حالة من الشجن أثارها المسلسل المصري «كتالوج» الذي تعرضه منصة «نتفليكس»، لتناوله فكرة الفقد؛ حين يفقد الإنسان عزيزاً لديه وترتبك حياته على غرار بطل المسلسل «يوسف» الذي يؤدي دوره محمد فراج؛ إذ تموت زوجته - تجسد دورها ريهام عبد الغفور - بعد رحلة مع المرض؛ لتنقلب حياة طفليهما ويرتبك الزوج في رعاية ولدَيه بعدما كانت الأم تقوم بكل شيء.
وتأتي مقاطع الفيديو التي كانت تقدمها زوجته عن رعاية الأطفال لتنقذه؛ فيجد فيها «الكتالوج» الذي يعينه على فهم ولديه بمساندة شقيقه الذي يؤدي دوره الفنان خالد كمال، وشقيق زوجته الذي يجسده الممثل أحمد عصام. وشارك في بطولة المسلسل تارا عماد، وسماح أنور، وصدقي صخر، ودنيا سامي، وعدد كبير من ضيوف الشرف، وهو من تأليف أيمن وتار، وإخراج وليد الحلفاوي، وإنتاج أحمد الجنايني.
ونال المسلسل منذ بدء عرضه اهتماماً لافتاً عبر مواقع «السوشيال ميديا»؛ إذ عدّه كثير من المستخدمين مسلسلاً مؤثراً مليئاً بالمشاعر الدافئة، في حين رأى نقاد أن العمل لم يسقط في هوة الكآبة، بل أثار شجناً لكل من عاشوا تجربة الفقد، وأشاع الضحك في مواقف عديدة، وقدم رسائل غير مباشرة لأهمية دور الأب في حياة أبنائه، وضرورة تكاتف أفراد العائلة والمدرسة ليواصل الأطفال حياتهم بإيمان وثقة.

وكشف مؤلف المسلسل أيمن وتار عن تجربة حقيقية عاشها وأثرت عليه كثيراً وانتظر طويلاً حتى يستطيع أن يكتبها؛ فقد عاش نفس تجربة الفقد مثلما يقول في حواره لـ«الشرق الأوسط»: «حين تُوفيت والدتي حدث في حياتنا نفس الخلل. كانت تقوم بكل شيء، ثم فجأة مرضت وماتت لتترك لنا صدمة كبيرة. كان أبي يعتقد أن دوره أن يكد ويعمل لنعيش في مستوى جيد، ثم تفاجأ بمسؤوليته الكاملة عن أبنائه. وتُوفي أبي بعدها بسنوات، ولم أجرؤ على كتابة هذه القصة إلا بعد سنوات طويلة من رحيل أمي».
ويوضح: «أعتقد أنني لو كتبتها مباشرة بعد وفاتها لكانت الحكاية أكثر حزناً وكآبة، لكن حينما ابتعدت عن الصورة أدركت ما أردت أن أوصله للناس من خلال المسلسل، وهو أن الموت مشوار لا بد أننا جميعاً سنذهب إليه؛ لذا علينا أن نتقبل نقصان شخص من حياتنا».
واستعان المسلسل بضيوف شرف عاشوا تجربة الفقد. وعبّر الفنان محمد محمود عبد العزيز عن إحساسه بفقد والده، وحول هذا الاختيار يقول وتار: «كنت قد كتبت في السيناريو الاستعانة بضيوف شرف ليحكوا عن تجربة الفقد، لكن الاستعانة بالفنان محمد محمود عبد العزيز كانت فكرة المنتج أحمد الجنايني، وقد تواصلت مع محمد قبل التصوير، ففتح قلبه وعبّر عن إحساسه، وطلبت أن يرسل لي ما يودّ أن يقوله، وقمت فقط بإعادة صياغة لكلامه، وكان مؤثراً للغاية؛ لأنه يعبر عن مشاعره الحقيقية».
وعُرض المسلسل في 8 حلقات فقط عبر دراما متماسكة، كانت أقرب لبطولة جماعية. ويرى المؤلف أن تركيز القصة في 8 حلقات جعل المتفرج يشعر بأنه لا يوجد مشهد لا لزوم له، وجعل كل ممثل بطلاً في خطه الدرامي، ولا يدور في فلك البطل، ولعل ما أعجبه شخصياً أن المشاهدين تعلقوا بشخصيات عديدة مثل «أم هاشم» التي أدت دورها سماح أنور، و«العم حنفي» الذي أداه خالد كمال، و«جورج» الذي أداه بيومي فؤاد، مؤكداً أن الشخصيات لم تكن ستظهر على هذا النحو لولا إتقان المخرج وليد الحلفاوي والممثلين جميعاً.
وحول عمله لأول مرة مع المخرج وليد الحلفاوي يقول وتار: «هو مخرج لديه ضمير مُرعب، فأي كاتب يتمنى أن ينجح المخرج في توصيل الإحساس الموجود في السيناريو، لكن وليد ضاعف هذا الإحساس».
ويرى وتار أن «النجاح يقاس بقوة تأثير العمل»، مؤكداً أن «أغلب الجمهور كان يعلن تأثره بالمسلسل، وهذا أكثر ما يهمنا كصنّاع، وقد لمسناه بشكل صادق من خلال رسائلهم وتعليقاتهم».

لم يكتفِ الجمهور بـ8 حلقات من العمل، بل طالب بعضهم بجزء ثانٍ منه لمعرفة مصير أبطاله، ويكشف المؤلف أنه كتب قصة بها مساحة للاستمرار منذ البداية، وأن الشخصيات لها حكاية لم تكتمل، والمسلسل من المشاريع القليلة التي رأى لها استمرارية، لكن لا يعلم هل سيتم إنتاجه أو لا، وفق قوله، وإن كان أعلن أن جزءاً ثانياً منه أمر وارد.
ورغم كونه ممثلاً اشتهر بأدواره الكوميدية، فإن أيمن وتار لم يتطلع للمشاركة في المسلسل، مؤكداً: «لم أعد أحب السير وراء فكرة التمثيل»، مضيفاً: «أحب التأليف أكثر، وحتى لو ظهرت في عمل كتبته يكون ذلك إنقاذاً لموقف، مثل أن الدور صغير جداً وقد يرفضه بعض الممثلين، لكنني أوافق عليه، وقد لا يكون بمقابل مادي، لكن بطبيعتي أحب الاستيقاظ مبكراً والذهاب لمكتبي للعمل مع نفسي، وفي التمثيل لا أشعر أنني سيد قراري، بل في حالة انتظار لا تنتهي».
وكتب أيمن وتار أفلاماً عدة، من بينها: «نادي الرجال السري»، و«البعض لا يذهب للمأذون مرتين»، و«الكويسين»، و«الأبلة طم طم»، و«فضل ونعمة»، في حين يجري حالياً تصوير فيلمين من تأليفه، هما «إن غاب القط»، بطولة آسر ياسين وأسماء جلال، وإخراج سارة نوح، ويؤدي أحد الأدوار به كممثل، والثاني «صقر وكناريا» لمحمد إمام وشيكو وياسمين رئيس، وإخراج حسين المنباوي.
ويلفت وتار إلى أن لديه أعمالاً لم ينتهِ من كتابتها، لكنه اعتاد ألا يعلن عنها سوى بعد انتهائه منها تماماً وتسليمها كاملة، مشيراً إلى أن كتابة السيناريو بدأت لديه كموهبة، لكنه اتجه لتنميتها بالاطلاع ومذاكرة أي كتاب يصدر عن السيناريو بأي لغة.




