«الناجي الوحيد»... قصص «محظوظين» في الكوارث الطبيعية وحوادث الطائرات

حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية أودى بحياة أكثر من 240 شخصاً (رويترز)
حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية أودى بحياة أكثر من 240 شخصاً (رويترز)
TT

«الناجي الوحيد»... قصص «محظوظين» في الكوارث الطبيعية وحوادث الطائرات

حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية أودى بحياة أكثر من 240 شخصاً (رويترز)
حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية أودى بحياة أكثر من 240 شخصاً (رويترز)

لقي أكثر من ألف شخص حتفهم في انهيار أرضي دمر قرية بأكملها في منطقة جبل مرة في إقليم دارفور بالسودان، ولم ينجُ سوى شخص واحد.

ووقع الانهيار الأرضي يوم الأحد في منطقة ترسين إثر هطول أمطار غزيرة على مدى أسبوع.

وهذه ليست المرة الأولى التي ينجو فيها فرد واحد فقط من كارثة طبيعية أو حادثة مميتة؛ إذ إن ثمة أشخاصاً محظوظين يظلون على قيد الحياة رغم وفاة كل من حولهم.

منطقة تضررت بعد انهيار أرضي دمر قرية ترسين في منطقة جبل مرة بالسودان (رويترز)

حادثة الطائرة الهندية

عند التحدث عن نجاة شخص واحد فقط من هذه الكارثة الطبيعية في السودان، لا يمكننا سوى التفكير مباشرة بحادثة الطائرة الهندية التي وقعت في يونيو (حزيران)، والتي نجا منها راكب واحد فقط.

والراكب الوحيد الذي نجا من حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية، الذي أودى بحياة أكثر من 240 شخصاً، وجد نفسه بالقرب من حطام الطائرة بعد أن قُذف منها، فسار إلى سيارة إسعاف قريبة لتلقي الإسعافات الأولية.

وحدّد طبيب في مستشفى أحمد آباد المدني هوية الرجل بأنه فيسواش كومار راميش.

قالت الشرطة إن راميش كان يجلس قرب مخرج طوارئ في الطائرة المتجهة إلى لندن، وتمكن من القفز منه، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز».

وراميش هو الوحيد بين أكثر من 240 شخصاً لقوا حتفهم في حادث تحطم الطائرة التي كانت تنقل 242 شخصاً بمدينة أحمد آباد الهندية. وتشمل حصيلة القتلى الضحايا من ركاب الطائرة، ومن سكان مبنى سقطت عليه الطائرة.

قال راميش، الذي كان يحمل تذكرة صعوده إلى الطائرة في المستشفى، لصحيفة «هندوستان تايمز» المحلية، إنه رأى جثثاً وأجزاء من الطائرة متناثرة في موقع التحطم. وأضاف: «عندما أفقت، كانت هناك جثث حولي. كنت خائفاً. وقفت وركضت. أمسك بي أحدهم ووضعني في سيارة إسعاف ونقلني إلى المستشفى».

وأفاد الرجل، البالغ من العمر 40 عاماً، بأنه مواطن بريطاني وكان مسافراً إلى بريطانيا مع شقيقه أجاي بعد زيارة عائلته في الهند. وأظهرت صورة التذكرة أنه كان يجلس في المقعد «إيه 11» في الطائرة المتجهة إلى مطار جاتويك. وأوضح لصحيفة «هندوستان تايمز» أن شقيقه كان يجلس في صفّ مختلف في الطائرة.

الناجي الوحيد من حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية يتحدث من سريره في المستشفى بأحمد آباد (رويترز)

حادثة الطائرة الفيتنامية

استقلت الخبيرة المالية الهولندية أنيت هيرفكنز رحلة الخطوط الجوية الفيتنامية رقم 474 في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1992، متوجهةً إلى ما كان من المفترض أن يكون استراحة رومانسية مع شريكها ويليم فان دير باس، لكن القدر غير خططتهما، بحسب «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي).

ففي منتصف الرحلة من مدينة هو تشي منه إلى منتجع نها ترانج الساحلي، واجهت طائرة ياكوفليف ياك-40 السوفياتية الصنع ظروفاً جوية قاسية، واصطدمت بسلسلة جبال نائية يلفها الضباب في غابة فيتنامية كثيفة. كان الاصطدام كارثياً، حيث أودى بحياة جميع الركاب وأفراد الطاقم الثلاثين الآخرين على متنها، بمن فيهم ويليم. والمثير للدهشة أن أنيت خرجت الناجية الوحيدة من الحادث، متحديةً الصعاب في واحدة من أروع قصص التحمل الواقعية.

أُلقيت من بين الأنقاض بإصابات بالغة - بما في ذلك كسر في الفك، وفي ساقيها، وعشرات الكسور في وركيها - فوجدت نفسها عالقة وسط المعدن الملتوي وأجساد رفاقها المسافرين. عاجزة عن المشي أو حتى الزحف بعيداً، صمدت ثمانية أيام شاقة في البرية القاسية، تُصارع ألماً مبرحاً، وجفافاً، وعذاباً نفسياً. من دون طعام، اعتمدت على مياه الأمطار التي جمعتها من أوراق الغابة للنجاة.

حادثة طائرة ديترويت

كانت سيسيليا كروكر - التي كانت تُعرف باسم سيسيليا سيشان وقت الحادث - على متن رحلة نورث ويست إيرلاينز رقم 255 عندما تحطمت في ضاحية رومولوس بديترويت الأميركية، مما أسفر عن مقتل 154 شخصاً كانوا على متنها، بمن فيهم والداها وشقيقها. كما لقي شخصان حتفهما على الأرض.

كانت الطائرة المتجهة إلى فينيكس تُخلي المدرج عندما انحرفت، فاصطدم جناحها الأيسر بعمود إنارة قبل أن يُقتلع سقف مبنى لتأجير السيارات.

قال رجل الإطفاء جون ثيدي، أحد أوائل المستجيبين الذين وصلوا إلى موقع الحادث، إن سيسيليا، البالغة من العمر أربع سنوات آنذاك، كانت لا تزال مربوطة في مقعدها بالطائرة عندما عُثر عليها.

أفاد ثيدي لشبكة «سي بي إس نيوز»: «كان هناك مقعد مقلوب، فحركنا الكرسي وتحققنا من أسفله. عندما نظرنا، كانت يد تخرج من الكرسي الذي كانت تجلس عليه».

عاشت عائلة كروكر في تيمبي، أريزونا، ولكن بعد الحادث، نشأت في ألاباما على يد أقاربها الذين حجبوها عن وسائل الإعلام.

في فيلم وثائقي عام 2013، قالت سيسيليا إنها تفكر في الحادث كل يوم، وإن لديها ندوباً على ذراعيها وساقيها وجبينها.

تصادم قطار تيمبي في اليونان

بعد أكثر من عامين من حادث تصادم قطار تيمبي المأساوي، عاد جيراسيموس ياسوناس، الناجي الوحيد من العربة الأمامية لقطار الركاب المنكوب، إلى اليونان.

قبع الشاب البالغ من العمر 22 عاماً في غيبوبة عميقة منذ 28 فبراير (شباط) 2023، عندما سقط من القطار إثر اصطدامه بقطار بضائع في وسط اليونان. وقد لقي 57 شخصاً - معظمهم طلاب شباب - حتفهم في هذه الكارثة التي لا تزال تلاحق اليونان حتى يومنا هذا.

وكان الناجي الوحيد من تيمبي لا يزال في غيبوبة عند عودته. على الرغم من الجهود الطبية المكثفة، بما في ذلك قرابة عام من العلاج في الولايات المتحدة، لم يتمكن الأطباء هناك من إعادته إلى وعيه.


مقالات ذات صلة

هونغ كونغ تشكّل «لجنة مستقلة» للتحقيق في حريق المجمع السكني

آسيا حريق المجمع السكني في هونغ كونغ (أ.ب)

هونغ كونغ تشكّل «لجنة مستقلة» للتحقيق في حريق المجمع السكني

أعلن الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ الثلاثاء إنشاء «لجنة مستقلة» برئاسة قاضٍ للتحقيق بالحريق المدمر الذي اندلع في مجمع سكني وأودى بحياة 151 شخصاً الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
آسيا إن هاك جا زعيمة كنيسة التوحيد تصل إلى المحكمة لحضور جلسة استماع لمراجعة مذكرة التوقيف الصادرة بحقها بناء على طلب المدعين الخاصين في سيول (أرشيفية - رويترز)

كوريا الجنوبية تبدأ محاكمة زعيمة دينية بتهم فساد

بدأت اليوم (الاثنين) محاكمة زعيمة «كنيسة التوحيد» في كوريا الجنوبية بتهمة تقديم رشى للسيدة الأولى السابقة بينها حقيبة يد فاخرة وقلادة ماسية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الولايات المتحدة​ عناصر من الشرطة يعملون بموقع الحادث بعد إطلاق النار على أشخاص عدة خلال تجمع عائلي في ستوكتون بكاليفورنيا (رويترز)

مقتل 4 وإصابة 10 في إطلاق نار خلال حفل عيد ميلاد بكاليفورنيا

قالت الشرطة إن 4 أشخاص لقوا حتفهم بعد إطلاق النار على 14 شخصاً خلال تجمُّع عائلي في مدينة ستوكتون بشمال كاليفورنيا، مساء أمس (السبت).

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
أوروبا أشخاص يتجولون في محطة كولونيا المركزية للقطارات بألمانيا (د.ب.أ)

إصابة رجلين بجروح خطيرة في حادث إطلاق نار بألمانيا

أصيب رجلان بجروح خطيرة في حادث إطلاق نار بمدينة كولونيا الألمانية، حسبما أعلنت الشرطة والادعاء العام في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا أحد حوادث الطرق السريعة في مصر (أ.ف.ب)

حادث سير ينهي حياة أسرة كاملة في مصر

لقي 5 أشخاص من أسرة واحدة حتفهم إثر وقوع حادث انقلاب سيارة ملاكي بالطريق الدولي الساحلي بنطاق مركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.