مصر تحتفل بمرور 69 عاماً على إنقاذ معابد النوبة

معبد فيلة بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معبد فيلة بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تحتفل بمرور 69 عاماً على إنقاذ معابد النوبة

معبد فيلة بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معبد فيلة بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

قبل 69 عاماً، تم إنشاء مركز تسجيل الآثار المصرية في 25 أبريل (نيسان)، ضمن حملة دولية لإنقاذ معابد النوبة التي كانت تواجه خطراً بعد إنشاء السد العالي، وما يترتب عليه من تكوين بحيرة خلفه، وهي بحيرة ناصر التي يقع على ضفتها حالياً معبدا «أبو سمبل».

وتحتفل مصر بإنشاء مركز توثيق الآثار المصرية الذي أصبح حاضناً لوثائق ومعلومات سجّلت أهم حقب العمل الأثري في القرنَيْن الماضي والحالي، منها إنقاذ معبدي «أبو سمبل»، ومعبد جزيرة فيله، ومعبد كلابشة، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة.

ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن «ذكرى مرور 69 عاماً على إنشاء مركز تسجيل الآثار المصرية، والاحتفاء بإنقاذ معابد النوبة، يمثّلان مناسبة عظيمة للتأمل في الدور الريادي الذي لعبته مصر في الحفاظ على تراثها الحضاري الفريد». وعدّ عبد البصير، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، مشروع إنقاذ معابد النوبة، وعلى رأسها «أبو سمبل» و«فيله» و«كلابشة»، ملحمة إنسانية جمعت بين العلم والإرادة والتعاون الدولي، لتفادي غرق هذه الكنوز المعمارية بعد بناء السد العالي، وفق قوله.

تم إنقاذ آثار النوبة ضمن حملة دولية بمشاركة «اليونيسكو» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويقع معبدا «أبو سمبل» على بُعد 290 كيلومتراً من مدينة أسوان (جنوب مصر)، وهما معبدان؛ أحدهما للملك رمسيس الثاني، والآخر لزوجته نفرتاري، ويُعدان من أهم المعالم الأثرية وأشهرها في أسوان، وفي مصر عموماً، ويشهد معبد «أبو سمبل» ظاهرة فلكية فريدة تتمثّل في تعامد الشمس سنوياً على قدس الأقداس ووجه الملك رمسيس يومي 22 فبراير (شباط) و22 أكتوبر (تشرين الأول)، وهي الظاهرة التي حافظ عليها فريق العمل الذي قام بنقل المعبد من مكانه.

وكان أول أهداف المركز إنقاذ معابد النوبة، إذ تبنّت مصر حملة دولية خاطبت بموجبها منظمة اليونيسكو لإنقاذ مجموعة المعابد الفريدة والآثار التي كانت مُعرّضة للغرق، تحت مياه البحيرة التي تشكّلت خلف السد العالي.

وعدّ العالم الأثري أن «ما قام به مركز تسجيل الآثار، منذ تأسيسه، من توثيق دقيق وشامل، كان أساساً لنجاح هذا المشروع الضخم. فالمركز لا يحتفظ فقط بالوثائق، بل يسرد قصة كفاح حضاري، ويجسّد ذاكرة الأمة في مواجهة خطر ضياع أحد أبرز معالمها»، واصفاً إياه بأنه «ليس مجرد أرشيف، بل مؤسسة حية تحفظ نبض التاريخ».

وقام المركز بأعمال التسجيل والتوثيق العلمي للكثير من المناطق الأثرية على مستوى الجمهورية، مثل تسجيل وتوثيق 21 معبداً من آثار النوبة، ثم توجّهت جهود المركز إلى تسجيل آثار محافظات الأقصر وأسوان وأسيوط والإسكندرية والبحيرة والشرقية وبني سويف.

أحد مشاهد التوثيق لمعبد في النوبة (وزارة السياحة والآثار)

ويضم المركز أرشيفاً علمياً يعمل على تطويره بعملية التحويل الرقمي للصور الأبيض والأسود، وكذلك للسلبيات (الأفلام) الزجاجية والجيلاتينية.

«في ظل التحديات التي يواجهها التراث الثقافي اليوم، تصبح العودة إلى تلك اللحظة المضيئة في خمسينات وستينات القرن الماضي مصدر إلهام»، وفق عبد البصير، الذي يؤكد أن «صون الهوية الحضارية لا يقل أهمية عن البناء الاقتصادي أو السياسي».

أما معبد فيلة بأسوان فهو من المعابد التي نُقلت بعد بناء السد العالي، ويعود إنشاؤه إلى عهد الملك بطليموس الثاني فيلادلفوس (285 - 246 قبل الميلاد)، وكان مخصصاً لإيزيس وطفلها حورس، وبجواره معبد آخر لحتحور، وهي آثار تم نقلها من جزيرة فيلة إلى جزيرة أجيلكيا خلال حملة «اليونيسكو» في ستينات القرن الماضي لإنقاذ المواقع الأثرية التي غمرتها المياه بعد إنشاء السد العالي في أسوان.


مقالات ذات صلة

تحديد هوية صاحب مقبرة مكتشفة بالسبعينات في الأقصر

يوميات الشرق الكشف عن هوية صاحب المقبرة «كامب 23» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تحديد هوية صاحب مقبرة مكتشفة بالسبعينات في الأقصر

تمكنت البعثة الأثرية المصرية - الكندية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة أونتاريو من تحديد هوية صاحب مقبرة «كامب 23» بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
ثقافة وفنون جِرار من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي

أفاعي ساروق الحديد

تحضر صورة الأفعى وتتعدّد تقاسيمها التشكيلية في مجموعات مختلفة من القطع الأثرية مصدرها مواقع متفرقة من شمال شرقي الجزيرة العربية

محمود الزيباوي
يوميات الشرق المنطقة الأثرية شهدت أعمال ترميم تمهيداٍ لافتتاحها للزيارة (الشرق الأوسط) play-circle 01:06

مصر تنتهي من مشروع إنقاذ منطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية انتهاءها من مشروع إنقاذ منطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية (شمال مصر)، بعد سنوات من العمل على المشروع.

عبد الفتاح فرج (الإسكندرية (مصر))
يوميات الشرق تمثال لأحد ملوك العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

​مصر تدرس إنشاء متحف تحت الماء للآثار الغارقة في الإسكندرية

تبحث مصر عن أفضل السبل للاستفادة من الآثار الغارقة في الإسكندرية خصوصاً في خليج أبو قير.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المتحف المصري بالتحرير (وزارة السياحة والآثار)

مصر لتوظيف الذكاء الاصطناعي في ترميم المومياوات الأثرية

تسعى مصر لتعزيز الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في دعم جهود الترميم، والحفاظ على المومياوات، والمقتنيات الأثرية، ضمن فعالية استضافها المتحف المصري في التحرير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

استخدام الأطفال «السوشيال ميديا» يصيبهم بالاكتئاب

الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصي بتطبيق خطة تساعد الأسر على تنظيم الاستخدام الرقمي بشكل صحي (جامعة ملبورن)
الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصي بتطبيق خطة تساعد الأسر على تنظيم الاستخدام الرقمي بشكل صحي (جامعة ملبورن)
TT

استخدام الأطفال «السوشيال ميديا» يصيبهم بالاكتئاب

الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصي بتطبيق خطة تساعد الأسر على تنظيم الاستخدام الرقمي بشكل صحي (جامعة ملبورن)
الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصي بتطبيق خطة تساعد الأسر على تنظيم الاستخدام الرقمي بشكل صحي (جامعة ملبورن)

أظهرت دراسة أميركية أن زيادة استخدام الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي ترتبط بارتفاع أعراض الاكتئاب لديهم؛ ما يشير إلى أن «السوشيال ميديا» قد تكون سبباً مباشراً في تزايد مشاكل الصحة النفسية عند الأطفال، وليس العكس.

وأوضح الباحثون من جامعة كاليفورنيا أن الدراسة تقدم دليلاً قوياً على أن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون سبباً مباشراً في تطور أعراض الاكتئاب لدى الأطفال، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «JAMA Network Open».

ويواجه الجيل الأصغر اليوم تحدياً معقداً يتمثل في الموازنة بين الفوائد والمخاطر المرتبطة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. فبينما تسهم هذه الوسائل في توفير بيئة مهمة للتواصل الاجتماعي والتفاعل مع الأصدقاء، خصوصاً في مرحلة المراهقة التي تحتاج إلى الدعم الاجتماعي، إلا أنها مرتبطة أيضاً بزيادة أعراض الاكتئاب والسلوكيات الخطرة، مثل التنمر الإلكتروني وتجربة المخدرات.

وهذا التناقض يجعل من الصعب على الأطفال والمراهقين الاستفادة الكاملة من وسائل التواصل الاجتماعي دون التعرض لمخاطر تؤثر على صحتهم النفسية والجسدية.

لذا؛ توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بتطبيق خطة تساعد الأسر على تنظيم الاستخدام الرقمي بشكل صحي، تتضمن تحديد أوقات يكون فيها استخدام الشاشات ممنوعاً، مثل أثناء تناول الوجبات أو قبل النوم، وتشجيع الأحاديث المفتوحة بين الآباء والأطفال حول عادات استخدام الأجهزة الرقمية، بما يعزز الوعي والقدرة على التحكم في الوقت المخصص لوسائل التواصل.

وتهدف هذه الخطة لبناء عادات رقمية متوازنة تحمي الأطفال من الأضرار المحتملة لوسائل التواصل، وتساعدهم على الاستفادة من مزاياها بطريقة آمنة وصحية.

وشملت الدراسة 12 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات، وتمت متابعتهم بعد 3 سنوات في عمر 12 لـ13 عاماً.

ووجد الباحثون أن متوسط استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي ارتفع من 7 دقائق يومياً لـ73 دقيقة خلال تلك الفترة، بينما زادت أعراض الاكتئاب بنسبة 35 في المائة.

وكشفت النتائج عن أن الأطفال الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد يعانون ارتفاعاً في أعراض الاكتئاب، في حين أن ظهور أعراض الاكتئاب لم يكن مؤشراً على زيادة لاحقة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ ما يعني أن السبب يسير في اتجاه واحد؛ وهو أن الاستخدام المفرط يسبق ظهور الاكتئاب، وليس العكس.

وأشار الباحثون إلى أن النتائج تشجع الأهالي والمربين على تبني استراتيجيات فعالة لإدارة وقت الشاشة، مثل وضع أوقات خالية من الشاشات، وتنظيم الحوار مع الأطفال حول الاستخدام الآمن والواعي للتقنيات الرقمية.

وأضافوا أن الدراسة تسهم في توجيه جهود البحث والتطوير لابتكار حلول للحد من مخاطر التنمر الإلكتروني وتحسين الصحة النفسية للأطفال في العصر الرقمي.