«مهرجان طرابلس للأفلام» يفتتح بـ«يلّا غزّة» ورسالة أمل

الرقابة تمنع 3 أفلام لكنها ما زالت في المسابقة

صالة المهرجان أثناء عرض فيلم الافتتاح (مهرجان طرابلس للأفلام)
صالة المهرجان أثناء عرض فيلم الافتتاح (مهرجان طرابلس للأفلام)
TT

«مهرجان طرابلس للأفلام» يفتتح بـ«يلّا غزّة» ورسالة أمل

صالة المهرجان أثناء عرض فيلم الافتتاح (مهرجان طرابلس للأفلام)
صالة المهرجان أثناء عرض فيلم الافتتاح (مهرجان طرابلس للأفلام)

للسنة الحادية عشرة يجمع «مهرجان طرابلس للأفلام» حوله عشاق السينما وصنّاعها، في ما يشبه العيد. الافتتاح هذه المرة جاء في ظروف غاية في الاستثنائية، بعد 24 ساعة من يومي التفجيرات الدموية، التي نفّذتها إسرائيل في لبنان، عبر أجهزة اتصال، أوقعت آلاف الجرحى، وعشرات القتلى.

الأجواء ليست بهيجة، لكن المنظمين ارتأوا أن السينما هي تعبير قبل كل شيء، ومساحة للكلام والالتئام والحوار حول مأساوية ما يحدث حولنا. وثمة تأكيد أن «أفلامنا تحمل رسالة أمل وصمود تعكس الحقيقة الصعبة التي يعيشها لبنان وفلسطين». والمهرجان بحد ذاته هو دعوة لتعزيز التضامن والدعم لصنّاع السينما، وهو يعكس روح التعاون الإنساني والثقافي الذي يمثل جزءاً مهماً من تلاحم المجتمع الفني في منطقتنا.

صالة المهرجان أثناء عرض فيلم الافتتاح (مهرجان طرابلس للأفلام)

المهرجان الذي افتتح مساء الخميس 19 سبتمبر (أيلول) في «بيت الفن» يستمر 6 أيام، يعرض خلاله نحو 50 فيلماً تشارك في المسابقة الرسمية، يعود إنتاجاتها إلى 20 بلداً عربياً وأجنبياً. قسمت الأفلام إلى 6 فئات. هي: الفيلم الروائي الطويل، الفيلم الوثائقي الطويل، الفيلم الدولي القصير، الفيلم العربي القصير، الفيلم اللبناني القصير، فيلم التحريك.

اختيارات موفقة تتيح للجمهور ولأهل المدينة حضور أفلام جديدة، لم تصل إلى صالات السينما، وبعضها شارك في مهرجانات كبيرة، وحاز جوائز ونال شهرة.

من بين الأفلام التي تنافس على جوائز المهرجان: «حبيبتي» للمخرج أنطوان ستيليه، «وداعاً جوليا» من تأليف وإخراج محمد كردفاني، «مادونا» للمخرج جون فريد زكي، «يرقة» للمخرجتين ميشيل ونويل كسرواني، «إن شاء الله ولد» للأردني أمجد الرشيد، «نية» للمخرجة إيمان عيادي، «بين البينين» للمخرجة إيثار باعامر.

الممثلة ندى أبو فرحات عضو في إحدى لجان التحكيم (مهرجان طرابلس للأفلام)

أسف مدير المهرجان ومؤسسه، السينمائي إلياس خلاط، خلال كلمته الافتتاحية، لأن تتعرض بعض الأفلام للمرة الأولى منذ تأسيس هذه التظاهرة، لمنع الرقابة، مؤكداً أن الأفلام الثلاثة التي منعت ستبقى ضمن المسابقة، وستشاهدها لجنة التحكيم. وعرضت على الشاشة العملاقة، خلف خلاط، عبارة فريديريك نيتشه: «في بعض الأحيان، لا يرغب الناس في سماع الحقيقة، لأنهم لا يريدون أن تتحطم أوهامهم». واستغرب كيف يمكن أن تكون ثمة رقابة في وقت يستطيع الناس الوصول إلى أي فيلم يريدون.

الأفلام التي منعت من قبل الرقابة: هي «لن أكره» للمخرجة الفرنسية الأميركية تال باردا، المقيمة في القدس. يحكي الفيلم قصة الطبيب الفلسطيني عز الدين أبو العيش، الرجل، الطيب، المتسامح. وهو أول طبيب فلسطيني يعمل في قسم الولادة الإسرائيلي. لكن قصفت دبابة إسرائيلية منزله وقتلت بناته الثلاث، وأصبحت مهمته التسامحية، التصالحية، على المحك. أما الفيلم الثاني الذي تم منعه فهو «تدور» لجاد العنداري، الذي يصور الأماكن الريفية الخضراء والوديعة في جبل لبنان. لكن نرى في الوقت نفسه عالماً ينغمس فيه المجرمون والمزارعون الفقراء والحكماء الرهبان في مزج بين الجمال والوحشية، مع دخول في التقمص. الشخصية المركزية في الفيلم هو محمود، الشاب الذي يضيع مع رجال العصابات الذين يتربصون به في الغابة.

أما الفيلم الثالث فهو «ملح البحر» للّبنانية ليلى بسمة، ويحكي قصة نايلة المنشغلة بالمعضلة التي يواجهها غالبية الشباب اللبناني بين الرحيل والهجرة أو البقاء في الوطن. لكنها وهي في هذه الحال من التشتت، تتأثر بأفكار رجلين، وتعود لتفاجئهما بقرارها.

في حفل الافتتاح تم منح جائزة «إنجاز الحياة» للسنة الرابعة على التوالي، وذهبت هذه المرة لتكريم الناقد والسينمائي اللبناني إميل شاهين صاحب مؤسسة سينمائية تحمل اسمه. وهو أستاذ السينما في جامعتي «الألبا»، وسيدة اللويزة، وله اطلاع واسع على عالم السينما، كونه ينتمي لعائلة استثمرت في السينما منذ ثلاثينات القرن الماضي، عندما أسس والده أول دار سينما في طرابلس، هي «أمبير». توقفت الصالة عن العمل إلى أن حوّلتها جمعية «تيرو» إلى «المسرح الوطني اللبناني» العام الماضي.

ويترافق المهرجان مع أنشطة على مدار 3 أيام، تتضمن حلقات وورش عمل ودروساً تعنى بأسئلة سينمائية فنية وإنتاجية ونقدية.

وأعلنت لجنة المهرجان أسماء أعضاء لجان التحكيم لمختلف فئات الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية لهذه الدورة، وهم:

الفيلم الطويل (الروائي والوثائقي): إيلي خليفة (لبنان)، ندى أبو فرحات (لبنان)، هلا جلال (مصر).

الفيلم القصير: أنيسا داوود (تونس)، ديما عازر (الأردن)، جورج برباري (لبنان).

وأعضاء لجنة مشروع الفيلم العربي القصير: دنيز جبور (لبنان)، مهدي حملي (تونس)، ندى دوماني (لبنان).

أما فيلم الافتتاح فكان بعنوان «يلّا غزة» إخراج الفرنسي رولان نوريه. وهو يأتي في وقته، وربما أهم ما فيه أنه يلقي الضوء على أحوال أهل غزة ومعاشهم، قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ويرسم الشريط صورة مأساوية لحياة محدودة الأفق، تحت حصار قاتل: صيادون محرومون من أسماكهم، مزارعون تطلق عليهم النيران، لمجرد أنهم يحصدون أرزاقهم، وأطفال كثر فقدوا أطرافهم، وآخرون أصبحوا بلا عائلة، ومع ذلك فإن العلم هو المخلّص، والمعرفة طريق الأمل الوحيد الذي بقي، والذين يتعلمون الدبكة ويرقصون فوق الخراب يتحدثون عن وسيلتهم المتبقة للتعبير والصراخ على طريقتهم الخاصة.

نعود إلى غزة منذ أيام الدولة العثمانية، حين كانت منبت السلة الغذائية لكثيرين في المنطقة إلى أن تحولت موطناً لخيام عشرات آلاف اللاجئين، ثم تحولت الخيام إلى مخيمات من الباطون. لا يحكي الفيلم عن الكارثة الأخيرة، لكنه يرصد النتائج السوداء للحروب السابقة، وكانت وحدها كافية لتحيل هذا القطاع الحزين إلى قطعة من جهنم.

فيلم مؤثر يشارك فيه فلسطينيون وإسرائيليون، لا يرون سوى الظلام في القتال الدائر، ويتمنون سلاماً يخرج بالجميع إلى دائرة النور.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.