في أرض واعدة بكنوز من التاريخ غير المكتشف، وتفاصيل من الحقب القديمة التي نهضت ذات يوم على مواقع مختلفة داخل المناطق السعودية، أطلقت «هيئة التراث» 77 مشروعاً للمسح والتوثيق الأثري في مختلف مناطق السعودية، ومظان البحث في التراث الثقافي والإنساني الذي تحتفظ به تلك المواقع.
فرق علمية سعودية ودولية، وشراكات مع جامعات ومراكز مسح وتنقيب عالمية تعكف منذ شهور على فحص تلك المناطق الواعدة بالاستكشافات، والمشاركة في أعمال التنقيب غير المسبوقة، التي يعدّ بعضها من أهم المشروعات العلمية عالمياً، نظراً لاحتواء السعودية على أنواع فريدة من الآثار العتيقة، ومن ذلك المنشآت الحجرية التي تضمّ السعودية أكبر عدد منها في العالم، إضافة إلى تنوعها في الأشكال والأحجام والوظائف المختلفة.
وأفادت هيئة التراث أن 77 مشروعاً للمسح والتنقيب قائمة الآن في جميع المناطق السعودية، تتضمن مشاريع محلية تنفذها فرق الهيئة، بالإضافة إلى مشاريع علمية أخرى، بالتعاون مع جامعات محلية ودولية، وقالت «هيئة التراث» في إفادة قدمتها لـ«الشرق الأوسط» إنّ أعمال المسح والتنقيب تغطي جميع الفترات الزمنية، وتدرس كل المعثورات الأثرية وتوثّقها بعد اكتشافها، في حين تُعلن عن نتائج المشاريع بشكل دوري.
لأكثر من 60 عاماً من أعمال المسح والتنقيب الأثري..جهود بُذلت؛ لتوثيق الإرث الحضاري للمملكة.#هيئة_التراث pic.twitter.com/M6tfzVxH3Z
— هيئة التراث (@MOCHeritage) June 3, 2024
وتوظّف هيئة التراث أحدث التقنيات المستخدمة في عمليات المسح الشامل من خلال نظم المعلومات الجغرافية، والمسح الجيوراداري الأرضي، والنمذجة ثلاثية الأبعاد والمسح المغناطيسي، إضافة إلى تقنيات التّصوير الجوي المنخفض، واستخدام الذكاء الاصطناعي في رسم الخرائط الجغرافية والطبوغرافية، لرفد مشاريع المسح الأثري في السعودية.
وعادة ما تنتهي المشاريع بتقديم معلومات مهمة وقيّمة تساعد في معرفة الظروف البيئية والثقافية والاجتماعية حول طبيعة وتفاصيل كثير من المواقع التاريخية والتراثية التي احتفظت ببعض آثارها على الأرض، وتوسيع مصادر المعلومات عن فترات العصور القديمة بشكل عام، إضافة إلى أهمية توثيقها والمحافظة عليها على المستوى الوطني، وإبراز الدور الحضاري المهم لأرض السعودية في الحضارة الإنسانية العالمية، واستثمارها في المجالات البيئية والثقافية والسياحية.
يُعدّ «مشروع اليمامة الأثري» الذي أطلقته هيئة التراث (الأحد) أحدث مشاريع المسح والتنقيب الأثري في السعودية، وقد بدأ أعمال المسح والاستكشاف والتنقيب داخل مدينة الرياض ومحيطها القريب، في إطار جهود الهيئة لاستكشاف العمق التاريخي والحضاري للمدينة والعناية بمواقع التراث الثقافي في المملكة.
ويستمر المشروع خلال المدة من عام 2024 حتى عام 2028؛ ويشمل استكمال مشروع المسح الشامل داخل نطاق مدينة الرياض، وعلى طول امتداد وادي حنيفة، والمراكز المحيطة بمدينة الرياض، بالإضافة إلى 3 مشاريع أخرى للتنقيب الأثري في مواقع ضرماء، والحني، والمصانع، بالتعاون مع شركاء الهيئة.
مدينة الرياض.. موقع استراتيجي لحضارات عريقة.#هيئة_التراث pic.twitter.com/qVr9mL58hb
— هيئة التراث (@MOCHeritage) September 1, 2024
وتعتمد استراتيجية الهيئة في تنفيذ مشاريع المسح والتنقيب على مشاركة خبراء في مجال تاريخ وآثار مدينة الرياض، والتخصصات ذات العلاقة، إضافةً إلى مشاركة بعض الأكاديميين والطلاب من الجامعات السعودية، ومن المراكز والجامعات الدولية.
ويهدف المشروع إلى التّعرف على أبرز مظاهر تطور مدينة الرياض وتوسعها، بالإضافة إلى الكشف عن ملامح المواقع الأثرية والتاريخية وتوثيقها والحفاظ عليها، وذلك ضمن مسؤولية الهيئة تجاه التراث الثقافي وحمايته والعناية به، وإبراز العمق الحضاري للمملكة على مرّ التاريخ.