مخرجة «يلا باركور»: الفيلم يوثق يوميات غزة قبل «الطوفان»

عريب زعيتر أعربت عن فخرها لمشاركتها في «برلين» بعد «البحر الأحمر»

قفزة لأحد أبطال «باركور» ضمن أحداث الفيلم الوثائقي (مهرجان البحر الأحمر)
قفزة لأحد أبطال «باركور» ضمن أحداث الفيلم الوثائقي (مهرجان البحر الأحمر)
TT

مخرجة «يلا باركور»: الفيلم يوثق يوميات غزة قبل «الطوفان»

قفزة لأحد أبطال «باركور» ضمن أحداث الفيلم الوثائقي (مهرجان البحر الأحمر)
قفزة لأحد أبطال «باركور» ضمن أحداث الفيلم الوثائقي (مهرجان البحر الأحمر)

أعربت المخرجة الفلسطينية عريب زعيتر عن فخرها لمشاركة فيلمها الوثائقي «يلا باركور» في «مهرجان برلين السينمائي» خلال دورته المقبلة؛ حيث يُعرض بقسم «البانوراما»، وتأتي مشاركته في برلين بعد عرضه الشرق أوسطي الأول بـ«مهرجان البحر الأحمر السعودي»، عبر برنامج «رؤى عربية»، وكان الفيلم قد حاز دعم «مهرجان البحر الأحمر»، وأُنتج بمشاركة كل من السويد وفلسطين والسعودية وقطر وجهات أخرى.

وتحدثت المخرجة لـ«الشرق الأوسط» عن صدى عرض فيلمها في الدورة الرابعة بـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، وعن سعادتها بعرضه في «برلين»، قائلة: «لقد حقق عرضه العربي والشرق أوسطي الأول صدى جيداً للغاية. أحببتُ اختلاف وتنوُّع الجمهور بالمهرجان؛ كان يُوجَد جمهور سعودي وفلسطيني وجمهور أجنبي، وأسعدتني أسئلتهم حول الفيلم التي تنمّ عن وعي واهتمام بقضيتنا، كما أترقب عرضه في برلين لجمهور جديد».

زعيتر تعبر عن حبها للأفلام الوثائقية (الشرق الأوسط)

وتكشف المخرجة أن العمل على الفيلم كان مختلفاً: «كانت الفكرة عن رياضة قفز الحواجز (باركور)؛ فهؤلاء الشباب يقفزون بشكل عجيب من مكان لمكان ويحلقون بالهواء، وكان لذلك وقع مهم لديهم؛ فهم محتجَزون ومسجونون داخل بلادهم، لكنهم قادرون على تخطي ذلك كله من خلال هذه الرياضة، وقد حكوا لي أنهم يشعرون بالحرية وهم يقفزون في الهواء؛ فإذا عادوا إلى الأرض شعروا بأنهم فقدوا حريتهم».

وتواصل قائلة إن فريق «باركور»، في فلسطين، معروف عربياً وعالمياً، وسبق أن قدمه المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد في أحد أفلامه؛ حيث بدأ الفيلم بمشهد لهم. ورغم مشاركتها بالتمثيل في الفيلم، فإنها لا تعد وجودها تمثيلاً، بل مشاركة فقط بالعمل، عن ذلك تقول: «لم تكن هناك طريقة أخرى تعبِّر عن مشاعر أرغب في الوصول إليها سوى بوجودي في الفيلم، لأنه توثيق لحالتي ولحالة هؤلاء الأبطال»، تعترف: «لا أجيد التمثيل، وأرفض وجودي أمام الكاميرا... كثيراً ما أُسأل عن التمثيل فأقول إنني ليست عندي المهارة له. التمثيل صعب ويحتاج إلى دراسة، لكنني أستطيع أن أوجِّه الممثلين وأستخرج الإحساس المطلوب منهم، كما في أفلامي القصيرة. وفي ذلك أومن بإعطاء المساحة للممثل بعد أن أوضح له الإحساس المطلوب في المشهد».

لقطات من الفيلم تظهر الوثب من فوق حطام المباني بغزة (مخرجة الفيلم)

وبينما تعيش مخرجة الفيلم في واشنطن، فإن ذكريات والدتها وابتسامتها عندما كانت شابة تقف على الشاطئ في غزة لا تفارقها؛ حيث كانت الأم تردِّد دائماً أن هذا المكان هو الذي تنتمي إليه، تتصفح عريب (التي تشارك بالتمثيل في الفيلم) الإنترنت بحثاً عن صور تستحضر من خلالها شيئاً عن والدتها، لتجد المراهق أحمد مطر وأصدقاءه أعضاء فريق «باركور» الذين يستخدمون أنقاض المباني المدمَّرة في غزة كمسارات للعبة، ويضحكون بفرح وهم يقفزون على خلفية الانفجارات، تتعقب عريب الشاب أحمد، ويصبحان صديقَيْن؛ حيث يخبرها أن هذه الرياضة وسيلته للخروج من شعوره بالسجن في غزة.

يخطف شباب فلسطين القلب وهم يقفزون في الهواء من فوق حطام المباني المنهارة، لتتابع المخرجة مغامراتهم على مدى 10 سنوات، لتشرع في تنفيذه قبل معركة «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2023، وما أعقبها من اجتياح بري إسرائيلي تسبب في دمار هائل بقطاع غزة.

وتنتمي المخرجة عريب زعيتر لـ«سينما المؤلف»، فهي تكتب كل أفلامها. وتقول عن ذلك إنها سينما مؤثرة، لأنها تكون نابعة من تجارب شخصية لمخرج العمل، وهي سينما مستقلة في معظم الأحيان.

البوستر الدعائي للفيلم (مخرجة الفيلم)

ودرست عريب زعيتر السينما في لبنان، كما درست السينما الوثائقية بالولايات المتحدة، وقامت بتدريسها بعدة جامعات، وهي كاتبة ومخرجة ومنتجة، وترى أن «سينما المؤلف» تستدعي أن تكون أيضاً منشغلة بالإنتاج.

وحول تأثير ما يقدمه السينمائيون الفلسطينيون الذين يعشون خارج فلسطين، تؤكد زعيتر أن موضوع الهوية الفلسطينية تعدى فكرة الحدود، قائلة: «نحن منتشرون في أماكن كثيرة بالعالم، لكن قلوبنا تظل في فلسطين؛ فليست لديَّ طريقة للوصول لغزة فأصل إليها عن طريق الفيلم»، لافتة إلى أن مخرجين كثيرين يعيشون خارج فلسطين، ولكل منهم خصوصيته فيما يقدمه؛ فما يقدمه هاني أبو أسعد مختلف عن إيليا سليمان، وهو بدوره مختلف عما يقدمه رشيد مشهراوي، لكن كل منهم يكمل الصورة»، وفق تعبيرها.

المخرجة الفلسطينية عريب زعيتر (الشرق الأوسط)

يُشار إلى أن زعيتر أخرجت فيلمين روائيين قصيرين، من بينهما فيلم «أمنية أخيرة»، الذي شارك بـ«مهرجان القاهرة السينمائي» الماضي. ونظراً لكونها تشعر بالراحة تجاه العمل في الأفلام الوثائقية، فهي مشغولة حالياً بتصوير فيلمين طويلين؛ الأول بعنوان «ذاكرة أبي»، مثلما تقول: «أبي يفقد ذاكرته تدريجياً، لكن كل أحلامه تتركز في العودة إلى نابلس، وفيلم آخر عن سيرة المهندس الأردني راسم بدران الذي أنجز أعمالاً ناجحة بكل من الأردن والسعودية».


مقالات ذات صلة

الأسبوع الأول في «برلين» السينمائي: نجاحات ونصف إخفاقات

يوميات الشرق «انعكاسات في ماس ميّت» (كوزاك فيلمز)

الأسبوع الأول في «برلين» السينمائي: نجاحات ونصف إخفاقات

بينما يجهد مهرجان «برلين» لتأمين أفضل ما تم تحقيقه على مدار العام، يجهد كذلك في إظهار مدى أهميته كسوق سينمائية.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق لقطة لأحد محبي الفيلم  تضم أبطاله وترشيحاته للجزء الثاني (حساب تامر حبيب على «إنستغرام»)

«سهر الليالي» يخوض تجربة الجزء الثاني بممثلين جدد

بدأ المؤلف والسيناريست المصري تامر حبيب كتابة الجزء الثاني من فيلم «سهر الليالي» بعد 22 عاماً من صدور الفيلم الأصلي (2003) الذي حقق نجاحاً لافتاً عند عرضه.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «كونكليف» و«ذا بروتاليست» في صدارة الأفلام الفائزة بجوائز «بافتا» البريطانية

الفائزون بجوائز «بافتا»... دليل الجمهور إلى أفضل أفلام السنة

مواضيع دسِمة وممثلون من العيار الثقيل، على هذا الأساس اختارت «البافتا» الأفلام المستحقة جوائزها السينمائية.

كريستين حبيب (بيروت)
سينما إدوارد بيرجر مخرج فيلم «كونكليف» رفقة جائزة أفضل فيلم (إ.ب.أ)

«كونكليف» و«ذا بروتاليست» يتصدران جوائز «البافتا» البريطانية

تصدر فيلم الإثارة «كونكليف» أو (المجمع المقدس)، الذي يتناول عملية انتخاب البابا في مجمع الكرادلة، الجوائز في حفل الأكاديمية البريطانية للفنون السينمائية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المخرج الكاميروني جان ماري تينو يعقد مقارنة بين صناعة السينما في أفريقيا وهوليوود (إدارة مهرجان الإسماعيلية)

المخرج الكاميروني جان ماري تينو: أفلام الأفارقة أكثر أصالة من «هوليوود»

قال المخرج الكاميروني، جان ماري تينو، إن المخرجين العرب والأفارقة قدموا أفلاماً وثائقية أكثر أصالة من أفلام هوليوود.

انتصار دردير (القاهرة )

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الثلاثاء، اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر، وهي المقبرة الملكية الأولى التي يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون عام 1922.

جاء الكشف خلال أعمال الحفائر والدراسات الأثرية التي تنفذها البعثة الأثرية المصرية - الإنجليزية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» بمصر، ومؤسسة «أبحاث الدولة الحديثة»، للمقبرة رقم «C4»، حسب بيان صحافي أشار إلى أن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي «آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر».

وأوضح البيان أنه تم العثور على مدخل المقبرة رقم «C4» وممرها الرئيسي عام 2022 بمنطقة «وادي C» بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر (صعيد مصر)، الذي يقع على بعد حوالي 2.4 كيلومتر غرب منطقة وادي الملوك. وقال إنه «تم العثور على أدلة تشير بوضوح إلى أن المقبرة تخص الملك تحتمس الثاني».

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، فإنه «عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك (التحامسة)، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وكذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك».

وقال إنه «مع استكمال أعمال الحفائر، خلال الموسم الحالي، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة، وأنها تعود للملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة».

وأشار إلى «العثور على أجزاء من أواني الألبستر عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته (الملك المتوفى)، إلى جانب اسم زوجته الملكية الرئيسية (حتشبسوت) مما يؤكد هوية صاحب المقبرة».

مقتنيات عثر عليها بالمقبرة المفقودة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار هذا الكشف بأنه «أحد أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة»، مشيراً إلى أن «القطع الأثرية المكتشفة بالمقبرة تُعد إضافة مهمة لتاريخ المنطقة الأثرية وفترة عهد الملك (تحتمس الثاني)، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك، الذي لا يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف حول العالم».

ووجدت المقبرة في حالة سيئة من الحفظ بسبب تعرضها للسيول بعد وفاة الملك بفترة قصيرة حيث غمرتها المياه، حسب رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة من الجانب المصري محمد عبد البديع، الذي أوضح أن «الفريق الأثري عمل على انتشال القطع المتساقطة من الملاط وترميمها».

وأضاف أن «الدراسات الأولية تشير إلى أنه تم نقل محتويات المقبرة الأساسية إلى مكان آخر بعد تعرضها للسيول خلال العصور المصرية القديمة».

وتابع أن «أجزاء الملاط المكتشفة عليها بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، وكذلك زخارف وفقرات من كتاب (إمي دوات)، الذي يُعد من أهم الكتب الدينية التي اختصت بها مقابر الملوك في مصر القديمة».

وتوفي تحتمس الثاني، وهو في الثلاثين من عمره، وعثر على موميائه في خبيئة الدير البحري، وهي موجودة حالياً في متحف الحضارة بالفسطاط في القاهرة.

من جانبه، قال رئيس البعثة الأثرية من الجانب الإنجليزي الدكتور بيرز ليزرلاند، إن «المقبرة تتميز بتصميم معماري بسيط كان نواة لمقابر من تواتر على حكم مصر بعد تحتمس الثاني خلال الأسرة الثامنة عشرة».

وتضم المقبرة ممراً غطيت أرضيته بطبقة الجص الأبيض، يؤدي إلى حجرة الدفن بالممر الرئيسي للمقبرة، حيث ترتفع مستوى أرضيته بنحو 1.4 متر عن أرضية الحجرة ذاتها. ويعتقد أنه «قد استخدم لنقل محتويات المقبرة الأساسية بما فيها جثمان تحتمس الثاني بعد أن غمرتها مياه السيول»، وفق ليزرلاند.

وستواصل البعثة أعمال المسح الأثري التي تجريها في الموقع منذ عامين، للكشف عن المزيد من أسرار هذه المنطقة، والمكان الذي نُقلت إليه باقي محتويات مقبرة تحتمس الثاني.

بدوره، أكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الدكتور حسين عبد البصير «أهمية الكشف كونه يسهم في إضافة معلومات عن تلك الفترة من تاريخ مصر القديمة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المقبرة ستسهم في توضيح جزء مفقود من تاريخ الأسرة الـ18، والملك تحتمس الثاني الذي لا يُعرف عنه الكثير من المعلومات».

مومياء الملك تحتمس الثاني (متحف الحضارة)

وتحتمس الثاني هو ابن الملك تحتمس الأول من زوجة ثانوية، وتم تأمين حكمه عبر زواجه من أخته غير الشقيقة حتشبسوت. ولا يُعرَف الكثيـر عـن عصـر تحتمس الثاني، لا سيما مع قصر فترة حكمه نسبياً، حسب موقع المتحف القومي للحضارة المصرية.

وتختلف المراجع التاريخية بشأن مدة حكم تحتمس الثاني، رابع ملوك الأسرة الـ18، ويشير بعضها إلى فترة حكم تقل عن خمس سنوات. لكن رغم قصر الفترة، تشير المصادر التاريخية إلى «نجـاح الملـك تحتمـس الثانـي فـي إخماد العديد من الثورات في النوبة، كما قضى على قبيلة تسـمى (الشاسو) في سيناء، وربما قام بحملة عسـكرية علـى سوريا، وترك وراءه بقايا مشروع بناء متواضع في الكرنك، عبارة عـن بوابة مـن الحجر الجيري مـن فناء الصرح الرابع وإلفنتيـن، وكذلـك فـي النوبـة عنـد سـمنة وقمـا»، وفق موقع المتحف القومي للحضارة.