية الصينية في عداده أصغر رائد فضاء في تاريخ الصين، إلى جانب أربعة فئران، على ما أعلنت السلطات المحلية الخميس.

«الشرق الأوسط» (جيوتشيوان (الصين))

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها
TT

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها

لفت المسلسل السعودي «الضارية» الأنظار بعد انطلاق حلقاته محققاً نسبة مشاهدات عالية وسط اهتمام بلغته البصرية الجريئة، واهتمامه بعالم التهريب والولاءات المُتبدّلة الجديد على الدراما السعودية.

ويقوم الممثل تركي اليوسف ببطولة العمل عبر شخصية تمثل عودة لأدوار الشر التي تميز بها، وعن ذلك يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها، بل تدع الجمهور يكتشفها. وفي (الضارية) مثلاً، الشرّ ليس حالة عدوانية، بل طريقة للبقاء. حاولتُ أن أقدّم القسوة بلا افتعال، وأترك مساحة للصدق أكثر من الأداء».

ودافع اليوسف عن كثرة ظهوره في أدوار الشر، عادّاً انجذابه للأدوار القاسية «لا يعني التكرار؛ فالدور (شخصية عباس) جذبني لأنه يتيح مساحة للغوص في عقل شخصية تعرف الخطر بوصفه جزءاً من يومها».

ويرى الفنان السعودي أن أدوار الشرّ تمنحه «فرصة للتعبير عن جوانب إنسانية عميقة»، موضحاً أن اختياره شخصية عباس في «الضارية» جاء بسبب «صدق النصّ، وعمق الشخصية».


المتحف المصري الكبير يفيض بالزائرين... ويوقف بيع تذاكره

البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

المتحف المصري الكبير يفيض بالزائرين... ويوقف بيع تذاكره

البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أعلنت وزارة السياحة والآثار تنظيماً جديداً لدخول المتحف المصري الكبير وحجز التذاكر بعد الإقبال الكبير الذي شهده المتحف من الزائرين، الجمعة، والذي تجاوز سعته التشغيلية القصوى.

وأصدرت الوزارة بياناً، الجمعة، قالت فيه إنه «في ضوء الإقبال الكبير من الزائرين على المتحف المصري الكبير، ووصول أعداد الزيارة، الجمعة الموافق 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، إلى أكثر من السعة التشغيلية الكاملة المقررة للمتحف، مما استدعى إيقاف بيع التذاكر لليوم، قررت إدارة المتحف قصر حجز وشراء تذاكر الزيارة ليوم السبت 8 نوفمبر، وأيام العطلات الرسمية ونهايات الأسبوع (الجمعة والسبت) على الموقع الإلكتروني الرسمي للمتحف فقط».

وأضاف البيان أنه سيتم وقف عمليات حجز وبيع التذاكر من شبابيك التذاكر بالمتحف خلال هذه الأيام المحددة، على أن تستمر كالمعتاد في باقي أيام الأسبوع عبر الموقع الإلكتروني وشبابيك التذاكر معاً طبقاً للطاقة الاستيعابية للمتحف.

ويأتي هذا الإجراء «ضمن خطة تنظيم عملية الدخول لضمان تجربة زيارة متميزة وآمنة للزائرين، بما يتماشى مع الطاقة الاستيعابية للمتحف، ويسهم في رفع كفاءة الخدمات المقدمة»، وفق البيان. مع التأكيد على أن «جميع الحجوزات المؤكدة مسبقاً عبر القنوات الرسمية سارية كما هي، وسيتم استقبال حامليها في مواعيدهم المحددة دون أي تغيير».

إقبال كثيف على زيارة المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

وأشادت إدارة المتحف بالحماس والإقبال الكبير الذي يعكس المكانة المرموقة للمتحف المصري الكبير كأحد أهم الصروح الثقافية والحضارية في العالم.

ومن قلب الزخم الكبير الذي شهده المتحف ومحيطه، يؤكد أستاذ الآثار اليونانية والرومانية بجامعة القاهرة، الدكتور خالد غريب، أن «المشهد كان مفرحاً على مستوى الوعي والإقبال الكبير على المتحف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن الأمر يحتاج إعادة تنظيم؛ فالعدد الرهيب الذي دخل اليوم إلى المتحف يجعل حتمياً التفكير في تخصيص بوابات دخول للمصريين وأخرى للرحلات وبوابات للأجانب، حتى يتم تنظيم الدخول بشكل معقول، خصوصاً أن اليوم كان الجمعة الأولى بعد افتتاح المتحف، وكان متوقعاً أن يشهد كل هذا الزخم؛ لأنه يوم إجازة».

وافتُتح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في احتفالية عالمية نقلتها العديد من وسائل الإعلام حول العالم، في حين فتح المتحف أبوابه للجمهور يوم 4 نوفمبر، بالتزامن مع ذكرى اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922، ويشهد المتحف للمرة الأولى عرض جميع محتويات المقبرة كاملة في مكان واحد.

ولفت غريب إلى أن «المتحف يمكنه أن يتيح الحجز على الإنترنت، وهو ما أعلنه في بيان اليوم، ليكون أول يوم حجز هو الأحد المقبل، وأتمنى أن يتم تنظيم الدخول بطريقة تحافظ على بريق المتحف وقيمته الكبيرة وصورة مصر السياحية».

المتحف المصري الكبير يشهد إقبالاً كبيراً منذ افتتاحه (وزارة السياحة والآثار)

ويضم المتحف المصري ما يزيد على مائة ألف قطعة أثرية تحكي حقباً مختلفة من التاريخ المصري القديم، في سيناريو عرض متحفي يعتمد أحدث التقنيات، وتوقعت تقديرات سابقة أعلنها وزير السياحة المصري، شريف فتحي، في تصريحات متلفزة، أن يزور المتحف يومياً نحو 15 ألف سائح، بعد الافتتاح الرسمي، بمعدل 5 ملايين سائح في السنة. في حين أكد الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، الدكتور أحمد غنيم، في تصريحات متلفزة، أن عدد زائري المتحف في اليوم الأول لفتحه للجمهور تجاوز 18 ألف زائر.

ويرى المتخصص في المصريات، الدكتور محمد حسن، أن «بيع كل تذاكر المتحف المصري الكبير ليوم الجمعة يدل على نجاح الحملة التسويقية التي قامت بها مصر للترويج للمتحف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحفل الذي أقيم لافتتاح المتحف حمل رسائل قصيرة موجزة تدل على أن مصر بلد الأمن والأمان، وقد أصابت الرسالة الهدف»، وتابع أن «اليوم يعمل المتحف بكامل طاقته، بل يستوعب أعداداً تفوق طاقته التشغيلية، وظهر من الإقبال الكبير أن الأجانب متحمسون لرؤية هذا الصرح الحضاري المميز، كما أن المصريين في حالة صحوة وشغف لمعرفة تاريخهم عن قرب».


نور بلوق لـ«الشرق الأوسط»: وثقنا النزوح من جنوب لبنان خلال الحرب الإسرائيلية

الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
TT

نور بلوق لـ«الشرق الأوسط»: وثقنا النزوح من جنوب لبنان خلال الحرب الإسرائيلية

الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)

في الفيلم الوثائقي «حكايات الأرض الجريحة» تعود الفنانة التشكيلية اللبنانية نور بلوق للوقوف أمام الكاميرا بعدسة زوجها المخرج العراقي عباس فاضل الذي وثّق حياتهما خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، فعلى مدار أكثر من ساعتين نتابع تفاصيل كثيرة من حياة الفنانة اللبنانية وطفلتها وزوجها، من بينها لحظات صعبة في خلفيتها أصوات الانفجارات، وتفاصيل النزوح من الجنوب اللبناني والعودة بعد وقف إطلاق النار.

الفيلم الذي حصد عنه فاضل جائزة أفضل مخرج في النسخة الماضية من مهرجان «لوكارنو السينمائي» وشارك في مهرجان «الجونة السينمائي»، الشهر الماضي، يواصل جولته بعدد من المهرجانات السينمائية من بينها مهرجان «باري» في إيطاليا الشهر الجاري.

تقول نور بلوق لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة الفيلم لم يكن مخططاً لها منذ البداية، لكون المشروع وُلد من قلب الحرب الإسرائيلية على لبنان، حين اضطرت العائلة للنزوح المفاجئ تحت القصف الكثيف، ولم يكن في مقدورهم سوى أخذ بعض الثياب القليلة معهم، تاركين خلفهم الكاميرات وعدّة التصوير في المنزل»، مشيرة إلى أنها بعد نحو شهر من النزوح، قررت العودة بمفردها إلى البيت رغم المخاطر الكبيرة، لتجلب الكاميرات بنفسها.

رصد الفيلم تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب (الشرق الأوسط)

شعرت الفنانة التشكيلية اللبنانية بأن عليهم توثيق ما يحدث لهم، فلم تكن تعلم ما الذي سيفعلونه، وفق قولها، واستدركت: «لكن كان ضرورياً أن نُسجّل الواقع الذي نعيشه لحظة بلحظة، وفور عودتي بالكاميرات بدأ زوجي المخرج عباس فاضل التصوير ليوثّق كل ما حولنا من تفاصيل الحرب والنزوح، لينطلق العمل الفعلي عقب إعلان وقف إطلاق النار الذي كان أشبه بالوهم مع استمرار القصف».

ترى نور بلوق أن تلك الفترة أتاحَت لهم العودة إلى منزلهم واستئناف التصوير بصورة مكثّفة، وفوجئت عندما أخبرها زوجها برغبته في تصويرها هي وابنتهما ضمن أحداث الفيلم، لكنها تقبّلت الأمر سريعاً لأنها اعتادت المشاركة معه في أعمال سابقة، لكن هذه المرة جرى التصوير بظروف شديدة القسوة والخطورة، «فالقصف لم يكن يتوقف، وكثيراً ما اضطررنا إلى التوقف فجأة والاحتماء داخل البيت خوفاً من سقوط القذائف»، على حد تعبيرها.

تستذكر الفنانة اللبنانية أجواء التصوير بالقول: «كنا نخرج للتصوير، وفجأة نسمع صوت الانفجارات قريبة جداً، فأطلب من عباس العودة إلى الداخل خشية أن يصيبنا شيء، لقد عشنا الخطر بكل تفاصيله»، مؤكدة أن التصوير بعد الحرب لم يكن أقل خطراً؛ إذ زاروا مناطق مدمّرة مليئة بالألغام والزجاج المكسور، وكانت ابنتها ترافقهما طوال الوقت، وتابعت: «كنت أراقبها وأحذرها في كل لحظة؛ لأن المكان كان لا يزال يحمل آثار الدمار والحرائق ورائحة الصواريخ».

وعن أصعب اللحظات التي عاشتها أثناء التصوير، قالت نور بلوق إنها كانت تخشى كثيراً على ابنتها، خصوصاً في المشاهد التي صُوّرت بين المقابر، موضحة أن «تلك اللقطات كانت شديدة الوقع عليها نفسياً، كانت ابنتي صغيرة ولا تدرك ما يجري حولها، ورؤيتها تسير بين القبور كانت لحظة قاسية عليّ كأم، لكنها في الوقت ذاته كانت لقطة فنية قوية تعكس التناقض بين الحياة والموت، وبين البراءة والدمار».

وثق مخرج الفيلم رحلة زوجته وطفلته الصغيرة مع الحرب (الشرق الأوسط)

وأكّدت أن «الفيلم لم يكن عملاً تلفزيونياً أو تقريراً إخبارياً، بل تجربة إنسانية حيّة»، مستطردة: «نحن لم نكن نغطي الحدث من الخارج، بل كنّا جزءاً منه، نعيشه بكل تفاصيله، المخرج أراد أن يُظهر الوجع الإنساني قبل أي شيء آخر، لا الإحصاءات ولا الأرقام، بل مشاعر الناس ومعاناتهم الحقيقية؛ لأن هذه اللغة وحدها قادرة على لمس المتفرّج».

وأشارت إلى سعي الفيلم لتقديم صورة داخلية عن الحرب، بعيدة عن النظرة الإعلامية الباردة، موضحة أن «فاضل ركّز في لقطاته على وجوه الناس وانفعالاتهم، وجعلهم يروون حكاياتهم بأنفسهم؛ لأن الكلمة الصادقة تنبع من التجربة لا من التحليل».

أما عن تركيز الفيلم على رصد تدمير البنية الثقافية والمدنية في لبنان، فأوضحت نور أن «هذا الجانب كان حاضراً بقوة في رؤية العمل؛ إذ حرصنا على إظهار أن أهداف الحرب لم تكن عسكرية فحسب، بل طالت الإنسان في جوهره، واستهدفت ذاكرته وثقافته وهويته، وأن القصف لم يميز بين بيت وآخر، فالفنانون والمكتبات والمنازل كانت جميعها في مرمى الدمار، فالحرب لم تكتفِ بتدمير الحجر، بل سعت إلى طمس الروح الثقافية التي تشكّل جوهر المجتمع اللبناني».

وعن اللحظة التي شعرت فيها أن الفيلم اكتمل، لفتت إلى أن عباس فاضل يميل عادة إلى الأفلام الطويلة؛ لذلك حاولوا جعل هذه التجربة أكثر اختصاراً، «لكن حجم المادة المصوّرة كان هائلاً، فاستقرّ الفيلم على نحو ساعتين»، وفق قولها.

وأوضحت: «كل شخصية كانت تحمل وجعها الخاص، فهناك الفنان الذي خسر أعماله، والمثقف الذي فقد مكتبته، وكل بيت في الجنوب كان يحكي قصة ألم إنساني مختلفة».

ورغم أنها ليست من الأشخاص الذين يفضّلون الظهور أمام الكاميرا، لكنها شعرت في هذا الفيلم بأن وجودها ضرورة إنسانية وفنية في آنٍ واحد، مستذكرة عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «لوكارنو» بدورته الماضية بعدما شاهدت الفيلم للمرة الأولى بالسينما في لحظة وصفتها بـ«الصعبة والعاطفية».

تقول نور: «رغم أنني عشت تلك الأحداث لحظة بلحظة، فإن رؤيتها مجدداً كانت مؤلمة؛ لأن كل مشهد يعيد إليك الرعب والحنين معاً»، معتبرة أن فكرة الهجرة من لبنان لم تكن مطروحة بالنسبة لهما رغم امتلاك زوجها جنسية فرنسية، مضيفة: «النزوح الداخلي كان أهون من الهجرة؛ لأنك تبقى قريباً من أهلك وبيتك، أما البعد في الخارج فهو أشد قسوة، فقد جربت الغربة من قبل وعرفت كم هي مؤلمة؛ لذلك اخترنا أن نبقى في لبنان مهما كان الثمن».