خريطة طريق لخفض خطر الوفاة المبكرة 50 %

يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال الاستثمارات الصحية مثل توسيع نطاق التطعيمات (مؤسسة بيل وميليندا جيتس)
يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال الاستثمارات الصحية مثل توسيع نطاق التطعيمات (مؤسسة بيل وميليندا جيتس)
TT

خريطة طريق لخفض خطر الوفاة المبكرة 50 %

يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال الاستثمارات الصحية مثل توسيع نطاق التطعيمات (مؤسسة بيل وميليندا جيتس)
يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال الاستثمارات الصحية مثل توسيع نطاق التطعيمات (مؤسسة بيل وميليندا جيتس)

وضع تقرير نشرته «لجنة لانسيت للاستثمار في الصحة»، الاثنين، خريطة طريق لكل دولة تسعى إلى خفض خطر الوفاة المبكرة لمواطنيها إلى النصف بحلول عام 2050.

ويلفت التقرير إلى أن هذا الهدف، الذي تسميه اللجنة «50 بحلول 50»، يمكن تحقيقه من خلال سلسلة من الاستثمارات الصحية المستهدفة، مثل توسيع نطاق التطعيمات للأطفال والوقاية منخفضة التكلفة وتوفير العلاجات للأسباب الشائعة للوفاة التي يمكن الوقاية منها، جنباً إلى جنب مع زيادة التمويل لتطوير تقنيات صحية جديدة.

يقول جافين يامي، مدير مركز جامعة ديوك الأميركية للتأثير السياسي في الصحة العالمية، الذي قاد كتابة التقرير: «اليوم، أصبحت القضية أفضل من أي وقت مضى للسعي إلى خفض الوفيات».

وأضاف في بيان صادر الاثنين: «إنها جائزة في متناول اليد. وسوف يكون لها فوائد صحية واقتصادية غير عادية. إن الوصول إلى (50 بحلول 50) من شأنه أن يقلل من الوفيات والأمراض، ويساعد في تنمية الاقتصادات وتخفيف حدة الفقر».

ومنذ عام 1970، نجحت 37 دولة في خفض احتمالات وفاة مواطنيها قبل بلوغهم سن السبعين إلى النصف، وهو إنجاز يشير إلى التقدم الملحوظ الذي أحرزته العديد من البلدان في الوقاية من الأمراض وعلاجها. لكن تقريراً جديداً يزعم أن هذا الهدف ليس بعيد المنال بالنسبة لأي دولة تختار خفض الوفيات المبكرة، حتى تلك التي تعاني من الحرب أو الفقر.

ويوضح تقرير الصحة العالمية 2050، المقرر إطلاقه هذا الأسبوع في مؤتمر القمة العالمي للصحة في برلين، أن البلدان ينبغي لها أن تعطي الأولوية للحالات الصحية الـ15 التي تسبب أغلب الوفيات المبكرة. وتشمل هذه الأمراض المعدية مثل السل والتهابات الجهاز التنفسي، والأمراض غير المعدية مثل مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، وقضايا أخرى مثل الحوادث والانتحار.

ووفقاً للتقرير فإن أغلب المكاسب في متوسط العمر المتوقع على مستوى العالم على مدى العقدين الماضيين تُعزى إلى انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن هذه الحالات.

ومع ذلك، لا يزال الملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم يفتقرون إلى القدرة على الوصول إلى خدمات الوقاية والعلاج التي قد تحميهم من أسباب الوفاة المبكرة. ويقول المؤلفون إن البلدان قادرة على تحقيق مكاسب كبيرة من خلال دعم تكاليف الأدوية الأساسية، والتشخيصات، واللقاحات، وغير ذلك من التدخلات التي تعالج هذه الحالات الـ15.

وإذا تمكنت كل دولة من تحقيق أهداف «50 بحلول 50»، فإن الشخص المولود في عام 2050 لن يكون لديه سوى احتمال 15 في المائة للوفاة قبل سن 70 عاماً، بانخفاض عن 31 في المائة لشخص ولد في عام 2019.

ومن بين البلدان الـ37 التي تسير على الطريق الصحيح للوصول إلى هذا المعيار، هناك 7 من أكثر دول العالم اكتظاظاً بالسكان، بما في ذلك بنجلاديش والصين وإيران.

لكن مثل هذه المكاسب قابلة للتحقيق ومستدامة في أي دولة ذات دخل مرتفع ومتوسط ومنخفض تختار هذا المسار، كما يؤكد التقرير.

ويقول الدكتور وينهوي ماو، محلل سياسي في جامعة ديوك وواحد من المؤلفين الـ50 في تقرير اللجنة: «تغير السياسة الصحية حياة الناس. وبدون سياسات صحية جيدة، لن يحصل السكان على النتيجة الصحية التي يستحقونها».

يدعو التقرير لزيادة الضرائب على منتجات التبغ والأطعمة والمشروبات غير الصحية (جامعة ديوك)

ويدعو التقرير إلى زيادة الضرائب على منتجات التبغ، والأطعمة والمشروبات غير الصحية، والوقود الأحفوري، وهو ما يقول مؤلفو التقرير إنه من شأنه أن يقلل من الأمراض والوفيات المنسوبة إلى هذه المنتجات ويزيد من العائدات التي يمكن إعادة استثمارها في أنظمة الصحة.

وتشير اللجنة إلى أن التدخين يظل أحد أكبر أسباب الوفيات التي يمكن الوقاية منها في العديد من أنحاء العالم، حيث يتسبب في أكثر من 8 ملايين حالة وفاة في جميع أنحاء العالم سنوياً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

ويُعد هذا التقرير هو الثالث الذي تصدره اللجنة منذ إنشائها عام 2013، برئاسة وزير الخزانة الأميركي السابق لورانس هـ. سامرز. وقد تم تشكيل اللجنة بعد 20 عاماً من نشر البنك الدولي تقريراً بعنوان «الاستثمار في الصحة»، أظهر أن الإنفاق المستهدف على التدخلات الفعالة من حيث التكلفة للأمراض ذات العبء المرتفع يمكن أن يحسّن النتائج الصحية، ويعزز الاقتصادات، ويحسن الرفاهة البشرية.


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».