مهرجان «سلا» المغربي يحتفي بداليا البحيري والسّعدية لاديب

دورته الـ17 تشهد 3 مسابقات... والسينما المجرية ضيف شرف

الممثلة المصرية داليا البحيري خلال تكريمها (إدارة مهرجان سلا)
الممثلة المصرية داليا البحيري خلال تكريمها (إدارة مهرجان سلا)
TT

مهرجان «سلا» المغربي يحتفي بداليا البحيري والسّعدية لاديب

الممثلة المصرية داليا البحيري خلال تكريمها (إدارة مهرجان سلا)
الممثلة المصرية داليا البحيري خلال تكريمها (إدارة مهرجان سلا)

احتفى المهرجان الدّولي لفيلم المرأة في مدينة سلا المغربية بتكريم الممثلتَين؛ المغربية السعدية لاديب، والمصرية داليا البحيري، في حفل افتتاح دورته الـ17، من 23 إلى 28 سبتمبر (أيلول)، الذي أُقيم مساء الاثنين في سينما «هوليوود» بمدينة سلا القديمة، بحضور جمهور كبير من سكان المدينة، والنجوم، وصُنّاع الأفلام من العرب والأجانب.

يُنظَّم المهرجان تحت رعاية الملك محمد السادس، وتنظِّمه جمعية «أبي رقراق» التي يُنسَب اسمها لنهر شهير في المدينة، ويحظى بحضور جماهيري وفني واسع.

وعُرض في بداية تكريم السعدية لاديب شريطٌ قصيرٌ تضمّن آراء زملائها من الفنانين والمخرجين الذين أشادوا بمُنجَزها الفني السينمائي والمسرحي والتلفزيوني، وتعبيرها الصادق عن شخصية المرأة المغربية عبر أدوار متباينة، وقالت لاديب خلال تسلّمها درع تكريمها، إنها حينما شاهدت هذا الشريط تذكّرت ما كان يدعو لها به والدها قائلاً: «الله يحبّب فيكِ خلقه».

الممثلة المغربية السّعدية لاديب تتسلّم درع تكريمها (إدارة مهرجان سلا)

وأكّدت لاديب أنها وجدت الحب والاعتزاز من زملائها، موجِّهةً الشكر للمهرجان الذي تابعته من الدورة الأولى، وتمنَّت حسبما قالت أن تُكرَّم به، وها هو حُلمها يتحقّق، كما وجّهت الشكر لزوجها ولطفلها آدم الذي صعد للمسرح سعيداً بنجاحها.

وقبل تكريم الفنانة المصرية داليا البحيري عُرض شريطٌ تضمّن مشاهد من أفلامها، ومن بينها «السفارة في العمارة»، و«محامي خُلع»، ومسلسل «زوجة مفروسة جداً»، ووجّهت داليا الشكر للقائمين على المهرجان، مؤكدةً أنها شاركت به قبل 11 عاماً عضوةً في لجنة التّحكيم، مشيدةً بخصوصية المهرجان؛ كونه يختصّ بالمرأة التي تُعنَى هي بصفتها فنانة بقضاياها، وأهدت تكريمها لوالدتها وابنتها قسمت، ولكل امرأة عربية، وكل أمّ فلسطينية، كما أهدته لوالدها الراحل وزوجها رجل الأعمال حسن سامي.

الممثلة المصرية داليا البحيري خلال تكريمها (إدارة مهرجان سلا)

وخلال الحفل ألقى رئيس جمعية «أبي رقراق» ورئيس المهرجان، نور الدين شماعو، كلمة أكّد فيها أن مدينة سلا باتت محطّ اهتمام برعاية ملكية، مشيراً إلى أن السينما على وجه الخصوص لها دورها الإنساني.

وتشهد الدورة الـ17 الاحتفاء بالسينما المجرية بوصفها ضيف شرف، وتحدّثت المخرجة المجرية مارتا ميسزاروس، عبر شريط مسجّل عن السينما في بلادها، بينما أشاد السفير المجري في المغرب بالمهرجان الذي يعرض 3 أفلام لمخرجات مجريات تناولن فيها قضايا المرأة.

ودعت مقدمة حفل الافتتاح، المذيعة سناء الزعيم، عضوات لجان التحكيم، وجميعهن من النساء، للصعود إلى خشبة المسرح، ففي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة تتسابق 10 أفلام، وفي مسابقة الفيلم الوثائقي تتنافس 5 أفلام.

ويُنظّم المهرجان مسابقة لأفلام «الجمهور الشبابي»، برئاسة المخرجة والمنتجة المغربية نرجس الطاهري، كما يفتح نافذة على الفيلم المغربي القصير من خلال عرض 4 أفلام لـ4 مخرجات.

ووفق الناقد المغربي د. عبد الرازق الزاهر، فإن مهرجان «سلا» يُعدّ من المهرجانات الرائدة في سينما المرأة، مثلما يقول لـ«الشرق الأوسط»: «النساء هن أصحاب الأفلام ومحورها، وهي مناسبة لتجميع الفعاليات النسائية السينمائية من ورشات لكتابة السيناريو ونقد الأفلام، كما أنّ لجان تحكيمه منذ تأسيسه تقتصر فقط على السينمائيات من دون الرجال، فالمرأة أفضل حاكيةٍ عن نفسها لنرى همومها وطموحاتها من منظورها الخاص».

جانب من حضور حفل الافتتاح (إدارة مهرجان سلا)

ويلفت الزاهر إلى وجود نسبة أكبر من النساء تفوق الرجال في مجالات عدة بالمغرب، ومن بينها السينما، قائلاً: «نحن تجاوزنا مسألة المساواة في الواقع، حيث توجد المرأة في جميع عناصر العمل السينمائي؛ من كتابة، وإخراج، وتصوير، ومونتاج، وإنتاج، هي شريكة لا تقلّ فرصها عن الرجل، بل أحياناً تتفوّق عليه بنسبِ مشاركة أكبر»، مشيراً إلى أن المهرجان قد أسهم على مدى دوراته السابقة في الدّفع بمواهب سينمائية نسائية عدة شقّت طريقها من خلاله.

الجمهور المغربي يتابع الحضور من نجوم الفن (إدارة مهرجان سلا)

ويناقش المهرجان قضايا سينمائية خلال ندواته، من بينها لقاء مفتوح عن المرأة في أفلام المخرج المغربي حكيم النوري «من الطفولة إلى الأمومة»، والناقدة السينمائية «الراهن والخصوصية»، ويُقيم محادثات مع كلٍّ من المخرجة المغربية أسماء المدير التي حقّق فيلمها «كذب أبيض» نجاحاً دولياً، بفوزه بجائزة الإخراج بتظاهرة «نظرة ما» في مهرجان «كان» السينمائي 2023، وجائزة «العين الذهبية» مناصفةً، بوصفه أفضل فيلم وثائقي، وكان ترشح لتمثيل المغرب العام الماضي بجوائز الأوسكار، كما يُجري حواراً مع الممثلة المغربية أمل عيوش التي تُعدّ من الشخصيات الفنية البارزة، وترعى جمعية للتضامن النسائي.


مقالات ذات صلة

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.