مصر: حريق في محيط معبد الكرنك يثير تساؤلات حول تأمين الآثار

صورة بانورامية لمعابد الأقصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)
صورة بانورامية لمعابد الأقصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: حريق في محيط معبد الكرنك يثير تساؤلات حول تأمين الآثار

صورة بانورامية لمعابد الأقصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)
صورة بانورامية لمعابد الأقصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أثار الحريق الذي نشب في محيط معبد الكرنك بمحافظة الأقصر (جنوب مصر) تساؤلات حول حماية وتأمين الآثار والحفاظ عليها، والعمل على تأمين محيطها لدى خبراء في الآثار والسياحة.

وكان حريق قد نشب في الحشائش والنخيل الجاف الموجودين على مسافة نحو 400 مترٍ من سور المعبد الخلفي، وامتدت ألسنة النيران إلى منزلين في مواجهة المعبد، ونجحت قوات الحماية المدنية في السيطرة على الحريق وإخماده دون خسائر بشرية، وقد حُرّر محضر بالواقعة، وتُجري السلطات المختصة التحقيق فيها، وفق وسائل إعلام محلية.

وكانت الجهات المعنية في الأقصر قد تلقّت إخطاراً بنشوب حريق هائل في محيط معبد الكرنك، تحديداً خلف السور الخارجي الحديث الذي يبعد عن السور الأثري بمسافة 400 مترٍ، وانتقلت النيران إلى منزلين من الطوب اللبِن في مواجهة المعبد دون حدوث إصابات أو أضرار في الأرواح البشرية.

وعدّ رئيس غرفة شركات السياحة في جنوب الصعيد بالأقصر، ثروت عجمي، الحادث بمثابة «جرس إنذار»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «توجد أعشاب جافة كثيرة بجوار المعبد، ونحن حتى الآن لا نعرف سبب الحريق، ولكن في كل الحالات يجب العمل على تنظيف المكان المحيط بالمعبد؛ لأن تركها قد يؤدي إلى حرائق أخرى مماثلة»، لافتاً إلى أنه «رغم وقوع الحريق على مسافة 400 مترٍ من المعبد، فإنه يجعلنا ننتبه لضرورة حماية الآثار ومحيطها، وإن كان المحيط مسؤولية المحافظة وليس مسؤولية هيئة الآثار»، مشيراً إلى أن «مجرّد وقوع حريق بجوار المعبد يمكن أن يؤثّر في الآثار وفي السياحة، ومن ثَمّ يجب الاهتمام بمحيط المعبد، وتأمينه، وتنظيفه، والتعامل الصحيح مع كل الأسباب التي قد تؤدي لمثل هذه الحوادث».

جانب من الحريق بجوار المعبد (فيسبوك)

أُنشئ معبد الكرنك نحو عام 2000 قبل الميلاد، في عصر الدولة الوسطى، واستمر حتى عهد الدولة الحديثة التي ينتمي إليها الملك «توت عنخ آمون» والملك «رمسيس الثاني»، ويحتوي على 134 عموداً، قُطر كل واحد منها 3.37 متر، وارتفاع الأعمدة الجانبية 13 متراً، في حين يبلغ ارتفاع الأعمدة الوسطى 21 متراً، والأعمدة كلّها على هيئة سيقان البردي، تعلوها تيجان على شكل أزهار البردي المتفتحة، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات».

وأشار خبير الآثار المصري الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إلى أنه حذّر من خطورة هذه الحشائش في أغسطس (آب) الماضي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد نشرتُ صوراً لهذه الحشائش المحيطة بمعبد الكرنك تحت عنوان (حين تتحدّث الصور عن الكرنك)، أشرتُ فيها إلى انهيارات في الكرنك، وأن الأحجار الأصليّة مدشّنة، ومشروعات الترميم معطّلة، ووجود حشائش ضارة بالأثر. أنقذوا تراثاً عالمياً استثنائياً».

وأوضح ريحان أن «مدينة طيبة (الأقصر حالياً) وجبّانتها مسجلتان تراثين عالميين في (اليونيسكو) عام 1979 لـ3 معايير؛ إذ تمثّل طيبة نموذجاً للروائع في تكوينها الفريد بصفتها مدينة للحكم بمبانيها على البّرين الشرقي والغربي، وتقف شاهداً فريداً على معتقدات خاصة بالحياة والموت في عهد المصريين القدماء، كما اقترن اسمها بأحداث عدّة ومعتقدات مرتبطة بتاريخ المصريين القدماء».


مقالات ذات صلة

«مدينة السرين الأثرية» عمق تاريخي لأكثر من ألفيْ عام

يوميات الشرق أشارت بقايا الآثار التي استودعتها الحقب الماضية إلى حجم وقيمة تراث السرين الغنيّ (واس)

«مدينة السرين الأثرية» عمق تاريخي لأكثر من ألفيْ عام

توجد مدينة «السِّرّين» بمحافظة الليث، الواقعة على بُعد 250 كيلومتراً جنوب مكة المكرمة، وتحديداً في السهل الفيضي لوادي «حَلية»

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق جانب من عملية هدم المدافن بقرافة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)

«الثقافة المصرية» تُوقف هدم أضرحة تراثية إثر انتقادات حادة

بعد موجة انتقادات حادة لعمليات هدم مقابر وُصفت بأنها «تراثية» في القاهرة، أعلنت وزارة الثقافة وقف عمليات الهدم في منطقة مقابر الإمام الشافعي مؤقتاً.

عبد الفتاح فرج (القاهرة )
يوميات الشرق نقوش مقبرة نفرتاري تنبض بالحياة (وزارة السياحة والآثار)

مصر لإعادة فتح مقبرة نفرتاري أمام الجمهور

تتجه مصر لإعادة افتتاح مقبرة نفرتاري بالأقصر (جنوب مصر) بمدينة الأقصر أمام الجمهور، بعد إغلاقها للترميم قبل عدة أشهر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا تماثيل يصل ارتفاعها إلى عشرة أقدام لملوك نوبيين في عاصمة النوبة كرمة (غيتي)

بريطانيا تمول ناشطين سودانيين لمنع نهب المتاحف والآثار

قالت مصادر بريطانية، إن ناشطين سودانيين يتلقون تمويلاً بريطانياً، لإنقاذ الكنوز الثقافية من جهات تقدم على نهب المتاحف في مختلف أنحاء السودان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «قبة حليم باشا» خلال عملية الهدم (حساب الفنان محمد عبلة على «فيسبوك»)

هدم «قبة تاريخيّة» في جبَّانة القاهرة يفجر موجة من الغضب

أثار هدم قبة مدفن «مستولدة محمد علي باشا» الشهير بمدفن «حليم باشا» بجبَّانة الإمام الشافعي في القاهرة التاريخية موجة واسعة من الغضب.

عبد الفتاح فرج (القاهرة )

حين تتفاهم الحضارات بلغة الألوان والفنون

الخط العربي حاضر (من المعرض)
الخط العربي حاضر (من المعرض)
TT

حين تتفاهم الحضارات بلغة الألوان والفنون

الخط العربي حاضر (من المعرض)
الخط العربي حاضر (من المعرض)

إنه مكان فريد عابق بتاريخ أوروبا يستقبل تاريخاً فريداً آخر زاخراً بروائع الشرق. ففي القصر التاريخي لفندق «البحرية» المُطل على ساحة «الكونكورد» في باريس، بمواجهة المسلة المصرية، يُقام معرض لمجموعة مقتنيات آل ثاني القطرية من تحف تعود للعصور القديمة حتى يومنا هذا. إنها واحدة من المجموعات الخاصة المرموقة في العالم، تستقر في عاصمة النور لعام كاملٍ، حتى خريف 2025، لكي تُتاح رؤيتها لأكبر عدد من عشاق الفنون والصناعات التقليدية القديمة.

الخزف بأحلى تجلياته (من المعرض)

ويقدم المعرض مروحة واسعة مفتوحة على عدد من الثقافات والحضارات. إنها مقتنيات تعكس مهارة الإنسان المبدع وروعة المخيلة البشرية والنفوذ الكوني للفن على مرّ القرون. وهي تُدار من مؤسسة تعنى بالترويج لثراء الفنون وتنوع الثقافات. كما تشجع مشروعات إقامة المتاحف وتنظيم المعارض. وسبق لهذه المقتنيات النادرة أن عُرضت في قاعات مرموقة، مثل متحف «متروبوليتان» في نيويورك، و«فكتوريا وألبرت» في لندن، ومتحف «الأرميتاج» في سان بطرسبرغ، والمتحف الوطني في طوكيو.

وريقات هبطت من الشجرة (من المعرض)

استفاد فندق «البحرية» من مجموعة آل ثاني الضخمة لتقديم كنوزٍ من جميع أنحاء العالم تفتّحت عبر العصور. ولهذا فإن المعرض يحمل عنوان: «الألوان تتكلم كل اللغات». إنها 80 قطعة تنتمي إلى 5 قارات مختلفة، يعود تاريخ أقدمها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد. وبما أن الألوان هي العنوان، فقد صُمّم أسلوب العرض وفق هذا التقسيم: القطع التي يطغى عليها اللون الأزرق، ثم الأحمر والأصفر والأخضر والأبيض والأسود. إن استخدام اللون لا يأتي عبثاً. وهناك مفاهيم تتعلق بكل لون حسب الحضارات والمعتقدات.

ثوبها يروي حكايتها (من المعرض)

وقد تختلف الاستخدامات والرموز باختلاف الفترة الزمنية والبلد الذي استُخدمت فيه. ويرى القائمون على المعرض أن هذه المختارات تشكل ما يشبه «صندوق العجائب» بالنسبة للجيل الحالي. فهي فرائد من أزمان ماضية تُبهر المشاهد وتدفعه للتفكير في مدى المهارة التي بلغها الصانع القديم والسعة التي وصل إليها خياله.

من أجواء معرض مجموعة آل ثاني (من المعرض)

وفندق «البحرية» مكان فريد أيضاً، وهو قصر شُيّد في القرن الـ18 ليكون شاهداً على عصر الملك لويس الخامس عشر. ويجاور المبنى قصر مشابه له تماماً يقع على الرصيف المقابل، يشغله اليوم فندق «كريون» العريق. ومنذ 3 سنوات بدأ فندق «البحرية» فتح صالاته لعرض المجموعات الأثرية الخاصة، وأيضاً معارض مؤقتة تُنظّم بالتعاون مع متاحف عالمية ترافقها ندوات لمتخصصين في الآثار ومختلف ميادين الفنون التشكيلية.