افتح الباب «للغباء»... لماذا يجب ألا تقدم أفضل ما لديك كل يوم؟

يحدّ الإفراط في التفكير من نجاحنا أكثر من فشلنا (رويترز)
يحدّ الإفراط في التفكير من نجاحنا أكثر من فشلنا (رويترز)
TT
20

افتح الباب «للغباء»... لماذا يجب ألا تقدم أفضل ما لديك كل يوم؟

يحدّ الإفراط في التفكير من نجاحنا أكثر من فشلنا (رويترز)
يحدّ الإفراط في التفكير من نجاحنا أكثر من فشلنا (رويترز)

لا يهدف الرياضيون المحترفون إلى تحقيق أرقامهم القياسية الشخصية كل يوم، ومع ذلك، نحاول أحياناً تحقيق ذلك في عملنا وحياتنا الشخصية، ونهدف إلى أن يكون أداؤنا اليومي أفضل أداء لنا على الإطلاق.

ولكن ليس فقط لأن تحقيق أفضل أداء يومياً أمر مستحيل، بل لأنه يجب ألا نحاول ذلك لأنه هدف غير مفيد، وفقاً لتقرير نشره موقع «سيكولوجي توداي».

التوزيع الطبيعي لأدائنا

عندما نحاول تحقيق مزيد من الاتساق في الأداء، ننتهي في منتصف منحنى الأداء - الوسط الرتيب، ونفوّت على أنفسنا الجوانب الإيجابية والسلبية للمنحنى.

وعندما يكون العلماء في أوج إنتاجيتهم، عادةً ما يُنتجون أفضل أعمالهم وأسوأها، إذ عندما يتعلق الأمر بالفكر الإبداعي، لا تُتاح الفرصة للأفكار العظيمة للظهور إلا من خلال تشجيع الأفكار «الغبية».

ليست كل لوحة فنية تُضاهي لوحة الموناليزا. ولا كل نشرة إخبارية تُضاهي أفضل ما لديك. ولا كل صفقة تجارية تُحقق أقصى ربحية. فعندما نحاول تكرار أفضل أداء لدينا، يُقيّد ذلك التجريب.

ينطوي السلوك البشري على مقايضات بين الاستغلال والاستكشاف. ونختار باستمرار بين استخدام استراتيجيات مُجرّبة (الاستغلال) واختبار مناهج جديدة (الاستكشاف).

فعندما نُرهق أنفسنا بالكثير من الضغط لتحقيق أداء عالٍ فائق الاتساق، سنلجأ إلى استراتيجيات الاستغلال، سنلجأ إلى ما نعرف أنه ناجح. على سبيل المثال، أنت مطور عقارات تُجدد العقارات، وتحصل على صفقتك التالية بنفس الطريقة التي حصلت بها على صفقتك السابقة.

إرهاق النفس يومياً بتحسين الأداء لمعادلة أفضل أداءٍ لدينا أو تجاوزه، يجعل الشخص أقل رغبة في الاستكشاف والتجربة - لتجربة سلوكيات وخيارات جديدة من دون التأكد من نتائجها. وللتفوق، علينا أن نكون مستعدين لتجربة تجارب ذات نتائج غير مؤكدة.

ولتحمل التباين في أدائنا، نحتاج إلى مهارات نفسية. وأحد أسباب انجذاب الناس إلى الثبات هو أن التباين يُمثل تحدياً نفسياً. وينطوي الأداء غير المستقر على الكثير من التقلبات المعرفية والعاطفية.

وللوصول إلى أعلى مستويات الأداء، نحتاج إلى تطوير مهارات نفسية تُساعدنا على تحمل التباين اليومي في نتائجنا. نحتاج إلى تعلم كيفية مواكبة أنفسنا حيث نحن.

على وجه الخصوص، نحتاج إلى مهارات للتعامل مع التفكير المُفرط والشك الذي ينشأ في الأيام التي تكون فيها نتائجنا دون المستوى المطلوب. كما نحتاج إلى مهارات لمواجهة بعض الميول البشرية، مثل التصرف بمزيد من التحكم عندما نشعر بعدم اليقين. قد تؤدي هذه الاستجابة المسيطرة إلى مفارقة الإفراط في التفكير، حيث يُحدّ الإفراط في التفكير من نجاحنا أكثر من فشلنا.

لا ترتكب خطأ محاولة تقديم أفضل ما لديك باستمرار

عندما نكون متحمسين للتفوق، غالباً ما نعتقد خطأً أن الثبات على أعلى مستوى هو الهدف. وكما لا يحاول الرياضي تحقيق أرقام قياسية يومية، فلا ينبغي عليك فعل ذلك أيضاً.

إليك طريقة بسيطة لتجربة كيف يؤدي السماح بالأداء «السيئ» إلى نتائج أفضل بشكل عام:

جرّب بنفسك: يُحاكي «تشات جي بي تي» وغيره من روبوتات الدردشة الذكية الفكر البشري بطرق متنوعة، بما في ذلك طريقة توليد الأفكار وتصفيتها.

حاول أن تطلب من روبوت الدردشة الذكي المفضل لديك 15 فكرة حول أي موضوع يعجبك.

ثم أعد طرح السؤال. اسأله مرة أخرى، ولكن اطلب منه صراحةً أفكاراً متنوعة، وأن يُدرج بعض الأفكار السخيفة. انظر إن كنت ستتوصل إلى نفس الملاحظة التي توصلت إليها: عندما شجعته على إدراج بعض الأفكار السخيفة، هل كانت الأفكار التي حصلت عليها أفضل بشكل عام؟


مقالات ذات صلة

العمل عن بُعد يُعرّض الموظفين «لمخاطر نفسية واجتماعية جديدة»

يوميات الشرق البُعد عن الإدارة يمكن أن «يعيق التواصل» (رويترز)

العمل عن بُعد يُعرّض الموظفين «لمخاطر نفسية واجتماعية جديدة»

يوفّر العمل عن بُعد الذي أصبح عنصراً ثابتاً منذ جائحة «كوفيد-19» حسنات عدة للموظفين، لكنه يعرّضهم في الوقت نفسه لـ«مخاطر نفسية واجتماعية ناشئة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك الإرهاق متلازمة مرتبطة بالعمل (الجامعة النرويجية)

استنزاف جسدي ونفسي... كيف تتغلب على الاحتراق الوظيفي وضغوط العمل؟

يشكو كثير من الأشخاص حول العالم يعملون في وظائف مختلفة من ضغوط العمل، ولا يعدّ الاحتراق الوظيفي حالةً طبيةً، إلا أنه يُصنف ظاهرةً شائعةً في مكان العمل.

يوميات الشرق بعض العبارات المهدئة تميل إلى جعلنا أكثر انزعاجاً (رويترز)

ابتعد عن استخدام كلمة «اهدأ»... كيف تتعامل مع شخص غاضب؟

لا يرغب معظم الناس بالعادة في التعامل مع شخص غاضب، ومواجهته، لكن ذلك من المرجح أن يحدث عاجلاً أم آجلاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق عندما يُسبب حدثٌ مُزعجٌ تفكيراً مُفرطاً في عقلنا فإن عملية إيقاف هذا النظام لا تحدث فجأةً (رويترز)

كيف تتوقف عن التفكير المفرط؟ 6 طرق لاستعادة السيطرة على مشاعرك

يعرف كل شخص قلق بطبيعته شعور وقوع حدث يدفع عقله المُفكّر إلى حالة من الجنون حيث يحس بانزعاج عميق ومُنهك وكأن الحدث يُسيطر عليه

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق كثرة المقارنات على وسائل التواصل الاجتماعي ترتبط بانخفاض تقدير الذات (رويترز)

كيف يمكن لمواقع التواصل أن تقتل ثقتك بنفسك؟

تُشير الدراسات إلى أن كثرة المقارنات على وسائل التواصل الاجتماعي ترتبط بانخفاض تقدير الذات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: أزمة إعلانية لاستعانة شركة حلويات بنجوم الزمن الجميل

فؤاد المهندس في الإعلان المثير للجدل (يوتيوب)
فؤاد المهندس في الإعلان المثير للجدل (يوتيوب)
TT
20

مصر: أزمة إعلانية لاستعانة شركة حلويات بنجوم الزمن الجميل

فؤاد المهندس في الإعلان المثير للجدل (يوتيوب)
فؤاد المهندس في الإعلان المثير للجدل (يوتيوب)

نشبت أزمة إعلانية جديدة في مصر بعد استعانة شركة حلويات شهيرة بعدد من نجوم الزمن الجميل، في إعلان صُمِّم بالذكاء الاصطناعي بشكل كامل، يُظهر مجموعة منهم كأنهم يعملون في المحل ويقدِّمون الحلوى للزبائن؛ وقد نُشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحقَّق انتشاراً كبيراً خلال الأيام الماضية.

وقدَّمت جمعية «أبناء فناني مصر للثقافة والفنون» شكوى إلى «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، تُطالب فيها بوقف إعلانات يبثّها مطعم حلوى شهير عبر منصات مواقع التواصل وبعض القنوات التلفزيونية، إذ تُستخدم فيها صور لعدد من النجوم من دون الحصول على موافقة ذويهم، مؤكدةً أنّ الشركة «استباحت تجسيد شخصيات عظماء الفنّ من دون تصريح بغرض الربح».

أحمد زكي في لقطة من الإعلان (يوتيوب)
أحمد زكي في لقطة من الإعلان (يوتيوب)

وطالبت الجمعية بوقف الإعلان فوراً، واستدعاء الشركة المُنتجة، وفرض عقوبة عليها، ورأت أنّ ما حدث يُعدّ انتهاكاً لحقوق الملكية المنصوص عليها في القانون، إذ استُخدمت صور وبيانات هؤلاء الفنانين من دون موافقة مُسبقة من ورثتهم، وبشكل عدَّته إساءة لهم.

وظهر في الإعلان عدد من الفنانين، منهم فريد شوقي، وتوفيق الدقن، وعمر الشريف، وإسماعيل ياسين، ونور الشريف، ويسرا، وأحمد زكي، كأنهم يعملون في المحل الشهير.

وهذه ليست المرة الأولى التي تُستَخدم فيها صور ومقاطع فيديو لفنانين راحلين في أعمال دعائية وترويجية، إذ واجه إعلان ترويجي مستوحى من أغنية «دقوا الشماسي» لعبد الحليم حافظ العام الماضي انتقادات مُشابهة، لكن الشركة المُنفّذة أكدت استيفاءها جميع الشروط.

تأتي الشكوى بعد وقت قصير من تدخُّل «الأعلى لتنظيم الإعلام» لتعديل محتوى إعلاني لشركة «بلبن»، بعدما تضمن ما عُدَّت إساءة لشركة «العبد» المنافسة في إعلان ترويجي لكعك العيد، إذ ألزمت لجنة الشكاوى بالمجلس شركة «بلبن» بحذف المقطع من الإعلان وتقديم اعتذار عنه. كما قرَّر جهاز حماية المستهلك وقف الإعلان لمخالفته المعايير القانونية بعد وقت قصير من التعديل.

وقال رئيس جمعية «أبناء الفنانين»، ماضي الدقن، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الجمعية قدَّمت بلاغاً أيضاً إلى النائب العام من أجل اتباع المسار القضائي بجانب الشكوى التي تهدُف إلى الوقف الفوري للإعلان، مشيراً إلى أنّ «القانون سيمكّن الجمعية من الحصول على تعويض يتناسب مع ما حققته الشركة المستغلة من أرباح».

توفيق الدقن في لقطة من الإعلان (يوتيوب)
توفيق الدقن في لقطة من الإعلان (يوتيوب)

وأضاف أنّ «المسار القانوني لاستغلال صور أو أسماء أو أصوات الفنانين يخضع لتنظيم واضح في القانون ولا يقبل التأويل»، مشيراً إلى أنّ «أحد المصارف تواصل مع الجمعية وحصل على تصاريح بالتنفيذ، وعُرض الإعلان بالفعل على الشاشات من دون أي اعتراضات بشأنه».

وأوضح أنّ الجمعية، لكونها مسؤولة عن حقوق الفنانين الراحلين، تحرَّكت قانونياً بهدف حذف الإعلان وتأكيد ضرورة التزام جميع المعلنين بالإجراءات اللازمة، لافتاً إلى أنهم أرفقوا لقطات مصوَّرة له لضمان عدم تهرُّب الشركة من مسؤوليتها بعد ملاحقتها قانونياً.

عادل إمام في لقطة نُفِّذت بواسطة الذكاء الاصطناعي (يوتيوب)
عادل إمام في لقطة نُفِّذت بواسطة الذكاء الاصطناعي (يوتيوب)

بدوره، أكد الأستاذ المُساعد في قسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الدكتور أحمد عبد السلام، أنّ «الإعلانات التي تستخدم صور فناني الزمن الجميل وأصواتهم تكون أكثر تأثيراً في المستهلكين، وتجعل لديهم إقبالاً أكبر على الرسالة الإعلانية، في ظلّ حالة النوستالجيا التي يمكن لمس انعكاساتها بشكل كبير».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «القانون يمنع بشكل واضح استغلال الصور والأصوات من دون الحصول على الموافقات اللازمة. وبالتالي، في حال تنفيذ إعلان رسمي، يتوجّب إجراء ذلك من خلال القنوات الرسمية، وبمقابل مادي يتناسب مع طبيعة الفكرة المقدَّمة»، لافتاً إلى أنّ «بثَّ هذه الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمرٌ لا يمكن التحكُّم فيه بشكل كبير، على عكس القنوات التلفزيونية التي يمكن وقف عرض الإعلانات عبر شاشاتها».