مصر: تجدد الجدل بشأن هدم مقابر بالقاهرة التاريخية

علاء مبارك وصف إزالة مدافن تجاوز عمرها 120 عاماً بـ«الأمر المؤلم»

جانب من أعمال الإزالات بجبّانة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال الإزالات بجبّانة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)
TT

مصر: تجدد الجدل بشأن هدم مقابر بالقاهرة التاريخية

جانب من أعمال الإزالات بجبّانة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال الإزالات بجبّانة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)

تجدد الجدل في مصر بشأن هدم مدافن مسجلة بقوائم التراث الحضاري بالقاهرة التاريخية، مع إعلان بعض النشطاء الآثاريين وأصحاب مدافن ومشاهير عن نقل رفات بعض الشخصيات منها إلى مقابر أخرى جديدة، تمهيداً لإزالة مدافن تراثية مر على إنشائها نحو قرن من الزمان.

وانتقد علاء مبارك، نجل الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، مساء الاثنين، إقدام السلطات المصرية على إزالة مدفن عائلة «ثابت» - عائلة والدته سوزان مبارك - بمنطقة الإمام الشافعي، وكتب عبر حسابه على «إكس»: «مدفن عائلة ثابت بالإمام الشافعي ضمن مدافن أخرى يتم نقل رفات الموتى منها مع إزالة المدفن»، ووصف الأمر بأنه «محزن ومؤلم»، منتقداً «إزالة مدافن تجاوز عمرها المائة والعشرين عاماً من أجل تنفيذ مشاريع توسعية من دون أي مراعاة لحرمة الموتى»، على حد تعبيره.

مدفن عائلة ثابت (حساب علاء مبارك على إكس)

وحظيت تدوينة علاء مبارك بتفاعل واسع من متابعي «إكس» ومواقع التواصل الأخرى، فبينما أعرب كثيرون عن «حزنهم لإزالة مدافن تراثية»، قال آخرون إن «مدفن عائلة ثابت لا يجوز أن يكون بقاؤه استثناءاً في ظل إنشاء مشروعات قومية».

ورغم تسجيل أكثر من 30 مقبرة بالمنطقة ضمن قائمة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري على غرار مدفن عائلة «الدرمللي» و«محمد راتب»، و«محمود باشا الفلكي»، فإنه تم تشكيل لجنة أخيراً للبت في هدم بعض مدافن قائمة «الطراز المعماري المميز» المحمية وفق القانون من «الجهاز القومي للتنسيق الحضاري»، وأكدت المصادر رفع الكثير من هذه المدافن من القائمة تمهيداً لإزالتها بداعي إنشاء مشروعات قومية.

وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على رد من رئيس الجهاز محمد أبو سعدة دون نتيجة حتى كتابة التقرير.

وأعرب مهتمون بالتراث المصري، من بينهم إبراهيم طايع، عن حزنهم لهدم بعض المدافن ذات الطرز المعمارية الفريدة على غرار مدفن «زُهرة هانم»، وقال طايع لـ«الشرق الأوسط»: «فقدنا الأمل في الإِبقاء على المدافن المميزة الأخرى بالمنطقة مثل محمود باشا الفلكي، وعائلة ثابت، وراتب باشا، وذو الفقار الحكيم».

مدفن الدرمللي باشا المسجل بقوائم التراث (الشرق الأوسط)

وتعد الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، مقابر وأضرحة القاهرة التاريخية «جذرواً» وتاريخاً يوثق الحضارة المصرية.

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الممكن أن تتحول منطقة الإمام الشافعي إلى متحف مفتوح يوثق التاريخ الإنساني للعاصمة المصرية، ويتيح الفرصة لزيارة مدافن رموز مصرية أسهمت في حضارة البلاد».

وبدأت أزمة هدم المقابر التاريخية في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وتم كشف مذكرة بشأن المدافن التي وقعت في نطاق الإزالة في مشروع تطوير محور صلاح سالم من محور جيهان السادات حتى حديقة الفسطاط بامتداد 6 كيلومترات، تتخللها جبانات المجاورين وباب الوزير وسيدي جلال والسيدة نفيسة والطحاوية والإمام الشافعي وسيدي عمر.

وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، أثار قيام السلطات المصرية بهدم عدد من المقابر بمنطقة «باب النصر»؛ تمهيداً لبناء جراج متعدد الطوابق قالت محافظة القاهرة إنه «سيخدم زوار المنطقة»، جدلاً واسعاً .

وأكد نائب محافظ القاهرة، اللواء إبراهيم عبد الهادي، في تصريحات صحافية في شهر أغسطس الماضي «إنشاء جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية»، مشيراً إلى «إخلاء 1171 مقبرة و49 مدفناً من مقابر المنطقة يسار باب النصر، في شارع البنهاوي».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمر في يونيو (حزيران) من العام الماضي، بتشكيل لجنة لتقييم الموقف بشأن نقل مقابر منطقتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وأمر باختيار موقع لإنشاء «مقبرة الخالدين»، لتكون صرحاً يضم رفات الرموز المصرية المختلفة، ومتحفاً لأعمالهم.

وتسعى الحكومة المصرية لإنشاء محاور مرورية جديدة للربط بين شرق وجنوب القاهرة عبر هذه الجبانة التاريخية، المسجلة في قوائم تراث اليونيسكو.

مسجد الفلكي قبل هدم المدفن المجاور له (الشرق الأوسط)

وشارك في إنشاء مدافن القاهرة عدد من كبار المعماريين الأجانب، منهم المهندس الإيطالي إرنستو فيروتشي، كبير المهندسين في السرايات الملكية، وصاحب تصميم قصر رأس التين، ومبنى معهد الموسيقى العربية، وإضافات قصر عابدين.

وتضم جَبَّانة القاهرة بين جوانبها مقابر بعض الشخصيات الشهيرة، أمثال الإمام ورش، صاحب «قراءة ورش» القرآنية، ومقام الإمام وكيع مقرئ الإمام الشافعي، والشيخ محمد رفعت، وعبد الخالق باشا ثروت، والشمسي باشا، وعثمان مصطفى، ومحمد نسيم توفيق.

كما تضم رفات فنانين مشاهير، من بينهم يوسف وهبي، وأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وأسمهان، وفريد الأطرش، وهند رستم، وصلاح ذو الفقار.


مقالات ذات صلة

3 طرق للتخلص من العادات السيئة

يوميات الشرق يعد التدخين من العادات السيئة ذات التأثير المُدمر على الصحة (رويترز)

3 طرق للتخلص من العادات السيئة

يعاني أغلب الناس من عادة غير صحية واحدة على الأقل. ومن المحتمل أن الإنسان يدرك بالفعل أن هذه العادات غير صحية. ولكن المعرفة وحدها لا تسهّل التخلص منها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أحياناً لا يدرك الآباء التأثير العميق والطويل الأمد لكلماتهم على أبنائهم (رويترز)

لتربية طفل ناجح... تجنب هذه العبارة

حدّد عالم اجتماع أميركي بارز عبارة ينبغي على الآباء تجنبها لتربية طفل ناجح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الأثر ثلاثي الأصبع (جامعة برمنغهام)

من هنا مرَّت الديناصورات...

اكتشف عامل محاجر بريطاني أكبر موقع لآثار الديناصورات في البلاد، وذلك في محجر بمقاطعة أكسفوردشاير، جنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أنواع من الخفافيش تهاجر لمسافات طويلة (معهد ماكس بلانك لدراسة سلوك الحيوانات)

الخفافيش تقطع 400 كيلومتر في ليلة واحدة

الخفافيش تعتمد على استراتيجيات طيران ذكية لتوفير الطاقة وزيادة مدى رحلاتها خلال هجرتها عبر القارة الأوروبية مما يمكنها من قطع مئات الكيلومترات في الليلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق التبرز قبل ممارسة الرياضة يجعل أداءك أسرع وأذكى (رويترز)

التبرز قبل ممارسة الرياضة يؤثر على أدائك

كشفت دراسة جديدة عن أن التبرز قبل ممارسة الرياضة سيجعل أداءك أسرع وأذكى بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (تايبيه )

متى شهدت السعودية أقوى موجة برد تاريخياً؟

استمرت أقوى موجة برد شهدتها السعودية 7 أيام متواصلة (واس)
استمرت أقوى موجة برد شهدتها السعودية 7 أيام متواصلة (واس)
TT

متى شهدت السعودية أقوى موجة برد تاريخياً؟

استمرت أقوى موجة برد شهدتها السعودية 7 أيام متواصلة (واس)
استمرت أقوى موجة برد شهدتها السعودية 7 أيام متواصلة (واس)

قبل 33 عاماً من الآن، شهدت السعودية أقوى موجة برد في تاريخها، خلال شهر يناير (كانون الثاني) 1992، وفقاً للمركز الوطني للأرصاد.

واستمرت تلك الموجة 7 أيام متواصلة، وسجلت محطة حائل أدنى درجة حرارة بلغت -9.3 درجات مئوية في الخامس من يناير من ذلك العام، بمتوسط درجة حرارة صغرى وصل إلى -4.4 درجات خلال أيامها.

وبحسب البيانات التاريخية للفترة ما بين 1985 و2023، تصدرت محطتي حائل والقريات قائمة أدنى درجات الحرارة الصغرى المسجلة في السعودية خلال شهر يناير، مما جعلهما محوراً لتأثير موجات البرد القوية التي تمر بها البلاد خلال فصل الشتاء.

وتسلط هذه المعلومات، بحسب المركز، الضوء على الطبيعة المناخية المتطرفة التي قد تشهدها البلاد في فصل الشتاء، مؤكداً أهمية متابعة تقاريره، واتخاذ التدابير اللازمة للتعامل مع مثل هذه الظواهر الجوية.

ويواصل المركز جهوده لتوثيق وتحليل البيانات المناخية لتقديم خدمات أرصادية دقيقة وموثوقة تسهم في دعم مختلف القطاعات، وتحقيق الأهداف الوطنية المتعلقة بحماية الأرواح والممتلكات.