مهرجان «ترايبيكا» يصرُّ على عروض مستقلّة ومتنوّعة

انطلقت دورته الجديدة بسِيَر شخصية وموسيقية

بيلي جويل شاباً في «وهكذا تمضي»... (ترايبيكا)
بيلي جويل شاباً في «وهكذا تمضي»... (ترايبيكا)
TT

مهرجان «ترايبيكا» يصرُّ على عروض مستقلّة ومتنوّعة

بيلي جويل شاباً في «وهكذا تمضي»... (ترايبيكا)
بيلي جويل شاباً في «وهكذا تمضي»... (ترايبيكا)

بُعيد كارثة 11 سبتمبر (أيلول) 2001، قرَّر 3 أشخاص يعيشون بنيويورك ويعملون فيها، إقامة مهرجان تأكيداً على أنّ مدينة الفنّ والمجتمع والاقتصاد لن تقع تحت وطأة ذلك الهجوم الإرهابي. بعد عام، انطلقت الدورة الأولى من مهرجان «ترايبيكا». الثلاثة هم: روبرت دنيرو، وجين روسينثال، وكريغ هاكوف.

ووفق أرشيف المهرجان، أكّدت الخطوة الأولى من النجاح فوراً استمراره. 150 ألف مُشاهد دعموا تلك الخطوة في العام الأول، وارتفع الرقم إلى 300 ألف في العام التالي. لعب اسم روبرت دنيرو دوراً في ذلك النجاح. هو ابن نيويورك، ومثَّل في أفلام دارت فيها، إلى جانب أنه نجم سطع على الشاشة منذ مطلع السبعينات (بعد بداية تعود إلى أواخر الستينات)، بالإضافة إلى أنه موقع ثقة في الوسطَيْن الثقافي والفنّي. نجاح المهرجان دفعه إلى شراء الصالة في العام التالي، وما تلا ذلك كان نجاحاً مطرداً إلى هذا العام، باستثناء إلغاء واحد عام 2020 بسبب وباء «كورونا».

مقارنات

«ترايبيكا» (والاسم لمنطقة مثلَّثة تقع في مانهاتن وتضمّ 3 شوارع رئيسية) ليس المهرجان السينمائي الوحيد في نيويورك. هناك 21 مهرجاناً آخر في أرجاء المدينة، من بينها اثنان يُحسب لهما حساب مُستحَق: «مهرجان نيويورك الدولي» و«مخرجون جدد/ أفلام جديدة»؛ وكلاهما سبق «ترايبيكا» بعقود. أسألُ الناقدة النيويوركية لوفيا غياركي عمّا إذا كانت تعتقد أنّ مهرجان «ترايبيكا» سحب بساط الشهرة من المهرجانَيْن المنافسَيْن إلى الأبد، فتردّ: «لا شك في أنه أصبح الأكبر شهرة وحجماً، لكنّ الفارق ليس كبيراً كما قد تعتقد. هناك جمهور كبير يؤمّ المهرجانَيْن الآخرَيْن». تضيف: «ثمة مزايا للمهرجانَيْن الآخرَيْن يمكن وضعها في الميزان، أهمها أنّ صغر حجمهما نسبياً يعمل لمصلحتهما. هناك جمهور غفير لـ(مهرجان نيويورك) أيضاً، لكن يؤمّ صالات محدّدة. (ترايبيكا) أقرب مهرجاناتنا شبهاً بمهرجان (كان)». سبق لي حضور «مهرجان نيويورك» في مطلع الثمانينات، ثم عدت إليه قبل 12 عاماً. أمّا «مخرجون جدد/ أفلام جديدة»، فلم يُتح لي حضوره سوى مرّة، عام 2006. وما تقوله الناقدة هو ما استشففته من قبل، ويبدو أنهما لا يزالان في الموقع عينه، باستثناء أنّ «مهرجان نيويورك» باتت له صلة أقوى من «ترايبيكا» بجوائز «الأوسكار»؛ إذ يعرض بعض ما يتوجَّه لاحقاً لدخول الترشيحات.

ستيف زان وابنته أودري في «هي ترقص»... (ترايبيكا)

اهتمام «ترايبيكا» موجَّه نحو الأفلام المستقلّة، وهو بذلك ينضمّ إلى مهرجان «صندانس» في جبال ولاية يوتا (سينتقل إلى جبال ولاية كولورادو عام 2027) الذي نفض عنه غبار التأسيس الممثل روبرت ردفورد. بالمقارنة، يُمثّل «صندانس» (انطلق عام 1978) السينما المستقلّة على نحو رسمي فعّال، بانياً شهرته على أنه الملجأ الأميركي لها. سابقاً، كان يتخصّص بالأفلام المصنوعة في أميركا، لكنه، ومنذ أكثر من 10 سنوات، وسَّع دائرة عروضه وجوائزه ليشمل أفلاماً من كل الدول.

موسيقى وغناء

فيلم الافتتاح لدورة مهرجان «ترايبيكا» هذا العام (تمتد من 6 حتى 14 يونيو/ حزيران الحالي) هو «بيلي جويل: وهكذا تمضي». هو ليس فيلماً نموذجياً للسينما المستقلّة؛ إذ إنه من إنتاج «إتش بي أو»، لكنه يفي بغرض بداية عروض المهرجان بفيلم عن فنان غنائي مشهور (بيلي جويل) جاذب لجمهور غفير مؤلَّف بنسبته الكبيرة من الذين عاصروه ونسبة مماثلة مِمَّن رغبوا في التعرُّف إليه. الفيلم تسجيلي طويل (أكثر من ساعتين ونصف ساعة)، وهو جزء أول من فيلمَيْن، ينطلق من مطلع السبعينات ويتوقّف عند نهاية الثمانينات؛ وهي مرحلة نشطة وغزيرة لفنانين منفردين (كما لِفِرَقٍ أميركية عدّة في المرحلة عينها)، على أن يأتي الجزء الثاني ليغطّي التسعينات وما بعدها. هو عن تلك البدايات، وتلك العلاقات، واللقاءات، والنجاحات الأولى. مغنّي «روك آند رول» حديث، غرف من نهر الغناء الأميركي الجارف في تلك المرحلة، ونجح بفضل حُسن اختياراته وأغنياته. يمنحنا الفيلم صورة بانورامية خلال تلك المدة، وبعض ما يعرضه من مَشاهد غنائية (بالأبيض والأسود والألوان، وفق الوثائقيات المتوفّرة) لم يُشاهَد من قبل في أي فيلم سابق عليه.

تلاه عرض عمل آخر عن شخصية غنائية سطعت في الثمانينات وبعض السنوات اللاحقة. إنه «بوي جورج والنادي الثقافي» لأليسون وود. يتناول الفيلم التسجيلي أيضاً تلك الرحلة التي خاضها المغنّي بين فنّه الغنائي والمظاهر الاجتماعية والاستعراضية التي اشتهر بها. على عكس الفيلم السابق، «بوي جورج والنادي الثقافي» يخدم الرغبة في توظيف الشخصية لنجاح جديد، قد لا يُتوَّج بنجاح من الوزن نفسه.

درامياً، عرض المهرجان في يومه الثاني فيلماً ثالثاً ينتمي إلى الموسيقى، ولو من صنف بعيد عن السيرة الشخصية. إنه «هي ترقص» لريك غوميز. المنتج والممثل الأول فيه، ستيف زان، شارك المخرج في كتابة السيناريو، وأسند بطولته النسائية إلى ابنته الفعلية أودري زان. دراما رقيقة، ولديها قدر كافٍ من القدرة على إثارة الإعجاب من خلال صدق معالجة شخصياتها. التباعُد بين الأب وابنته يخلق مشكلة بينهما، لكن المشكلة اللاحقة هي أننا سنجدهما يعملان معاً لتفوز ابنته (اسمها «جوستين» في الفيلم) باستعراضها الراقص.


مقالات ذات صلة

حين حاكم يوسف شاهين نفسه

سينما نور الشريف في «حدوتة مصرية» (مصر إنترناشنال)

حين حاكم يوسف شاهين نفسه

حقق المخرج المصري يوسف شاهين، الذي رحل عن دنيانا في مثل هذا الشهر قبل 17 سنة، عدداً مهمّاً من الأفلام التي استحقت التقدير الذي نالته،

محمد رُضا (لندن)
سينما «جوراسيك وورلد: ولادة جديدة» (يونيڤرسال)

الجزء السابع من مسلسل الديناصورات الفتّاكة يعود إلى جذوره

يبدأ «جوراسيك وورلد: ولادة جديدة» بلفت النظر إلى أن 32 سنة مرّت على اكتشاف الديناصورات فوق إحدى الجزر الاستوائية، وأن الرأي العام لم يعد مهتمّاً بوجودها من عدمه

محمد رُضا (لندن)
سينما ‎⁨إبراهيم الخيرالله وأضوى بدر وفهد المطيري في مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)⁩

فيلم «الزرفة»... كثير من الضحك خارج حدود المنطق

ليس مستغرباً أن يتصدر الفيلم السعودي «الزرفة» شباك التذاكر المحلي في أسبوعه الأول، محققًا إيرادات 9 ملايين ريال، لكن المفاجأة كانت في حجم الحشود.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق الفائزون بجوائز دعم الأفلام المقدّمة من مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)

من المخاض إلى الولادة... كيف يتحمّل المخرجون الشباب مشاقّ صناعة فيلم؟

«أيام عمّان لصنّاع الأفلام» ملتقى شبابيّ ينبض بالمواهب السينمائية العربية الشابة ويحتضنها من خلال منصاته لتسويق ودعم مشروعات الأفلام.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق مدير «صندوق البحر الأحمر» عماد إسكندر ومدير الدورة فيه سلمان المساعد يتحدّثان في مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» في «عمّان السينمائي»... معاً لأفلام أفضل

لا يتعامل المهرجانان بمنطق التنافس، بل يمدّان الجسور بهدف خدمة الصناعة السينمائية العربية.

كريستين حبيب (عمّان)

نائب أمير مكة المكرمة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة

نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)
نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)
TT

نائب أمير مكة المكرمة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة

نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)
نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)

نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تشرَّف الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، الخميس، بغسل الكعبة المشرفة.

وقام الأمير سعود بن مشعل بغسل الكعبة من الداخل بماء زمزم المخلوط بماء الورد، وذلك بتدليك جدارها من الداخل بقطع القماش المبللة بالمخلوط، الذي يُحضَّر منذ وقت مبكر من قبل «هيئة العناية بشؤون الحرمين الشريفين»، وسط مشاركة عدد من المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي الإسلامي المعتمَدين لدى السعودية وسَدنة بيت الله الحرام.

الأمير سعود بن مشعل لدى قيامه بغسل الكعبة من الداخل بماء زمزم والورد (واس)

وتتضمّن مراحل غسل الكعبة 3 خطوات رئيسية تتميز تفاصيلها بالعناية المتقنة والدقة الفائقة التي تُجسد شرف الزمان والمكان، وتبدأ بالتحضير باستخدام 20 لتراً من ماء زمزم، و80 مل من دهن العود الخاص، إضافة إلى 540 مل من ماء الورد الطائفي.

وتشمل مرحلة الغسل استخدام 11 لتراً من طِيب غسل الكعبة المشرفة، و3 مل من المسك، وأخيراً مرحلة التطييب والتبخير بـ500 مل من دهن الورد الطائفي، و500 جم من بخور العود الفاخر.

الأمير سعود بن مشعل يقبّل الحجر الأسود قبل بدء مراسم غسل الكعبة المشرفة (واس)

وأكّدت الهيئة أن مراحل الغسل تُنفَّذ بعناية ودقة عالية تعكس مكانة الكعبة وبما يليق بقدسيتها ومكانتها الراسخة في قلوب المسلمين، مبيّنة أن جميع المواد المستخدمة تُحضَّر بعناية مسبقة؛ لضمان أعلى درجات الطهارة والخصوصية، ووفق أحدث وأرقى المنظومات المعيارية والخدمية لهذا الحدث العالمي.