«كريسماس أون آيس» المُنتَظر... نجاةٌ بالأمل

عروض مُبهرة يشهدها لبنان الأسبوع المقبل تؤكد عظمة إرادته

لحظات ساحرة تشبه رحلات تعبُر بالمرء نحو أحلام لطيفة (الشرق الأوسط)
لحظات ساحرة تشبه رحلات تعبُر بالمرء نحو أحلام لطيفة (الشرق الأوسط)
TT

«كريسماس أون آيس» المُنتَظر... نجاةٌ بالأمل

لحظات ساحرة تشبه رحلات تعبُر بالمرء نحو أحلام لطيفة (الشرق الأوسط)
لحظات ساحرة تشبه رحلات تعبُر بالمرء نحو أحلام لطيفة (الشرق الأوسط)

التصفيق للشاب اللبناني أنطوني أبو أنطون وهو يُطلق الحدث الضخم، «كريسماس أون آيس»، جمع وَقْعَي اليد والقلب. فاليد أدَّت الفعل والخافقُ رقص. وسط الظنّ أنّ التعثُّر قدر، والنهوض شقاء، وفي ذروة الشعور بقسوة الاحتمالات، وقف أمام الحضور في صالة «غراند سينما» بمجمع «أ ب ث» في منطقة ضبية المضاءة بأنوار العيد، ليُعلن وصول العرض العالمي إلى لبنان المُنهك بعد الحرب.

أنطوني أبو أنطون أطلق الحدث الضخم (الشرق الأوسط)

ليست الضخامة والإبهار وحدهما ما رفع الحماسة إلى الأقاصي، وإنما عظمة الإرادة. توجَّه المدير التنفيذي لشركة «آرتستس آند مور» المنتجة مع «كرايزي إيفنتس»، أنطوني أبو أنطون، إلى المشكِّكين بقدرة الروح اللبنانية على التحليق، وأعلن: «الراقصون والمؤدّون وصلوا إلى لبنان. كثر رأوا الاستحالة في ذلك. حضروا بأزيائهم وديكوراتهم، وبأعداد كبيرة، لنقول للعالم إنّ الهزيمة لا تليق باللبنانيين».

اشتدَّ التصفيق بإعلانه أنّ العرض أُرجئ مرّتين لتوحُّش الحرب، ومع ذلك عاد. تراءت الدائرة مغلقة، والمصير الجماعي معلّقاً بعنق زجاجة. لم يكن الإلغاء خياراً، بل ضرورة. ولمّا هدأ الويل، عجَّل إطلاق المشروع، فكثَّف الفريق الجهود للحاق بالعيد.

من 26 ديسمبر (كانون الأول) الحالي إلى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، يضيء «كريسماس أون آيس» واجهة بيروت البحرية بعجائب الميلاد الخلّابة. استعارت الردحة الخارجية لصالة «غراند سينما» شيئاً من ديكور العرض الساحر، حيث غلبة البنفسجي والأبيض، رغم سطوة الأحمر على المناسبة، والأخضر التابع له لتكتمل كلاسيكية الصورة.

من 26 ديسمبر إلى 5 يناير يزيّن «كريسماس أون آيس» بيروت (الشرق الأوسط)

وفي الخارج، نكَّه «الدي جي» إيلي جبر الجوّ بأغنيات ميلادية. سيدات بملابس برّاقة لفتن عدسات الكاميرات، توجّهن مع المدعوّين إلى صالة السينما حيث أعلن أنطوني أبو أنطون ولادة الموسم الثاني من «كريسماس أون آيس» رغم التعسُّر. شكَرَ الرعاة والشركاء، وذكَّر بنجاحات موسم أول شاهده أكثر من 70 ألف شخص. لحظات ساحرة تمرّ على الشاشة، تشبه رحلات تعبُر بالمرء نحو أحلام لطيفة تجعله يبتسم طوال اليوم. فالإعلان الترويجي بيَّن عالماً يمنح أجنحة ليُحلّق القلب إلى الغيمة. والعقل إلى عِبرة. والواقع إلى الدهشات.

العرض العالمي المبهر يصل إلى لبنان المُنهك بعد الحرب (الشرق الأوسط)

أخبر أبو أنطون أنّ الشخصية الرئيسية «إميلي فورست» لن تكون وحيدة هذا العام. ينضمّ إليها «كسارة البندق»، فيشكّلان مشهدية غنائية راقصة، وما يتجاوز السحرَيْن إلى مفهوم القيم الإنسانية والسلام.

حين غنّى آندي ويليامز «إنه أروع أوقات السنة»، صَدَق؛ وهذه الروعة تتجلّى بتعميم الجمال. فالفريق ذلَّل الصعاب، ولـ9 أشهر واصل التحضير. في شريط عرض الكواليس، تحدّث صنّاع الحدث عن «مسؤولية الكتابة والإخراج». أرادوا عرضاً يُحاكي جميع الأعمار من دون اقتصاره على سنوات الطفولة المأخوذة بالكاراكتيرات والبهجة. يشاؤون من خلال المواهب والأزياء والموسيقى أن يعمّ الدفء وتطول الأوقات السعيدة.

الروعة تتجلّى بتعميم الجمال (الشرق الأوسط)

يترقّب أبو أنطون حضور 60 ألف لبناني، مع احتمال تمديد العروض لِما بعد 5 يناير. بالنسبة إليه، إنه ليس مجرّد عرض من وحي فنون السيرك، وإنما احتفال للأمل المولود من عتمات الظرف القاهر. وإنْ تساءل بعضٌ مَن هي «إميلي فروست»؟ فسيجدها محاكاة للخير المتبقّي في الإنسان، وللضمير الكوني، والألفة والطيبة.

عبر لحظات الأسى والسعادة، ومسارات حياتها، والتحدّيات التي تعترضها، تُعلِّم النجاة بالأمل رغم الوحشية، لتبقى الذكريات والمشاعر، حين يعبُر كل شيء آخر نحو النسيان، ويتراكم الأثر كلما تسلّلت اللاجدوى وأمعنت في المرء برودة الأيام.

«إميلي فورست» لن تكون وحيدة هذا العام (الشرق الأوسط)

أُلغي الحدث للمرة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) لمّا احتدم التوتّر، والثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) لما حلَّ الاشتعال. أعاد أبو أنطون لمشتري البطاقات مالهم، وظنّ أنها النهاية. ولمّا أُعلن وقف إطلاق النار، شدَّ الهِمّة. تمسَّك بالعودة، وإنْ عمَّق الخوف الأمني الهواجس وتوقّفت رحلات الطيران إلى لبنان. فالعرض عالمي والفنانون وافدون من بعيد، وسط ما يُحكى عن تجدُّد القصف وتعمُّد هذه الأرض بالدم.

استعارت الردحة الخارجية لـ«غراند سينما» شيئاً من ديكور العرض الساحر (الشرق الأوسط)

هذا العام، تتّسع المساحة في عمق بيروت المُصرَّة على الحياة: «إنها أكبر بأضعاف!»؛ يقول أبو أنطون المتطلِّع إلى لبنان يشِّع. عبر عشرات الرحلات اليومية، تمرّ إعلانات «كريسماس أون آيس» على متن «طيران الشرق الأوسط»، وصولاً إلى المطار واللوحات الإعلانية المجاورة. احتفالية بالإرادة؛ هو الحدث، وصرخة تُخبر العالم عن بلد عنيد، أعيدت كتابة النصّ لتُوجَّه رسالة إليه على وَقْع أغنية «لبيروت» الفيروزية. تُستَعرض الأرزة ويعلو نداء السلام؛ رافع الأوطان إلى عزِّها.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق الفنانون حضروا من الخارج رغم جميع الاحتمالات (الشرق الأوسط)

«كريسماس أون آيس 2»... الحبّ يُغيِّر العالم

لنحو الساعة ونصف الساعة، تقول الشخصيتان الرئيسيتان ومعهما الراقصون إنّ الحبّ يستطيع مدَّ الحياة بالسحر. «ماجيك» على هيئة تفهُّم واحتضان وحكاية في قصر.

فاطمة عبد الله (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز) play-circle 01:11

ترمب يرسل التهنئة لـ«اليساريين المجانين» ويطالب بضم كندا

أمضى ترمب يوم الميلاد في كتابة منشورات وخصّ بالتهنئة بالعيد في إحداها «اليساريين المتطرفين المجانين الذين يحاولون باستمرار عرقلة نظام محاكمنا وانتخاباتنا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (رويترز)

بايدن يندّد بالهجوم الروسي «الشائن» على أوكرانيا

قال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الأربعاء، إنه أصدر توجيهات لوزارة الدفاع لمواصلة زيادة تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيسان بايدن وترمب في المكتب البيضاوي يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بعد فوز الثاني بالانتخابات الرئاسية الأميركية (أ.ب)

بايدن وترمب يبثان رسائل متباينة بمناسبة عيد الميلاد

بثّ الرئيس الديمقراطي جو بايدن، والرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترمب، رسائل متباينة بمناسبة عيد الميلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

عروض مسرحية ومعارض فنية احتفاء بـ«أديب نوبل» نجيب محفوظ

نجيب محفوظ (وزارة الثقافة المصرية)
نجيب محفوظ (وزارة الثقافة المصرية)
TT

عروض مسرحية ومعارض فنية احتفاء بـ«أديب نوبل» نجيب محفوظ

نجيب محفوظ (وزارة الثقافة المصرية)
نجيب محفوظ (وزارة الثقافة المصرية)

من وحي «الحرافيش» و«زقاق المدق» و«الكرنك» و«ثرثرة فوق النيل» و«بداية ونهاية» و«أحلام فترة النقاهة» تظهر أعمال فنية جديدة ما بين مسرح ومعارض فنية وورش للكتابة، في احتفالية خاصة تقيمها وزارة الثقافة المصرية لأديب نوبل نجيب محفوظ تحت عنوان «محفوظ... في القلب».

أعلنت وزارة الثقافة بدء الاستعداد لتنفيذ سلسلة من الأنشطة الثقافية في جميع مواقعها، في 16 أبريل (نيسان) المقبل، احتفاء بـ«أديب نوبل» نجيب محفوظ، وتمتد الأنشطة لتشمل عدداً من المواقع التابعة للوزارات والمؤسسات الأخرى؛ تقديراً لدوره البارز في تعزيز الهُوِيَّة المصرية. وفق بيان للوزارة، الاثنين.

تأتي هذه الاحتفالية امتداداً للمبادرة التي أطلقتها وزارة الثقافة لتعزيز الهوية المصرية، عبر الاحتفاء بالرموز الثقافية، بهدف تذكير الجميع بإسهاماتهم الفنية والثقافية، وأثرهم في إثراء الهُوِيَّة المصرية، وأعلنت الوزارة أنه تم الاحتفاء بـ«أديب نوبل» نجيب محفوظ، ليس فقط باعتباره مبدعاً مصرياً أقرَّ العالم بتفرُّده، بل لدوره البارز في تصوير المجتمع المصري في فترات مهمة من تاريخه، مما ساعد على فهم طبيعة الهُوِيَّة المصرية في مواجهة التغيرات الاجتماعية والسياسية.

ومن أعمال نجيب محفوظ التي تحول معظمها إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية، ثلاثيته الشهيرة «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية»، و«بداية ونهاية» و«الحرافيش» و«ميرامار» و«السمان والخريف» و«حديث الصباح والمساء» و«أفراح القبة».

العديد من أعمال نجيب محفوظ تحولت إلى أعمال سينمائية (وزارة الثقافة المصرية)

وذكر البيان أن أعمال محفوظ جسدت الهوية المصرية، وأكدت أن هذه الهوية ليست مجرد انعكاس لحضارة قديمة، بل هي مزيج معقد من تاريخ طويل وتواصل بين الأجيال، وساهمت أعماله الأدبية والفنية في تشكيل الوعي المصري، وظلَّت مصدر إلهام للأجيال الجديدة.

وحصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الآداب عام 1988، ووصفت اللجنة، التي منحته الجائزة، أعماله بـ«الأصالة» وقالت إنه «أثرى المكتبة العربية بإنتاجه الغزير الذي تجاوز خمسين عملاً، وقد ترجم إلى معظم لغات العالم، بل تحول كثير منها إلى أعمال سينمائية».

ورحل محفوظ عن عالمنا في 30 أغسطس (آب) 2006، عن عمر يناهز 95 عاماً.

نجيب محفوظ في مكتبته (أرشيفية)

وكانت تلك السلسلة من الفعاليات قد احتفت من قبل بالمخرج الراحل شادي عبد السلام، في إطار نشاط أُطلق عليه «يوم شادي... لعزَّة الهوية المصرية»، كما تم الاحتفاء بالفنان صلاح جاهين في إطار نشاط أُطلق عليه «عمنا... صلاح جاهين».

وخلال الاحتفاليتين الماضيتين تم تنظيم عدد من المعارض الفنية ومعارض الكاريكاتير التي تحمل بصمة المخرج شادي عبد السلام وفيلمه «المومياء»، وكذلك أفلامه الأخرى التي تتناول الحضارة المصرية القديمة، كما تم تنظيم معرض وأكثر من احتفالية للشاعر والفنان الراحل صلاح جاهين، بعضها تضمنت رسوماته الكاريكاتورية، وكذلك عرض «الليلة الكبيرة» من تأليفه.