فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

يسرا قالت لـ«الشرق الأوسط» إن دولاً عربية تُدعم من خلال مهرجانات السينما

صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)
صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)
TT

فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)
صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)

في حين طالب بعضهم بإلغاء المهرجانات الفنية والرياضية لإظهار الشعور القومي والإنساني تجاه الأحداث السياسية بالمنطقة العربية، فإن فنانين ونقاد رأوا أهمية استمرار هذه الأنشطة وعدم توقفها كدليل على استمرار الحياة، دون أن يقلل ذلك من تأكيد التضامن مع ما تشهده دول عربية شقيقة من حروب وأزمات.

وكانت الفنانة يسرا قد تعرضت لانتقادات إثر تصريح متداول لها عن عدم إلغاء مهرجان «الجونة» بسبب «حدث مش متوقع» وتحول الهجوم إلي «هاشتاغ» للهجوم عليها.

وقالت يسرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان بلدي الثاني، وقلبي يعتصر حزناً على كل شبر فيه»، وأضافت قائلة: «في مثل هذه الظروف يحاول أشخاص إحداث الوقيعة عبر تحريف مضمون كلامي، لذلك أؤكد أن مضمون حديثي كان يتركز على أن شعب مصر قلباً وقالباً مع كل الدول العربية التي تمر بظروف عصيبة».

الفنانة المصرية يسرا (مهرجان الجونة)

وأوضحت أنه «يتم دعم القضايا الإنسانية والقومية العربية من خلال هذه الفعاليات مع عدم التقليل من شأن ما يجري حولنا، لكن عنصر المفاجأة لا يخدمنا في تسليط الضوء على دولة محددة».

وواجه الفنان اللبناني راغب علامة هجوماً لبنانياً عبر مواقع «السوشيال ميديا» لغنائه في فرح أقيم بمنطقة الأهرامات بمصر قبل أيام، في ظل تعرض لبنان إلى عدوان من جانب إسرائيل.

ويرفض المخرج المصري أمير رمسيس فكرة إلغاء المهرجانات السينمائية، مؤكداً أن مهرجان «طرابلس السينمائي» ألغى حفل الختام بعد ضرب لبنان، واحتفظ بالفعاليات السينمائية والعروض تحت القصف كرسالة، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قرار وزارة الثقافة المصرية العام الماضي بإلغاء الفعاليات لم يكن مفيداً سوى للكيان المحتل للمزيد من التعتيم الإعلامي على ما يحدث في فلسطين.

فيما يؤكد الناقد الكويتي عبد الستار ناجي تضامنه مع استمرارية الحياة بكل نبضها ومفرداتها، لاسيما المهرجانات والأنشطة الثقافية والفنية والإبداعية، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعطيل المهرجانات هو بمنزلة إسكات لأصوات حقيقية للتعبير والرفض والحوار مع العالم»، لافتاً إلى «الدور الكبير الذي لعبته سيدة الغناء العربي أم كلثوم مباشرة عقب نكسة 1967 حينما راحت تجوب العالم لدعم المجهود الحربي في مصر، ويومها كانت تلك التجربة بمنزلة النموذج الذي يجب أن تتعلم منه الأجيال».

وأشار ناجي إلى أن «استمرارية المهرجانات والمؤتمرات الفنية بكل مستوياتها هو تأكيد على أن الإنسان العربي يظل نابضاً بالحياة والعطاء»، مقترحاً أن تكون مهرجاناتنا نوافذ مشروعة صوب الحوار مع العالم لإيصال قضايانا القومية الكبرى».

وكانت مهرجانات سينمائية عربية عدة قد ألغت دوراتها العام الماضي، في مقدمتها مهرجانا «القاهرة» و«قرطاج»، كما أجّل مهرجان «الجونة» دورته السادسة أيضاً، واضطر لإقامتها بعد شهرين من موعدها، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومع استمرار الحرب على فلسطين لتدخل عامها الثاني ستقام المهرجانات ولن تستطيع أن تواصل تأجيلاتها.

وترى الأديبة والكاتبة المصرية د.عزة كامل أن تأجيل المهرجانات والأحداث الفنية والرياضية يتوقف على الظرف نفسه، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من المهم أن تتفاعل التظاهرات الثقافية والرياضية مع الأحداث السياسية مثلما فعلت مهرجانات عديدة وتضامنت مع فلسطين والسينما الفلسطينية، وعرضت أفلاماً «من المسافة صفر» التي قام بها شباب غزة في ظل الحرب، فسلطت الضوء على الحرب دون هتافات ولم تخرج عن سياقها كونها مهرجانات سينمائية، قائلة إن «هذا الأوقع في رأيي؛ لأنها بذلك تخدم القضية الفلسطينية».

فلسطينيون يعبرون السجادة الحمراء وسط الخيام لمشاهدة أفلام مهرجان «القدس السينمائي» (مهرجان القدس)

وبحسب الفنانة والناقدة الأردنية نجوى قندقجي فإن الحرب تصير جزءاً من يومياتنا العربية، مؤكدة أن الأردن ألغت المهرجان المسرحي وها هو يستعد لإقامة دورته الملغاة، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر أننا نوقف الحياة لكن الحروب لا تتوقف، ملمحة إلى أهمية عدم التمسك بالمظاهر الاحتفالية خلال الافتتاحات وضرورة توجيه بعض النشاطات، مثلما فعل المسرح التجريبي في مصر الذي افتتح بعرض راقص عن فلسطين للفنان وليد عوني، وكان عملاً مذهلاً التهبت أيادينا من التصفيق له، لكن إذا أوقفنا مهرجاناتنا لن يغير شيئاً في واقع الحرب، والفن يجب أن يكون جزءاً من نضالنا ومقاومتنا للحروب».

الفنان اللبناني وليد عوني خلال افتتاح مهرجان «القاهرة للمسرح التجريبي» (إدارة المهرجان)

وكان مهرجان «القدس السينمائي» قد أصر على إقامة دورته الثامنة لهذا العام في ظل الحرب على غزة تحت عنوان «مبدعون رغم اللجوء»، حيث أقيمت العروض وسط حطام البيوت حاملة رسالة للعالم أجمع أنه في ظل الحرب والدمار يطالب الفلسطينيون بالحياة من منطلق إيمانهم أنها تنتصر على الموت.

ويقف الناقد المصري طارق الشناوي منذ البداية ضد فكرة إلغاء المهرجانات الفنية في ظل الحروب والأزمات، وقد أعلن رأيه العام الماضي منذ أول بادرة بإلغاء مهرجان الموسيقى العربية قائلاً إنه خطأ كبير، وتضامن مع مهرجان «قرطاج»، ووقع مع فنانين تونسيين ضد قرار الدولة بإلغائه مؤكداً أن «هذا ليس حلاً مثالياً».

أم كلثوم لم تتوقف عن الغناء بعد نكسة 1967 (أرشيفية)

ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه يجب أن نأخذ العبرة من أم كلثوم وموقفها عقب نكسة 1967، فقد ذهبت لمحافظات مصر ومنها إلى الدول العربية والأوربية لتغني أغنياتها العاطفية والوطنية، وقررت أنها بالغناء تستطيع أن تدافع عن بلدها وتدعم جيشها، كما أنه في التوقيت نفسه طلب الرئيس جمال عبد الناصر إنتاج مسلسل كوميدي لفؤاد المهندس وشويكار وهو «شنبو في المصيدة»، مدللاً بأنه لو كان الضحك يعني عدم التعاطف ما سمح به جمال عبد الناصر.


مقالات ذات صلة

«سينما السعودية الجديدة» يعكس ثقافة المجتمع

يوميات الشرق البرنامج يقدم هذا العام 20 فيلماً تمثل نخبة من إبداعات المواهب السعودية الواعدة (مهرجان البحر الأحمر)

«سينما السعودية الجديدة» يعكس ثقافة المجتمع

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي برنامج «سينما السعودية الجديدة»؛ لتجسيد التنوع والابتكار في المشهد السينمائي، وتسليط الضوء على قصص محلية أصيلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما ألفرد هيتشكوك (يونيڤرسال بيكتشرز)

ألفرد هيتشكوك... سيد التشويق وسينما الألغاز

تعرِض منصة «نتفليكس» الأسبوع الحالي فيلمين متميّزين من أفلام المخرج ألفرد هيتشكوك الذي لم يوازِه أحد بعد في مجال الرّعب والتشويق واللعب على الغموض.

محمد رُضا‬ (لندن)
سينما «فراشات سوداء» (مهرجان أنيسي)

شاشة الناقد: أفلام رعب

عندما أقيمت الدورة الأخيرة من مهرجان «أنيسي» للرسوم المتحركة في فرنسا هذا العام، لفتت المشاركات الإسبانية النظر لحجم ما عرضته، وتنوّعه.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق الفنان لطفي لبيب يعبر عن سعادته بالتكريم خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«الإسكندرية السينمائي» يتحدى «ضعف الميزانية»... ويراهن على التنوع

يواجه مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته الأربعين (1-5 أكتوبر) الجاري، أزمة متكررة تتمثل في ضعف الميزانية المخصصة له.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري إسلام إبراهيم (إنستغرام)

إسلام إبراهيم: الجزء الثاني من «أعلى نسبة مشاهدة» أكثر جرأة

كشف الفنان المصري إسلام إبراهيم عن مساعي فريق عمل مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة»، الذي حقق نجاحاً لافتاً في الموسم الرمضاني الماضي، لتقديم جزء ثانٍ منه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

حضور مصري لافت في مهرجان ظفار المسرحي بعمان

تكريم إلهام شاهين في حفل افتتاح مهرجان ظفار للمسرح (إدارة المهرجان)
تكريم إلهام شاهين في حفل افتتاح مهرجان ظفار للمسرح (إدارة المهرجان)
TT

حضور مصري لافت في مهرجان ظفار المسرحي بعمان

تكريم إلهام شاهين في حفل افتتاح مهرجان ظفار للمسرح (إدارة المهرجان)
تكريم إلهام شاهين في حفل افتتاح مهرجان ظفار للمسرح (إدارة المهرجان)

يشهد مهرجان ظفار الدولي للمسرح بسلطنة عمان، حضوراً مصرياً لافتاً في نسخته الأولى، والمقامة حتى التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بمسرح المروج، تحت رعاية مروان بن تركي آل سعيد، محافظ ظفار.

وتشارك مصر في المهرجان بثلاثة عروض مسرحية، الأول بعنوان: «مع الشغل والجواز»، ضمن مسابقة عروض المسرح الجماهيري، والثاني بعنوان: «الجميلة والوحش»، ضمن فعاليات مسابقة عروض مسرح الطفل، والثالث: «حيث لا يراني أحد»، ضمن مسابقة الشارع والمساحات المسرحية المفتوحة.

كما تتضمن لجان التحكيم عدداً وافراً من الفنانين المسرحيين المصريين؛ حيث يشارك الفنان أيمن الشيوي في عضوية مسابقة العروض الكبرى، والفنان سامح الصريطي في مسابقة عروض المسرح الجماهيري، والفنانة مروة عبد المنعم في لجنة تحكيم عروض الطفل، والفنان مجدي كامل في لجنة تحكيم عروض المسرح الثنائي.

ويقدم المهرجان في دورته الأولى لشباب المسرح العماني ورشتين، ينفذهما اثنان من خبراء الفنون المسرحية المصرية، وهي ورشة التمثيل المسرحي للمخرج خالد جلال، وورشة الارتجال المسرحي للأستاذة الدكتورة إنجي البستاوي.

وتشارك سلطنة عمان بـ11 عملاً فنياً، ضمن المسابقات الست، كما تشارك المملكة العربية السعودية بعرض «الطريق والذئاب»، ضمن مسابقة عروض المسرح الثنائي.

تكريم بثينة الرئيسي في حفل افتتاح مهرجان ظفار للمسرح (إدارة المهرجان)

وشهد حفل الافتتاح، الذي أقيم مساء الأربعاء، بمسرح المروج تكريم عدة شخصيات فنية، أثروا في الحياة المسرحية العربية منهم الفنانة المصرية إلهام شاهين، والفنان الإماراتي إسماعيل عبد الله، والفنانة العمانية فخرية خميس، والفنانة العمانية بثينة الرئيسي، والفنان العماني عبد الله بن مرعي.

وقال مروان بن تركي آل سعيد، محافظ ظفار: «إن إقامة الدورة الأولى من مهرجان ظفار الدولي للمسرح تُعزز من مكانة سلطنة عمان على الساحة الثقافية والفنية، كما أن المهرجان رسالة تكاملية للتواصل مع كل أقطار العالم».

وشدد على أن مدينة ظفار لم تعد تجذب السائحين في موسم الخريف فقط، بل أصبحت واجهة للسياحة في موسم الربيع أيضاً، مشيراً إلى أن ضيوف المهرجان سيتعرفون على عناصر الجذب الطبيعية في المحافظة.

وأعربت الفنانة المصرية إلهام شاهين عن سعادتها البالغة لتكريمها ضمن الدورة الأولى من مهرجان ظفار للمسرح، قائلة: «تكريمي من مهرجان ظفار، ومن سلطنة عمان، فخر وشرف كبير لي، تقديراً لمسيرتي المسرحية الطويلة الممتدة لأكثر من 30 عاماً».

لقطة للمكرمين في حفل افتتاح مهرجان ظفار الدولي للمسرح (إدارة المهرجان)

وأعربت عن تمنيها عودة الهدوء والسلام إلى جميع أقطار الوطن، خصوصاً فلسطين وسوريا ولبنان.

وعن إمكانية عودتها إلى المسرح خلال الفترة المقبلة، تقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حالياً لا يوجد نص أمامي جيد يعيدني للمسرح، لكنني لا أمانع في الوقوف على خشبته مجدداً حال عرض عليّ نص مسرحي جيد».

ويشارك في الدورة الأولى من المهرجان 50 دولة، تتنافس على 45 جائزة، وكان قد تقدم للمهرجان 250 عرضاً مسرحياً من قارات العالم الست، ووقع الاختيار على 37 عرضاً.