أعادت المواجهات الأمنية في إحدى قرى محافظة أسيوط بصعيد مصر «سيرة المطاريد» الذين كانوا يلجأون للاختباء بالجبال هرباً من الملاحقات الأمنية، في حين تواصل قوات الأمن حملةً لضبط متهمين مطلوبين، وصادر بحق بعضهم أحكام قضائية، حسب إفادات نشرتها وسائل إعلام محلية.
وتصدر وسم «ساحل سليم» قوائم «الترند» على منصة «إكس» وعلى «غوغل» في مصر، الثلاثاء، مع غياب البيانات الرسمية عن تفاصيل ما يجري على أرض الواقع، وتداول مقاطع فيديو ولقطات لوصول قوات أمنية للقرية، بالإضافة إلى تداول مقاطع بعضها لم يكن من القرية لكن فيديوهات قديمة من خارج مصر جرى إعادة تداولها باعتبارها في أسيوط.
وعدّ مدونون ما يحدث من مواجهات أمنية بمثابة «جزء ثالث» من فيلم «الجزيرة»، وهو الشريط السينمائي الذي سبق وقدمه الممثل المصري أحمد السقا، وجسد خلاله شخصية منصور الحفني تاجر المخدرات الصعيدي الذي يسيطر على القرية ويجعل أبناءها يعملون برفقته ويحتجزهم رهائن في مواجهة الشرطة.
وتداولت حسابات عدة عبر «إكس» اسم المطلوب أمنياً «م.ج» باعتباره هارباً من العدالة منذ 2004 وسبق اتهامه في عدة قضايا منها القتل وحيازة السلاح والمخدرات والبلطجة؛ مما جعل البعض يشبهه بتاجر المخدرات الشهير عزت حنفي الذي عاش بقرية النخلية في أسيوط وأسقطته وزارة الداخلية بعد مطاردات استمرت أياماً عام 2004.
وتناول أكثر من مسلسل وعمل سينمائي مصري قضية الهاربين من الأحكام القضائية في الجبال وفي أماكن نائية بالصعيد، والمعروفين بـ«المطاريد»، وكان من بينها فيلم «الجزيرة» بجزئيه ومسلسل «ذئاب الجبل».
ولم يصدر بيان رسمي عن وزارة الداخلية المصرية أو مديرية أمن أسيوط حول الواقعة، حتى عصر الاثنين، في حين أكد مصدر أمني بأسيوط لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الأمن قطعت شوطاً كبيراً، ولم يعد أمامها سوى الخطوة الأخيرة لإحكام السيطرة بشكل كامل على المنطقة، مشيراً إلى أن «حالات المصابين والوفيات ستفصح عنها البيانات الرسمية عقب الانتهاء من الحملة».
وقال محافظ أسيوط اللواء هشام أبو النصر لـ«الشرق الأوسط» إن «الداخلية» هي المسؤولة عن متابعة ما يحدث على أرض الواقع، وستقوم بإصدار إفادات إعلامية لاحقاً.
فيما أوضحت عضوة مجلس النواب (البرلمان) عن الدائرة الانتخابية للقرية سناء السعيد أن «الأحداث بدأت منذ السبت الماضي مع توجه حملة أمنية للقرية من أجل ضبط مطلوب أمني صادرة بحقه أحكام قضائية عدة، وقامت قوات الشرطة بتطويق القرية للبحث عنه وملاحقته ومنعه من الهرب»، مشيرة إلى سماع دوي تبادل لإطلاق النار على نطاق واسع.
وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «الكهرباء انقطعت عن القرية بشكل كامل ليلة الأحد تخوفاً على الأرجح من أن يؤدي إطلاق النار لإشعال حرائق»، لافتة إلى أن الشهادات التي وصلتها من القرية حتى الآن تفيد باستقرار الوضع نسبياً مع استمرار قوات الأمن في البحث عن المتهم المطلوب.

خبير مكافحة الإرهاب اللواء رضا يعقوب أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأولوية في الإجراءات الأمنية تكون لسلامة المواطنين الأبرياء بغض النظر عن المدة التي تستغرقها العملية»، مشيراً إلى أن ما يجري من ترتيبات بشأن التعامل مع المطلوب أمنياً ومرافقيه يتم وفق الإجراءات القانونية.
عودة إلى النائبة سناء السعيد التي انتقدت ما اعتبرته «ترك (الداخلية) مطلوباً أمنياً لفترة طويلة من دون ملاحقة مما أدى لزيادة نفوذه وقيامه ببث الذعر بالقرية خلال ملاحقته أمنياً»، لافتة إلى أن «استعانة قوات الأمن بفرق متخصصة في ملاحقة المجرمين الخطيرين أمر يعكس تقصيراً يجب البحث عن أسبابه لتجنب حدوثه في المستقبل»، وفق قولها.