هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

بعد تحقيق فيلمه الجديد إيرادات لافتة في بداية عرضه

محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)
محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)
TT

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)
محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

حقق الفنان المصري محمد سعد إيرادات لافتة تجاوزت 7 ملايين جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 51 جنيهاً مصرياً)، خلال 3 أيام عرض، منذ طرح أحدث أفلامه السينمائية «الدشاش»، وفق بيان الموزع السينمائي المصري محمود الدفراوي.

وتصدَّر سعد المرتبة الأولى في قائمة الإيرادات اليومية بـ«شباك التذاكر»، في مصر، متفوقاً على أفلام «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة»، بعد غياب عن المنافسة ما يقرب من 6 سنوات منذ تقديمه لفيلم «محمد حسين»، عام 2019.

وتباينت ردود الفعل والآراء «السوشيالية» والنقدية حول الفيلم الذي ساهم في عودة سعد مجدداً للأضواء، بعد مرحلة من الاختفاء؛ فبينما أكد نقاد أن «الدشاش» جعل سعد يبتعد عن اللعب في الطريق المضمون الذي سلكه عبر تقديم نسخ مكررة من شخصية «اللمبي» التي قدمها مطلع الألفية الجديدة، يرى آخرون أن هناك نقاطاً توضح أنه ما زال متمسكاً بفرض سيطرته على أعماله.

الكاتب والناقد الفني المصري كمال القاضي يؤكد أن فيلم «الدشاش» يمثل محطة مهمة في مشوار سعد بعد فيلم «الكنز 2»، فهو بمثابة تصحيح لمساره الفني وخطوة في اتجاه التخلي بشكل نسبي عن شخصية «اللمبي» التي سيطرت عليه لسنوات طويلة، وأهدرت الكثير من طاقته الإبداعية.

محمد سعد في لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

ويضيف القاضي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «سعد ممثل جيد ينقصه فقط الوعي بموهبته التي لم يكن موفَّقاً في إدارتها بشكل ملحوظ طوال ارتباطه بأنماط الكوميديا (الركيكة) التي ظل يقدمها لسنوات؛ بإغراء شباك التذاكر، دون النظر للقيمة الفنية المفتقَدَة».

ووفق القاضي، فإن ما قدمه سعد خلال مشواره الفني حقق له النجومية، ولكن بمقاييس معينة لعبت فيها الإيرادات دوراً رئيساً، وذهبت كل مكاسبها للمنتجين، وظلَّت الخسارة الأدبية من نصيبه وحده، بافتقاده التقييم الإيجابي لتجاربه التجارية البحتة.

وتتفق مع القاضي الناقدة الفنية المصرية، ماجدة خير الله، التي تقول إن «فيلم (الدشاش) يبشر بعودة قوية لمحمد سعد ومستوى مختلف عن أفلامه السابقة، بداية من الملصق الترويجي للفيلم».

سعد يراهن على فيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

وتوضح ماجدة خير الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود نخبة كبيرة من الفنانين ذوي الاعتبار خير دليل، بالإضافة لمخرج لا يسمح بسيطرة النجم الأوحد»، مؤكدة أن «إيرادات الفيلم اللافتة تدل على ترقب العمل الفني، وأن استمرار الإيرادات المرتفعة دليل على أنه حاز إعجاب الناس، لكن لا يمكننا اعتبار الإيرادات المقياس الوحيد للنجاح».

مؤلف الفيلم، جوزيف فوزي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن محمد سعد تحدث معه في تفاصيل مهمة بسيناريو «الدشاش» قبل بدء العمل عليه من أجل تقديم جرعة تمثيلية جادة، مؤكداً أنه استفاد من خبرة سعد وموهبته وإضافاته القيمة، ولم يشعر بتدخل مبالَغ لصالحه، بل هدفه كان الصالح العام للعمل.

محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

لكن في المقابل انتقد كتاب، من بينهم الناقد الفني المصري سمير الجمل طريقة سعد في التعاطي مع أعماله الفنية؛ حيث أكد أن «الإيرادات ليست مقياساً للنجاح، خصوصاً في المواسم والأعياد»، مشيراً إلى أن «مشكلة سعد تكمن في عدم خروجه عن شخصيته الحقيقية»، وفق تعبيره

ولفت الجمل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الناس طالبت سعد بتغيير جلده والابتعاد عن تقديم ثيمة (اللمبي) التي استهلكها، لكنه عندما تغير أتى مجدداً بشخصيات على المنوال ذاته، لافتاً إلى أن مشكلته تكمن في تحويل دفة النص صوب الاتجاه الذي يريده، ظناً منه أن ما يفعله جاذب للجمهور، لكن ذلك ساهم في تراجعه». بحسب وصفه.

وتدور أحداث «الدشاش» في إطار اجتماعي كوميدي يغلب عليها الطابع الشعبي، بجانب مزيج من التشويق والإثارة والأكشن، ويجسد سعد شخصية «زعيم عصابة» يعمل في ملهى ليلي ويواجه أعداءه، ويعيش حياة صعبة مليئة بالأزمات والتناقضات التي تضعه ما بين الاستمرار والرفض، ويشارك في بطولة الفيلم زينة، وباسم سمرة، ونسرين أمين، وخالد الصاوي، تأليف جوزيف فوزي، وإخراج سامح عبد العزيز.

سعد يقدم دور «زعيم عصابة» (الشركة المنتجة للفيلم)

وتتفق الناقدة الفنية المصرية ماجدة موريس مع رأي الجمل، حيث أكدت أنه إذا تم توزيع فيلم «الدشاش» جيداً على الممثلين من دون تدخلات من سعد فسيحقق نجاحاً وإيرادات جيدة.

وتؤكد موريس لـ«الشرق الأوسط» أن الإيرادات اليومية اللافتة أمر عادي، لكن التقييم الجدي يتطلب مرور أكثر من شهر على الأقل على بداية عرض الفيلم، لوضع تصور عام عن رأي الجمهور، الذي يتكدس في المواسم، ويعتبر السينما ملاذه الرئيسي في التنزه والترفيه.

وأكد محمد سعد في تصريحات إعلامية على هامش العرض الخاص للفيلم أنه استجاب لرغبة الناس والنقاد وغيّر جلده الفني، مؤكداً أنه يتمنى أن يحقق الفيلم نجاحاً واسعاً بعد ابتعاده لسنوات عن السينما، وانتظاره حتى يجد قصة تنال رضا جمهوره، وتحقق التغيير الذي طلبوه، كما كشف سعد أن الفيلم حمل في طياته جرعة تمثيلية مُرهِقة ومليئة بالمشاعر والأحاسيس.

وبدأ محمد سعد مسيرته الفنية مطلع تسعينات القرن الماضي، وشارك في أعمال فنية بالمسرح والتلفزيون والسينما، لكن شخصية «اللمبي» التي قدمها في فيلم «الناظر» عام 2000 شكلت البداية الحقيقية لانطلاقته التي دار في فلكها كثيراً، وفق نقاد، وقدم بعدها أفلاماً، من بينها «55 إسعاف»، و«اللمبي»، و«اللي بالي بالك»، و«عوكل»، و«بوحه»، و«كتكوت»، و«كركر»، و«بوشكاش»، و«اللمبي 8 جيجا»، و«تتح»، وغيرها.


مقالات ذات صلة

مهرجان «شاشات الواقع» في دورته الـ19 بانوراما سينما منوعة

يوميات الشرق من أفلام شاشات الواقع «النهار هو الليل» لغسان سلهب (المكتب الإعلامي للمهرجان)

مهرجان «شاشات الواقع» في دورته الـ19 بانوراما سينما منوعة

نحو 35 فيلماً وثائقياً طويلاً وشرائط سينمائية قصيرة، يتألف منها برنامج عروض المهرجان الذي يتميز هذه السنة بحضور كثيف لصنّاع السينما اللبنانيين.

فيفيان حداد (بيروت)
سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)

«صبا نجد»... حكايات 7 فنانات من الرياض

عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)
عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)
TT

«صبا نجد»... حكايات 7 فنانات من الرياض

عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)
عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)

بعنوان بعضه شعر وأكثره حب وحنين، يستعرض معرض «صبا نجد» الذي يقدمه «حافظ غاليري»، بحي جاكس في الدرعية يوم 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، حكايات لفنانات سعوديات معاصرات من الرياض تفتح للمشاهد نوافذ ﻋﻠﻰ ﻗلب وروح اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ.

تتعدد الروايات الفنية ووجهات النظر في المعرض، لكنها تتفق فيما بينها على الاحتفال بالهوية والثقافة والأدوار المتغيرة للمرأة في المجتمع السعودي. كما يستعرض «صبا نجد» الأساليب الفنية المختلفة التي ميزت مسيرة كل فنانة من المشاركات.

عمل لنورة العيسى (حافظ غاليري)

يوحي العنوان بلمحة نوستالجية وحنين للأماكن والأزمنة، وهذا جانب مهم فيه، فهو يرتكز على التراث الغني لمنطقة نجد، ويحاول من خلال الأعمال المعروضة الكشف عن أبعاد جديدة لصمود المرأة السعودية وقوة إرادتها، جامعاً بين التقليدي والحديث ليشكل نسيجاً من التعبيرات التجريدية والسياقية التي تعكس القصص الشخصية للفنانات والاستعارات الثقافية التي تحملها ممارساتهم الفنية.

الفنانات المشاركات في العرض هن حنان باحمدان، وخلود البكر، ودنيا الشطيري، وطرفة بنت فهد، ولولوة الحمود، وميساء شلدان، ونورة العيسى.

تحمل كل فنانة من المشاركات في المعرض مخزوناً فنياً من التعبيرات التي تعاملت مع تنويعات الثقافة المحلية، وعبرت عنها باستخدام لغة بصرية مميزة. ويظهر من كل عمل تناغم ديناميكي بين التراث والحداثة، يعبر ببلاغة عن هوية نجد.

من أعمال الفنانة لولوة الحمود (حافظ غاليري)

يشير البيان الصحافي إلى أن الفنانات المشاركات عبرن من خلال مجمل أعمالهن عن التحول الثقافي الذي يعانق تقاليد الماضي، بينما ينفتح على آفاق المستقبل، معتبراً المعرض أكثر من مجرد احتفاء بالمواهب الفنية؛ بل يقدمه للجمهور على أنه شهادة على قوة الصوت النسائي في تشكيل المشهد الثقافي والتطور الفني في المنطقة.