حين يتصفح الأشخاص مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة وينظرون إلى صور ومنشورات الأصدقاء والمشاهير والمؤثرين، فمن السهل الوقوع في فخ المقارنة بين حياتهم وحياة غيرهم.
وتُقدّم لنا منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك» لقطات مختارة بعناية من حياة الآخرين، فنرى من خلالها صوراً رائعة لعطلات، وإنجازات مهنية، وعائلات مثالية، ومنازل نظيفة، ولكن نادراً ما نرى المشاكل والصراعات الموجودة خلف الكواليس.
لهذا السبب، من الطبيعي أن نبدأ بافتراض أن الآخرين يمتلكون كل ما نفتقر إليه. وهذا يُؤثر سلباً على تقديرنا لذاتنا وثقتنا بأنفسنا.
وبحسب موقع «سايكولوجي توداي»، تُشير الدراسات إلى أن كثرة المقارنات على وسائل التواصل الاجتماعي ترتبط بانخفاض تقدير الذات، وزيادة القلق، وارتفاع معدلات الاكتئاب، والمشاكل المتعلقة بصورة الجسم.
ونقل الموقع عن عالمة النفس الأميركية إيمي مورين قولها: «بينما قد يبدو من الطبيعي قياس أدائك مقارنةً بالآخرين، فإن المقارنات قد تستنزف قواك العقلية، وتؤثر سلباً على صحتك النفسية، وتضعف ثقتك بنفسك».
وأضافت مورين: «تؤثر المقارنات على طريقة تفكيرك، وشعورك تجاه نفسك، وكيفية تفاعلك مع الآخرين. ولكن لحسن الحظ، بمجرد إدراكك أنها أصبحت مشكلة، يمكنك تعلم كيفية التحرر منها واستعادة ثقتك بنفسك».
علامات تدل على أنك عالق في فخ المقارنة
قياس قيمتك بإنجازات الآخرين
هل تشعر أن ما أنجزته غير كافٍ أبداً، أو تقول لنفسك باستمرار: «يجب أن أحصل على المزيد من المال، أو المزيد من الأصدقاء، أو أحقق المزيد من النجاح؟». إذا كان الأمر كذلك، فأنت عالق في فخ المقارنة التي تسبب لك شعوراً دائماً بالنقص، بحسب مورين.
صعوبة الاحتفال بنجاحات الآخرين
تقول مورين: «بدلاً من الشعور بالسعادة عندما يحقق صديق أو زميل إنجازاً ما، فإن الشخص الذي يعاني من المقارنات الزائدة يشعر دائماً بالحسد والاستياء تجاه نجاحات الآخرين. فالمقارنة تُصعّب بناء علاقات صحية والحفاظ عليها».
الشعور بالجمود قبل بدء أي تجربة جديدة
هل رغبت في تجربة شيء جديد، مثل هواية أو مسار مهني جديد، ثم قلت لنفسك: «لماذا كل هذا العناء، لن أكون أبداً بمستوى هذا الشخص؟». إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن ثقافة المقارنة تُسيطر على خياراتك وتمنعك من التركيز على نقاط قوتك وأهدافك، وفقاً لما أكدته مورين.
خطوات للتحرر من المقارنة
تقول مورين: «بتغيير عقليتك واتخاذ خطوات مدروسة، يمكنك حماية صحتك النفسية، وإعادة بناء ثقتك بنفسك».
ونصحت مورين باتباع بعض الاستراتيجيات المدعومة علمياً للتحرر من المقارنة. وهذه الاستراتيجيات هي:
حدّد تعريفك الخاص للنجاح
تقول مورين: «من الصعب مقارنة نفسك بشخص آخر إذا كنت واضحاً تماماً بشأن قيمك وأهدافك الخاصة، وبشأن تعريفك الخاص للنجاح».
وتضيف: «على سبيل المثال، إذا كان قضاء وقت ممتع مع عائلتك من أهم أولوياتك، فلن تشعر بالغيرة تجاه شخص يركز على تطوير نفسه مهنياً. وإذا كان السفر حول العالم هو حلمك الأساسي، فقد لا تقارن نفسك بشخص يمتلك منزلاً ضخماً».
اعتبر الآخرين مصدر إلهام لا منافسة
عندما يحقق شخص ما حلماً كنت تريد تحقيقه، قاوم الرغبة في تصويره كمنافس. بدلاً من ذلك، غيّر وجهة نظرك وانظر إليه كـ«مصدر إلهام» قد تتعلم منه.
وتقول مورين: «على سبيل المثال، اسأل نفسك: ما المهارات أو المعلومات التي يمتلكها هذا الشخص والتي يمكنني العمل على تطويرها؟». بدلاً من الشعور بالإحباط بعد رؤية نجاحات الغير، ركّز على كيفية تطوير نفسك.
كن انتقائياً في استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي
تقول مورين: «قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي نعمةً ونقمةً في آنٍ واحد، وذلك بحسب كيفية تفاعلك معها. انتبه للحسابات التي تتابعها. هل تُلهمك هذه الحسابات بشكل إيجابي أو تُشعرك بالدونية؟».
وتنصح مورين الأشخاص بإلغاء متابعة الحسابات التي تُثير مشاعر النقص أو الحسد، ومتابعة الصفحات والحسابات المليئة بالمنشورات المُلهمة.
حِدّ من وقتك على الإنترنت
تؤكد مورين ضرورة وضع حدود للوقت الذي يقضيه الشخص على وسائل التواصل الاجتماعي، وممارسة الأنشطة غير المتصلة بالإنترنت التي تدعمه نفسياً، سواء كان ذلك المشي لمسافات طويلة، أو الطبخ مع الأحباء... فهذه الأمور تحسن المزاج وتزيد من الشعور بالرضا.
مارِس الامتنان
تقول مورين: «أحياناً، قد تُعمينا المقارنة عن رؤية ما نملكه بالفعل. ومن ثم، فإن ممارسة الامتنان بانتظام تُساعدك على إعادة تركيزك على الجوانب الإيجابية في حياتك».
ونصحت عالمة النفس الأشخاص بتدوين 3 أشياء يشعرون بالامتنان لها يومياً، مهما بدت صغيرة.