من شرفات القصور التراثية الموجودة على نهر النيل في مصر، يطل عدد من الفنانين ليتأملوا جمال «النهر الخالد»، وإعادة تجسيده مع مجموعة من الفنانين الشباب عبر مراسم تحمل عنوان «بلكونة النيل».
الفكرة أطلقها قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، حيث اختار أربعة فنانين اشتهروا بتكوينهم مجموعات أو جماعات فنية، ليشاركوا في احتفالية الوزارة خلال الفترة من 13 إلى 15 أغسطس (آب) بعنوان «النيل عنده كتير»، في إطار تعزيز الهوية، وترسيخ الوعي الوطني بقيمة نهر النيل في وجدان المصريين، بالتزامن مع إحياء ذكرى وفاء النيل، بوصفه أحد الرموز التراثية المرتبطة بالعطاء والاستقرار في الحضارة المصرية.
الفعالية التي ينظمها القطاع تحت عنوان «أتيليه بلكونه النيل»، تقام في شرفات مطلة على نهر النيل في كل من قطاع الفنون التشكيلية (متحف محمود خليل وحرمه) ومتحف أحمد شوقي يومي 13 و 14 أغسطس.

تستهدف الفعالية إتاحة الفرصة للفنانين التشكيليين والرسامين من مختلف الأعمار والمستويات للمشاركة في رسم المناظر الطبيعية الخلابة لنهر النيل من قلب الشرفات المطلة عليه، في تجربة تجمع بين الإبداع والتأمل في جمال النهر الخالد، وفق تصريحات للدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية.
وأوضج قانوش أن هذه الفعالية «يشارك فيها عدد من الفنانين الكبار والشباب، كما تتيح للجمهور فرصة مشاهدة الأعمال في أثناء تنفيذها والتفاعل المباشر مع الفنانين، مما يُحوِّل الشرفات الفنية إلى ورش مفتوحة تنبض بالحياة والإبداع»، وأشار إلى التنسيق مع عدد من الرموز الفنية الكبيرة للإشراف على هذا النشاط وعلى رأسهم الفنانون طاهر عبد العظيم وخالد السماحي وعبد العزيز الجندي، ومحمد حمدي، ومجموعة «اللقطة الواحدة» ومجموعة «رسم مصر» ومجموعة «ممر35»، وسيقام معرض لنتاج الورش بمركز محمود مختار الثقافي.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «تستهدف الفعاليات التركيز على النيل بوصفه مصدر إلهام للفنانين المصريين، بالإضافة إلى أنشطة مختلفة تتناول النيل عبر ندوات أو لقاءات جماهيرية تتم مباشرة على كورنيش النيل، أمام متحف أمير الشعراء أحمد شوقي».
وتابع: «مبادرة مرسم (بلكونة النيل) ستتم بمشاركة أربعة فنانين كبار عُرفوا بتأسيسهم وعملهم مع مجموعات فنية، وسيقدم كل فنان مشارك رؤيته للنيل من وجهة نظره».
«لا تهدف أنشطة أتيليه (بلكونة النيل) فقط إلى إنتاج أعمال فنية مستوحاة من جمال النيل، بل تسعى أيضاً إلى خلق حالة فنية اجتماعية تعيد ربط الفنان بالبيئة المحيطة به، وتسهم في نشر الثقافة البصرية والتذوق الجمالي لدى الجمهور العام»، حسب منظمي الفعالية.

الدكتور عبد العزيز الجندي، أستاذ الغرافيك في كلية الفنون الجميلة، ومؤسس مجموعة «اللقطة الواحدة»، يؤكد أن «هذه الورشة ستضم نحو 20 فناناً من مجموعة (اللقطة الواحدة) التي تأسست عام 2002 والتي تعتمد على اختيار مشهد واحد أو موضوع واحد وتقديمه بأساليب مختلفة».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك في هذه الفعالية مع عدد من فناني اللقطة الواحدة، استجابةً لقطاع الفنون التشكيلية ومسؤول التنشيط الثقافي أحمد فكري، فقد رأينا أن فكرة الاحتفاء بالنيل في غاية الأهمية، خصوصاً أن النيل مصدر إلهام للفنانين وله قيمة كبيرة لدى المصريين منذ قديم الزمان، حتى الإغريق واليونان رصدوه في أعمالهم».
وتابع: «في هذه الفعالية، سنعتمد على طريقة مجموعة (اللقطة الواحدة) التي تعتمد على رسم لقطة واحدة في موضوع واحد، ونلتقي كل يوم جمعة بأماكن مختلفة في القاهرة وخارجها ونقيم نحو معرضين سنوياً، لكننا في هذه المرة سنترك أنفسنا للانفعال اللحظي بالنيل عبر إطلالة من متحف أحمد شوقي».
كل فنان يستلهم المنظر مع معالجات فنية خاصة به، والبعض الآخر يمكن أن يبني لوحة مستوحاة من المشهد لكن بعيداً عن الشكل التقليدي، «على كل فنان أن يقدم عملاً بطريقته وأسلوبه»، على حد تعبير الجندي، الذي أكد أن «الانفعال اللحظي بالحالة هو الذي سيحدد ما يقدمه كل فنان».


