حُلي «بولندية» من العصر الحديدي تحتوي على مادة سرّية من الفضاء

تُشكل «إحدى أكبر مجموعات الحديد النيزكي» في أي موقع أثري

براعة التعامل مع الحديد النيزكي (مجلة العلوم الأثرية)
براعة التعامل مع الحديد النيزكي (مجلة العلوم الأثرية)
TT

حُلي «بولندية» من العصر الحديدي تحتوي على مادة سرّية من الفضاء

براعة التعامل مع الحديد النيزكي (مجلة العلوم الأثرية)
براعة التعامل مع الحديد النيزكي (مجلة العلوم الأثرية)

تحتوي حُلي من العصر الحديدي المُبكر، مُكتَشفةً في بولندا، على حديد من النيازك، مما يُشير إلى أنّ سكان المنطقة القدماء كانوا بارعين في التعامل مع هذا المعدن في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد. ووجد بحث نُشر في «مجلة العلوم الأثرية» ونقلته «الإندبندنت»، أنّ نحو 26 عيّنة من الحُلي، بما فيها 3 أساور، وحلقة للكاحل، ودبوس، اكتُشفت في مقبرة بولندية قديمة تحتوي على حديد نيزكي. ويقول الباحثون: إنّ «هذا العدد المتواضع من العيّنات يُشكل، مع ذلك، إحدى أكبر مجموعات منتجات الحديد النيزكي في موقع أثري واحد حول العالم». ويشتبه العلماء في أنّ أشخاصاً من ثقافة «لوساتيا»، العائد تاريخها إلى نحو 750 و600 قبل الميلاد، صهروا الحديد من النيازك واستخدموه لإنتاج نمط معيّن على مجوهراتهم.

وفي البحث، قيَّم العلماء القطع الأثرية من مقبرتين من العصر الحديدي المبكر - «تشيستوخوفا - راكوف» و«تشيستوخوفا - ميروف» - تقعان في جنوب بولندا وتفصل بينهما مسافة 6 كيلومترات تقريباً. واستخدموا تقنيات مختلفة، بما فيها الأشعة السينية الفلورية والمجهر الإلكتروني، في تحديد التركيب الأساسي للقطع. ووجدوا أنّ 4 من 26 قطعة، بما فيها 3 أساور ودبوس، صُنعت من الحديد النيزكي، وهي على الأرجح من مصدر نيزكي واحد؛ وأنّ هذه الأشياء استخدمت الحديد من خام مصهور، وكذلك من النيزك.

ويشتبه العلماء في أنّ الحديد المصهور جرى الحصول عليه عن طريق التجارة، ربما من الخامات الجنوبية الغربية التي من المرجّح أن تكون من جبال الألب أو البلقان، ولكن جرت صياغتها محلياً. ويقولون إنّ هذه المادة الخام كانت مُكمَّلة بالحديد من خارج الأرض. وكشف التحليل اللاحق أنّ القطع الأثرية الحديدية كانت مصنوعة من نوع من الصخور الفضائية «النادرة جداً» مع محتوى عالٍ من النيكل يُسمّى «الأتاكسيت النيزكي». وكتب العلماء: «يشير الفحص الشامل إلى أنّ مصدراً واحداً فقط على الأرجح من حديد النيزك قد استُخدم»، مشيرين إلى أنّ الحديد النيزكي «كان يُستخدم بوصفه خام الحديد».

وأيضاً، تشير النتائج إلى أنّ السكان القدماء في جنوب بولندا كانوا يعرفون كيفية العمل بالحديد في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد سابقاً، وأنّ الحديد النيزكي لم تعُد له القيمة الرمزية عينها في العصر البرونزي قبل اكتشاف صهر الحديد. وكتب الباحثون: «نقترح أنّ الحديد النيزكي استُعمل عمداً لإنتاج نموذج محدّد للحُلي الحديدية، قبل ألف سنة من الاختراع المفترض للفولاذ الهندواني والفولاذ الدمشقي». ورغم كونه اكتشافاً صغيراً، فإنّ النتائج تجعل جنوب بولندا واحداً من أكثر المواقع الأثرية المُشبَّعة بالحديد النيزكي في العالم؛ على قدم المساواة مع المواقع الأثرية المصرية القديمة.


مقالات ذات صلة

انتقادات لمؤثرة سورية تعيد الجدل حول شخصية «فرعون موسى»

يوميات الشرق المتحف الكبير في مرحلة الافتتاح التجريبي (الشرق الأوسط)

انتقادات لمؤثرة سورية تعيد الجدل حول شخصية «فرعون موسى»

أعادت انتقادات وجهها متابعون سوشياليون لمؤثرة سورية الجدل حول شخصية «فرعون موسى»، بعدما نشرت مقطع فيديو للملك رمسيس الثاني من داخل المتحف المصري الكبير.

عصام فضل (القاهرة )
ثقافة وفنون صورة جوية لبئر الماء المكتشفة والدَّرَج المؤدي إلى القاع (كونا)

اكتشاف بئر ماء أثرية في «فيلكا» الكويتية تعود إلى ما قبل 1400 عام

أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، الأحد، اكتشاف بئر ماء أثرية في جزيرة فيلكا تعود لفترة ما قبل الإسلام وبداية العهد الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
يوميات الشرق الأطفال أكثر الدفنات الموجودة بجبانة كانت ورشة للفخار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني في سوهاج

البعثة الأثرية المصرية - الأميركية من جامعة بنسلفانيا عثرت على المقبرة الملكية بجبانة «جبل أنوبيس» بأبيدوس في سوهاج.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق تعابيرها الحيّة مخيفة (مطبعة جامعة كمبردج)

دمى «مُخيفة وتكاد تتحرّك» من 2400 عام في السلفادور

اكتشف علماء آثار في أميركا الوسطى دمى طينية غريبة يعود تاريخها إلى 2400 عام، خلال عمليات تنقيب في موقع غير متوقَّع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق حفرية للجزء الأوسط الأيسر من وجه إنسان بدائي يعود تاريخها إلى ما بين 1.1 مليون و1.4 مليون سنة (أ.ب)

الكشف عن أقدم حفرية وجه جزئي معروفة لأحد أسلاف الإنسان بغرب أوروبا

أكد علماء آثار اليوم (الأربعاء) أنهم عثروا على أحفورة وجه جزئي لأحد أسلاف الإنسان هي الأقدم في أوروبا الغربية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

مريم شعباني تبني في باريس «المسجد الأجمل بأوروبا»

طاقة متميّزة تفوَّقت في ميدانها (مواقع التواصل)
طاقة متميّزة تفوَّقت في ميدانها (مواقع التواصل)
TT

مريم شعباني تبني في باريس «المسجد الأجمل بأوروبا»

طاقة متميّزة تفوَّقت في ميدانها (مواقع التواصل)
طاقة متميّزة تفوَّقت في ميدانها (مواقع التواصل)

تملك المهندسة الجزائرية الأصل مريم شعباني رصيداً طيباً في ميدان التصميم داخل البلاد العربية وخارجها، وهي تتوّج مسيرتها حالياً بمسجد في الدائرة الحادية عشرة من باريس يُوصف بأنه مبنى طليعي ينسجم مع محيطه. بل إنّ الصحافة وصفت المشروع بأنه سيكون «المسجد الأجمل في أوروبا».

لا يقتصر المسجد على وظيفته بكونه معبداً تقليدياً للصلاة، وإنما هو مركز ثقافي وديني يبزغ وسط منطقة الباستيل العريقة في العاصمة الفرنسية. ووقع الاختيار على شعباني لتصميم هذا المبنى بناء على قرار من الجمعية التي تدير المشروع.

تحمل شعباني الجنسيتَيْن الجزائرية والفرنسية. وُلدت في العاصمة الجزائرية عام 1989، وانتقلت إلى فرنسا وهي في الثالثة من العمر، حيث باشرت مسيرتها التعليمية وتخرَّجت في المدرسة الوطنية العليا للهندسة، وكانت تضع نصب عينيها تطوير الضواحي التي يتجمَّع فيها المهاجرون. كما أسَّست مع البريطاني جون إدوم جماعة هندسية باسم «نيو ساوث»، تتعامل برؤية جديدة وحديثة مع التصاميم المعمارية في البلدان النامية، وتسعى إلى تحسين عمارة المناطق المهمشة في ضواحي المدن.

تبلغ مساحة المسجد الباريسي الجديد 2000 متر مربع، يتلاءم مع واقع حياة المسلمين في فرنسا. وهو يضمّ قاعة للمعارض ومكتبة ومتجراً ومكاتب لا تفصل بينها جدران ثابتة، وإنما يمكن تحويرها بفضل القواطع المتحرّكة بين المساحات، ووفق الأوقات المحدَّدة للصلاة. وكانت شعباني قد أوضحت فكرتها من خلال مقال نُشر في صحيفة «لوموند» قالت فيه إنَّ ما يثير اهتمامها في هذا المشروع هو تشييد مسجد في بلد يشكّل المسلمون فيه أقلية. ففي أوروبا، تدلُّ الجماليات الشرقية والقباب والأقواس والمنائر فوراً على فئة جاءت من مكان مختلف، في حين أنها تريد تصميم مسجد فرنسي لمسلمين فرنسيين، أي لجيل جديد وُلد في هذا البلد وليس أجنبياً جاء من الخارج. وتتساءل: ما فائدة المنارة في بلد لا يُقام فيه الأذان؟

تحمل شعباني الجنسيتين الجزائرية والفرنسية (مواقع التواصل)

ولتحقيق هذا الهدف، استطلع فريق الإعداد للمشروع آراء السكان المقيمين في الحي لمعرفة حاجاتهم وتطلّعاتهم. وبهذه الرؤية، فإنّ المسجد الباريسي الجديد لن يُشبه أماكن العبادة التقليدية الموجودة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ومنذ ظهورها في الساحة المعمارية، كشفت مريم شعباني عن طاقة متميّزة وتفوَّقت في ميدانها، إذ حصلت على جوائز ومنح دراسية، الأمر الذي أهَّلها لتقديم محاضرات في الكلية الملكية للفنون في لندن، وفي المعهد العالي للهندسة في جنيف، كما أمضت فترة في جامعة هارفارد الأميركية. وعُرضت أعمالها الهندسية في بينالي فينيسيا، وترينالي أوسلو، ومتحف ماكسي في روما. وأخيراً فإنَّ اسم المهندسة الجزائرية الشابة ظهر في القائمة القصيرة لتنفيذ الموقع التذكاري لبرج «غرينفل» في لندن؛ وهو مبنى من 24 طبقةً للمساكن الاجتماعية الشعبية كان قد تعرَّض لحريق قبل 8 سنوات ويؤوي عدداً من العائلات العربية.