أصبحت الاضطرابات الجوية التي تواجهها الطائرات حول العالم أكثر شدة وتكراراً خلال السنوات الماضية، في ظاهرة أثارت حيرة الكثيرين.
إلا أن الخبراء يُرجعون السبب في ذلك إلى تغيرات المناخ بسبب الظروف الجوية، حسبما نقلت شبكة «بي بي سي» البريطانية.
وحذّر الخبراء من أن السفر الجوي قد يصبح أكثر اضطراباً في المستقبل، إذ يُتوقع أن تزيد التغيرات في درجات الحرارة وأنماط الرياح المتغيرة في الغلاف الجوي العلوي من تواتر وشدة الاضطرابات الجوية الشديدة.
ويقول البروفسور بول ويليامز، عالم الغلاف الجوي في جامعة ريدينغ البريطانية: «يمكننا توقع ازدياد عدد الاضطرابات الجوية الشديدة حول العالم خلال العقود القليلة المقبلة بمقدار ضعف أو ثلاثة أضعاف عددها الحالي».
متى يمكن تصنيف الاضطرابات الجوية على أنها شديدة؟
تصنف الاضطرابات الهوائية على أنها شديدة عندما تُؤثر حركات الطائرة صعوداً وهبوطاً، وهي تمر عبر هواء مضطرب، على جسمك بقوة كافية لرفعك من مقعدك إذا لم تكن ترتدي حزام الأمان.
وتشير التقديرات إلى وقوع نحو 5 آلاف حادثة اضطرابات هوائية شديدة سنوياً، من إجمالي أكثر من 35 مليون رحلة جوية تُقلع عالمياً.
وفي عام 2023، كان 40 في المائة من الإصابات الخطيرة التي لحقت بالركاب المسافرين نتيجة تعرضهم للاضطرابات الهوائية، وفقاً لتقرير السلامة السنوي الصادر عن منظمة الطيران المدني الدولي.
هل هناك مناطق أكثر تأثراً بالاضطرابات الجوية؟
يُعد المسار بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا ومنطقة البحر الكاريبي من بين المناطق المعروفة بتأثرها بالاضطرابات الهوائية.
وعلى مدار الأعوام الأربعين الماضية، منذ أن بدأت الأقمار الاصطناعية في رصد الغلاف الجوي، زادت الاضطرابات الهوائية الشديدة فوق شمال الأطلسي بنسبة 55 في المائة.
ولكن من المتوقع أن يزداد تواتر الاضطرابات الهوائية في مناطق أخرى أيضاً، وفقاً لدراسة حديثة، من بينها أجزاء من شرق آسيا، وشمال أفريقيا، وشمال المحيط الهادئ، وأميركا الشمالية، والشرق الأوسط.
التأثير غير المباشر لتغير المناخ
هناك ثلاثة أسباب رئيسية للاضطرابات الجوية: الحمل الحراري (السحب أو العواصف الرعدية)، والتضاريس الجبلية (تدفق الهواء حول المناطق الجبلية)، واضطراب الهواء الصافي (تغيرات في اتجاه الرياح أو سرعتها).
ويمكن أن يؤدي كل نوع إلى اضطرابات جوية شديدة. وغالباً ما يكون من الأسهل تجنب الحمل الحراري والتضاريس الجبلية -أما اضطراب الهواء الصافي، كما يوحي اسمه، فهو لا يُرى. وأحياناً يبدو كأنه يظهر فجأة.
ويُعد تغير المناخ عاملاً رئيسياً في زيادة اضطراب الحمل الحراري واضطراب الهواء الصافي.
وفي حين أن العلاقة بين تغير المناخ والعواصف الرعدية معقدة، إلا أن الغلاف الجوي الأكثر دفئاً يمكن أن يحمل المزيد من الرطوبة، وهذه الحرارة والرطوبة الزائدتان تتحدان لتُسببا عواصف رعدية أكثر شدة.
كيف تحمي شركات الطيران نفسها من الاضطرابات الجوية؟
لقد تحسن التنبؤ بالاضطرابات الجوية في السنوات الأخيرة، ورغم أنه ليس مثالياً، يشير البروفسور ويليامز إلى أنه يمكن حالياً التنبؤ بشكل صحيح بنحو 75 في المائة من اضطرابات الهواء الصافي.
ويقول: «قبل عشرين عاماً، كانت النسبة أقرب إلى 60 في المائة، وبفضل الأبحاث المتطورة، يرتفع هذا الرقم باستمرار».
وتحتوي الطائرات على رادار طقس يلتقط العواصف القادمة.
ويقول الطيار التجاري الكابتن ناثان ديفيز: «قبل أي رحلة، تُعِدّ معظم شركات الطيران خطة طيران تُفصّل مناطق الاضطرابات الجوية المُحتملة على طول المسار، بناءً على نماذج حاسوبية».
ولفت إلى أن هذه الخطة ليست دقيقة تماماً، لكنها تكون قيّمة إلى حد ما عند دمجها مع تقارير الطائرات الأخرى ومراقبة الحركة الجوية بمجرد بدء الرحلة.



