الرئيس اللبناني: الدولة تحمي الطوائف... ودولة الطوائف لا تحمي لبنان

الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ)
TT

الرئيس اللبناني: الدولة تحمي الطوائف... ودولة الطوائف لا تحمي لبنان

الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ)

أعرب الرئيس اللبناني جوزيف عون عن أمله في أن يعي جميع المسؤولين دقة الوضع وحجم الفرص المتاحة، وذلك خلال لقائه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الدكتور سامي أبي المنى، اليوم الخميس، كما أعرب عن أمله في أن يوفَّق رئيس الحكومة المكلف نوّاف سلام، بتشكيل حكومة في أسرع وقت.

وشدد عون، خلال اللقاء، على أننا «جميعاً نتطلع إلى تثبيت الشباب في أرضهم هنا، وعودة الذين تغرّبوا فيستثمروا بفكرهم في وطنهم، فيبقى أولادنا وأولاد أولادنا هنا. أمامنا فرص كبرى؛ فإما أن نستغلها، أو نذهب إلى مكان لا نريده، بسبب أننا لم نساعد أنفسنا لكي يساعدنا الآخرون».

وقال: «إن لبنان الهوية هو للجميع. والتجربة الفريدة، كما قال البابا يوحنا بولس الثاني، دليل على أنه لبنان الرسالة»، مضيفاً: «لدينا فرص كثيرة لا يجب إدخالها في زواريب طائفية ومذهبية».

وأضاف: «قد سلَّمني، اليوم، السفير القطري رسالة من أمير دولة قطر تضمنت دعوة لزيارة البلاد، إلا أن هذه الزيارة لا تجري إلا بعد تشكيل الحكومة، كذلك الأمر بالنسبة للإمارات والسعودية».

وتابع عون: «لقد تحدثتم عن الإرادة القوية، فعندما تكون هناك إرادة صلبة تزول كل الصعوبات، والجهود المتضافرة يجب أن تصب في مصلحة الوطن، وليس مصلحة الأشخاص والطوائف».

وأضاف رئيس الجمهورية: «لقد قلتُ يوماً في الكلية الحربية إن لبنان الدولة هو الذي يحمي الطوائف، وليس دولة الطوائف هي التي تحمي لبنان».

الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون (د.ب.أ)

وتابع: «بالأمس أبلغَنا الصندوقُ الدولي عن جهوزيته للمساعدة في ما نحن بحاجة إليه، وكما فعل عدد من الدول العربية، فإن هناك عدداً من الدول الغربية التي أعربت عن رغبتها في أن نقوم بزيارتها كاليونان والاتحاد الأوروبي وقبرص، وغيرها، التي بدأت بمد اليد لنا، وعلينا أن نقابلها، فهي إذا أقدمت على خطوة فعلينا أن نقوم بخطوتين».

وقال: «هذه مسؤولية مشتركة بين رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ورئاسة مجلس الوزراء والمجلس النيابي ورئاسة المجلس، والمجتمع المدني والروحي، بحيث سيكون لنا جميعاً دور تتضافر فيه جهودنا باتجاه بناء الدولة كي نؤمّن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي».

من جهته، هنّأ الشيخ أبي المنى، في كلمة له، في بداية اللقاء، الرئيس عون بانتخابه وبخطاب القَسَم، معتبراً أنه «خطاب الغد، خطاب الميثاق الذي تضمَّن ما تضمَّن من أمل ورغبة في العمل».

وأضاف: «إن لبنان يحتاج إلى إرادة قوية تُجسدها شخصيات كإرادتكم وشخصيتكم، وإلى تضافر الجهود لكي نبني دولة القانون والمؤسسات، دولة التعاون والشراكة الحقيقية والخروج من الواقع الذي كان يشرذم الدولة».

كان المجلس النيابي قد انتخب، في التاسع من يناير (كانون الثاني) الحالي، العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية بأكثرية 99 صوتاً، من أصل 128 صوتاً من أصوات النواب، بعد شغور في موقع الرئاسة استمر سنتين وأكثر من شهرين.


مقالات ذات صلة

الإطاحة بالمناصفة في بيروت يقحم لبنان في أزمة سياسية

المشرق العربي عناصر شرطة يدققون في وثائق مقترعين أمام مركز اقتراع في بيروت (أرشيفية - رويترز)

الإطاحة بالمناصفة في بيروت يقحم لبنان في أزمة سياسية

تشهد المدن والبلدات ذات الغالبية المسيحية أعنف مبارزة بلدية، لكن الحماوة البلدية التي انطلقت شرارتها الأولى من كسروان لم تنسحب على المحافظات والأقضية الأخرى.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي اجتماع بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام قبيل جلسة الحكومة (رئاسة الجمهورية)

مجلس الوزراء اللبناني يعيّن حاكماً لـ«المركزي» بعد «عراك سياسي»

عيّن مجلس الوزراء اللبناني المصرفي والخبير في مجال إدارة الثروات كريم سعيد حاكماً جديداً لمصرف لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص مصرف لبنان المركزي في منطقة الحمرا (الشرق الأوسط)

خاص تحديات قديمة لحاكم مصرف لبنان الجديد

يواجه الحاكم الجديد لمصرف لبنان المركزي كريم سعيد، لائحة طويلة من الاستحقاقات التي يؤدي تنفيذها إلى إعادة الحياة لاقتصاد لبنان.

هلا صغبيني (الرياض)
المشرق العربي غارة إسرائيلية استهدفت سيّارة في شرق بلدة يحمر الشقيف ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص (الوكالة الوطنية للإعلام)

إسرائيل تكثف استهداف قادة «حزب الله» الميدانيين بالمسيرات

قتل أربعة أشخاص بجنوب لبنان خلال الساعات الأخيرة في قصف إسرائيلي استهدف سيارتين

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل نظيره الفرنسي في قصر بعبدا 17 يناير 2025 (الرئاسة اللبنانية) play-circle

الرئيس اللبناني يتوجه إلى باريس في أول زيارة لبلد غربي

يتوجّه الرئيس اللبناني جوزيف عون، غداً الجمعة، إلى فرنسا في أول زيارة رسمية له إلى دولة غربية منذ انتخابه في يناير.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الإطاحة بالمناصفة في بيروت يقحم لبنان في أزمة سياسية

عناصر شرطة يدققون في وثائق مقترعين أمام مركز اقتراع في بيروت (أرشيفية - رويترز)
عناصر شرطة يدققون في وثائق مقترعين أمام مركز اقتراع في بيروت (أرشيفية - رويترز)
TT

الإطاحة بالمناصفة في بيروت يقحم لبنان في أزمة سياسية

عناصر شرطة يدققون في وثائق مقترعين أمام مركز اقتراع في بيروت (أرشيفية - رويترز)
عناصر شرطة يدققون في وثائق مقترعين أمام مركز اقتراع في بيروت (أرشيفية - رويترز)

تشهد المدن والبلدات ذات الغالبية المسيحية في لبنان أعنف مبارزة (انتخابية) بلدية هي الأولى من نوعها انطلقت من كسروان - الفتوح، بإعلان رئيس مشروع «وطن الإنسان» النائب نعمت إفرام، بعد اجتماعه برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، عن قيام تحالف رباعي يضمّه، إضافة إلى «القوات»، وحزب «الكتائب»، والنائب السابق منصور غانم البون. يستعد لخوض الانتخابات البلدية في مواجهة «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل الذي لم يصدر عنه حتى الساعة أي ردّ فعل، فيما يترقّب الشارع الكسرواني موقف النائب فريد هيكل الخازن المتحالف مع تيار «المردة»، الذي هو في خصومة سياسية مع باسيل مردّها إلى الموقف السلبي للأخير من ترشّح زعيمه النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.

فإعلان إفرام عن قيام تحالف رباعي كان وراء انصراف القوى السياسية في كسروان إلى تشغيل محركاتها البلدية، وهي تتواصل حالياً مع العائلات الكسروانية لما لها من دور في تركيب اللوائح، خصوصاً في جونية التي تعدّ «أم المعارك»، لأنها عاصمة القضاء وتوجد فيها مؤسسات الدولة وإداراتها.

وإلى أن يعلن باسيل موقفه من الانتخابات البلدية، وتحديداً في كسروان المشمولة بالمرحلة الأولى التي تجري في جبل لبنان في 4 مايو (أيار) المقبل، فإن السؤال الذي يلاحقه يبقى محصوراً بمَنْ سيتحالف معهم؟ وهل يخوضها باسم بعض العائلات الكسروانية في حال تعذّر عليه تأسيس تحالف سياسي للانخراط في منافسة متوازنة مع خصومه، وبالتالي سيقدم نفسه إلى الكسروانيين على أنه ضحية تحالف هجين لعله يكسب عطفهم في إقبالهم بكثافة على صناديق الاقتراع؟

لكن الحماوة البلدية التي انطلقت شرارتها الأولى من كسروان لم تنسحب على المحافظات والأقضية اللبنانية الأخرى التي يكتنفها الغموض وقلة الحماسة، ولم تشهد أي حراك بلدي، وبالأخص في بيروت التي لم تسجّل حتى الآن أي تحرك، على الأقل في العلن، يؤشر إلى تركيب تحالفات بلدية تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلسها البلدي الذي يتشكل من 24 عضواً.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللقاءات البيروتية ما زالت خجولة ومتواضعة ودون المستوى المطلوب، وإن كانت سجّلت في اليومين الأخيرين حصول اجتماعات، تصدّرها الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري، وشملت عدداً من نواب العاصمة، ما عدا بعض النواب المحسوبين على «قوى التغيير» الذين يسعون لتشكيل لائحة، على غرار تلك التي تزعّمها في حينها النائب الحالي إبراهيم منيمنة، وضمّت ناشطين وممثلين عن المجتمع المدني الذين توحّدوا في لائحة تحت اسم «بيروت مدينتي» لكن لم يحالفها الحظ.

إلا أن الحراك البلدي الذي باشره الحريري، وشمل إضافة إلى القوى والشخصيات البيروتية في القطاع الغربي للعاصمة، أحزاب «القوات»، و«الكتائب»، و«التقدمي الاشتراكي»، و«الطاشناق»، و«الرامغفار»، و«الهنشاق»، والنائب السابق ميشال فرعون، وأنطون صحناوي، لكن «المستقبل» لم يبادر إلى تشغيل محركاته بانتظار أن يأتيه الضوء الأخضر من رئيسه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.

وبحسب المعلومات، فإن الحريري على تواصل مع حركة «أمل»، والتقى جمعية «المشاريع الخيرية الإسلامية - الأحباش» باعتبارها القوة الانتخابية الثانية في الشارع السني بعد «المستقبل»، وهو يستعد للقاء «الجماعة الإسلامية» التي شاركت إلى جانب «حزب الله» في إسناده لغزة، قبل أن تتراجع تدريجياً من المواجهة لحسابات داخلية أولاً، وبيروتية ثانياً.

ولم تتبلور حتى الساعة معالم خريطة الطريق لقيام أوسع تحالف انتخابي يؤمن حماية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت، مع وجود صعوبة في إدخال تعديل على القانون البلدي يقضي بتشكيل لوائح مقفلة لمنع الإخلال بها، فيما لا يبدو أن القوى ذات الغالبية السنية، أو المسيحية، في وارد التحالف مع «حزب الله»، وهي تفضّل التعاون، بالإنابة عنه، مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على أن يمثَّل الحزب بالواسطة بمرشح قريب منه، من أصل 3 أعضاء، هم الحصة الشيعية في المجلس البلدي.

وفي هذا السياق، يقول نائب بيروتي، فضّل عدم ذكر اسمه، إن وجود صعوبة في تعديل القانون البلدي يفتح الباب أمام السؤال عن إمكانية قيام أوسع تحالف سياسي لمنع تهديد المناصفة، شرط أن يشكل «المستقبل» رافعة له؟ ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع تقتضي مشاركة مباشرة من الرئيس الحريري وتتطلب حضوره شخصياً لحضّ جمهوره ومحازبيه للمشاركة بالعملية الانتخابية، والاقتراع للائحة التي يُفترض أن تحظى بأكبر احتضان سياسي غير مسبوق.

ويلفت إلى أن أحداً في «المستقبل» لا يمكن أن ينوب عن الحريري بوجوده شخصياً في بيروت، ويُخشى من الإخلال بالمناصفة، التي سيردّ عليها الأعضاء من المسيحيين، ممن يحالفهم الحظ بالفوز في الانتخابات، بالاستقالة فوراً من المجلس البلدي المنتخب، ما يُقحم لبنان في أزمة سياسية هو في غنى عنها ويفتح الباب أمام تقسيم بيروت إلى دائرتين، بذريعة الحفاظ على المناصفة، وتوفّر مادة دسمة يتسلح بها من يروّج للفيدرالية.

لذلك، فإن ما ينطبق على بيروت ينسحب تلقائياً على طرابلس بتأمين الحضور المسيحي والعلوي في مجلسها البلدي وعدم تغييبه، كما حصل في الانتخابات السابقة، فيما يراهن الثنائي الشيعي على مسعاه بضمان فوز اللوائح المدعومة منه في الجنوب بالتزكية، خصوصاً أنه يقف أمام مشكلة تتعلق بتوفير الأجواء لإجراء الانتخابات في البلدات الجنوبية الواقعة قبالة إسرائيل، التي ما زالت تستهدفها، مع أنها مدمّرة.