مارلين يونس تُغنّي الفلسفة على وتر أم كلثوم

ندوة في بيروت استنطقت الميتافيزيقا في صفوة النغم

الصوت عبورٌ بين الجمال والفلسفة (الجهة المُنظِّمة)
الصوت عبورٌ بين الجمال والفلسفة (الجهة المُنظِّمة)
TT

مارلين يونس تُغنّي الفلسفة على وتر أم كلثوم

الصوت عبورٌ بين الجمال والفلسفة (الجهة المُنظِّمة)
الصوت عبورٌ بين الجمال والفلسفة (الجهة المُنظِّمة)

بمبادرة من مؤسّسة «تكوين الفكر العربي» والحركة الثقافية في أنطلياس، عُقِد لقاء لا يُشبه ما اعتدناه من ندوات جامدة، فبدا كأنه عودة إلى الأصل؛ إلى حيث الكلمة لحنٌ، واللحن تأمُّل، والصوت عبورٌ بين الجمال والفلسفة.

في الأمسية، بلغت الدكتورة مارلين يونس، أستاذة فلسفة الجمال في الجامعة اللبنانية، مقاماً فريداً، فاجتمعت على لسانها حكمة الفلاسفة وألمع المعاني في غناء أم كلثوم. لم تأتِ يونس لتشرح الفلسفة، وإنما لتجعلها تنبض. هي التي ترى التفلسُف انخراطاً حيّاً في الحياة، يتجاوز كونه تمريناً ذهنياً في عزلته الأكاديمية.

في كلمتها، اختلط التحليل الفلسفي برنّة الشجن، وفي مقاربتها، التقى صوت أم كلثوم العابر للزمن بنصوص محمد إقبال، وجيل دولوز، وإيتيان سوريو. أحضرت مارلين يونس هؤلاء الفلاسفة من أبراجهم، وأجلستهم إلى جوار «كوكب الشرق»؛ على وَقْع نغم حيّ يتسلّل إلى القلب قبل أن يخترق العقل.

مارلين يونس غنَّت حكمة الفلاسفة ومعاني روائع أم كلثوم (الجهة المُنظِّمة)

رافَقَها في هذا العبور الموسيقي الفكري عازف الكمان جهاد عقل، الذي لم يكن مجرَّد مرافَقة موسيقية، وإنما شريك السفر بين تخوم الروح، فحضر على الكمان مثل بوصلة روحية تقود المستمع بين المعاني. كان هو الآخر سؤالاً فلسفياً يُطرح من خلال وتر، واستفهاماً جمالياً يُنحت بالصوت.

قدّمت الندوة الدكتورة نايلة أبي نادر، التي اختارت أن تستهلّها بكلمات تُشبه المفاتيح، تفتح أبواب السؤال: عن الفلسفة التي تنبثق من الموسيقى، وعن النغم حين يتحوّل إلى فكر. عن القصائد التي تسكنها رؤى ميتافيزيقية، وعن الكلمة حين تتجلّى لاهثةً في لحن أم كلثوم.

الفلسفة تتجاوز كونها تمريناً ذهنياً في عزلتها الأكاديمية (الجهة المُنظِّمة)

وقالت إنّ ما حرّك هذه الندوة ليس فقط الاحتفاء بذكرى مرور 50 عاماً على رحيل «كوكب الشرق»، وإنما رغبة عميقة في إعادة وصل ما انقطع: بين الثقافة العالِمة والذائقة الحيّة، بين الحضور الأكاديمي والموسيقى بوصفها لغة الوجود. ورأت أنّ هذا اللقاء بين الفلسفة والغناء يُعيد الحسبان لحقل مهمّش في المشهد الثقافي؛ الحقل الذي ينشد الحقيقة من خلال الجمال.

وتوقّفت عند تعدّدية التعبير الإنساني عن القلق الوجودي: الشعر، والدعاء، والخيال. ولفتت إلى أنّ الفلسفة والموسيقى وُلدا من رحم هذه الأسئلة الكبرى التي تُعاش ولا تُجَاب. وإذا كانت الفلسفة تُسائل الوجود، فإنّ الموسيقى تصوغه شعوراً نابضاً، يتجاوز حدود اللغة نحو جوهر أعمق.

ولأنّ مارلين يونس الحائزة دكتوراه في الفلسفة وعلم الموسيقى، تقيم أصلاً في هذا التلاقي بين الميتافيزيقا والنغم، بين الكلمة المجازية والصوت المجروح؛ فقد اقترحت أبي نادر أن تقدّم ورقة تجمع ما اختبرته يونس نظرياً وما تمرَّست به غنائياً، لتأتي الاستجابة مفاجِئة، لا سيّما بعدما قرّر جهاد عقل مرافقتها على الكمان، فتكوَّنت ثنائية منسجمة تُحلّق في فضاء شعري وفلسفي، انطلقت من صوت أم كلثوم، وحلّقت في آفاق الفكر.

تساءلت الندوة عن الفلسفة التي تنبثق من الموسيقى (الجهة المُنظِّمة)

في غناء مارلين، تلاقت الكلمة المُحمَّلة بأسئلة الوجود، مع اللحن الذي يسكن الداخل. في كل بيتٍ شعري تُغنّيه، كانت هناك طبقة من المعنى تُستحضر، بصفتها مدخلاً إلى تأمّل أعمق في جدوى الكلمة ومعنى اللحن.

قال أفلاطون إنّ الموسيقى تمنح الكون روحه والعقل أجنحته والخيال طيرانه. في الأمسية، بدا هذا التصوّر حقيقةً حيّة، إذ تداخل اللحن بالكلمة، والفلسفة بالانفعال، في زمنٍ تغيب فيه القيم خلف ضجيج الاستهلاك.

الفلاسفة الكبار، من هيغل إلى جبران، من غوتيه إلى ألدوس هكسلي، كلهم احتفوا بالموسيقى سبيلاً إلى تفهّم الحياة. الموسيقى، كما رآها هيغل، هي فنّ الروح، وهي أيضاً ما قال عنه هكسلي إنه «الأقرب إلى التعبير عمّا لا يمكن وصفه».

عازف الكمان جهاد عقل رفيق هذا العبور الفكري (الجهة المُنظِّمة)

فلماذا أم كلثوم بالذات؟ طرحت أبي نادر السؤال وتركته معلّقاً. لكن الجواب جاء في الأداء نفسه: لأنّ في غناء «الستّ» احتفالاً بالمعنى وعناقاً بين الشِّعر والحنجرة، وسؤالاً لا يهدأ عن الحبّ والغياب، وعن الحبيب والوطن.

إن إعادة التفكير في هذا التراث الغنائي هو في جوهره عملٌ فلسفيّ. ولهذا، تُضيء مؤسسة «تكوين الفكر العربي»، والحركة الثقافية في أنطلياس، على هذا النوع من اللقاءات النادرة، التي تُعيد النبض إلى قلب الثقافة، وتحاول أن تستخرج من الذاكرة ما سيظلُّ حيّاً.


مقالات ذات صلة

كتب لودفيغ فتجنشتاين... ثورة هادئة على الفلسفة التقليدية

لودفيغ فتجنشتاين... ثورة هادئة على الفلسفة التقليدية

ضمن سلسلة «الفلسفة» التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «لودفيغ فتجنشتاين» للباحث المصري الراحل د. عزمي إسلام.

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون الفكر الفلسفي المسيحي في متناول القارئ العربي

الفكر الفلسفي المسيحي في متناول القارئ العربي

في سياق الاهتمام المتنامي في العالم العربي عموماً، وفي البلدان الخليجيّة خصوصاً، تبرز «موسوعة الفلسفة الفرنسيّة المعاصرة».

مالك القعقور
يوميات الشرق يُمثِّل الملتقى منصة عالمية لالتقاء المترجمين والمهتمين في المجال (واس)

«ملتقى الترجمة الدولي 2025» ينطلق في الرياض بمشاركة 70 خبيراً

أطلقت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» السعودية، فعاليات «ملتقى الترجمة الدولي 2025» في الرياض، بمشاركة ما يزيد على 30 جهة محلية ودولية، و70 خبيراً من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا مع انتشار السيارات ذاتية القيادة تبرز الحاجة إلى أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف مصيرية على الطريق (غيتي)

في القيادة الذاتية... من يتحمّل القرار الأخلاقي عند اللحظة الحاسمة؟

مع اقتراب انتشار السيارات الذاتية القيادة، تبرز تساؤلات أخلاقية حول قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، ومن يتحمّل المسؤولية عند وقوع الحوادث.

نسيم رمضان (لندن)

«طلاق» عمرو أديب ولميس الحديدي يخطف الاهتمام بمصر

خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
TT

«طلاق» عمرو أديب ولميس الحديدي يخطف الاهتمام بمصر

خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)

تصدر خبر طلاق الإعلامي عمرو أديب والإعلامية لميس الحديدي «التريند» في مصر بعد وقت قصير من إعلان الخبر، وتأكيده عبر وسائل إعلام محلية عقب أسابيع من الشائعات.

جاء الطلاق الرسمي، بعد زواج استمر أكثر من 25 عاماً في هدوء وبناءً على طلب الإعلامية لميس الحديدي، وفق مصادر مقرَّبة لها تحدثت لـ«الشرق الوسط». فيما لم يسجل الثنائي أي تعليقات بحساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي رغم انخراطهما في النقاشات العامة بشكل مستمر.

ويطل الثنائي على الشاشة من خلال برنامجي «توك شو»؛ إذ تظهر لميس الحديدي عبر قناة «النهار» من خلال برنامج «الصورة»، فيما يطل عمرو أديب من خلال برنامج «الحكاية» عبر قناة «إم بي سي مصر»، ويوجد البرنامجان ضمن قوائم الأعلى مشاهدة عادةً بين برامج «التوك شو» وفق استطلاعات الرأي.

وتصدر اسم عمرو أديب ولميس الحديدي بشكل منفصل منصة «إكس» في مصر فور إعلان الخبر مع تدوينات عدة مرتبطة بالطلاق جرى إعادة نشرها.

جاء إعلان الانفصال لوسائل الإعلام بعد أسابيع من الشائعات التي لاحقت علاقة الثنائي، وتردد أنها شهدت توترات وشائعات انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي وتجاهلها الثنائي بشكل كامل ولم يتم التعليق عليها.

نشأت قصة الحب بين الثنائي الإعلامي عمرو أديب ولميس الحديدي خلال عملهما في الصحافة في تسعينات القرن الماضي معاً، بعد انفصال عمرو أديب عن زوجته الأولى، وفق أحاديث أدلى بها الثنائي في لقاءات سابقة، فيما كانت نقطة الخلاف الوحيدة المعلنة بينهما مرتبطة بالتشجيع الكروي، حيث يُعرف عمرو أديب بتشجيع نادي الزمالك بينما تشجع لميس الحديدي النادي الأهلي.

وتحدثت لميس الحديدي عن رغبة عمرو أديب في الارتباط به عدة مرات قبل إعلان الزواج وقيامه بإبعاد كل من يحاول الارتباط بها قبل زواجهما رسمياً.

وعَدّ الخبير في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا» معتز نادي، التزام الثنائي الصمت عبر مواقع التواصل لأسباب عدة «من بينها شهرتهما على نطاق واسع ليس في مصر فقط بل في العالم العربي، بالإضافة إلى سابقة تناول الثنائي العديد من الأخبار المماثلة عن الانفصال في برامجهما».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أخبار زيجات وانفصال المشاهير عادةً ما تكتسب زخماً (سوشيالياً) وتلقى رواجاً وتفاعلاً فور الإعلان عنها لكن استمرار الأمر يختلف من شخص لآخر»، لافتاً إلى أن أولى حلقات الثنائي الإعلامي في برنامجيهما ستكون محل متابعة مكثفة أيضاً وسيكون لها بروز على مواقع التواصل سواء تم التطرق إلى الأمر أم لا منهما.

كان آخر ظهور للثنائي عمرو أديب ولميس الحديدي في خطوبة نجلهما الوحيد عمر التي أُقيمت الشهر الماضي في أجواء عائلية واقتصر الحضور بها على والدَي العروسين.


صلاح جاهين يواصل رسم «ضحكة مصر» رغم الغياب

احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)
احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)
TT

صلاح جاهين يواصل رسم «ضحكة مصر» رغم الغياب

احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)
احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)

يواصل الفنان والشاعر صلاح جاهين مهمته في رسم «ضحكة مصر» رغم مرور نحو 40 عاماً على رحيله، حيث استضاف المسرح القومي (وسط القاهرة) عرض حكي وغناء، الأربعاء، متضمناً فقرات عدة تستعيد أغنيات وأفلام وأعمال الفنان الراحل.

الاحتفالية، التي نظمها «المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية» بمناسبة ذكرى ميلاد جاهين، اعتمدت على أسلوب الحكي المسرحي، متضمنة فقرات غنائية على خلفية أعماله، من بينها أوبريت «الليلة الكبيرة»، وأفلام «شفيقة ومتولي»، و«صغيرة على الحب»، و«خلي بالك من زوزو»، إلى جانب الرباعيات الشهيرة.

ويعدّ صلاح جاهين (1930 - 1986) أحد أبرز الشعراء ورسامي الكاريكاتير في مصر، وتغنى بأشعاره الكثير من الفنانين مثل عبد الحليم حافظ وسعاد حسني وسيد مكاوي وعلي الحجار، كما اشتهر برسم الكاريكاتير الساخر في مجلة «صباح الخير»، وفي صحيفة «الأهرام»، ومن أشهر أعماله أوبريت «الليلة الكبيرة» الذي كتبه جاهين ولحنه سيد مكاوي وأخرجه صلاح السقا.

ووفق بيان لوزارة الثقافة المصرية، جاءت الاحتفالية في إطار حرص الوزارة على تكريم رموز الإبداع المصري، احتفاءً بذكرى ميلاد الشاعر والفنان الكبير الراحل صلاح جاهين.

وقال المخرج عادل حسان إن «العرض يأتي ضمن جهود المركز لإحياء ذكرى أعلام الفن المصري وتسليط الضوء على إسهاماتهم الخالدة»، مشيراً في بيان الخميس إلى أن «صلاح جاهين يمثل نموذجاً للمبدع الشامل الذي ترك بصمة لا تُمحى في الوجدان الثقافي المصري، وأن الإقبال الجماهيري الذي شهده العمل يعكس استمرار تأثيره وقدرته على مخاطبة مختلف الأجيال».

الاحتفالية تضمنت أغنيات كتبها صلاح جاهين (وزارة الثقافة)

وإلى جانب شهرته شاعراً وفناناً كاريكاتيراً قدم صلاح جاهين أدواراً صغيرةً في السينما، من بينها مشاركته في أفلام «شهيدة الحب الإلهي» و«لا وقت للحب» و«المماليك»، و«اللص والكلاب»، كما كتب المسلسل التلفزيوني «هو وهي» من بطولة سعاد حسني وأحمد زكي وإخراج يحيى العلمي.

ووصف الناقد الفني المصري، أحمد السماحي، الفنان الراحل صلاح جاهين، بأنه «أسطورة مصرية خالدة بأعماله، ويستحق عن جدارة كل تكريم واحتفاء، واستعادة ذكراه هي لمسة وفاء من المؤسسات المصرية لما قدمه جيل العظماء الذي ينتمي إليه للفن المصري»، وقال السماحي لـ«الشرق الأوسط»: «صلاح جاهين كان رائداً في مجال الأغنية الساخرة خفيفة الظل وفي الكاريكاتير وفي السيناريو وكتابة الأوبريت ومسرحية الطفل، وفي مجالات كثيرة، فهو موهبة استثنائية في الحياة الفنية من الصعب تكرارها».

وشهد العرض الذي قدمه مجموعة من الفنانين على المسرح القومي حضوراً جماهيرياً حاشداً وتفاعلاً كبيراً مع الأعمال التي قدمت، وهو من تأليف محمد مخيمر وأخرجه الفنان محمد مرسي، وشارك في الأداء والحكي الفنانون: هبة سامي، وخالد محروس، ومحمود الزيات، ومصطفى عبد الفتاح، حيث قدموا قراءة فنية وإنسانية لتجربة جاهين الإبداعية، جمعت بين الشعر والغناء والحكي المسرحي، واستعرضت محطات بارزة من مسيرته، في مزيج من البهجة والتأمل.

وتضمن العرض مجموعة من الأغنيات الشهيرة التي كتبها صلاح جاهين، وقام بالغناء كل من أحمد محسن، وهند عمر، وأنغام مصطفى، بمصاحبة الفرقة الموسيقية للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إشراف الدكتورة رانيا عمر، وقيادة المايسترو الدكتور أحمد ماهر.

ومن أشهر الأغنيات التي كتبها صلاح جاهين أغاني أفلام «أميرة حبي أنا»، و«خلي بالك من زوزو»، و«شفيقة ومتولي»، كما غنى له عبد الحليم حافظ «بستان الاشتراكية» و«صورة»، وغنت له صباح «أنا هنا يا ابن الحلال»، وغنى له سيد مكاوي وعلي الحجار «الرباعيات».


«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
TT

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)

وسط أجواء من الفرح والأنشطة المتنوعة، عادت المدن حول العالم لتزيين شوارعها واستقبال موسم الميلاد بألوان زاهية، من بيت لحم وغزة إلى الأقصر في مصر وسيدني في أستراليا، معبرة عن الأمل وتجدد الحياة رغم التحديات.

قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد ببيت لحم مع مسيرة كشافة فلسطينية (أ.ف.ب)

شهدت بيت لحم والأراضي الفلسطينية احتفالات ميلادية بعد عامين خيّم عليهما النزاع في غزة، حيث عادت الحياة تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. شارك المئات في ساحة المهد وشارع النجمة في قداس ومسيرة للكشافة، وسط أصوات الطبول وألحان الترنيم الميلادي.

رئيس الوزراء الأسترالي ألبانيزي يقدم الطعام في غداء عيد الميلاد بسيدني (إ.ب.أ)

وقالت كاتياب عمايا، إحدى المشاركات في الكشافة، إن عودة الاحتفالات تمثل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة، وتمنح سكان غزة الأمل في مستقبل أفضل. وأكد السكان أن الاحتفالات تعكس رغبتهم في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح، بعد فترة من عزوف الزوار وارتفاع معدلات البطالة.

في غزة، أحيا المسيحيون قداس الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بعد وقف إطلاق النار، معبرين عن رغبتهم في عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.

شجرة عيد الميلاد المضيئة في إحدى حدائق بكين (أ.ف.ب)

احتفلت الأقصر التاريخية في صعيد مصر بعيد الميلاد بعروض فلكلورية وألعاب التحطيب، على أنغام الربابة والمزمار، مستعرضة إرث المصريين القدماء في الاحتفال بالأعياد والمواسم. واستمرت الاحتفالات طوال فترة الميلاد ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان القومي للتحطيب، ما أضفى بهجة وفرحاً على السكان والزوار.

أعضاء جوقة أغابي يقدمون عرضاً بمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة (أ.ب)

شهد شاطئ بونداي في أستراليا احتفالات محدودة بسبب هجوم إرهابي أودى بحياة 15 شخصاً قبل أيام، حيث حافظ المشاركون على طقوس الميلاد مع احترام ذكرى الضحايا، وسط تعزيز الإجراءات الأمنية، بينما قلل الطقس العاصف من عدد المحتفلين.

وفي الوقت نفسه، تواجه بعض مناطق العالم ظروف طقس صعبة، مثل كاليفورنيا التي أعلنت السلطات فيها حالة الطوارئ تحسباً لفيضانات محتملة، ما يعكس التحديات المتعددة التي تواجه المجتمعات خلال موسم الأعياد.

أوكرانيون يرنمون للميلاد حاملين نجوم بيت لحم وسط مدينة لفيف (إ.ب.أ)

على الرغم من الظروف الصعبة، حملت الاحتفالات الميلادية هذا العام رسائل فرح وتجدد للأمل، سواء في فلسطين أو مصر أو أستراليا. وتجسد هذه الفعاليات قدرة المجتمعات على التعبير عن التضامن والحياة المشتركة، والحفاظ على التراث والثقافة، حتى في أصعب الأوقات.