في البيت أحسن... الطبخ المنزليّ يستعيد بريقه ويتحدّى «الدليفري»

مجموعة من أطباق كاتيا مسعود مؤسسة صفحة «Cooking Bel Beit» (إنستغرام)
مجموعة من أطباق كاتيا مسعود مؤسسة صفحة «Cooking Bel Beit» (إنستغرام)
TT

في البيت أحسن... الطبخ المنزليّ يستعيد بريقه ويتحدّى «الدليفري»

مجموعة من أطباق كاتيا مسعود مؤسسة صفحة «Cooking Bel Beit» (إنستغرام)
مجموعة من أطباق كاتيا مسعود مؤسسة صفحة «Cooking Bel Beit» (إنستغرام)

في زمن الجدّات، كان من البديهيّ أن تتوسّط مائدةَ الطعام يومياً طبخة صُنعت داخل البيت. لم يضطرّ مطبخ الجدّات إلى منافسة «الدليفري». غير أنّ الأكلات المنزليّة فقدت وهجها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أمام سطوة الطعام الجاهز والوجبات السريعة.

أما حالياً وفي ظاهرة مستمرة منذ 4 سنوات تقريباً، فقد استرجع الطبخ في البيت بريقه، متحوّلاً إلى موضة. وعبر نوافذ «إنستغرام» و«تيك توك»، أطلّت أفواجٌ جديدة من ربّات المنزل اللاتي يحترفن الطهو، من دون أن يتنازلن عن شيءٍ من عصريّتهنّ وأناقتهنّ. وامتدّت العدوى إلى المشاهير، من سيلينا غوميز إلى ميغان ماركل، مروراً بباميلا أندرسون وغيرهنّ؛ فالكلّ يريد استعراض عضلاته المطبخيّة.

خاضت كلٌ من ميغان ماركل وسيلينا غوميز وباميلا أندرسون تجربة الطبخ في برامج تلفزيونية

خلفيّات موضة الطبخ في البيت

إضافةً إلى سطوة السوشيال ميديا التي أسهمت في تحويل الطبخ في البيت إلى «ترند»، لعب الوعي الصحيّ والعنصر الاقتصاديّ دوراً كذلك في استعادة الطهو المنزليّ رونقَه. وقد تزامنَ ذلك مع جائحة كورونا، حيث وجد الناس أنفسَهم أمام أفرانهم يعدّون أطباقهم بمفردهم ويستكشفون وصفاتٍ جديدة. شكّلت فترة الحَجر المنزليّ نقطة تحوّل في سلوكيّات الطبخ، ولا يبدو أنّ العادة المستجدّة ذاهبة إلى أفولٍ قريب.

استبَقت كاتيا مسعود الجائحة بسنتَين، وأطلقت صفحتها على «إنستغرام»، «Cooking Bel Beit» (الطبخ في البيت). وتؤكد في حديثٍ مع «الشرق الأوسط»، أنها لم تكن تطمح إلى أن تصبح مؤثّرة في مجال الطهو، لكن عندما أبدى ابنُها إعجابه بأحد أطباقها، واقترح عليها تصوير ما تحضّر لعائلتها وتأسيس صفحة، لم تمانع.

انطلقت تجربة كاتيا مسعود من كونها أمّاً اعتادت الطهو يومياً لعائلتها (الشرق الأوسط)

بعيداً عن عدد «اللايكات» والمُشاهدات التي بدأت تزداد مع الوقت، أرادت كاتيا أن تشارك المتابعين ما اعتادت أن تفعله منذ سنواتٍ طويلة. «لم يمرّ يوم من دون أن أطبخ لولديّ في البيت، وهذا أكثر ما أفتخر به، لا سيّما أنني حصّنتُهم بنظام أكل صحي». كاتيا مسعود ليست مجرّد صاحبة حساب طهو على «إنستغرام»، بل هي من مناصري الطبخ في البيت لفوائده الكثيرة.

أسباب صحية

وفق تقرير أعدّته شركة «ستاتيستا» العالميّة للإحصاءات، فإنّ غالبيّة جيل الألفيّة والجيل «زد» تيقّظت خلال السنوات القليلة الماضية، إلى خطورة المأكولات المصنّعة، واتّجهت إلى الطعام العضويّ والصحي، ما أحيا الطبخ المنزليّ. في السياق، تؤكّد مسعود أنّ «المكوّنات العضويّة من خضار وفاكهة وبقوليّات تحفّز على الطبخ في البيت».

لكن في زمن التطبيقات الهاتفيّة التي تسهّل طلب الطعام الجاهز، ما السبيل إلى إقناع الأولاد بتناول الطعام المنزليّ؟ وما الذي يضمن ألّا تُهدر كل تلك الأطباق الجميلة التي تُلهمها وسائل التواصل الاجتماعي؟

جيل الألفيّة والجيل زد يتّجهان إلى المكوّنات العضويّة والطعام المنزلي (صفحة Cooking Bel Beit)

تشدّد مسعود أوّلاً على أنّ «الولد يتبنّى ما يعتاد عليه منذ الصغر. فإذا اعتمدت الأمّ أسلوباً سلساً ومغرياً في تغذية أطفالها، حتماً سيصبح الطعام الصحي جزءاً من أسلوب عيشهم». وتضيف: «حتى الفاست فود مثل البرغر وناغتس الدجاج يمكن تحضيرها بطريقة صحية في البيت، وبالتالي يمكن تحويل الأكل السريع إلى أكل صحي. فبمجرّد أن تعرفي نوعيّة الزيت الذي تستخدمين في قلي البطاطا، ومصدر اللحم وأسلوب الشوي، هذا يكفي للتخفيف من أضرار الوجبات السريعة».

الفاست فود المصنوع في البيت طريقة ذكية لإقناع الأولاد بالطعام المنزلي (Cooking Bel Beit)

أسباب اقتصادية

مع الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية ووسط التضخّم الاقتصادي، ما عاد الطبخ في البيت مجرّد خيار وموضة، بل استراتيجيّة لتوفير المال. وقد أثبتت الأرقام أن إعداد الطبخة اليومية في المنزل أوفر بكثير من طلب الطعام الجاهز، أو الخروج إلى المطعم. إذ يتيح الطهو المنزليّ التحكّم بالمكوّنات وبالكميات، وبالتالي بالمال الذي يُنفَق على المأكولات. والاقتصاد في تكاليف الطعام لا يعني بالضرورة التنازل عن الابتكار والتنويع.

المجدّرة اللبنانية طبق صحي وغير مكلف (Cooking Bel Beit)

أسباب «سوشياليّة»

لا تنكر كاتيا مسعود «دور السوشيال ميديا في الترويج للأكل الصحي، وموجة المؤثرين الذين يطبخون أمام عيون المتابعين». لكنها توضح أنه لا يكفي التأثّر بهم من أجل الالتزام بالطبخ في البيت والاستمرار به، «بل يجب أن تكون ثمة رغبة حقيقية في ذلك».

وتعجّ منصات التواصل الاجتماعي، لا سيّما «تيك توك» و«إنستغرام»، بطبّاخي العصر الحديث. وبما أنّ العيون شاخصة في كل الأوقات على الشاشات، فكان لا بدّ من أن ينعكس ذلك على المتابعين الذين تشجّعوا على التجربة بدورهم. ومهما كانت الدوافع، تبقى النتيجة إيجابية بمجرّد أن يتّخذ الناس قرار الطبخ في البيت.

نصائح للمبتدئين

للراغبين بخوض تجربة الطبخ في البيت، توجّه كاتيا مسعود مجموعة من النصائح. «يجب التأكّد بدايةً من مصدر الوصفات. أحياناً تبدو الأكلات جميلة ولذيذة على السوشيال ميديا، لكن عندما تجرّبينها لا تنجح بسبب عدم الدقّة في المقادير». وتشدّد على أنّ المصدر الموثوق مهم جداً، كي لا تفشل التجربة ويُحبط الشخص، فلا يكرّرها.

تنصح مسعود كذلك بالبدء بالوصفات السهلة والبسيطة، «وبعد التمكّن منها، الانتقال إلى ما هو أصعب». تقترح البدء بإعداد أطباق كالدجاج مع الخضار أو السمك المشوي، إضافةً إلى الباستا على أنواعها.

للمبتدئين بالطهو المنزلي يُنصح الاختبار بأطباق الباستا على أنواعها (Cooking Bel Beit)

تتوجّه إلى السيّدات العاملات بنصيحةٍ أيضاً، وهي ألّا يتوهّمن بأنّ الطبخ في البيت يستغرق وقتاً طويلاً: «يكفي القليل من التنظيم، وتحضير المكوّنات بمقاديرها الدقيقة قبل البدء بالطهو، حتى يتبيّن ألّا ضرورة للمكوث ساعاتٍ في المطبخ».

منافع الطبخ في البيت

- يتيح التحكّم بالمكوّنات التي تدخل إلى الطعام.

- الأشخاص الذين يطبخون في البيت غالباً ما يتمتّعون بصحة جيّدة.

- يساعد في تناول كميات أقلّ من الطعام.

- تكلفته المالية أقل بكثير من البدائل الجاهزة.

- ينعكس هدوءاً وراحة نفسية.


مقالات ذات صلة

ألان دوكاس لـ«الشرق الأوسط»: السعودية على أهبة الاستعداد... وأنا حاضر

مذاقات الشيف الفرنسي ألان دوكاس (تصوير كيفن تشوبانيان) play-circle 00:15

ألان دوكاس لـ«الشرق الأوسط»: السعودية على أهبة الاستعداد... وأنا حاضر

في عالم الطهي الراقي، لا تكتمل قائمة الأسماء البارزة دون ذكر الشيف الفرنسي الأسطوري ألان دوكاس، الحائز 21 نجمة ميشلان، بما يفوق ما ناله أي شيف آخر في التاريخ.

جوسلين إيليا (باريس)
مذاقات الكعك التقليدي الذي يباع على كورنيش المنارة في بيروت (فيسبوك)

الفول واللوز والبازلاء الخضراء ..نكهة الذكريات

ما إنْ يصل فصل الربيع حتى تتفتّح معه براعم ذكريات أجيال من اللبنانيين. الأمر يتعلّق بخضراوات وفاكهة تكتظ بها الأسواق في موعدها هذا من كل سنة.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات كشري إسكندراني بالبيض و العدس من شيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

كيف تزيد نسبة البروتين في طعامك؟

ليست اللحوم وحدها هي طريقك إلى زيادة البروتين في أطباقك؛ لقد انتهى هذا العصر، الآن يمكنك فعل ذلك بسهولة من دون أن تغير أسلوبك في الطهي

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات صب زبدة البندق المذابة مع الشوكولاتة فوق أنواع  الحلويات

نصائح الطهاة لتصنيع واستخدام زبدة المكسرات

ما بين إضافتها لطبق المعكرونة أو أنواع مختلفة من العصير، أصبحت لديك بدائل كثيرة لتصنيع زبدة المكسرات واستخدامها منزلياً

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات آيس كريم بكمأة فاخرة (تريبيون ميديا)

ما هي أغلى 9 حلويات في العالم؟

يعتبر الكثير من الناس الحلوى نوعاً من الترف والرفاهية - فهي فاخرة، وغنية بالسعرات الحرارية، والنكهات، وفي كثير من الأحيان تكون غنية بالشوكولاته.

شانون كارول (نيويورك)

فتحي عبد الوهاب: أتقنت «اللهجة الفلاحي» من أجل «ظلم المصطبة»

مشهد من كواليس تصوير مسلسل «ظلم المصطبة» (الشركة المنتجة)
مشهد من كواليس تصوير مسلسل «ظلم المصطبة» (الشركة المنتجة)
TT

فتحي عبد الوهاب: أتقنت «اللهجة الفلاحي» من أجل «ظلم المصطبة»

مشهد من كواليس تصوير مسلسل «ظلم المصطبة» (الشركة المنتجة)
مشهد من كواليس تصوير مسلسل «ظلم المصطبة» (الشركة المنتجة)

قال الفنان المصري، فتحي عبد الوهاب، إنه بذل مجهوداً كبيراً لإتقان «اللهجة الفلاحي» لتأدية دوره في مسلسل «ظلم المصطبة» الذي خاض سباق الدراما الرمضانية في الموسم الماضي، مشيراً إلى أهمية اللهجة والأداء التي تضمن اندماج الفنان داخل بيئة العمل، ووصف ما تردد عن إنتاج جزء ثانٍ من فيلم «سهر الليالي» بأنه يمكن أن يفقده نضارته.

وتحدث عبد الوهاب عن ملابسات العمل الدرامي الأحدث الذي شارك فيه، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن اختياره لأي دور يعتمد على إحساسه به أثناء القراءة، ومدى ابتعاده عن «منطقة الراحة» المعتادة، لافتاً إلى أن الأدوار التي تتحدّى الممثل وتضعه أمام مشاعر جديدة أو مجتمعات مختلفة هي ما يبحث عنه في كل عمل يختاره.

وشارك فتحي عبد الوهاب في بطولة مسلسل «ظلم المصطبة» مع ريهام عبد الغفور وإياد نصار في شهر رمضان الماضي، وهو العمل الذي حصد إشادات نقدية وجماهيرية رغم بعض العقبات التي صادفت خروجه للنور، ومن بينها انسحاب مخرجه هاني خليفة وتناوب عدة مؤلفين على كتابة السيناريو والحوار للقصة التي كتبها أحمد فوزي صالح.

وقال عبد الوهاب إن اعتذار المخرج هاني خليفة عن استكمال المسلسل ترك أثراً كبيراً عليه كممثل، لدوره المحوري في تأسيس عالم الشخصية، وقال إنه «وضع الخطوط الأولى للأداء وساهم في بناء تفاصيل الشخصية التي تمسك بها حتى بعد تغيّر الإدارة الإخراجية».

الفنان فتحي عبد الوهاب (فيسبوك)

وأوضح أن «المخرجين عمرو موسى ومحمد علي استكملا التصوير بكفاءة، لكن البنية الأساسية للشخصية كانت قد تشكّلت بالفعل، وهذا التأسيس ساعدني في الحفاظ على الاتساق في الأداء، رغم تغير الرؤى الإخراجية بين الحلقات».

وتحدث عن تفاصيل تصميم الشخصية، مؤكداً أن «الشكل الخارجي كالشعر والملابس من مسؤولية مصممة الأزياء مروة عبد السميع»، مشيداً بدورها في تقديم صورة دقيقة للبيئة التي تنتمي إليها الشخصية، لكون تفاصيل الشكل جزءاً لا يتجزأ من بناء المصداقية لدى المشاهد.

وأوضح أن اللهجة المستخدمة كانت تحتاج إلى حساسية شديدة في التنغيم؛ لأن طبيعة الجمل في المجتمع الذي ينتمي إليه الدور مختلفة، مشيراً إلى أن هاني خليفة التقط هذا العنصر في مرحلة مبكرة وأصر على الالتزام به، وهو ما انعكس في أداء الشخصية وعمّق حضورها على الشاشة.

وعما تردد حول تقديم جزء ثانٍ من فيلم «سهر الليالي» الذي شارك في بطولته وحقق نجاحاً لافتاً وقت عرضه عام 2003، قال إنه لا يشعر بحماس تجاه تقديم جزء ثانٍ من الفيلم، معتبراً أن العمل انتهى بنجاحه، وأن أي محاولة لاستكماله قد تُفقده نضارته.

فتحي عبد الوهاب في مشهد من فيلم ثقافي (حسابه على فيسبوك)

وأضاف عبد الوهاب: «بعض القصص يجب أن تكتفي بما تركته من أثر جيد دون البحث عن تكرار»، مؤكداً أن الأمر ذاته ينطبق على تجربته في «فيلم ثقافي» الذي أنتج عام 2000 وتقاسم بطولته مع أحمد عيد وأحمد رزق وحقق نجاحاً لافتاً، فرغم الحماس الكبير الذي أبداه الجمهور حين انتشرت صورة له مع زملائه من الفيلم، فإن تفاعل الجمهور مع عمل لا يعني بالضرورة أن جزءاً ثانياً سيكون في صالحه؛ لأن بعض الذكريات يجب أن تظل كما هي.

وقال إنه انتهى مؤخراً من تصوير فيلم «نفاق» من تأليف حلمي عبد الله وإخراج رؤوف عبد العزيز، وينتظر عرضه قريباً، بالإضافة إلى استعداده لتصوير فيلم جديد من تأليف أحمد عماد وإخراج منة شعيب، موضحاً أنه متحمس للعمل مع مخرجة جديدة تخوض تجربتها الأولى.

وبالنسبة لمدى تأثير ردود الفعل على مواقع التواصل عليه، قال: «وقتي ينحصر غالباً بين مواقع التصوير أو التحضير لأعمال جديدة، وأثق أكثر برأي الجمهور في الشارع؛ لأن تفاعل الناس وجهاً لوجه يحمل صدقاً يصعب تجاهله أو الشك في دافعه».

فتحي عبد الوهاب (حسابه على فيسبوك)

وقال إن كل دور يقدّمه يفتح له أفقاً جديداً لاكتشاف مناطق إنسانية مختلفة، كما يمثل تحدياً جديداً له، مؤكداً أن شخصيته في «ظلم المصطبة» تختلف كلياً عن الأدوار السابقة، حتى وإن تكررت بعض الثيمات، لافتاً إلى أن المقارنة بين الشخصيات لا تعنيه بقدر ما يهمه التنوع والتجديد.

واعتبر عبد الوهاب أن ضيق الوقت يؤثر بلا شك على الأعمال الدرامية التي تعرض في رمضان، موضحاً أن فريق العمل واصل تصوير العمل حتى الأيام الأخيرة في رمضان، مع استمرارهم في التنقل بين أكثر من موقع للتصوير، وقال إن هذا لم يكن مقتصراً على مسلسل «ظلم المصطبة»، بل هو أمر ملازم لأي عمل رمضاني، ومن ثم يتم التصوير في مواقع محدودة نسبياً، ويكون الاعتماد الأكبر على مواقع تصوير داخلية في ديكورات معدة مسبقاً.