«المتحف الزراعي» يروي ذاكرة الأرض والفلاحين في مصر

استعدادات لافتتاحه بعد تطويره بمشاركة «اليونيسكو»

جدران تعرض لتاريخ سلالات الغزال في مصر (الشرق الأوسط)
جدران تعرض لتاريخ سلالات الغزال في مصر (الشرق الأوسط)
TT

«المتحف الزراعي» يروي ذاكرة الأرض والفلاحين في مصر

جدران تعرض لتاريخ سلالات الغزال في مصر (الشرق الأوسط)
جدران تعرض لتاريخ سلالات الغزال في مصر (الشرق الأوسط)

لا تكفي زيارة عابرة لاكتشاف «المتحف الزراعي» في مصر، فالمتحف الذي افتُتح أمام الجمهور أخيراً بعد سنوات من تطويره، يحتاج لساعات من التجوّل بين مقتنياته التي تتوزع بين 8 مبانٍ فارهة على امتداد نحو 30 فدان، تضم جوانب متعددة من تاريخ الزراعة المصرية وتراثها الحي.

صناعة الزجاج من بين الحرف التقليدية التي يبرزها المتحف (الشرق الأوسط)

وكانت وزارة الزراعة في مصر قد أعلنت عن بدء التشغيل التجريبي للمتحف الزراعي، بعد الانتهاء من أعمال التطوير والتجديد التي استمرت لسنوات، ويعدّ هذا الافتتاح «جزءاً من استراتيجية الوزارة لإحياء التراث الزراعي المصري وتعزيز الثقافة الزراعية لدى الأجيال الجديدة»، حسب تصريحات علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي. شاركت في أعمال تطوير المتحف جهات محلية ودولية، بما في ذلك منظمة «اليونسكو»، وشملت ترميم القاعات، وتحديث أساليب العرض.

جانب من المتحف الزراعي في مصر (الشرق الأوسط)

المقتنيات التراثية

يبدأ الزُوار وجهتهم من «متحف المقتنيات التراثية» الذي يعدّ أول محطات زيارة «المتحف الزراعي»، ويتزيّن بعشرات من الأعمال والتماثيل التي تحمل ملامح من الحياة الزراعية في مصر ببصمة كبار الفنانين في مصر. منها تمثال في بهو القصر لطفلتين قرويتين، مصنوع من الطين المحروق للنحّات الراحل حسن حشمت، وتمثالان آخران لفلاح يحمل فأساً، وفلاحة تحمل جرة مصنوعين من خامة الجص، في استقبال مشهدي ينقل الزائر إلى عالم يمزج يوميات الحرث بمعالم نحتية بارعة.

المتحف يفتح أبوابه للجمهور بعد إغلاقه للتطوير (الشرق الأوسط)

وحسب المُرشدة المتحفية سلمى أشرف، فإن متحف المقتنيات التراثية «هو أول ما يستقبل زائر المتحف من بوابته الرئيسية، وهو في الأصل قصر أثري وبيت الضيافة المُخصص للأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل، ومقتنيات القصر من سجاد وأثاث عريق ينتمي للقصر يعود للقرن التاسع عشر، فيما التماثيل والأعمال الفنية المعروضة به هي إهداء عبر سنوات من فنانين للمتحف منذ بدايات تأسيسه عام 1930»، كما تقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط».

جانب من حدائق المتحف الزراعي في مصر (الشرق الأوسط)

وتضيف: «كل قطعة في المتحف تحمل رؤية فنية مغايرة لعالم الزراعة والأرض»، ويمكن مشاهدة تمثال يعود للنحّات العالمي محمود مختار بعنوان «حاملة الماء» الذي يُصوّر فلاحة تحمل جرّة من الماء فوق رأسها، وتمثال من الجص يُصوّر نوبيّاً يحمل سلة من البلح، وهي تماثيل تُجاور مقتنيات أثرية لقصر الأميرة فاطمة إسماعيل، منها سجاد نادر لخريطة قديمة للمملكة العربية السعودية، من إنتاج «معهد السجاد بالمدينة المنورة».

أنواع القمح وتوزيع زراعته في المحافظات المصرية (الشرق الأوسط)

«متحف المجموعات العلمية»

وتُعد معروضات مبنى «متحف المجموعات العلمية» من أكثر الوجهات جذباً للزوار الراغبين في التقاط الصور التذكارية، إذ يضم عشرات المُجسمات التي تحاكي تفاصيل الحياة الزراعية والريفية، فتبدو كأنها مشاهد تمثيلية صامتة للحرف التقليدية. تبدأ الجولة بمشاهد لصانعي السلال والزجاج والفخار، وصولاً إلى المقاهي القديمة في القرية، حيث تستقبل هذه اللوحات الزائرين في بهو المتحف، قبل أن ينتقلوا إلى أركان أخرى، يحمل كل منها عنواناً خاصاً بمعروضاته.

جانب من تماثيل الفلاحين في المتحف (الشرق الأوسط)

وتتوزع هذه الأركان بين أقسام متخصصة في علوم الأحياء الدقيقة، تعرض تاريخ الأوبئة التي تصيب الإنسان والحيوان والنبات، وتوضح المرشدة المتحفية سلمى أشرف أن ما يميز هذا المبنى هو «التنوع الواسع في العرض الذي يمثل مجتمع الحيوانات والطيور والزواحف على اختلاف سلالاتها عبر التاريخ، بما في ذلك الأنواع المنقرضة، إلى جانب مجتمع النباتات والامتداد التاريخي للزراعة المصرية منذ بداياتها في العصور الفرعونية حتى نهاية عصر الأسرات».

مجسمات تحاكي سلالات مختلفة من الدجاج (الشرق الأوسط)

وتضيف: «هناك أيضاً عرض بصري لافت لسلالات الزراعة كالقمح والشعير والقطن في عصورها الذهبية، من العصر اليوناني والعصر الإسلامي، مع خرائط كبيرة توضح كثافتها الجغرافية، وربطها بمحطات تاريخية، منها فرمانات محمد علي وقوانين الإصلاح الزراعي في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكذلك نماذج لآلات زراعية تاريخية مثل المجرش أو آلة طحن الحبوب، التي يعود تاريخها لآلاف السنوات».

محاكاة لحرفة صناعة السلال في أحد أركان المتحف (الشرق الأوسط)

ويتيح التجوّل بين مباني المتحف الزراعي المختلفة، الذي كان يطلق عليه في البداية متحف فؤاد الأول الزراعي، لزواره التجوّل بين حدائق واسعة على الطراز الفرعوني، تضم أشجاراً ونباتات نادرة تتوسطها تماثيل متفرقة تحاكي عالم الأرض والمزارعين.


مقالات ذات صلة

توجيه اتهامات إلى شخص رابع يُشتبه في مشاركته بسرقة متحف اللوفر

أوروبا جنود فرنسيون يقومون بدورية أمام متحف اللوفر (أ.ب) play-circle

توجيه اتهامات إلى شخص رابع يُشتبه في مشاركته بسرقة متحف اللوفر

وُجهت اتهامات في قضية سرقة متحف اللوفر إلى شخص رابع يُشتبه في مشاركته بعملية السطو، ومثُل أمام قاضٍ في باريس، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق استضاف حفل الافتتاح نخبة من جامعي الأعمال الفنية وخبراء الفن من مختلف أنحاء العالم (متاحف قطر)

إطلاق متحف الفنان الهندي مقبول فدا حسين في الدوحة

افتتح في الدوحة، أمس، «لوح وقلم: متحف مقبول فدا حسين»، وهو معلم ثقافي فريد يُخلّد الإرث الإبداعي لأحد أبرز أعمدة الفن الحديث في العالم، مقبول فدا حسين. …

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق المتحف المصري بالتحرير (صفحة المتحف على «فيسبوك»)

مصر لتطوير «متحف التحرير» ليعكس «روح الحضارة»

تسعى مصر لتطوير متحفها الأقدم «المتحف المصري بميدان التحرير»، لتعزيز دوره باعتباره أحد أهم المتاحف العالمية، ورمزاً لتاريخ الفن المصري القديم.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا أفراد من الشرطة الفرنسية يقفون بجوار مصعد استخدمه اللصوص لدخول متحف اللوفر على رصيف فرنسوا ميتران في باريس... 19 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

الادعاء الفرنسي يوقف 4 أشخاص على صلة بسرقة متحف اللوفر

أوقفت السلطات الفرنسية، الثلاثاء، 4 أشخاص آخرين، على خلفية التحقيق بشأن سرقة مجوهرات من التاج الملكي الفرنسي من متحف اللوفر الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تطوير العرض المتحفي لـ«قاعة الخبيئة» بمتحف الأقصر للفن المصري القديم (وزارة السياحة والآثار)

مصر لتطوير سيناريو العرض المتحفي لـ«خبيئة الأقصر»

تسعى مصر لإبراز «خبيئة الأقصر» في متحف الأقصر للفن المصري القديم؛ إذ أعلن المجلس الأعلى للآثار مواصلة أعمال تطوير سيناريو العرض المتحفي لها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.


أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
TT

أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)

طوّر فريقٌ بحثي دولي، بقيادة جامعة تكساس الأميركية، أداةً مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُساعد المبرمجين من ضعاف البصر على إنشاء النماذج ثلاثية الأبعاد وتحريرها والتحقق منها بشكل مستقل.

وأوضح الباحثون أن هذه الدراسة تفتح الباب أمام إتاحة أدوات الإبداع التكنولوجي للأشخاص ضعاف البصر، وهو مجال لا يزال محدوداً جدّاً حتى الآن. وقد قُدّمت النتائج، الخميس، خلال مؤتمر «ASSETS 2025» الدولي للحوسبة في دنفر بالولايات المتحدة.

ويعاني المبرمجون ضعاف البصر تحديات كبيرة في العمل على الأكواد والنماذج الرقمية، إذ تعتمد أدوات برمجة تقليدية عدّة على الرؤية المباشرة للشاشات والنماذج ثلاثية الأبعاد.

ووفقاً للفريق، فإن نحو 1.7 في المائة من المبرمجين يعانون ضعف البصر، ويستخدمون أدوات مثل قارئات الشاشة وشاشات برايل التي تتيح لهم قراءة الأكواد بطريقة «برايل».

وجاء اهتمام الفريق في تطوير الأداة بعد ملاحظتهم التحديات التي واجهها زميلهم الكفيف أثناء دراسة النمذجة ثلاثية الأبعاد، إذ كان يحتاج دائماً إلى مساعدة الآخرين للتحقّق من عمله.

وتحمل الأداة المبتكرة اسم «A11yShape»، وتهدف إلى تمكين ضعاف البصر من تحرير النماذج والتحقّق منها دون الحاجة إلى مساعدة أشخاص مبصرين، ما يفتح أمامهم فرصاً أوسع للمشاركة في المشروعات التقنية والإبداعية بشكل مستقل.

وتعتمد الأداة على التقاط صور رقمية متعددة الزوايا للنماذج التي يُنشئها المبرمجون في محرر الأكواد «OpenSCAD»، ومن ثمَّ يستخدم النظام نموذجَ الذكاء الاصطناعي «GPT-4o» لتحويل الأكواد والصور إلى وصفٍ نصّي دقيق يمكن للمستخدم فهمه بسهولة.

كما تقوم الأداة بمزامنة التغييرات بين الكود والوصف والنموذج ثلاثي الأبعاد، وتوفّر مساعداً ذكياً شبيهاً بـ«روبوت دردشة» للإجابة عن أسئلة المستخدم المتعلّقة بالتصميم والتحرير.

وبذلك تتيح الأداة للمبرمجين من ضعاف البصر العملَ بشكل مستقل على تصميم النماذج ثلاثية الأبعاد من دون الحاجة إلى مساعدة شخص مبصر، ما يُعزّز فرصهم في الإبداع والمشاركة الفعلية في المشروعات التقنية.

واختبر الباحثون الأداة مع 4 مبرمجين من ضعاف البصر، وتمكّنوا بفضلها من إنشاء وتعديل نماذج ثلاثية الأبعاد لروبوتات وصواريخ وطائرات هليكوبتر بشكل مستقل.

وقال الدكتور ليانغ هي، الأستاذ المساعد في علوم الحاسوب بجامعة تكساس والباحث الرئيسي في الدراسة: «هذه خطوة أولى نحو تمكين الأشخاص ضعيفي البصر من الوصول إلى أدوات الإبداع، بما في ذلك النمذجة ثلاثية الأبعاد».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن فريقه سيواصل تطوير الأدوات لدعم المبرمجين ضعيفي البصر في مهام إبداعية أخرى، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وتصميم الدوائر الإلكترونية، بهدف تمكينهم من العمل بشكل مستقل في هذه المجالات.


الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
TT

الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)

أكد الدكتور عبد اللطيف الواصل، رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، أنّ المرحلة الراهنة تتطلَّب استعادة دور الفلسفة في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتقدَّم فيه المادية، لتُعيد طرح الأسئلة الكبرى، وتُقدّم قراءة أعمق للتحوّلات التي يشهدها العالم.

وتابع الواصل، خلال افتتاح أعمال «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025» في نسخته الخامسة، أنّ الرياض باحتضانها هذا الحدث المعرفي تُرسّخ مكانتها فضاءً حيّاً يتقاطع فيه عمق الفكرة مع حيوية التجديد، وتمنح الفكر موقعاً فاعلاً في صياغة الرؤى والأسئلة المعاصرة.

يشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً عالمياً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين (هيئة الأدب)

وتتواصل، منذ الخميس، نقاشات غنيّة ضمن أعمال المؤتمر الذي تُنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في مكتبة الملك فهد الوطنية، تحت عنوان «الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة».

ويشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين من مختلف دول العالم، يمثّلون مدارس فلسفية متعددة، مما يمنح البرنامج تنوّعاً معرفياً يُعزّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات.

نقاشات مُعمَّقة ضمن ورشات العمل المُصاحبة للمؤتمر (هيئة الأدب)

وتشهد الفعالية أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية، وطرائق التفكير، ومسارات التأثير المتبادل بين المدارس الفكرية، إلى جانب مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني، والتحوّلات الثقافية، ودور الفلسفة في قراءة الواقع.

هذا الزخم العلمي يمنح الباحثين والمهتمّين رؤى متنوّعة ومقاربات موسَّعة، تُعمّق النقاشات الفلسفية وتُطوّر فهماً أوسع للأسئلة الكبرى في الفكر الإنساني.

مؤتمر الرياض عزَّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات (هيئة الأدب)

الروابط المشتركة بين الشرق والغرب

وأشار الواصل إلى أنّ اختيار عنوان المؤتمر يعكس حقيقة أنّ الفلسفة لم تُولد من الجغرافيا بقدر ما تشكّلت من السؤال. وأضاف أن تناول ثنائية الشرق والغرب ليس هدفه تكريس الانقسام، بل إبراز الروابط المشتركة بين التجارب الفكرية وما يجمعها من ميراث إنساني قائم على البحث عن المعنى وصناعة الوعي.

وأوضح أنّ انعقاد المؤتمر في نسخته الخامسة هو امتداد لمشروع فكري انطلق قبل 5 أعوام، وتحوَّل إلى مبادرة راسخة تُعزّز حضور الفلسفة وتُثري حوار الثقافات، وتُرسّخ موقع المملكة منصةً عالميةً في مجالات الإنتاج المعرفي وصناعة الفكر.

وأوضح الواصل أنّ المؤتمر بات اليوم مشروعاً يتنامى أثره عاماً بعد عام، ويتّسع حضوره محلّياً ودولياً، بما يعكس الثقة التي اكتسبها ودوره في دعم الحوارات الفلسفية بين الشرق والغرب.

يشهد المؤتمر أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية (هيئة الأدب)

وأكّد أنّ الحاجة المتزايدة لاستعادة دور الفلسفة تنبع من واقع عالمي سريع التحوّل، تتقاطع فيه الأزمات والأسئلة الوجودية. وترى الرياض في هذا الحدث مساحة تتفاعل فيها الفكرة العميقة مع التجديد الفكري، في فضاء مفتوح يعكس المكانة المتنامية للمملكة في المشهد الفلسفي العالمي.

ويُعدّ «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة» من أبرز الفعاليات الفكرية السنوية في المنطقة، إذ يُسهم منذ انطلاقته الأولى في تعزيز التواصل الثقافي العالمي، وإعادة تقديم الفلسفات بمختلف مدارسها في سياق دولي، وترسيخ الدور السعودي في دعم الإنتاج الفكري وبناء الجسور المعرفية بين الشرق والغرب، بما يخدم مسارات التنمية الثقافية والفكرية التي تشهدها المملكة.

مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني والتحوّلات الثقافية (هيئة الأدب)

ويأتي انعقاد المؤتمر هذا العام امتداداً لمسيرته المعرفية التي بدأت قبل 5 أعوام، ليواصل دوره منصةً عالميةً تجمع المفكرين والباحثين والخبراء من مختلف دول العالم، وتُرسّخ مكانة السعودية مركزاً دولياً لإنتاج المعرفة وتعزيز الحوار بين الثقافات.