جولة بين الجواسيس... الاستخبارات البريطانية تعرض نجاحاتها وإخفاقاتها

جهاز «إم آي 5» يفتح ملفاته منذ بدايات القرن الماضي... انتصار على الألمان وفشل أمام الروس... وأضخم العمليات ضد «القاعدة»

معدات راديو متطورة عُثر عليها مدفونة في حديقة الجاسوسَين السوفياتيَّين هيلين وبيتر كروجر في ستينات القرن الماضي مُعارة من مقر الاتصالات الحكومية البريطانية (GCHQ) (National Archives)
معدات راديو متطورة عُثر عليها مدفونة في حديقة الجاسوسَين السوفياتيَّين هيلين وبيتر كروجر في ستينات القرن الماضي مُعارة من مقر الاتصالات الحكومية البريطانية (GCHQ) (National Archives)
TT

جولة بين الجواسيس... الاستخبارات البريطانية تعرض نجاحاتها وإخفاقاتها

معدات راديو متطورة عُثر عليها مدفونة في حديقة الجاسوسَين السوفياتيَّين هيلين وبيتر كروجر في ستينات القرن الماضي مُعارة من مقر الاتصالات الحكومية البريطانية (GCHQ) (National Archives)
معدات راديو متطورة عُثر عليها مدفونة في حديقة الجاسوسَين السوفياتيَّين هيلين وبيتر كروجر في ستينات القرن الماضي مُعارة من مقر الاتصالات الحكومية البريطانية (GCHQ) (National Archives)

قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن هذا الموضوع لا بد أنه منشور في المساحة الخطأ. فالقارئ العربي لن يشعر، على أغلب الظن، براحة نفسية وهو يجول بين جواسيس أجهزة الأمن. السوري سيتبادر إلى ذهنه، ربما، فرع فلسطين السيئ السمعة في أجهزة النظام السابق. العراقي سيرتعد فزعاً وهو يستعيد ما يعرفه عن غرف التعذيب في دهاليز أجهزة استخبارات الرئيس الأسبق صدام حسين. أما الليبي فسيفكر في «سجن أبو سليم» أو «محكمة الشعب» خلال حكم العقيد الراحل معمر القذافي. وما ينطبق على سوريا والعراق وليبيا لا بد أنه ينطبق كذلك على كثير من الدول العربية.

لذا، إذا كان جواسيس أجهزة الاستخبارات يثيرون الرعب في قلبك، فهذا الموضوع لا يعنيك بالتأكيد.

مناسبة هذه المقدمة هي التقديم لمعرض يقيمه جهاز الأمن البريطاني (إم آي 5) ويستعرض فيه بعض أبرز إنجازاته، مع إقرار بإخفاقاته أيضاً. يتعرَّف الزائر على معلومات عن أبرز جواسيسه التاريخيين، مسلطاً الضوء على ما قاموا به منذ تأسيس جهاز الاستخبارات البريطاني في أوائل القرن العشرين. إضافة إلى الجواسيس، يتضمَّن المعرض بعضاً من الأجهزة التقنية التي استخدموها، والتي تبدو اليوم، مع سرعة التقدم التكنولوجي، في مكانها الصحيح: متحف المحفوظات التاريخية.

يقدِّم المعرض المقام في أحد أجنحة الأرشيف الوطني بضاحية كيو، جنوب غربي لندن، لمحةً عن تاريخ إنشاء جهاز الاستخبارات البريطاني في بدايات القرن العشرين، في خضم حمّى خوف متفشٍّ عمَّ الشارع البريطاني من تحضير الألمان لغزو البلاد. تمهيداً لذلك، أرسلت ألمانيا شبكةً واسعةً من جواسيسها لجمع معلومات تساعد جيشها عندما يبدأ الغزو. وللتصدي لشبكة الجواسيس المفترضة، قرَّرت الحكومة البريطانية، عام 1909، إنشاء «مكتب الخدمات السري» الذي كان أول جهاز من نوعه في بريطانيا مهمته التصدي للجواسيس الأجانب. بدأ المكتب عمله بعنصرين فقط: الكابتن فيرنون كل، القادم من صفوف الجيش، والكوماندر مانسفيلد كامينغ، الآتي من البحرية الملكية. وسرعان ما انقسم عملهما إلى فرعين مستقلين: أسس فيرنون كل الاستخبارات الداخلية المكلفة التصدي للتجسس الأجنبي (إم آي 5)، بينما أسَّس كامينغ الاستخبارات الخارجية (إم آي 6) ومهمتها التجسس خارج بريطانيا.

نسخ طبق الأصل من ملفات «MI5» السرية للغاية سابقاً بما في ذلك ملفات الجواسيس والعملاء المزدوجين (National Archives)

ربما كان الخوف من شبكات التجسس الألمانية مبالغاً فيه، لكن الحرب العالمية الأولى أظهرت أن هناك فعلاً مبرراً للقلق. ففي 4 أغسطس (آب) 1914، أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا، وزعمت، في اليوم التالي مباشرة، أنها حطَّمت شبكات التجسس التي زرعها الألمان. اعتقل البريطانيون فوراً 21 جاسوساً حقيقياً أو مشتبهاً بأنهم جواسيس لألمانيا، وخلال الحرب اعتقلوا 11 جاسوساً كان مصيرهم الإعدام. مع خسارتهم شبكة عملائهم، اضطر الألمان إلى خفض نشاطهم الاستخباراتي في بريطانيا بعد عام 1915. شكَّل ذلك انتصاراً واضحاً للجواسيس البريطانيين على الألمان. على الأقل هذا ما تحاول أن تُظهره لوحة معلومات معلقة على جدار في معرض «إم آي 5».

هُزمت ألمانيا في الحرب الأولى، لكنها سرعان ما أعادت الكرّة في بدايات الحرب العالمية الثانية. تُقدِّم إحدى اللوحات المعروضة في المعرض معلومات عن إطلاق ألمانيا النازية، عام 1940، حملة تجسس في بريطانيا تمهيداً لغزوها. وصل الجواسيس الألمان في زوارق أو غواصات، بينما وصل بعضهم جواً عبر مظلات. توضِّح لوحة التعريف أن كثيراً منهم (الجواسيس الألمان) «كانوا من ذوي التدريب الرديء. بعضهم لم يكن يتكلم الإنجليزية إطلاقاً، وجميعهم فعلياً تم رصدهم واعتقالهم». وجد المعتقلون أنفسهم في قاعدة لـ«إم آي 5» تُعرف بـ«معسكر 020» في ضاحية هام كومون قرب ريتشموند بمقاطعة ساري (على أطراف لندن)، حيث حاول المحققون «قلب» العملاء الألمان كي يصيروا «عملاء مزدوجين». نجح البريطانيون في «قلب» بعضهم. تتباهى إحدى اللوحات في المعرض بأن الاستخبارات البريطانية لعبت دوراً بارزاً في النصر على ألمانيا نتيجة عمليات نفَّذها 120 من «العملاء المزدوجين» الذين كانوا يعملون لمصلحة البريطانيين خلال الحرب العالمية الثانية. تشير لوحة معلومات أخرى إلى أن بريطانيا لاحقت، بين عامَي 1940 و1946، 19 جاسوساً بتهمة الخيانة، وأعدمتهم. أحد هؤلاء كان يوسف يعقوب الذي هبط بمظلة، لكنه أُصيب بكسر في الساق وتم اعتقاله. في التحقيق، زعم يعقوب أنه جاء ليقدم تقارير عن «أوضاع الطقس». لم ينقذه نفيه. أعدمه البريطانيون، بموجب قانون الخيانة، في قلعة لندن الشهيرة، وكان الشخص الأخير الذي يُعدَم هناك.

الدليل على أن يوسف يعقوب آخر شخص تم إعدامه في برج لندن كان جاسوساً ألمانياً (National Archives)

لا يشير جهاز الأمن البريطاني بالتفصيل إلى طريقة انتزاع الاعترافات من الموقوفين. لكنه يخصِّص قسماً من المعرض لضابط كبير يدعى روبن ستيفنز، الملقب بـ«صاحب النظارة بعين واحدة» (كان يضع نظارة بعين واحدة). قاد ستيفنز معسكر «هام كومون» التابع لجهاز الأمن والمخصَّص للتحقيق مع الجواسيس المفترضين، وكان معروفاً بأنه «متقلب المزاج وشرس». هذا التوصيف الذي يقدِّمه الجهاز لقائد معسكر التحقيق، سرعان ما يضيف إليه تأكيداً بأنه منع استخدام «العنف الجسدي» ضد السجناء في «المعسكر 020»، لكنه «سمح باستخدام الضغط النفسي». سواء استخدم العنف الجسدي أو الضغط النفسي، سيبدو «صاحب النظارة بعين واحدة»، على الأرجح، وكأنه ملاك مقارنة مع ما قام به المحققون في مراكز التعذيب العربية... على غرار الأهوال التي كُشفت أخيراً عمّا كان يحصل في «سجن صيدنايا» السوري السيئ السمعة.

يخصص قسم من المعرض لضابط كبير يدعى روبن ستيفنز الملقب بـ«صاحب النظارة بعين واحدة» (الشرق الأوسط)

يتضمَّن المعرض كاميرات قديمة كان الجواسيس البريطانيون يستخدمونها لتصوير العملاء المشتبه بهم، وأجهزة تنصت على الهواتف والمنازل. ويشير الجهاز إلى أن فريقاً، معظمه من النساء، كان يتولى تفريغ نصوص تسجيلات التنصت، مقرّاً بأن النساء لم يتم ضمهن إلى فرع المراقبة (المعروف بـ«آي 4») سوى في خمسينات القرن الماضي. وحتى في ذلك الوقت، لم يكن مسموحاً لهن بالبقاء في منصبهن هذا سوى لـ5 سنوات حدّاً أقصى. كما أن مهماتهن في الواقع لم تعدُ أن يكنَّ جاسوسات نيابةً عن الضباط الغائبين عن عمليات المراقبة.

من كاميرات جهاز «إم آي 5» (National Archives)

نجاحات وإخفاقات

يتباهى جهاز الأمن «إم آي 5» بقصص نجاحات عديدة، بينها قصة أوليغ غورديفسكي. هذا الضابط في جهاز الأمن والاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) جنَّده البريطانيون للعمل لمصلحتهم بدءاً من عام 1974. استدعاه الـ«كي جي بي» للعودة إلى موسكو للاشتباه في أنه جاسوس مزدوج، لكن البريطانيين رتَّبوا هروبه عام 1985. تُظهر إحدى لوحات المعرض كيف تم إبلاغ رئيسة الحكومة الراحلة مارغريت ثاتشر بتهريب العميل «هتمان» (الكود السري لغورديفسكي) بعدما قدَّم «كمية كبيرة جداً من المعلومات البالغة القيمة عن نشاط الاستخبارات السوفياتية».

نجاحات «إم آي 5» قابلها أيضاً إقرار بالفشل. خصَّص جهاز الأمن قسماً من المعرض لكلاوس فوش الذي لم يُكشف سوى عقب نقله أسرار القنبلة النووية الأميركية (مشروع مانهاتن) للروس خلال الحرب العالمية الثانية. يُقرُّ جهاز الأمن بأن قضية «الجاسوس الذري» فوش، أثبتت آنذاك أن إجراءات التثبت من عدم وجود اختراق استخباراتي للأمن البريطاني لم تكن كافيةً، خصوصاً أنه خضع لإجراءات كشف العملاء 3 مرات، وكان ينجح في كل مرة. ألحقت فضيحة فوش ضرراً كبيراً بالعلاقة الاستخباراتية الخاصة مع الأميركيين، لكنها لم تكن الانتصار الوحيد للسوفيات على البريطانيين. في الواقع، يُخصِّص معرض «إم آي 5» جزءاً من أقسامه لإخفاقاته في مواجهة الروس، وتحديداً في قضية مَن يسميهم «جواسيس كمبردج»: هارولد (كيم) فيلبي، وغاي بيرجس، ودونالد ماكلين، وجون كيركروس. شكَّل هؤلاء أرفع شبكة استخبارات سوفياتية داخل الاستخبارات البريطانية. كانوا جميعاً من خريجي جامعة كمبردج وجنَّدهم السوفيات منذ ثلاثينات القرن الماضي.

حقيبة الجاسوس غاي بيرجيس التي احتوت على رسائل وأوراق وصور مُعارة من جهاز الأمن (National Archives)

إضافة إلى جواسيس شبكة كمبردج، يُقرُّ معرض جهاز الأمن البريطاني باختراق سوفياتي آخر تمثَّل فيما تُعرف بـ«حلقة جواسيس بورتلاند» خلال حكومة المحافظين بقيادة هارولد ماكميلان في ستينات القرن الماضي. ضمت خلية الجواسيس موظفَين في الحكومة البريطانية يعملان في فرع للبحرية الملكية مخصص لعمليات الرصد تحت الماء في بورتلاند بمقاطعة دورست (غرب إنجلترا). مرَّر الموظفان للاستخبارات السوفياتية تفاصيل سرية عن مشروع الغواصات البريطاني. ضمت الشبكة أيضاً عميلين آخرين لـ«كي جي بي» من مواليد أميركا كانا يتظاهران بأنهما بائعا كتب نادرة. فكَّك البريطانيون هذه الشبكة ولكن ليس نتيجة جهدهم الخاص، فقد أبلغتهم عنها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بعدما كشفها لهم عميل بولندي.

الحرب ضد الإرهاب

لا يكتفي معرض الاستخبارات البريطانية بتناول النجاحات والإخفاقات التاريخية، إذ إن قسماً منه يتناول أيضاً الحرب ضد تنظيم «القاعدة» وكيف كشفت «عملية أوفيرت»، وهي أكبر عملية لمكافحة الإرهاب في تاريخ «إم آي 5» وشرطة لندن، خلية انتحاريين كانت تخطِّط لتفجير 7 طائرات تنطلق من مطار هيثرو إلى الولايات المتحدة في صيف عام 2006. يتضمَّن المعرض نموذجاً للسوائل المتفجرة التي كان سيستخدمها الانتحاريون، التي كانت مخفيةً في عبوات مشروبات. كما يتضمَّن المعرض تفاصيل عن العملية التي نفَّذتها، على الأرجح، الاستخبارات الروسية في قلب لندن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 وأسفرت عن مقتل ألكسندر ليتفينينكو، ضابط الاستخبارات الروسية (إف إس بي). كان الأخير يعمل لمصلحة الاستخبارات البريطانية، وقتله عميلان روسيان بعدما دسَّا له سم «بولونيوم 210» المشع في فنجان شاي كان يحتسيه بفندق شهير في العاصمة البريطانية.

يستمر المعرض المجاني حتى 28 سبتمبر (أيلول) المقبل.


مقالات ذات صلة

«نبض المحروسة»... معرض بانورامي عن سحر ليالي القاهرة

يوميات الشرق معرض «نبض المحروسة» يقدم رؤية فنية للقاهرة الآسرة في ساعات الليل (الشرق الأوسط)

«نبض المحروسة»... معرض بانورامي عن سحر ليالي القاهرة

من الطاقة المتدفقة في شرايين القاهرة، بفعل حركتها الدائبة ليلاً ونهاراً، يستمد الفنان المصري محمد عبد الجليل أفكار لوحاته.

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق رحيل الفنان عصمت داوستاشي (وزارة الثقافة المصرية)

الوسط التشكيلي المصري يودّع عصمت داوستاشي

ودَّعت الحركة التشكيلية بمصر الفنان عصمت داوستاشي، الثلاثاء، عن عمر ناهز 82 عاماً تاركاً إرثاً كبيراً من الأعمال الفنية والكتب الأدبية والمتخصصة في تاريخ الفن.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق اختير المنتخب من بين أكثر من 291 ألف طالب وطالبة تنافسوا محلياً (واس)

40 سعودياً ينافسون على جوائز «آيسف 2025» العالمية

أنهى المنتخب السعودي للعلوم والهندسة تحضيراته النهائية للمشاركة في «معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة» (آيسف 2025)، الذي يُعدُّ أكبر محفل علمي تنافسي عالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق بألوان زاهية وأخرى دافئة ترسم ذكرياتها (الشرق الأوسط)

«أصداء الصيف»... لوحات تغمسك في بحر الذكريات اللبنانية

توثّق التشكيلية اللبنانية روزي دانيال لبنان بريشتها مستحضرة لحظات الفرح والحنين من قلب البحر والذكريات.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أعمال الفنان تحمل الكثير من الدراما (الشرق الأوسط)

«طقوس على حافة الوجود»... لوحات تستدعي الأساطير الشعبية

من قلب الحارات الشعبية، وتحديداً من منطقة القلعة بالقاهرة الفاطمية، تشكلت الرؤية البصرية الأولى للفنان المصري عادل ثروت؛ لتنعكس بعد ذلك في أعماله.

محمد الكفراوي (القاهرة )

غرانثام تحتفل بمئوية «المرأة الحديدية»... مارغريت تاتشر تعود

الأقوى بعد الملكة (غيتي)
الأقوى بعد الملكة (غيتي)
TT

غرانثام تحتفل بمئوية «المرأة الحديدية»... مارغريت تاتشر تعود

الأقوى بعد الملكة (غيتي)
الأقوى بعد الملكة (غيتي)

تستعدُّ مدينة غرانثام، مسقط «المرأة الحديدية»، رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر، لإقامة مهرجان يمتدّ لأسبوع احتفالاً بالذكرى المئوية لميلادها.

ووفق «التلغراف»، من المقرّر أن تُكرَّم البارونة الراحلة تاتشر من خلال مجموعة متنوّعة من الفعاليات، تشمل عروضاً مسرحية، وفنوناً بصرية، وخُطَباً، وذلك في مدينة غرانثام بمقاطعة لنكولنشاير.

وقال رئيس المجلس المحلّي، المستشار أشلي باكستر، عند إعلانه عن الخطط: «سواء أكنتم أبناء حدّاد، أو أبناء عامل منجم فحم، أو أبناء رجل أعمال، أو حتى أبناء عامل عاطل عن العمل... على أيّ شخص يزور غرانثام في ذلك الأسبوع أن يدرك أنها كانت مسقط مارغريت تاتشر».

ستُكرَّم البارونة تاتشر بمجموعة متنوّعة من الفعاليات (أ.ف.ب)

وخلال اجتماع لمجلس منطقة ساوث كستيفين، طُرحت أفكار لإحياء ذكرى ميلادها في 13 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تضمَّنت بيع أكواب بأسماء مستوحاة من شخصية تاتشر، مثل «المرأة الحديدية»، و«فتاة غرانثام»...

ومنذ وفاتها عام 2013، لا تزال غرانثام منقسمة بشأن علاقتها بها. ففي 2022، رُشق تمثال لها بلغت تكلفته 300 ألف جنيه إسترليني بالبيض بعد أقل من ساعتين على نصبه في المدينة.

وقال المستشار باكستر لأعضاء المجلس إنّ «التحضيرات جارية» لتنظيم الفعاليات، مضيفاً: «لستُ من المعجبين بإرثها السياسي، لكنني أريد لهذا الأسبوع أن يُضيء على القصة كاملة بطريقة مُنصفة ومتوازنة، وسيتضمّن عروضاً مسرحية وأفلاماً وأعمالاً فنّية وجولات في المدينة، بالإضافة إلى استضافة عدد من المتحدّثين المعروفين».

وختم: «هدفي أن يغادر أيّ شخص يأتي إلى غرانثام وهو يشعر بأنّ القصة رُويت بإنصاف».

بدورها، قالت نائبة مدير الترفيه والثقافة في المجلس، كارين ويتفيلد، إنّ الذكرى «تمثّل حدثاً مهماً لمدينة غرانثام»، وأشارت إلى أنّ عدداً من الجهات والمنظّمات أبدت رغبتها في تنظيم فعاليات بهذه المناسبة، لذلك يسعى المجلس إلى جمع جميع الأطراف تحت مظلّة مهرجان موحّد.

لا تزال غرانثام منقسمة بشأن علاقتها بتاتشر (غيتي)

وقضت الليدي تاتشر طفولتها في منزل فوق متجر بقالة كان يمتلكه والدها في شارع نورث باريد، الذي لم يعد قائماً اليوم، لكن الموقع لا يزال يُشار إليه بلوحة تذكارية تخليداً لذكرى ميلادها. وفي عام 1943، غادرت رئيسة الوزراء الراحلة مقاطعة لنكولنشاير لدراسة الكيمياء في جامعة أكسفورد، قبل أن تدخل عالم السياسة.

من جانبها، قالت العضوة المسؤولة عن شؤون الإسكان في المجلس، المستشارة فيرجينيا موران، إنّ المدينة منقسمة بالتساوي بين مؤيّد ومعارض لشخصية تاتشر الجدلية. وأضافت: «كانت بعض سياساتها قاسية ووحشية، لكنها لم تسمح لأيّ دولة أخرى بأن تُملي قراراتها. أما فيما يتعلّق بالنساء، فقد كانت تاتشر الشخصية الأقوى في البلاد بعد الملكة».

وتابعت: «كان ثمة كثير مما يُمكن الإعجاب به فيها، وكثير مما يثير الاستياء. ولا أعتقد أنّ هناك زعيماً دافع عن بريطانيا كما فعلت تاتشر».