نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

تُحاكي مبادئ تعزيز قيم التعدّدية والانفتاح وحرّية التعبير

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)
«لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

ازدحم المدخل المؤدّي إلى استوديوهات «تلفزيون لبنان» بالمحتفين بالحدث. فالتلفزيون الرسمي الذي ذكَّر وزير الإعلام زياد المكاري، بأنه «أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، والشاهد الوحيد على العصر الذهبي للبنان ومهرجان بعلبك الأول عام 1956»، يُحيي في 2025 ما انطفأ منذ 2001. ذلك العام، توقّفت «القناة التاسعة» الناطقة بالفرنسية في «تلفزيون لبنان»، مُعلنةً الانقطاع النهائي للصوت والصورة. بعد انتظار نحو ربع قرن، تعود نشرة الأخبار باللغة الفرنسية بدءاً من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية (المكتب الإعلامي)

تتوقّف مستشارة وزير الإعلام، إليسار نداف، عند ما خطَّ القدر اللبناني منذ تأسيس هذه الخريطة: «التحدّيات والأمل». ففور اكتمال المدعوّين، من بينهم سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وممثل رئيس الجمهورية لدى المنظمة الفرنكوفونية جرجورة حردان، ورئيس الوكالة الجامعية الفرنكوفونية جان نويل باليو، والمسؤولة عن برامج التعاون في المنظمة الفرنكوفونية نتالي ميجان، بجانب سفراء دول وشخصيات؛ شقَّ الحضور طريقهم نحو الطابق السفلي حيث استوديوهات التلفزيون في منطقة تلّة الخياط البيروتية المزدحمة، مارّين بصور لأيقونات الشاشة، عُلّقت على الجدار، منهم رجل المسرح أنطوان كرباج، ورجل الضحكة إبراهيم مرعشلي... اكتمل اتّخاذ الجميع مواقعه، لإطلاق الحدث المُرتقي إلى اللحظة الفارقة، مُفتَتَحاً بكلمتها.

صورة إبراهيم مرعشلي تستقبل زوّار التلفزيون (الشرق الأوسط)

فيها، كما في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تُشدّد نداف على الأمل: «إنه ما يحرِّض دائماً على استعادة ما خسرناه». تُشبه إحدى مقدّمات النشرة، نضال أيوب، في تمسّكها بالثوابت. فالأخيرة أيضاً تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ ميزة الحدث رفضه التفريط بالقيم الفرنكوفونية، من ديمقراطية وتضامن وتنوّع لغوي.

تُعاهد نداف «بقلب ملؤه التفاؤل والعزيمة» مَن سمّته «الجمهور الوفي»، الذي تبلغ نسبته نحو 40 في المائة من سكان لبنان، بالالتزام والوعد بأنْ تحمل هذه الإضافة إلى عائلة الفرنكوفونية ولادة جديدة، بدءاً من 23 الحالي؛ من الاثنين إلى الجمعة الساعة السادسة والنصف مساء مع «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان».

كان كلّ شيء فرنسياً: لغة السلام والخطاب، والروح، وبعض الوجوه. في كلمته، رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى «بيت الفنانين اللبنانيين الكبار؛ فيروز، وزكي ناصيف، ووديع الصافي، والإخوة رحباني». وفيما كان الخارج يبعث الأمل لتزامُن الحدث مع يوم الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس للحكومة، ألمح الوزير إلى أنّ اللقاء يجري «غداة فصل جديد من تاريخ لبنان، للاحتفال بإعادة إطلاق أخبارنا التلفزيونية باللغة الفرنسية، بعد مرور 24 عاماً على توقُّف برامج (القناة التاسعة) المُرتبط اسمها بعملاق الإعلام الفرنكوفوني جان كلود بولس». وبأمل أن تلفت هذه النشرة الانتباه وتثير الفضول، أكد التزامها «تقديم رؤية واضحة ودقيقة لموضوعات تمسّنا جميعاً»، متوقفاً عند «رغبة متجدّدة في دعم قيم الانفتاح والتعدّدية وحرّية التعبير تُجسّدها عملية إعادة الإطلاق هذه».

تُشدّد إليسار نداف على الأمل في كلمتها (المكتب الإعلامي)

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً متعدّد اللغات؛ يجد كل مواطن فيه مكانه»، بوصف زياد المكاري. تشديده على أهمية الفرنكوفونية في وسائل إعلام القطاع العام مردّه إلى أنّ «الفرنسية ليست مجرّد لغة؛ إنها ثقافة وتاريخ وتراث مشترك؛ فتتيح لنا، في إطار هذه الأخبار، فرصة نقل صوت لبناني قوي ومميّز إلى الساحة الدولية، مع البقاء مُخلصين لجذورنا وثقافتنا وهويتنا».

يعلم أنّ «هذا الحلم لم يكن ليتحقّق من دون شركاء نتشارك معهم الرؤية والقيم»، ويعترف بذلك. ثم يدعو إلى «متابعة نشرة الأخبار الوحيدة باللغة الفرنسية في القطاع العام التي ستشكّل انعكاساً حقيقياً لتنوّع عالم اليوم». وقبل الإصغاء إلى كلمة ممثل المنظمة الفرنكوفونية ليفون أميرجانيان، يُذكّر بأنّ للبنان، بكونه ملتقى الحضارات والثقافات، دوراً أساسياً في تعزيز الفرنكوفونية.

رحَّب زياد المكاري بالآتين إلى بيت الفنانين اللبنانيين الكبار (الشرق الأوسط)

ومنذ افتتاح مكتب المنظمة الفرنكوفونية في بيروت، تراءى ضرورياً النظر في قطاع الإعلام الفرنكوفوني بخضمّ الأزمة الاقتصادية التي تُنهك المؤسّسات ووسائل الإعلام. يستعيد أميرجانيان هذه المشهدية ليؤكد أنّ الحفاظ على اللغة الفرنسية في المؤسّسات الإعلامية مسألة حيوية للحفاظ على التنوّع الثقافي والتعبير الديمقراطي. يتوجّه إلى الإعلاميين الآتين بميكروفونات مؤسّساتهم وكاميراتها وهواتفهم الشخصية: «دوركم نقل القيم الأساسية للفرنكوفونية، مثل التعدّدية اللغوية، وتنوعّ الآراء، والانفتاح على العالم». ثم يتوقّف عند استمرار نموّ عدد الناطقين بالفرنسية في شكل ملحوظ، مع توقّعات بأنْ يصل إلى 600 مليون نسمة في حلول 2050. من هنا، يعدّ الترويج للغة الفرنسية «مسألة ضرورية لتعميق الروابط بين الدول والحكومات الناطقة بها، والسماح لسكانها بالاستفادة الكاملة من العولمة المتميّزة بالحركة الثقافية العابرة للحدود وبالتحدّيات التعليمية العالمية».

إعادة إطلاق النشرة تُعزّز هذا الطموح، وسط أمل جماعي بالنجاح، وأن تُشكّل مثالاً للقنوات الأخرى، فتُخطِّط لزيادة بثّ برامجها بلغة فيكتور هوغو.


مقالات ذات صلة

وصول الأمين العام للأمم المتحدة إلى بيروت في زيارة «تضامن»

المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

وصول الأمين العام للأمم المتحدة إلى بيروت في زيارة «تضامن»

وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بيروت في زيارة «تضامن» تستمر ثلاثة أيام، وفق ما أعلن متحدث باسمه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من مرفأ بيروت المدمر وفي الخلفية مبانٍ شاهقة (رويترز)

المحقق العدلي يستأنف إجراءاته في ملف انفجار مرفأ بيروت بادّعاءات جديدة

استأنف المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار إجراءاته في الملف.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الصفدي يسلم عون دعوة رسمية لزيارة الأردن (أ.ف.ب)

عون يتلقى دعوتين لزيارة الأردن وقطر

تلقى الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، دعوة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لزيارة الأردن، نقلها إليه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون يعود إلى بيروت بعد نحو 4 سنوات لدعم «لبنان جديد»

يعود إيمانويل ماكرون، الجمعة، إلى لبنان بعد نحو أربع سنوات من زيارتين له إلى البلد في أعقاب الانفجار في مرفأ بيروت؛ لدعم الانفراج السياسي و«لبنان جديد»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ)

الرئيس اللبناني: الدولة تحمي الطوائف... ودولة الطوائف لا تحمي لبنان

أعرب الرئيس اللبناني جوزيف عون عن أمله في أن يعي جميع المسؤولين دقة الوضع وحجم الفرص المتاحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ممارسة التمارين الهوائية تكافح ألزهايمر

التمارين الهوائية تعتمد على التنفس العميق والمنتظم لزيادة تدفق الأكسجين في الجسم (جامعة سياتل)
التمارين الهوائية تعتمد على التنفس العميق والمنتظم لزيادة تدفق الأكسجين في الجسم (جامعة سياتل)
TT

ممارسة التمارين الهوائية تكافح ألزهايمر

التمارين الهوائية تعتمد على التنفس العميق والمنتظم لزيادة تدفق الأكسجين في الجسم (جامعة سياتل)
التمارين الهوائية تعتمد على التنفس العميق والمنتظم لزيادة تدفق الأكسجين في الجسم (جامعة سياتل)

أفادت دراسة بحثية قادها فريق من جامعة بريستول البريطانية بأن ممارسة التمارين الهوائية بانتظام يمكن أن تقلل بشكل كبير من المؤشرات المرضية المرتبطة بمرض ألزهايمر.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تقدم أملاً جديداً لمواجهة هذا المرض المدمر الذي يصيب الملايين حول العالم، وفق النتائج المنشورة، الأربعاء، في دورية (Brain Research).

ويذكر أن مرض ألزهايمر هو اضطراب دماغي يؤثر على الذاكرة والتفكير والسلوك، ويُعد أكثر أنواع الخرف شيوعاً. ويبدأ بفقدان الذاكرة قصيرة المدى، مثل نسيان المواعيد أو الأحداث اليومية، وقد يتطور ليؤثر على اتخاذ القرارات، والتواصل، والأنشطة اليومية.

وينجم المرض عن تراكم بروتينات في الدماغ، أبرزها لويحات بروتين «الأميلويد» وبروتين «تاو»، التي تسبب تدهور خلايا الدماغ. وعلى الرغم من عدم وجود علاج شافٍ للمرض، فإن العلاجات المتاحة تساعد في تخفيف الأعراض وإبطاء تقدم المرض.

وركزت الدراسة على «الحُصين»، المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والتعلم في الدماغ، حيث قاست تأثير التمارين الهوائية على العلامات الرئيسية لمرض ألزهايمر، مثل لويحات «الأميلويد»، وبروتين «تاو»، وتراكم الحديد في الخلايا العصبية المنتجة للميالين.

وتشمل التمارين الهوائية أنشطة مثل المشي السريع، والجري، والسباحة، وركوب الدراجة، وتمارين الرقص، التي تعتمد على التنفس العميق والمنتظم لزيادة تدفق الأكسجين في الجسم. وتساعد هذه الأنشطة على تحسين القدرة التحملية، وتعزيز صحة القلب، وتقوية الجهاز التنفسي.

وأظهرت الدراسة على حيوانات التجارب أن التمارين الهوائية أدت إلى تراجع العلامات الرئيسية لمرض ألزهايمر بنسب تتراوح بين 58 و76 في المائة، مما يقلل من تأثير البروتينات الضارة على وظائف الدماغ، بالإضافة إلى تراجع تراكم الحديد في الخلايا المنتجة للميالين، وهو ما يرتبط بتقليل الأضرار في الخلايا العصبية.

كما أسهمت التمارين في زيادة أعداد الخلايا قليلة التغصن؛ مما يعزز صحة الألياف العصبية ويحسن التواصل بين الخلايا. كما انخفضت الالتهابات الدماغية.

ووفق النتائج، ساعدت التمارين الهوائية أيضاً في تحسين التواصل بين الخلايا العصبية، الأمر الذي يسهم في استعادة التوازن الوظيفي للدماغ مع التقدم في العمر. كما تم تقليل معدل موت الخلايا، وهو عامل مهم في إبطاء التدهور المعرفي.

وأكد الباحثون أن النتائج توفر أساساً علمياً قوياً لإجراء تجارب سريرية على البشر لاختبار تأثير التمارين الهوائية على المؤشرات المرضية لألزهايمر.

وأشاروا إلى أهمية دمج التمارين الهوائية ضمن أنماط الحياة اليومية، خصوصاً لكبار السن، بوصفها وسيلة محتملة لإبطاء تقدم المرض أو الوقاية منه.

وأوصى الفريق بتركيز المبادرات الصحية العامة على تصميم برامج رياضية مخصصة للفئات الأكثر عرضة للإصابة بألزهايمر، مما يعزز الصحة العامة ويحد من تأثير المرض على المجتمع.