في عالم تنتشر فيه الوحدة... وصفة طبيب لـ«مصدر قوي للفرح»

معدلات الشعور بالوحدة ترتفع (رويترز)
معدلات الشعور بالوحدة ترتفع (رويترز)
TT

في عالم تنتشر فيه الوحدة... وصفة طبيب لـ«مصدر قوي للفرح»

معدلات الشعور بالوحدة ترتفع (رويترز)
معدلات الشعور بالوحدة ترتفع (رويترز)

مع اقتراب فيفيك مورثي من نهاية فترة عمله جراحاً عاماً للولايات المتحدة، قدم «وصفة فراق» تهدف إلى معالجة واحدة من أكثر المشاكل انتشاراً: الوحدة.

ووفق تقرير لشبكة «سي إن بي سي»، لاحظ مورثي، في تقرير صدر عام 2023، أن الوحدة يمكن أن تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والخرف والاكتئاب والقلق.

ولعلاج الوحدة يقترح مورثي الاستثمار في العلاقات.

وقال فيما سماه «وصفة الفراق لأميركا»: «العلاقات الصحية؛ حيث نشعر بأننا مرئيون، وحيث يمكننا أن نكون أنفسنا، يمكن أن تكون مصدراً قوياً للفرح والدعم، ويمكن أن تكون بمثابة عوازل للتوتر».

تأتي هذه الإرشادات في وقت يرغب فيه بعض الأميركيين بإقامة علاقات أعمق؛ حيث قال 40 في المائة إنهم ليسوا قريبين من أصدقائهم، كما يرغبون، وفقاً لدراسة حديثة أجرتها PLUS ONE.

ورأى مورثي أن بناء الصداقات بنشاط وخلق مجتمع يمكن أن يحسن الصحة العقلية والجسدية، وقال: «يمكننا خلق مناطق خالية من التكنولوجيا في حياتنا».

وأشار مورثي إلى 3 عوامل ساهمت في وباء الوحدة:

يتحرك الأميركيون أكثر

يقول مورثي: «لقد تراجعت المشاركة في العديد من المنظمات المدنية التي كانت تجمعنا معاً - الدوريات الترفيهية، ومنظمات الخدمة، والجمعيات المحلية، والمؤسسات الدينية».

يتواصل الآباء مع الأصدقاء بشكل أقل

وذلك «لأنهم يقضون وقتاً أطول في العمل ومع رعاية الأطفال مقارنة ببضعة عقود مضت»، فإنهم لا يملكون الكثير من الوقت للتواصل مع الأقران، بحسب مورثي.

لا تعزز وسائل التواصل الاجتماعي المحادثات العميقة

وقال: «تم استبدال الأصدقاء بالمتابعين والمقربين من جهات الاتصال، مع عواقب عميقة على عمق ونوعية علاقاتنا».

يقدم مورثي حلاً بسيطاً لمكافحة بعض هذه الحقائق:

اتصل بصديق

أشار إلى أنه «يمكننا أن نبدأ بالتواصل مع الأشخاص الذين نهتم بهم كل يوم، وإعطاء الأولوية للوقت للاتصال المنتظم حتى لو كان قصيراً».

ابتعد عن هاتفك أثناء الوجود مع الأشخاص

ولفت مورثي إلى أنه «يمكننا إنشاء مناطق خالية من التكنولوجيا في حياتنا لتركيز انتباهنا عندما نكون مع الآخرين، مما يعزز جودة تفاعلاتنا».

إن حضور الفعاليات في مكتبتك المحلية أو مجتمعك يمكن أن يساعد أيضاً في تكوين علاقات أعمق وشخصية.

فمن خلال تحسين المحادثات الجيدة، بدلاً من التركيز على الكمية، يمكن أن نشعر بأننا مرئيون بشكل أكبر.


مقالات ذات صلة

معرض للتقنيات الحديثة المخصصة للصحة النفسية

تكنولوجيا جهاز استشعار اللعاب «كورتي سينس» من شركة «نيوتريكس إيه جي» وتطبيق مراقبة هرمون التوتر خلال معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (أ.ف.ب)

معرض للتقنيات الحديثة المخصصة للصحة النفسية

بات الفاعلون في القطاع التكنولوجي يوفرون مزيداً من الأجهزة الحديثة والتقنيات المخصصة للصحة النفسية، كجهاز يرصد القلق أو آخر يحدّ من تفاقم التوتر.

«الشرق الأوسط» (لاس فيغاس )
يوميات الشرق مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

يعد الكثيرون أن التعاطف هو «حجر الزاوية» في العلاج الفعال للصحة العقلية. لكن، هل يمكن للأجهزة الرقمية أن تُظهر التعاطف؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)

أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

يُعد البشر المخلوقات «الأكثر اجتماعية» على هذا الكوكب. وبينما يمكننا تشكيل تحالفات، والوقوع في الحب، فإننا أيضاً ماهرون في «خلق الفوضى» داخل عقول الآخرين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الخطوات الصغيرة عامة توصلنا إلى التغيير واكتساب عادات جديدة (جامعة غوتنبرغ)

خطوات صغيرة لاكتساب عادات جديدة

من الأهمية قبول حقيقة أن التغيير في مجال معين أمر ضروري، فالخطوات الصغيرة عامة توصلنا إلى التغيير واكتساب عادات جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق العنوان العريض لسلوكيات 2025 الصحية هو محاولة إطالة سنوات العمر (رويترز)

من الساعات الذكية إلى دروس الخياطة... صيحات 2025 لحياةٍ أطوَل

مع بداية كل عام، يتطلّع البشر إلى أسلوب عيشٍ يمنحهم صحة أفضل وعمراً أطوَل. فما هي أبرز صيحات 2025 لتحقيق هذَين الهدفَين؟

كريستين حبيب (بيروت)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)
جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)
TT

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)
جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

اللبنانية جويل حجار متخصّصة في تاريخ الفنون وعلم الآثار في «السوربون»؛ ناشطة ومستشارة ثقافية، تعمل أيضاً مستشارة لوزير السياحة اللبناني وليد نصار؛ تُمثّله أحياناً في مناسبات، وتركت لمسات على جناح لبنان في «إكسبو دبي». سألها الوزير رؤية يحملها وفد بلاده إلى الرياض يحلو تضمينها خطابه لمناسبة اليوم العالمي للسياحة المُقام في عاصمة المملكة. ومعاً توصّلا إلى فكرة تختزل إبداع العقل اللبناني. تقول: «خطرت لي قراءة (رؤية 2030) بتفاصيلها. شعرتُ بما يعنيه (دريم بيغ)، وأنْ نؤمن بوصفنا شعوباً عربية بتخطّي أنفسنا».

المشروع يحاكي الإرث والانفتاح (جذور ومسارات عربية)

وجدت في تلاقي الشعوب ما يُوحِّد، خصوصاً لتشارُك لغة واحدة وخلفيات تتقارب. تقاربٌ يُشبه مذاق المجتمع الفرنكوفوني الذي يُحرّك فيها 20 عاماً أمضتها في فرنسا. هنا اللغة تجمع؛ وعلى مستوى الجغرافيا العربية يتوسّع الجَمْع ليشمل دول شمال أفريقيا أيضاً.

الأماكن قادرة على جَمْع البشر حول دهشة واحدة (جذور ومسارات عربية)

من دلالة الطريق، وهي مسارات جولات العرب ورحلاتهم التي شكَّلت محطات للنمو الاقتصادي؛ وُلدت جزئية «Routes». ومن دلالة الجذور، وهي التراث والثقافة والروابط، وُلدت جزئية «Roots». فحمل مشروع وزير السياحة اللبناني وجويل حجار وفريق عمل متكامل تسمية «Arabian Roots and Routes» (جذور ومسارات عربية)، محاكاةً للإرث مُمثَلاً بالجذور، والانفتاح مُختَزلاً بالطُرق؛ وهما ركيزتا «رؤية 2030» المُلهِمة.

المشروع ليس أخذاً تستفيد منه جهة واحدة وإنما تبادُل (جذور ومسارات عربية)

تُكمل لـ«الشرق الأوسط»: «دخل البُعد السياحي على الخطّ. فالمشروع يرتكز على الترابُط الإنساني من خلال المكان الممتدّ عبر التاريخ. إنها المسارات السياحية القادرة على جَمْع البشر حول دهشة واحدة». وفي السفارة اللبنانية بالمملكة، وبحضور وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب، والمدير العام لمنظمة «الأمم المتحدة للسياحة» الجورجي زوراب بولوليكاشفيلي، وممثلي سفارات، زفَّ وزير السياحة اللبناني المشروع، لتتولّى جويل حجار لاحقاً نقله من الورق إلى الواقع بعدما نال الاستحسان.

المشروع يرتكز على الترابُط الإنساني من خلال المكان الممتدّ عبر التاريخ (جذور ومسارات عربية)

أرجأت حرب غزة المُخطَّط، حدَّ الظنّ أنه أُلغي. لكنَّ اتصالاً ورد قبل أشهر، أكد للطرف اللبناني أهمية إحيائه: «تجدَّد اللقاء مع الوزير أحمد الخطيب بالتعاون مع المكتب الإقليمي في (منظمة الأمم المتحدة للسياحة) الذي يجمع 13 بلداً عربياً. اجتمعنا أيضاً بمدير المكتب سامر الخراشي وراحت الفكرة تشقّ مسارها نحو الولادة».

توضح أنّ المسألة ليست أخذاً تستفيد منه جهة واحدة، وإنما تبادُل. فـ«Arabian Roots and Routes» يصبح بمثابة ماركة مسجَّلة، ينصّ انضواء شركات طيران مثلاً، أو مطاعم أو فنادق، تحتها، الالتزامَ بميثاق الأمم المتحدة وفق مبادئ منها الاستدامة ومحاربة الفقر. بالمقابل، تُتاح للمنضوي الاستفادة من بناء القدرات وتوسيع الرؤية، وما يقرّب الإنسان من الآخر، بالإضافة إلى اكتشاف عجائب المسارات الثقافية، وتنفُّس الهواء الطلق وسط التمتُّع بالجمالية الجغرافية وممارسة الرياضة والتأمُّل الروحي.

11 فبراير المقبل موعدُ ترجمة المشروع في الواقع (جذور ومسارات عربية)

11 فبراير (شباط) المقبل موعدُ ترجمة المشروع في الواقع. ذلك سيحدُث في قطر، تزامناً مع اليوم الرياضي الوطني، فتصبغُه لمسة رياضية. تتحدّث جويل حجار عن «اللعب السياحي». فشعوب عربية وغربية تزور العلا السعودية مثلاً أو بعلبك اللبنانية أو بترا الأردنية أو قلعة الحصن السورية، تنال ميدالية عن كل زيارة وجائزة تشجيعية. تتكرّر المحطات، فتعدّد الجوائز والميداليات حتى بلوغ «الميدالية الكبرى» المُصمَّمة من مجموعة ميداليات، أسوةً بما يناله عدّاؤو السباقات الدولية. ويخوّل تطبيق إلكتروني يتعقّب مسار السائح تدوينَ الإنجاز والذكريات. وبعد قطر، تتجدّد الانطلاقة من الرياض وأبوظبي وبيروت... بما يعزّز التبادلَيْن: السياحي والثقافي.

بالنسبة إليها، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة. المشروع يوحّد الشعوب العربية ضد المحوّ الثقافي، ويُذكّر بأننا أبناء لغة واحدة وتاريخ متقارب. لدينا طاقات شبابية ومهارة باستعمال التكنولوجيا. كلّها عوامل نجاح».

وجدت في تلاقي الشعوب ما يُوحِّد خصوصاً لتشارُك لغة واحدة (جذور ومسارات عربية)

حلمٌ آخر...

الشغف المُشتعل حمل ابنة بيروت إلى طرابلس. ما يجمع الحدثين هو الإيمان بالفنّ موحِّداً للبشر. تروي مغامرةً أخرى بدأت من رغبتها والمايسترو هاروت فازليان في إحياء حفل موسيقي لغايات خيرية. اقترحا مسرحاً مهجوراً هناك منذ الستينات. ولمّا زارته، لمحت فيه لمسات أحد أكبر معماريّي البرازيل، أوسكار نيماير، الذي وصل إلى طرابلس عبر البحر ومكث شهرين كانا كافيَيْن لإنشاء المشروع بأكمله. وإذ كان يُتوقَّع أن يستغرق التنفيذ 3 سنوات، امتدَّ إلى 13 عاماً، حتى اندلاع الحرب عام 1975.

اليوم، يحمل هذا المشروع اسم «معرض رشيد كرامي الدولي»، بمساحته الشاسعة التي شكَّلت التعاطي الفنّي الأول مع الأسمنت؛ فتنهمك جويل حجار بإعادة النبض إلى مسرحه المنضوي تحت قبّة، والشاهد على تجاوزات مسلَّحة وعمليات نهب ميليشياوية، بأمل تحويله، ومعه المكان الأوسع، حيّزاً جماعياً يتيح فرص الاستثمار والعرض والإبداع الموسيقي.

بعظمة القوة الناعمة، تذهب في الأحلام بعيداً. انطلق مشروع تأهيل المسرح بـ3 أشخاص: جويل حجار، وهاروت فازليان، وعميد كلية الفنون الجميلة في طرابلس وسيم ناغي الذي تُخبر بأنه كرَّس حياته لهذا المكان التاريخي، وأنقذ أرشيفه، وسعى من أجل إدراجه ضمن قائمة «اليونيسكو». واليوم يبذل 28 فناناً ومعمارياً أجمل الجهود لبلوغ المُخطَّط له.

التمويل تحدٍّ، والاستقرار الأمني اللبناني أيضاً. يُحضّر الفريق لمزاد ضخم مع «سوذبيز» يعرض لوحات لتشكيليين مُكرَّسين لجَمْع ما يجعل الطموح يتحقّق. بابتسامة المُراهنين على الوصول، تُمازح: «تأخّرنا عاماً على مشروعٍ تأخّر 60 سنة. إنها ويلات الحرب. نرجو الأمان لتكتمل أحلامنا».