مبادرة سعودية لرصد محتويات المكتبات العامة ورقمنتها... وتفعيل دورها الثقافي

ضمن خطة شاملة لتطويرها تمتد لـ5 أعوام

خطة شاملة بدأت وتمتد لـ5 سنوات تعنى بتطوير حالة المكتبات العامة في السعودية (واس)
خطة شاملة بدأت وتمتد لـ5 سنوات تعنى بتطوير حالة المكتبات العامة في السعودية (واس)
TT

مبادرة سعودية لرصد محتويات المكتبات العامة ورقمنتها... وتفعيل دورها الثقافي

خطة شاملة بدأت وتمتد لـ5 سنوات تعنى بتطوير حالة المكتبات العامة في السعودية (واس)
خطة شاملة بدأت وتمتد لـ5 سنوات تعنى بتطوير حالة المكتبات العامة في السعودية (واس)

بدأت «هيئة المكتبات» السعودية مشروعاً لإحصاء محتويات أكثر من 40 مكتبة عامة في مختلف مدن ومناطق المملكة؛ لجرد وفرز محتوياتها من الكتب ومصادر المعلومات، حيث يضم عدد كبير من تلك المكتبات كتباً نادرة ومخطوطات، بالإضافة إلى المطبوعات الحكومية والوثائق، التي سيتم تأهيل وترميم ما يحتاج منها إلى مزيد من العناية.

ويأتي مشروع إحصاء ثروة المكتبات من خزائن الكتب ومصادر المعلومات ومختلف المحتويات، جزءاً من مبادرة تطوير المكتبات العامة، التي تهدف إلى تحويل المكتبات إلى مراكز تفاعلية تضم مسارح، وقاعات متعددة الاستخدام، وغرف تدريب؛ بغية تعزيز الثقافة والمعرفة، وتحويلها إلى منصات ثقافية شاملة تحتضن الفنون المختلفة وتخدم اهتمامات المجتمع.

ويركز مشروع الجرد والفرز على حماية التراث الثقافي في السعودية، من خلال إدخال مصادر المعلومات المترحلة إلى نظام المكتبة الرقمية، مما يسهل حفظها، واسترجاعها، واستخدامها بشكل فعال.

نحو مليون ومائة ألف كتاب تجري عليها الآن العمليات الفنية مثل الفهرسة والتصنيف والفرز (واس)

تسلُّم محتويات نحو 43 مكتبة من مختلف مناطق المملكة في مشروع الرصد والرقمنة (واس)

مليون كتاب من 43 مكتبة

وقال الدكتور عبد الرحمن العاصم، رئيس «هيئة المكتبات» في السعودية، إن مشروع رصد وفرز محتويات المكتبات العامة، يعدّ من أهم ما تقوم به «هيئة المكتبات» للمحافظة على التراث الثقافي السعودي.

وأشار العاصم إلى أن الهيئة بدأت في تسلُّم محتويات نحو 43 مكتبة من مختلف مناطق المملكة، ووصل مجموع محتوياتها من الكتب ومصادر المعلومات إلى نحو مليون ومائة ألف كتاب، تجري عليها الآن العمليات الفنية، مثل الفهرسة والتصنيف والفرز.

وقال العاصم: «بدأت خطة شاملة تمتد لـ5 أعوام، لتطوير حالة المكتبات العامة في السعودية، وانطلق مشروع الرصد قبل نحو عام، وتبقت أشهر قليلة على انتهاء مرحلة الرصد والفرز والتصنيف، للخروج بتصور واضح عن عدد النسخ بعناوينها المنفردة والمكررة، ومن ذلك الكتب النادرة والمخطوطات الحية والمُصوَّرة التي تحتفظ بها المكتبات السعودية في رفوفها، بالإضافة إلى المطبوعات الحكومية والوثائق، التي سيتم تأهيل وترميم ما يحتاج منها إلى مزيد من العناية».

وأضاف أنه «سيتم التعامل مع محتويات المكتبات العامة، وفق سياسة تنمية المجموعات والمكتبات، وجزء من هذه الكتب ومصادر المعلومات سيعود إلى رفوف مكتبته الأصلية، في حين سيتم تزويد (بيوت الثقافة) بجزء منها، وهي الحواضن الثقافية التي بدأت هيئة المكتبات إطلاقها في عدد من مدن ومناطق المملكة، بديلاً مبتكراً عن المكتبات العامة بشكلها التقليدي».

بيت الثقافة في خميس مشيط أول بيوت الثقافة في السعودية (واس)

مفهوم جديد للمكتبات

وتواصل «هيئة المكتبات» السعودية عملها لتفعيل دور المكتبات العامة وتحويلها إلى مراكز تفاعلية ثقافياً واجتماعياً، ضمن خطة شاملة تمتد لـ5 أعوام، تشمل إنشاء وتطوير 153 مكتبة عامة بجميع المناطق، تعتمد جميعها على مفهوم «البيوت الثقافية»، الذي يوائم بين الأدوار المعرفية للمكتبات والثقافية لهذه البيوت.

وتعيش السعودية مشهداً ثقافياً متغيّراً ومتطوراً منذ إطلاق استراتيجيتها الوطنية للثقافة التي بثَّت الحيوية في كثير من المجالات، ومن بينها قطاع المكتبات، حيث تواظب مؤسسات القطاع الثقافي على تعميق مفهوم الثقافة نمطَ حياة، وتطوير قطاع المكتبات في السعودية، وافتتاح مراكز ثقافية في مختلف مدن ومناطق السعودية، تحوِّل وظيفة ودور المكتبات، من أماكن لحفظ الكتب إلى منصة لتنمية جودة حياة المجتمعات المحلية.

وأطلقت وزارة الثقافة في السعودية، منتصف يونيو (حزيران) 2020، مبادرةً لتطوير المكتبات العامة في البلاد، وتحويلها إلى منصات ثقافية بمفهوم اجتماعي شامل وحديث، وذلك بعد دراسة ميدانية أجرتها الهيئة لواقع المكتبات في البلاد، ووضعت استناداً إليها خطة تطوير تمتد حتى عام 2030 تستهدف من خلالها إنشاء وتطوير عشرات المكتبات العامة بجميع المناطق، تعتمد جميعها على مفهوم «البيوت الثقافية»، الذي يوائم بين الأدوار المعرفية للمكتبات والثقافية لهذه البيوت.

ومن المتوقع أن تعلن «هيئة المكتبات» في السعودية هذا العام، افتتاح 7 مكتبات بنمطها الجديد، في حائل وجازان ونجران والمدينة المنورة، بعد افتتاح أول بيوت الثقافة في محافظة أحد رفيدة بخميس مشيط، والأخرى في مدينة الدمام، العام الماضي، بينما سيبدأ العمل على بناء مشروعات جديدة في مدينة جدة ومنطقة الباحة، وذلك ضمن خطة وطنية للتوسع.


مقالات ذات صلة

السعودية تطالب بتعزيز القدرة الدولية على صون السلم العالمي

الخليج المهندس وليد الخريجي خلال إلقائه الكلمة في الاجتماع رفيع المستوى بمجلس الأمن (الخارجية السعودية)

السعودية تطالب بتعزيز القدرة الدولية على صون السلم العالمي

أكدت السعودية، الثلاثاء، على ضرورة التحرك نحو تعزيز قدرة النظام الدولي على صون السلم والأمن الدوليين وفقاً لما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الخليج جلسة خاصة ضمن المؤتمر بنسخته الأولى تضامناً مع غزة (تصوير: عدنان مهدلي)

انطلاق مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب» في رمضان بمكة

تنظم رابطة العالم الإسلامي، يومي السادس والسابع من شهر رمضان بمكة المكرمة، النسخة الثانية من المؤتمر الدولي: «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية».

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
الخليج ولي العهد السعودي خلال استقباله رئيس صندوق الاستثمارات الروسي في الرياض (واس)

ولي العهد السعودي يلتقي رئيس صندوق الاستثمارات الروسي

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كيريل دميترييف رئيس صندوق الاستثمارات الروسي، عقب مباحثات أميركية - روسية في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج انطلاق المحادثات الأميركية - الروسية برعاية سعودية في الرياض (رويترز) play-circle 00:25

اجتماع الدرعية يؤسس لعودة العلاقات الأميركية - الروسية

أكد الوفدان الأميركي والروسي أن محادثاتهما، التي جرت في قصر الدرعية بالعاصمة السعودية الرياض، كانت مثمرة، ووصَفَاها بأنها «خطوة مهمة إلى الأمام».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي محادثات أميركية - روسية بقصر الدرعية في الرياض الثلاثاء (واس) play-circle 00:25

ترحيب عربي باستضافة السعودية المحادثات الروسية - الأميركية

رحبت دول ومنظمات عربية باستضافة الرياض محادثات روسية - أميركية لتحسين العلاقات بين البلدين، بتوجيه من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الثلاثاء، اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر، وهي المقبرة الملكية الأولى التي يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون عام 1922.

جاء الكشف خلال أعمال الحفائر والدراسات الأثرية التي تنفذها البعثة الأثرية المصرية - الإنجليزية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» بمصر، ومؤسسة «أبحاث الدولة الحديثة»، للمقبرة رقم «C4»، حسب بيان صحافي أشار إلى أن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي «آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر».

وأوضح البيان أنه تم العثور على مدخل المقبرة رقم «C4» وممرها الرئيسي عام 2022 بمنطقة «وادي C» بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر (صعيد مصر)، الذي يقع على بعد حوالي 2.4 كيلومتر غرب منطقة وادي الملوك. وقال إنه «تم العثور على أدلة تشير بوضوح إلى أن المقبرة تخص الملك تحتمس الثاني».

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، فإنه «عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك (التحامسة)، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وكذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك».

وقال إنه «مع استكمال أعمال الحفائر، خلال الموسم الحالي، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة، وأنها تعود للملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة».

وأشار إلى «العثور على أجزاء من أواني الألبستر عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته (الملك المتوفى)، إلى جانب اسم زوجته الملكية الرئيسية (حتشبسوت) مما يؤكد هوية صاحب المقبرة».

مقتنيات عثر عليها بالمقبرة المفقودة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار هذا الكشف بأنه «أحد أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة»، مشيراً إلى أن «القطع الأثرية المكتشفة بالمقبرة تُعد إضافة مهمة لتاريخ المنطقة الأثرية وفترة عهد الملك (تحتمس الثاني)، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك، الذي لا يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف حول العالم».

ووجدت المقبرة في حالة سيئة من الحفظ بسبب تعرضها للسيول بعد وفاة الملك بفترة قصيرة حيث غمرتها المياه، حسب رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة من الجانب المصري محمد عبد البديع، الذي أوضح أن «الفريق الأثري عمل على انتشال القطع المتساقطة من الملاط وترميمها».

وأضاف أن «الدراسات الأولية تشير إلى أنه تم نقل محتويات المقبرة الأساسية إلى مكان آخر بعد تعرضها للسيول خلال العصور المصرية القديمة».

وتابع أن «أجزاء الملاط المكتشفة عليها بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، وكذلك زخارف وفقرات من كتاب (إمي دوات)، الذي يُعد من أهم الكتب الدينية التي اختصت بها مقابر الملوك في مصر القديمة».

وتوفي تحتمس الثاني، وهو في الثلاثين من عمره، وعثر على موميائه في خبيئة الدير البحري، وهي موجودة حالياً في متحف الحضارة بالفسطاط في القاهرة.

من جانبه، قال رئيس البعثة الأثرية من الجانب الإنجليزي الدكتور بيرز ليزرلاند، إن «المقبرة تتميز بتصميم معماري بسيط كان نواة لمقابر من تواتر على حكم مصر بعد تحتمس الثاني خلال الأسرة الثامنة عشرة».

وتضم المقبرة ممراً غطيت أرضيته بطبقة الجص الأبيض، يؤدي إلى حجرة الدفن بالممر الرئيسي للمقبرة، حيث ترتفع مستوى أرضيته بنحو 1.4 متر عن أرضية الحجرة ذاتها. ويعتقد أنه «قد استخدم لنقل محتويات المقبرة الأساسية بما فيها جثمان تحتمس الثاني بعد أن غمرتها مياه السيول»، وفق ليزرلاند.

وستواصل البعثة أعمال المسح الأثري التي تجريها في الموقع منذ عامين، للكشف عن المزيد من أسرار هذه المنطقة، والمكان الذي نُقلت إليه باقي محتويات مقبرة تحتمس الثاني.

بدوره، أكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الدكتور حسين عبد البصير «أهمية الكشف كونه يسهم في إضافة معلومات عن تلك الفترة من تاريخ مصر القديمة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المقبرة ستسهم في توضيح جزء مفقود من تاريخ الأسرة الـ18، والملك تحتمس الثاني الذي لا يُعرف عنه الكثير من المعلومات».

مومياء الملك تحتمس الثاني (متحف الحضارة)

وتحتمس الثاني هو ابن الملك تحتمس الأول من زوجة ثانوية، وتم تأمين حكمه عبر زواجه من أخته غير الشقيقة حتشبسوت. ولا يُعرَف الكثيـر عـن عصـر تحتمس الثاني، لا سيما مع قصر فترة حكمه نسبياً، حسب موقع المتحف القومي للحضارة المصرية.

وتختلف المراجع التاريخية بشأن مدة حكم تحتمس الثاني، رابع ملوك الأسرة الـ18، ويشير بعضها إلى فترة حكم تقل عن خمس سنوات. لكن رغم قصر الفترة، تشير المصادر التاريخية إلى «نجـاح الملـك تحتمـس الثانـي فـي إخماد العديد من الثورات في النوبة، كما قضى على قبيلة تسـمى (الشاسو) في سيناء، وربما قام بحملة عسـكرية علـى سوريا، وترك وراءه بقايا مشروع بناء متواضع في الكرنك، عبارة عـن بوابة مـن الحجر الجيري مـن فناء الصرح الرابع وإلفنتيـن، وكذلـك فـي النوبـة عنـد سـمنة وقمـا»، وفق موقع المتحف القومي للحضارة.