أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)
الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)
TT

أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)
الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)

يُعد البشر المخلوقات «الأكثر اجتماعية» على هذا الكوكب. وبينما يمكننا تشكيل تحالفات، والوقوع في الحب، فإننا أيضاً ماهرون في «خلق الفوضى» داخل عقول الآخرين، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

فما هي أسوأ الأشياء التي يمكن أن يفعلها بعضنا ببعض من الناحية النفسية؟

1. التلاعب النفسي

تخيل أن شخصاً ما يقنعك ببطء، وبشكل منهجي، بأن ذاكرتك «معيبة»، ومشاعرك «فاسدة»، وتصورك عن الواقع خاطئ تماماً. هذا هو التلاعب النفسي؛ حيث يقوم شخص ما بزرع الشك بشكل منهجي في ذهن شخص آخر، مما يجعله يشكك في إدراكه وذاكرته وحتى عقله.

وأصبح هذا التكتيك شائعاً بشكل مثير للقلق في العلاقات السامة. ويعد شكلاً من أشكال التعذيب العقلي لأنه يهاجم أساس واقع الشخص.

ويؤدي التلاعب إلى ارتباك عاطفي عميق والشك في الذات، كما يؤدي إلى تآكل الثقة بالنفس ببطء، مما يترك الشخص المُستهدف معتمداً على المُتلاعِب للحصول على نسخته من «الحقيقة».

2. السيطرة بالحب

يحدث عندما يمطرك شخص ما بالاهتمام المفرط والمودة والثناء في المراحل الأولى من العلاقة من أجل السيطرة. مشاعر ملتهبة وزيارات مفاجئة مصحوبة بالهدايا في البداية، لكن الهدف منها ليس الحب، بل السيطرة. وبمجرد أن تصبح مدمناً على اندفاع الدوبامين (من هرمونات السعادة)، يبدأ الشخص الذي يمطرك بالحب في التراجع، مما يجعلك تتوق إلى تلك المودة.

ويُرى هذا التكتيك النفسي بشكل شائع في العلاقات المسيئة، حيث يقوم المُتلاعِب بتنفيذ دورة «تسحق الروح» من الارتفاعات والانخفاضات في مقدار الحب، مما يتسبب في تدمير عاطفي يترك الضحية مُعتمدة عاطفياً ويسهل السيطرة عليها.

3. الابتزاز بالذنب

يُعد الشعور بالذنب من المشاعر الفظيعة، التي تصبح سلاحاً في يد المُتلاعِب. ويحدث الابتزاز العاطفي عندما يستخدم شخص ما الشعور بالذنب لإجبارك على فعل ما يريد، مما يجعلك تشعر بالمسؤولية عن سعادته، أو في كثير من الأحيان، عن بؤسه.

وتُعد عبارات مثل «بعد كل ما فعلته من أجلك...» أو «إذا كنت تحبني، فستفعل...» هي عبارات ابتزاز عاطفية كلاسيكية، الهدف منها هو وضع الشخص المُستهدَف في فخ شبكة من الالتزامات، وتجعل الرغبة في تجنب الشعور بالذنب من السهل السيطرة عليه.

4. التثليث

شكل من أشكال التلاعب بالأشخاص، يستخدم فيه الشخص المُتلاعِب أسلوب التهديد أو الاستبعاد أو الخداع، بهدف التفرقة والسيطرة على الآخرين. يستخدمه الأشخاص الذين لديهم قاسم مشترك وهو الإحساس بانعدام الطمأنينة، وبالتالي هم على أتم استعداد للتلاعب بالمحيط بطرق سيئة ومؤدية كي يصلوا لمبتغاهم أو ليشعروا بالأمان في علاقاتهم.

استراتيجية التثليث تقوم على التلاعب بالمنافسين المحتملين من خلال إحداث صراعات فيما بينهم، وهي طريقة يتبعها الأشخاص الأنانيون لضمان الشعور بالراحة وحماية غرورهم.

من الأمثلة على التثليث استخدام الشريك أو الصديق شخصاً آخر لخلق بيئة مشحونة بالعداوة أو اختلاق المشاكل أو الضغط عليك للقيام بأمور لم تكن لتفعلها بخلاف ذلك.

5. العقاب بالصمت

في بعض الأحيان يكون أسوأ شيء يمكن أن يفعله أي شخص هو «عدم فعل أي شيء على الإطلاق». وتبدو المعاملة الصامتة بمثابة استجابة طفولية للصراع، لكنها سلاح نفسي مدمر. فمن خلال رفض التواصل، يقوم المُتلاعِب بـ«معاقبة» الضحية بشكل فعال، وحجب الاهتمام والمودة حتى يمتثل الشخص الآخر.

إن المعاملة الصامتة تخلق فراغاً عاطفياً حيث يُترك الضحية لتخمين الخطأ الذي حدث، ويسعى بشدة إلى إيجاد حل. وتظهر الأبحاث أن التجاهل يمكن أن ينشط نفس مناطق الدماغ المرتبطة بالألم الجسدي. بمعنى آخر، المعاملة الصامتة تؤلم أكثر من الكلمات؛ لأنها تعني غياب أي كلمات على الإطلاق.


مقالات ذات صلة

معرض للتقنيات الحديثة المخصصة للصحة النفسية

تكنولوجيا جهاز استشعار اللعاب «كورتي سينس» من شركة «نيوتريكس إيه جي» وتطبيق مراقبة هرمون التوتر خلال معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (أ.ف.ب)

معرض للتقنيات الحديثة المخصصة للصحة النفسية

بات الفاعلون في القطاع التكنولوجي يوفرون مزيداً من الأجهزة الحديثة والتقنيات المخصصة للصحة النفسية، كجهاز يرصد القلق أو آخر يحدّ من تفاقم التوتر.

«الشرق الأوسط» (لاس فيغاس )
يوميات الشرق مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

يعد الكثيرون أن التعاطف هو «حجر الزاوية» في العلاج الفعال للصحة العقلية. لكن، هل يمكن للأجهزة الرقمية أن تُظهر التعاطف؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الخطوات الصغيرة عامة توصلنا إلى التغيير واكتساب عادات جديدة (جامعة غوتنبرغ)

خطوات صغيرة لاكتساب عادات جديدة

من الأهمية قبول حقيقة أن التغيير في مجال معين أمر ضروري، فالخطوات الصغيرة عامة توصلنا إلى التغيير واكتساب عادات جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق العنوان العريض لسلوكيات 2025 الصحية هو محاولة إطالة سنوات العمر (رويترز)

من الساعات الذكية إلى دروس الخياطة... صيحات 2025 لحياةٍ أطوَل

مع بداية كل عام، يتطلّع البشر إلى أسلوب عيشٍ يمنحهم صحة أفضل وعمراً أطوَل. فما هي أبرز صيحات 2025 لتحقيق هذَين الهدفَين؟

كريستين حبيب (بيروت)
صحتك تقنية «الحلم المسبق» الذكية التي يستخدمها الجيش يمكن أن تساعدك على النوم بشكل أسرع ليلاً (رويترز)

«الحلم المسبق»... تقنية معتمدة من الأطباء تساعدك على النوم بشكل أسرع

يقول أحد أطباء طب النوم إن تقنية «الحلم المسبق» الذكية التي يستخدمها الجيش يمكن أن تساعدك على النوم بشكل أسرع ليلاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».