مشاهد احتفالات المولد النبوي في مصر تخطف الأنظار

مسيرات فلكلورية وفقرات فنية في الشوارع

احتفالات مصرية في المولد النبوي (رويترز)
احتفالات مصرية في المولد النبوي (رويترز)
TT

مشاهد احتفالات المولد النبوي في مصر تخطف الأنظار

احتفالات مصرية في المولد النبوي (رويترز)
احتفالات مصرية في المولد النبوي (رويترز)

الأضواء تتلألأ، والأناشيد والابتهالات الدينية تملأ الأجواء، وسباق في توزيع المشروبات والمأكولات على المارة في الشارع، لوحة فنية مبهجة تختلط ألوانها وتتعدد تفاصيلها في الشارع المصري كل عام، مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، مما يجعل الاحتفال المصري بهذه المناسبة العظيمة يخطف الأنظار ويتصدر الاهتمام.

وتعد حلوى المولد و«الحصان والعروسة الحلاوة» سمة مشتركة بين جميع المصريين الذين يحتفلون بالمولد النبوي، وكذلك تنظيم مسيرات احتفالية بالأعلام والطبول «الزفة»، إلا أنه لكل محافظة مصرية طريقتها الخاصة في الاحتفال بيوم وليلة المولد أو «الليلة الكبيرة»، بل تختلف طريقة الاحتفال داخل المحافظة الواحدة، ما يبرز التنوع الثقافي والتراثي الغني للمحافظات المصرية.

وأبرز ملامح الاحتفال شهدتها محافظة الإسكندرية (شمال مصر)، التي اعتاد أهلها على توزيع أكواب عصير «شربات الورد بالموز»، ذي اللون الأحمر المميز، على المارة والسيارات في مختلف الشوارع.

أهالي في الإسكندرية يوزعون أكواب عصير «شربات الورد بالموز» على المارة (صفحة إسكندرية الجديدة على «فيسبوك»)

وقالت سارة جمال، التي تعمل موظفة بشركة للسياحة بالإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «أنتظر يوم المولد النبوي كل عام باشتياق شديد، لكي أتذوق شربات الورد بالموز، ففي كل شارع وميدان يستوقفني الشباب والأطفال لتوزيعه، كما يستوقفون الحافلات وسيارات الأجرة لتوزيع المشروب الاحتفالي عليهم، وجميع أهالي الإسكندرية يروق لهم ذلك الطقس، الذي توارثناه جيلاً وراء آخر احتفالاً بالمولد النبوي، وهذا العام كان ملاحظاً اشتراك محلات العصائر الشهيرة بالإسكندرية في توزيع كميات مجانية من الشربات».

وفي محافظة البحيرة، احتفلت قرية أريمون التابعة لمركز المحمودية بالمولد النبوي الشريف عن طريق تنظيم مسيرة احتفالية بالأعلام والطبول، وحرص العشرات من مختلف الفئات العمرية على المشاركة في المسيرة، التي جابت القرية وسط تفاعل الأهالي الذين خرجوا من منازلهم للمشاركة في الاحتفال.

وفي أنحاء أخرى من المحافظة توافد الأهالي على محلات الجزارة لشراء اللحم الجملي الصغير، الذي يعتبر وجبة أساسية على موائد الأهالي في يوم المولد.

وفي مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية (دلتا مصر)، خرجت المواكب التي تحمل مجسمات للمساجد بأنوار وإضاءات ملونة مبهجة، وبمكبرات صوت تخرج منها الأدعية والأذكار الدينية، فيما خرج الناس من منازلهم للمشاركة في تلك الطقوس الروحانية بحماس وسعادة.

مواكب ومسيرات للاحتفال بالمولد النبوي في مصر (رويترز)

في حين جاء احتفال أهالي محافظة كفر الشيخ بذكرى المولد النبوي الشريف بتوزيع الفول النابت، والأرز باللبن، والحلوى، إلى جانب جلسات الذكر والإنشاد.

في صعيد البلاد، وفي مركز نقادة بمحافظة قنا (جنوب مصر)، انطلقت مسيرة كبيرة من المدينة حمل خلالها المشاركون الأعلام. كما تم تنظيم احتفال «الدورة» بمشاركة كبار السن والشباب، الذين يحملون الشوم والعصا والسير بالجمال والخيول في مظهر احتفالي اعتاد عليه الأهالي كل عام، مع ترديد عبارات: «يا حبيبي يا رسول الله».

وأقصى الجنوب، احتفلت مدن محافظة أسوان بتناول «الفتة» (اللحم والأرز والخبز المحمص). وفي الأقصر تم تنظيم حلقات التحطيب وسباقات الخيول بمشاركة الخيالة وكبار العائلات في القرى والنجوع، بينما كانت المدائح النبوية السمة الغالبة على غالبية الاحتفالات.

الباحث المتخصص في التراث الشعبي، الدكتور نبيل بهجت، أستاذ المسرح بجامعة حلوان المصرية، ومدير ومؤسس فرقة ومضة لعروض خيال الظل والأراجوز، قال إن «هناك حرصاً من مختلف فئات المصريين على الاحتفال بالمولد النبوي، وأكبر مظهر لذلك هو (الزفة)، أو المواكب الاحتفالية التي تجوب الشوارع، ويشارك فيها الأطفال والشباب، حاملين الرايات واللافتات التي تحمل عبارات دينية، وتردد الأناشيد والأهازيج الدينية، وهو طقس قمت بتوثيقه بين عامي 2004 و2014، راصداً دلالاته».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الزفة بمثابة كرنفال مسرحي، يتخذ من الشارع مسرحاً له في شكل فطري، فهي من أشكال مسرح الجمهور، فالمُشارك يعبر عن ذاته، رغبة في رفع الصوت والإفصاح، كما أن هذا العرض يتضمن فلسفة التحرر بامتلاك الفضاء العام، مستلهماً رسالة الإسلام الذي جاء ليحرر الناس».

ويشير «بهجت» إلى أن «الزفة» أيضاً تمثل لوحة تشكيلية طبيعية، تتضمن تناغماً منتظماً فطرياً، «لذا كنت طالبت أن يتم الترويج لها سياحياً والإعلان عنها كثروة فنية مصرية. كذلك تأتي مظاهر الاحتفال الأخرى بتوزيع الطعام والمشروبات لتحمل عمقاً آخر وهو (التوسعة)، فالإسلام يحث على الإطعام، وليس هناك أفضل من مولد النبي للتعبير عن ذلك المعنى».


مقالات ذات صلة

مهرجان «نزال سلّم ع بيروت» عربون وفاء لمدينة ترفض الحزن

يوميات الشرق نموذج من عمارات شارع بلسّ في رأس بيروت (تراث بيروت)

مهرجان «نزال سلّم ع بيروت» عربون وفاء لمدينة ترفض الحزن

يعدّ شارع بلسّ واحداً من الشوارع الرئيسية في منطقة رأس بيروت، وسمّي الشارع هكذا تخليداً لذكرى الدكتور دانيال بلسّ الأميركي الذي أسس الجامعة الأميركية في بيروت.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة ريهام عبد الغفور تتسلم درع تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور (وزارة الثقافة المصرية)

مهرجان «مسرح الهواة» في مصر يحتفل بمرور 20 عاماً على انطلاقه

احتفى مهرجان مسرح الهواة في مصر بمرور 20 عاماً على انطلاقه، واختار عنواناً لدورته الجديدة التي افتتحت، الأحد، على مسرح السامر اسم الفنان الراحل زكريا الحجاوي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق معتصم النهار مع رئيس مهرجان الفضائيات أحمد عليوة (إدارة المهرجان)

مهرجان الفضائيات العربية يحشد النجوم ويذكّر بأعمال رمضان

حشد مهرجان الفضائيات العربية عدداً كبيراً من نجوم الفن المصري والعربي خلال دورته الخامسة عشرة، التي أقيمت بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة أناستاسيا تروفيموڤا خلال تصوير «روس في الحرب» (تورنتو)

مهرجان تورنتو يشهد عروضاً ناجحة واحتجاجات أوكرانية

يعتبر اختتام مهرجان تورنتو السينمائي التاسع والأربعين في الخامس عشر من هذا الشهر، الخطوة الأولى نحو سباق الأوسكار

محمد رُضا (تورنتو)
يوميات الشرق صورة جماعية للفائزين بجوائز الدورة 31 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي (إدارة المهرجان)

جوائز «القاهرة التجريبي» تنحاز لعروض «الممثل الواحد» و«الأساطير»

انحازت جوائز مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي لعروض الممثل الواحد والنصوص المعتمدة على الأساطير.

رشا أحمد (القاهرة)

صور تكشف عن انخفاض حاد في أعداد الطيور البحرية في النرويج

منطقة تعشيش الطيور في النرويج في عام 2006 (يسار) و2023 (يمين). (ت: روب باريت)
منطقة تعشيش الطيور في النرويج في عام 2006 (يسار) و2023 (يمين). (ت: روب باريت)
TT

صور تكشف عن انخفاض حاد في أعداد الطيور البحرية في النرويج

منطقة تعشيش الطيور في النرويج في عام 2006 (يسار) و2023 (يمين). (ت: روب باريت)
منطقة تعشيش الطيور في النرويج في عام 2006 (يسار) و2023 (يمين). (ت: روب باريت)

في منتصف سبعينات القرن العشرين، قام الباحث في مجال الطيور البحرية، روب باريت، برحلة على متن قارب مطاطي لاستكشاف واحدة من أكبر مستعمرات الطيور البحرية في النرويج، وبمساعدة الكاميرا الخاصة به والنظارات المكبرة، كان باريت يخطط لالتقاط صور لمستعمرة «سيلتيفيورد» الواقعة في أقصى شمال البلاد، ثم العودة إلى اليابسة لتحميض الصور وتجميعهاً معاً لإنشاء صورة بانورامية حتى يتمكن بعد ذلك من إحصاء أعداد الطيور في المنطقة، حسبما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.

ومع اقتراب قارب باريت من المنحدرات في المنطقة، زادت أصوات طيور النورس إلى مستوى كبير للغاية، وكذلك زادت الرائحة، وكانت المنحدرات ترتفع لمسافة 100 متر، وطيور النورس تملأ كل زاوية وشق هناك، واستمر الأمر على هذا النحو على مسافة 5 كيلومترات على طول الساحل.

وبعد محاولتين أو ثلاث، قرر باريت أن هناك عدداً كبيراً من الطيور البحرية هناك؛ ولذا فإنه لن يتمكن من إحصائها بالمعدات المتاحة لديه، إلا أنه بعد ذلك قدَّر فريق مُجهَز بشكل أفضل أن عدد طيور النورس هناك تتجاوز الـ 250 ألف طائر.

والآن، تشكل صور باريت، من مستعمرة سيلتيفيورد، التي تم التقاطها على مدى 3 عقود، إلى جانب بعض الصور الأخرى التي تم جمعها من أرشيفات المتاحف في البلاد، الأساس الذي تستند إليه سلسلة جديدة من الصور قبل وبعد التي تُظهر التغير الدراماتيكي الذي طرأ على السواحل بعد أن اختفت الطيور البحرية من المنطقة.

فاليوم، لم يتبق سوى بضعة آلاف فقط من الطيور البحرية في سيلتيفيورد، ويقول باريت: «ما يظهر الآن هو مجرد عدد صغير للغاية مقارنةً لما كان الوضع عليه في السابق، إنه لأمر محزن للغاية أن نراه على هذا النحو».

ويُذكر أنه، لقد اختفى ما يقرب من 90 في المائة من طيور النورس البرية في النرويج على مدى العقود الأربعة الماضية، مع استمرار انخفاض أعداد أنواع الطيور البحرية الأخرى أيضاً، وفي الفترة بين عامي 2005 و2015، انخفض عدد الطيور البحرية في البر الرئيسي النرويجي بنحو الثلث، وفقاً للوكالة النرويجية للبيئة.

وعلى الرغم من أن هذه الصور قد تم التقاطها في النرويج، فإنها تُظهر تحولاً عالمياً، إذ انخفضت أعداد نصف أنواع الطيور البحرية في بريطانيا أيضاً خلال السنوات العشرين الماضية، بما في ذلك انخفاض بنسبة 42 في المائة في أعداد طيور الزمج، و49 في المائة في أعداد طائر النورس الشائع، كما تشير التقديرات إلى أن أعداد الطيور البحرية انخفضت على مستوى العالم بنسبة 70 في المائة في الفترة بين عامي 1950 و2010.