مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

جدرانها مزيّنة بالنقوش «الزاهية» والمتاع الجنائزي

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثل في مصطبة لطبيب ملكي لدى الدولة المصرية القديمة، تحتوي نقوشاً ورسوماً «زاهية» على جدرانها، بالإضافة إلى الكثير من أدوات الطقوس والمتاع الجنائزي.

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، كشفت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية المشتركة التي تعمل في جنوب منطقة سقارة الأثرية، وتحديداً في مقابر كبار رجال الدولة القديمة، عن مصطبة من الطوب اللبن، لها باب وهمي عليه نقوش ورسومات «متميزة»، لطبيب يُدعى «تيتي نب فو»، عاش خلال عهد الملك بيبي الثاني، ويحمل مجموعة من الألقاب المتعلقة بوظائفه الرفيعة، من بينها: «كبير أطباء القصر»، و«كاهن الإلهة سركت»، و«ساحر الإلهة سركت»، أي المتخصص في اللدغات السامة من العقارب أو الثعابين وعظيم أطباء الأسنان، ومدير النباتات الطبي.

جدران المصطبة تتضمّن نقوشاً ورموزاً جنائزية بألوانها الزاهية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعد هذا الكشف إضافة مهمة إلى تاريخ المنطقة الأثرية بسقارة، ويُظهر جوانب جديدة من ثقافة الحياة اليومية في عصر الدولة القديمة من خلال النصوص والرسومات الموجودة على جدران المصطبة، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد.

من جانبه، أوضح رئيس البعثة، الدكتور فليب كولمبير، أن المصطبة تعرّضت للسرقة في عصور سابقة، حسب ما ترجح الدراسات الأولية، لكن الجدران ظلّت سليمة وتحمل نقوشاً محفورة ورسوماً رائعة الجمال، ونقشاً على أحد جدران المقبرة على شكل باب وهمي ملون بألوان زاهية. كما توجد مناظر للكثير من الأثاث والمتاع الجنائزي، وكذلك قائمة بأسماء القرابين، وقد طُلي سقف المقبرة باللون الأحمر تقليداً لشكل أحجار الغرانيت، وفي منتصف السقف نقش يحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة.

رموز ورسوم لطقوس متنوعة داخل المصطبة (وزارة السياحة والآثار)

بالإضافة إلى ذلك عثرت البعثة على تابوت حجري، الجزء الداخلي منه منقوش بالكتابة الهيروغليفية يكشف اسم صاحب المقبرة.

وكانت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية قد بدأت أعمال الحفائر في الجزء الخاص بمقابر موظفي الدولة، خلف المجموعة الجنائزية للملك بيبي الأول، أحد حكام الأسرة السادسة من الدولة القديمة، وتلك الخاصة بزوجاته في جنوب منطقة آثار سقارة، في عام 2022.

وكشفت البعثة قبل ذلك عن مصطبة للوزير وني، الذي اشتهر بأطول سيرة ذاتية لأحد كبار رجال الدولة القديمة، التي سُجّلت نصوصها على جدران مقبرته الثانية الموجودة في منطقة أبيدوس بسوهاج (جنوب مصر).

ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذا الاكتشاف «يكشف القيمة التاريخية والأثرية لمنطقة سقارة التي كانت مركزاً مهماً للدفن خلال عصور مصر القديمة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المصطبة المكتشفة تعود إلى طبيب ملكي يحمل لقب (المشرف على الأطباء)، كان يخدم البلاط الملكي في الأسرة الخامسة (تقريباً في الفترة ما بين 2494 و2345 قبل الميلاد)، وجدران المصطبة مزينة بنقوش زاهية الألوان تجسّد مشاهد يومية وحياتية وأخرى جنائزية؛ مما يوفّر لمحة عن حياة المصريين القدماء واهتماماتهم بالموت والخلود».

ويضيف العالم المصري أن المصاطب تُعد نوعاً من المقابر الملكية والنخبوية التي ظهرت خلال بدايات عصر الأسرات الأولى، قبل ظهور الشكل الهرمي للمقابر.

المصطبة المكتشفة حديثاً في سقارة (وزارة السياحة والآثار)

وتضم النقوش داخل المصطبة صوراً للطبيب الملكي وهو يمارس مهامه الطبية، إلى جانب مناظر تعكس الحياة اليومية مثل الصيد والزراعة، ويلفت عبد البصير إلى أن «النقوش تحتفظ بجمال ألوانها المبهجة؛ مما يدل على مهارة الفنانين المصريين القدماء وتقنياتهم المتقدمة».

ويقول الدكتور حسين إن هذا الاكتشاف يعزّز فهمنا لتاريخ الدولة القديمة، ويبرز الدور المحوري الذي لعبته سقارة مركزاً دينياً وثقافياً، مؤكداً أن هذا الاكتشاف «يُسهم في جذب مزيد من الاهتمام العالمي للسياحة الثقافية في مصر، ويُعد حلقة جديدة في سلسلة الاكتشافات الأثرية التي تُعيد إحياء تاريخ مصر القديمة وتُظهر للعالم عظمة هذه الحضارة».

تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة والآثار أعلنت قبل يومين اكتشاف 4 مقابر يعود تاريخها إلى أواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة، في منطقة سقارة بالجيزة، وأكثر من 10 دفنات من عصر الأسرة الـ18 من الدولة الحديثة.


مقالات ذات صلة

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

يوميات الشرق اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

أعلن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الأربعاء، عن اكتشاف بقايا معبد الوادي للملكة حتشبسوت بالأقصر (جنوب مصر)، مع عدد من الاكتشافات الأثرية الأخرى.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الغرابة (SWNS)

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية بالقاهرة، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها.

منى أبو النصر (القاهرة )

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)
أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)
TT

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)
أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)

تراهن الفنانة المصرية أنغام على مواكبة أحدث الصيحات الموسيقية العالمية في ألبومها الجديد «تيجي نسيب» الذي احتفلت بإطلاقه، الأربعاء، في حفل كبير بإحدى دور العرض السينمائية المصرية، بحضور صناع أغنيات الألبوم، وعدد من الفنانين ورموز الإعلام المصري.

وشهد الحفل عرض كليب أغنية «تيجي نسيب» لأول مرة، الذي عرض بتقنية «Dolby Atmos» التي تمنح الجمهور تجربة استماع ثلاثية الأبعاد تضيف بعداً جديداً للموسيقى.

ويذكر أن ألبوم أنغام الجديد «تيجي نسيب» هو من إنتاج شركتها الجديدة «صوت مصر»، وتضمن 12 أغنية هي: «وبقالك قلب»، و«تيجي نسيب»، و«موافقة»، و«إيه الأخبار»، و«خليك معاها»، و«اسكت»، و«أقولك إيه»، و«كان بريء»، و«القلوب أسرار»، و«مكانش وقته»، و«بنعمل حاجات»، و«هو أنت مين».

وتعاونت في الألبوم مع نخبة من صناع الأغنية المصرية أبرزهم: أمير طعيمة، وطارق مدكور، وهالة الزيات، ومحمود خيامي، ومصطفى حدوتة، وإيهاب عبد الواحد، وأكرم حسني، ونادر حمدي، ونور عبد الله، ومصطفى العسال، ومحمد العشي، وتامر عاشور، ومحمد الشرنوبي، وعزيز الشافعي، وخالد سليمان.

كانت أنغام قد فاجأت جمهورها بضم أغنية «وبقالك قلب»، التي تستحوذ على حقوقها منذ أكثر من 17 عاماً، للألبوم لتكون «هيد» عملها الفني الجديد، وهي من ألحان الموسيقار الراحل رياض الهمشري.

ووصفت أنغام ألبومها خلال لقائها مع وسائل أإعلام بأنه «تجربة مميزة»، قائلة: «ألبوم (تيجي نسيب)، هو تجربة مميزة في مسيرتي الفنية، حاولت من خلالها مواكبة التطور الموسيقي في العالم، من خلال تقديم أشكال موسيقية لم تقدم من قبل في الشرق الأوسط، وأتوقع أن الأجيال القادمة التي ستستمع للألبوم، ستشكر فريق العمل على ما قدموه بهذا التطور وبتلك التقنيات».

وحول سبب إطلاقها اسم «صوت مصر» على شركتها الفنية الجديدة، قالت أنغام: «من يتابعني جيداً، يعلم أن هذا اللقب يطلق علي منذ فترة طويلة، وهو أمر ليس بجديد علي، وفي النهاية أنا لست متعمقة في الأمور الإدارية مقارنة بالغناء والموسيقى».

الفنانة أنغام شكرت فريق العمل على ما قدموه من أغانٍ (الشركة المنتجة)

وقدمت الفنانة المصرية الشكر لكل فريق عمل ألبومها الجديد وبالتحديد الفنان أكرم حسني، مضيفة: «رحلة العمل على ألبوم (تيجي نسيب) تجربة ممتعة وصعبة، والمبدعون الذين شاركوني تلك الرحلة كانوا على مستوى عالٍ من الرقي والفن، وهم سبب نجاحي، وأقدم شكراً خاصاً للفنان أكرم حسني، الذي أصبح في مصاف كبار الشعراء في الوطن العربي، بعد أن ظهرت حقيقته وموهبته في الشعر مثلما هي في التمثيل».

وأعرب الموسيقار محمود الخيامي عن سعادته البالغة لمشاركته الفنانة أنغام في ألبومها الجديد بأغنية «هو أنت مين»، وكشف عن كواليس الأغنية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الفكرة بعد أن أعجبت بأغنية أنغام التي قدمتها في ألبومها الماضي (يا ريتك فاهمني)، التي أراها إحدى أغنياتها العظيمة من ألحان الفنان تامر عاشور، ولا أنكر أنني استلهمت فكرة أغنيتي منها، ثم عملت على الأغنية مع الشاعرة هالة الزيات، وقدمنا الأغنية لأنغام، التي تحمست لها كثيراً، ووافقت فوراً على تقديمها في ألبومها الجديد، وبعد نجاح الأغنية اقترحت علي أنغام دمج أغنية (هو أنت مين) مع أغنية (يا ريتك فاهمني) في حفلاتها الغنائية».

أما الشاعر أمير طعيمة الذي قدّم لأنغام في ألبومها 4 أغنيات، فتحدث قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ما يقرب من 20 عاماً، وأنا وأنغام دائماً ما نقدم سنوياً أعمالاً غنائية، نحن أصبحنا معتادين على بعضنا البعض، ونفهم ما نريده، ولذلك لم أجد صعوبة في العمل معها خلال هذا الألبوم، ربما فكرة الأغنيات الـ4 التي قدمتها لها هذا العام بها النزعة الهجومية أعلى من الرومانسية بعض الشيء».

كشف طعيمة عن الأغنية الأقرب لقلب أنغام من كلماته قائلاً: «أعتقد أن الأغنيات الأربع قريبة من قلب أنغام، وربما أقربها (مكنش وقته)، لأننا وقتها تحدثنا كثيراً عن الأغنية وفكرتها».