أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)
عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)
TT

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)
عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أفاد بحث جديد بأن الأنشطة المنزلية الروتينية قد تعرّض الناس لسحابة من جزيئات البلاستيك الصغيرة جداً، بحيث يمكن استنشاقها عميقاً في الرئتين.

ووجدت الدراسة التي أجريت في جامعة «بورتسموث» أن التمرين الرياضي على سجادة صناعية قد يؤدي إلى استنشاق ما يصل إلى 110 ألياف أو شظايا بلاستيكية كل دقيقة، وفق شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وأظهرت الدراسة أن طي الملابس المصنوعة من أقمشة مثل البوليستر، وحتى مجرد الجلوس على أريكة، ينتج عموداً من الجزيئات المجهرية في الهواء المحيط.

ويقول الباحثون إن النتائج تؤكد على أهمية المحادثات التي تجريها الأمم المتحدة هذا الأسبوع للاتفاق على معاهدة عالمية للحد من التلوث البلاستيكي.

وفي هذا السياق، قالت فاي كوسيرو، أستاذة التلوث البيئي في الجامعة، التي قادت الدراسة، إن العواقب الصحية للجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الجسم لا تزال غير معروفة، لكنها تتخذ بالفعل خطوات للحد من تعرضها، بما في ذلك التحول حيثما أمكن إلى الأرضيات الخشبية والأقمشة المصنوعة من الألياف الطبيعية.

وقالت كوسيرو: «لا أعتقد بأنك بحاجة إلى الذهاب وتمزيق كل قطعة من البلاستيك في منزلك. هذا غير قابل للتطبيق، ولكنني أعتقد بأنه أمر مثير للقلق. إذا تعرضنا كل يوم طوال حياتنا وعشنا حتى سن 80 أو 90 عاماً، فماذا يعني ذلك؟».

وتابعت أنه «ليس مجرد حدث واحد، حيث نتعرض لمدة يوم أو يومين. هذه هي حياتنا بأكملها التي نستنشقها. إذن ماذا يحدث عندما تتراكم؟».

واستخدم الباحثون آلات لتصفية الهواء في غرفة بينما كان المتطوعون يقومون بأنشطة منزلية عادية. ثم حسبوا تركيز البلاستيك الدقيق في الهواء وعدد القطع التي من المحتمل استنشاقها.

أظهرت النتائج أن طي الملابس المصنوعة من الأقمشة الاصطناعية يمكن أن يؤدي إلى استنشاق سبع قطع من البلاستيك الدقيق في الدقيقة. والجلوس على الأريكة يمكن أن يؤدي إلى استنشاق 10 جزيئات كل دقيقة.

ولكن من المرجح أن يكون الحمل البلاستيكي الناتج عن التمرين أعلى بأكثر من 10 مرات، ويرجع ذلك جزئياً إلى التأثير على السجادة، وأيضاً بسبب معدل التنفس الأعلى.

وقالت كوسيرو إن بعض البلاستيك الدقيق سيتم إزالته من الرئتين عن طريق المخاط والسعال. لكن دراسات متعددة أكدت الآن وجود بلاستيك دقيق داخل الجسم، بما في ذلك الأوعية الدموية والمفاصل والأعضاء والدماغ.

ووفق الشبكة البريطانية، فإنه حتى الآن لا يوجد دليل مباشر على أن البلاستيك يسبب اعتلال الصحة، ولكن ثبت أنه يتلف الخلايا ويؤدي إلى الالتهابات، وتقول كوسيرو: «لا أستطيع أن أتخيل أي سيناريو نكتشف فيه أن استنشاق البلاستيك مفيد لنا. نحن نعلم أنه يمكن أن تكون له آثار سلبية عند تركيزات عالية جداً. ما لا نعرفه هو التركيز الذي سيكون عليه في بيئة منزلية، وإذا أردنا أن نتقدم على هذا المنحنى، ونتأكد من بقائنا تحت عتبات (المخاطر)، فنحن بحاجة إلى معرفة ماهيتها في أقرب وقت ممكن».

والبلاستيك الدقيق هو إما ألياف أو شظايا انكسرت من أجسام أكبر. ويقدر العلماء أن هناك ما بين 12.5 تريليون و125 تريليون جسيم أقل من 5 ملم في الحجم تم غسلها في محيطات العالم، حيث تستهلكها الكائنات البحرية وتنتقل إلى سلسلة الغذاء.

وتظهر أحدث الأرقام أن 400 مليون طن من البلاستيك يتم إنتاجها كل عام. ومن المقرر أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2050، ومع ذلك يتم استخدام نصف البلاستيك مرة واحدة ثم يتم التخلص منه.

ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن الاستخدام الحالي للبلاستيك غير مستدام. وتريد الأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق دولي بشأن معاهدة للحد من تلوث البلاستيك. وقد بدأت الجولة الأخيرة من خمس جولات من المحادثات بين البلدان في بوسان بكوريا الجنوبية.

ومن المرجح أن تتضمن المعاهدة خطوات لتشجيع الاستخدام الأكثر حكمة للبلاستيك، والجهود المبذولة لإعادة استخدامه أو إعادة تدويره. لكن المملكة المتحدة من بين أكثر من 40 دولة تريد أيضاً فرض قيود على الإنتاج.


مقالات ذات صلة

باحثون صينيون يبتكرون نموذجاً ثورياً لمحاكاة تلوث الهواء

يوميات الشرق نموذج صيني جديد يراقب تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة (غيتي)

باحثون صينيون يبتكرون نموذجاً ثورياً لمحاكاة تلوث الهواء

نموذج «EPICC» يحسِّن محاكاة الجسيمات الدقيقة والأوزون لدعم إدارة تحديات التلوث في الصين والدول النامية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شمال افريقيا أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة تطالب بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية، بسبب التلوث البيئي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
صحتك الأشخاص الذين مارسوا ما لا يقل عن ساعتين ونصف من التمارين الرياضية أسبوعياً انخفض لديهم خطر الوفاة (رويترز)

المشكلة الشائعة التي تُقلّل من فوائد التمارين الرياضية

معروف أن ممارسة الرياضة بانتظام تُحسّن الصحة النفسية، وتُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وتُحسّن محيط الخصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي غزة أصبحت أنقاضاً وركاماً بسبب الحرب (أ.ب) play-circle

تلال القمامة وتسرب الصرف الصحي حلقة جديدة في سلسلة المآسي بغزة

لم تقتصر تبعات الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة في غزة على الأنقاض في كل مكان، إذ جاءت أكوام النفايات لتشارك في مشهد الدمار برائحتها الكريهة والذباب الكثيف.

«الشرق الأوسط» (غزة)
بيئة ماشية تسير على طول منطقة تمت إزالة الغابات منها بشكل غير قانوني في محمية بالقرب من جاسي بارانا بولاية روندونيا في البرازيل 12 يوليو 2023 (أ.ب)

الإنتربول يعلن عن حملة عالمية جديدة لمكافحة الإزالة غير القانونية للغابات

أعلن الإنتربول وشركاؤه، اليوم (الأربعاء)، عن إطلاق حملة إنفاذ قانون عالمية تهدف إلى تفكيك الشبكات الإجرامية التي تقف وراء قطع الأشجار غير القانوني.

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

«ما وراء اللوحة» لراوية زنتوت... حكايات ملونة بطبقات التجارب

الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
TT

«ما وراء اللوحة» لراوية زنتوت... حكايات ملونة بطبقات التجارب

الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)

تبعث أعمال الفنانة التشكيلية راوية غندور زنتوت شعوراً بالسكينة والهدوء. تتحول اللوحة إلى تجربة مريحة لمشاهدها من الضغوطات اليومية، وتأخذه في رحلة خيالية، حيث يمتد خياله في فضاء حر وزاهر، مع جرعات من الأمل التي يتركز الضوء فيها على محورها الأساسي.

في معرضها «ما وراء اللوحة» في مبنى بارك بالاس، تجمع زنتوت نحو 27 لوحة من أعمالها الأخيرة. وقد أنجزتها بين بيروت ومكان إقامتها في الجبل، مستندة على الطاقة الإيجابية لتعكس إحساساً بالفرح والراحة، مبلسمة الجراح والندوب.

تسكن لوحات زنتوت قصص من الحياة، مشبعة بتجارب متراكمة، وقد عبّرت عنها بعدد من طبقات الألوان الأكريليكية، المشرقة أحياناً والقاتمة أحياناً أخرى. ومن خلالها حاكت حوارات صامتة مع زائر المعرض، فبنت جسر تواصلٍ متين وغير منظور في الوقت نفسه، وحوّلته إلى مسار طويل يقود المشاهد نحو الرجاء.

وتحت عناوين مختلفة، ارتكزت أعمالها غالباً على عناصر الطبيعة، لتوضح وجهة نظرها تجاه حياة تتقلب أيامها بين الحلاوة والمرارة. ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في لوحات مثل «دائرة الحياة»، و«همسات فجر ذهبي»، وكذلك في أعمال أخرى تحمل عناوين «مشهد مزهر»، و«أفق ذهبي».

تستلهم زنتوت من ألوان طبيعة لبنان موضوعات لوحاتها (راوية زنتوت)

توضح راوية غندور زنتوت، التي اشتهرت باقتباسها من بيروت ومناطق لبنان موضوعات لأعمالها، لـ«الشرق الأوسط» عن معرضها الحالي: «هذه المرة تحتل الطاقة الإيجابية الحيز الأكبر من رسوماتي». وأضافت: «كل لون فيها استخرجته من قصة حياة ومن رموز الطبيعة. فكما قلب الإنسان الأحمر، تناولت الأحلام الزرقاء. وبين الأصفر والأخضر والذهبي، حِكتُ الشمس والفجر والغروب والبحر وغيرها من عناصر الطبيعة».

تقول زنتوت: «أنا عاشقة لبلدي، ولأشجاره وسمائه، وطبيعته هي ملهمتي الأولى، لا سيما أنها تحتوي على مجموعة ألوان لا نهاية لها. وأعدّ نفسي من الفنانين الذين يحبون التعامل مع الألوان واستخدامها كلغة تعبيرية عندما تنتهي الكلمات. أستمد من خلال الألوان إيقاع يومياتي وحياتي ككلّ، وفي عملي (ما وراء اللوحة) رغبت في نقل مشاعري هذه إلى الآخرين».

تتأكد من أفكار زنتوت وأنت تتجول في المعرض، حيث تجد مجموعة من لوحات متراصة تحكي قصصها بالبرتقالي والبنفسجي والأحمر والأزرق والترابي.

وفي أخرى تمزج بريشتها المبدعة بين مجموعة ألوان متناسقة. فتبرز من خلالها انسيابية في تفكيرها وفي طريقة تعاملها مع الأمور. وتعلّق: «الألوان تستحضر شخصية اللوحة وتقودنا إلى أعماقها الدفينة. لم أشأ أن تكون لوحاتي مجرَّد أشكال جميلة وجذّابة. بل حاولت أن تتضمن النحت والمشاعر والأحاسيس والتجارب القابعة وراء اللوحة».

«دوائر الحياة» حكايات وتجارب متراكمة في معرض «ما وراء اللوحة» (راوية زنتوت)

وتشير زنتوت إلى أنها غالباً ما تواكب في أعمالها الأحداث العالمية اليومية، فتتضمن الحروب والمعارك وعوامل الطقس والمناخ، مستخدمة هذه الصور للتعبير عن آرائها ومشاعرها. وتوضح: «في بعض اللوحات اعتمدت الحركة النافرة لتعكس اضطرابات داخلية تسكننا، فتنبثق ألوان ورسوم تمنح شعوراً بالراحة. أما في لوحات أخرى، يطالعك الهدوء بشكل واضح، فيبعث الأمل والحب والرومانسية».

تتمسك زنتوت دائماً بالأمل بوصفه مخرجاً لأي موقف أو حالة حرجة، وتفسّر هذا التأرجح بين الحاضر والغد المجهول من خلال حوارات ملونة بالطموح، مطبقة بذلك القول المأثور: «ما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل».

وتشرح زنتوت في حديثها: «هذا الأمل أستحضره دائماً في أعمالي من خلال الضياء، فيلاحظ ناظر اللوحة، مهما بلغت قتامة ألوانها، أن هناك بقعة نور تحيط بها».

تكمل جولتك في المعرض لتستوقفك طبقات من مادة الأكريليك ذات أبعاد ثلاثية، تمثل نبض حياة عصرية وذاكرة بصرية مشبعة بالوجدانيات والحس الصادق.

وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنه نوع من الحوار بين جميع هذه الحالات، فتكون اللوحات بمثابة مرآة للخبرات والتجارب. وعندما ينظر إليها المشاهد، يُجبر على الغوص في أعماقها بعيداً عن السطحية، ليكتشف ما تختزنه كل طبقة من ذكريات وتجارب».


«بدايات»... معرض يعيد رواد الفن السعودي للواجهة

لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
TT

«بدايات»... معرض يعيد رواد الفن السعودي للواجهة

لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)

مع النهضة الفنية التي تمر بها السعودية حالياً من خلال إنشاء هيئات ومؤسسات تعني بالأصوات المعاصرة، ودعم الأجيال الجديدة كان واضحاً أن العودة للبدايات وتقوية الأواصر ما بين رواد الحركة الفنية ومعاصريها هي الأمثل لاستكمال الصورة الثقافية. سرعان ما عادت الأضواء تسلط على أسماء فنانين وفنانات بدأت على أيديهم حركة الفن الحديث في السعودية من الستينات وحتى الثمانينات من القرن الماضي، ومن هنا توالت المعارض والكتب التي منحت الرواد مكانهم المستحق في رحلة تطور الفنون البصرية بالمملكة.

«بدايات» يأتي من تنظيم هيئة الفنون البصرية في المملكة وهو مشروع ضخم اعتمد على التوثيق والتحليل والبحث يختتم بإقامة معرض تقيمه الهيئة في 27 من يناير المقبل في الرياض تحت عنوان «بدايات الحركة الفنية السعودية» يقام في المتحف الوطني السعودي في العاصمة الرياض. يجمع المعرض أعمال نخبة من الفنانين الذين أسهموا في تشكيل المشهد الفني بالمملكة على مدى 3 عقود، مسلطاً الضوء على مرحلة مفصلية شهدت بروز الممارسات الفنية الحديثة والتجريدية في المملكة.

عمل للفنان عبد الحليم رضوي (سوذبيز)

ولعمل معرض بهذا الشمول، اعتمدت هيئة الفنون البصرية مشروعاً بحثياً اعتمد على المقابلات مع الفنانين والمختصين منهم 50 شخصية محورية وإجراء 120 تقريراً و80 زيارة ميدانية، بالتعاون مع فريق استشاري يضم كلاً من الفنان عبد الرحمن السليمان والدكتور محمد الرصيص والدكتور شربل داغر، مستفيدين من خبرتهم الأكاديمية، ومن شهادات الفنانين المباشرة لتوثيق المعارض المبكرة والحراك التعليمي واللغة التعبيرية المحلية التي تبلورت خلال تلك العقود.

ولم يأت اختيار المنسق الفني قسورة حافظ مفاجأة فهو مهتم بالحركة الفنية السعودية الحديثة والمعاصرة عبر غاليري «حافظ»، وقام مؤخراً بتنسيق معرض «خمسين... نظرة على الفن السعودي» في العاصمة البريطانية عن رواد الفن الحديث والمعاصر في المملكة في دار سوذبيز بلندن عام 2024.

من أعمال الراحلة منيرة موصلي (الشرق الأوسط)

وفي معرض «بدايات» عمل حافظ مع مجموعة واسعة من الأعمال الفنية التي تشمل اللوحات والمنحوتات وأعمال على الورق إلى جانب المواد الأرشيفية التي ستمنح المعرض جانباً تسجيلياً وتاريخياً هاماً، وسيركز أيضاً على تفاعل فناني القرن العشرين مع الإرث الثقافي للمملكة، وأيضاً مشاركاتهم العربية والدولية.

وينقسم معرض بدايات: بدايات الحركة الفنية السعودية إلى 3 أقسام رئيسية، يستعرض كل منها تطور المشهد الفني من منظور موضوعي وسياقي، بالاستناد إلى مواد أرشيفية وأعمال فنية. يتناول القسم الأول، أسس حركة الفن الحديث في المملكة العربية السعودية، ونشأة المشهد الفني من خلال التفاعل بين المبادرات الفردية للفنانين والدعم المؤسسي. أما القسم الثاني فيستعرض القضايا الفنية والفكرية التي شكّلت الإنتاج الفني السعودي، متتبعاً تأثيرات الحياة الحديثة، وإعادة صياغة التيارات الفنية ضمن السياقات المحلية. وأخيراً القسم الثالث، الذي يبرز إسهامات 4 فنانين ودورهم المحوري في هذه الحقبة، وهم: عبد الحليم رضوي، محمد السليم، منيرة موصلي، صفية بن زقر.

لوحة للفنانة (دارة صفية بن زقر)

وتشير دينا أمين، الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية إلى أن المعرض سيحتفي بتاريخ الفن مضيفة: «نفخر بإبراز هذا الإرث الفني الغني من خلال تكريم الفنانين الرواد والمبادرات العامة والخاصة التي شكّلت المشهد الفني في تلك الفترة. نأمل أن يشكل هذا المعرض امتداداً حيّاً ومستداماً، يتيح للجمهور الوصول إلى عمق وتنوع تاريخنا البصري».

وقال القيّم الفني للمعرض قسورة حافظ: «يقدّم معرض (بدايات) سرداً شاملاً قائماً على البحث والتوثيق لتاريخ الفن الحديث السعودي؛ فمن خلال الدراسات الأرشيفية، والأعمال الرائدة، والروايات المباشرة للفنانين، نعمل على حفظ أسس الحركة الفنية للأجيال المقبلة. ويشكّل هذا المشروع تكريماً للفنانين الأوائل وإرثاً ثقافياً مستداماً يواصل إلهام الجمهور داخل المملكة وخارجها».

سيصاحب المعرض إصدار مطبوع شامل وفيلم وثائقي، ليشكّلا مرجعاً معرفياً طويل الأمد للباحثين والجمهور، إلى جانب برنامج شامل يضم جلسات حوارية وورش عمل متخصصة تتناول محاور أساسية تشمل التعليم الفني المبكر، دور المعلمين والمؤسسات الرائدة، وممارسات حفظ الأرشيف الفني.


«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
TT

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)

يناقش المسلسل المصري «لا تُرد ولا تُستبدل» مشاكل اجتماعية عدة مرتبطة بمرض الفشل الكلوي وصعوبة العثور على متبرعين لإجراء عملية زراعة الكلى، فضلاً عن التكلفة المالية الباهظة والعقبات القانونية والآثار النفسية والاجتماعية للإصابة بالمرض في عمر الشباب.

المسلسل الذي تقوم ببطولته دينا الشربيني مع أحمد السعدني، وصدقي صخر، وحسن مالك، وفدوى عابد، ومن كتابة الثنائي دينا نجم وسمر عبد الناصر، وإخراج مريم أبو عوف، صُوّر في مصر، ويحكي قصة «ريم» التي تقوم بدورها دينا الشربيني، وهي مرشدة سياحية شابة تتعرض لأزمة صحية خلال جولة إرشادية.

ومع نقلها للمستشفى بواسطة قائد «الأوتوبيس» السياحي الشاب «طه» الذي يقوم بدوره أحمد السعدني، تكتشف إصابتها بالفشل الكلوي وحاجتها إلى تلقي جلسات الغسل الكلوي، لتبدأ بعدها رحلة معاناة على مستويات عدة بداية من زوجها «نادر» الذي يؤدي دوره صدقي صخر، والذي توترت علاقتها معه قبل اكتشاف الإصابة، مروراً بوالدته التي تتحدث باستمرار عن رغبتها في رؤية حفيد لها، في حين يمنع المرض الزوجة من تحقيق هذه الرغبة.

وفي خضم التحديات التي تواجهها بعدم قدرتها على العمل، والمعاناة مع تداعيات الغسيل الكلوي المستمر، تبدأ في رحلة البحث عن متبرع، وهو أمر يجد صعوبات قانونية عدة مرتبطة بوجود شبكات للتبرع بالأعضاء بمقابل مادي بالمخالفة للقانون، في حين تتأرجح علاقتها مع زوجها في كل مرحلة.

الملصق الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

رحلة البحث هذه ترتكب فيها البطلة كثيراً من المخالفات القانونية، وتتعرض فيها لمخاطر عدة، ما بين مطاردات من شبكة للاتجار في البشر تستغل حاجة اللاجئين للهجرة غير المشروعة، مروراً بسيدات يوافقن على التبرع مقابل الحصول على أموال لإنقاذ أنفسهن، وصولاً إلى التعرض للنصب من شخص يطلب مضاعفة المبلغ المالي ويحصل عليه، لكنه يهرب قبل الدخول للمستشفى.

ويركز العمل الذي تم تصويره بين محافظات القاهرة الكبرى، والمنيا في صعيد مصر، ودمياط في دلتا مصر، على إبراز أبعاد متعددة لصعوبة الحصول على متبرع بالأعضاء بشكل قانوني، مع إظهار المخاطر التي يضطر من يرغب في التعافي عبر نقل الأعضاء إلى خوضها حتى مع سعيه لعدم مخالفة القانون.

بطلة العمل دينا الشربيني أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن حماسها للتجربة ارتبط بتأثرها الشديد بالواقع الذي تعيشه الشخصية في الأحداث، مشيرة إلى أنها التقت مجموعة من الأشخاص الذين يمرون بالتجربة نفسها، وجلست وتناقشت معهم بالفعل، مما ساعدها على التحضير للدور.

وعبّرت دينا عن سعادتها بردود الفعل التي وصلت إليها من الجمهور عندما شاهدوا العمل وتابعوا أحداثه، وهو أمر جعلها تشعر بوصول رسالة المسلسل بالفعل، مع تسليط الضوء على الأسباب التي تؤدي للفشل الكلوي بشكل مفاجئ، وغيرها من التفاصيل، مبدية حماسها لحالة الترقب للحلقات من الجمهور، وسؤالها في أي مكان توجد فيه عما سيحدث في الحلقات المقبلة.

صنّاع المسلسل في كواليس التصوير (حساب المخرجة على «فيسبوك»)

وقال الناقد محمد عبد الخالق إن مسلسل «لا تُرد ولا تُستبدل» نجح، رغم مأساوية التجربة التي يطرحها، في لفت انتباه المشاهدين وربطهم بحلقاته، وهو ما انعكس على نسب المشاهدة المرتفعة التي تفسر حالة من التفاعل الحقيقي مع الأحداث، مرجعاً الأمر إلى «الفكرة المختلفة التي خرجت عن الإطار التقليدي لقصص الحب والخيانة والمشكلات اليومية التي سئمها الجمهور لتكرارها خلال السنوات الأخيرة».

وأضاف عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط» أن «قسوة الفكرة والغوص في تفاصيل مرض الفشل الكلوي، وتصوير ما يرتبط به من معاناة إنسانية وصعوبة جلسات الغسيل الكلوي... قُدمت بصدق»، لافتاً إلى أن الكاتبتين دينا نجم وسمر عبد الناصر نجحتا في رصد هذه التفاصيل بشكل حقيقي، يعكس معايشة كاملة لتجربة مريض يخضع لغسيل الكلى منذ بدايتها حتى نهايتها.

وأوضح أن «طرح فكرة البحث عن متبرع، بما تحمله من أبعاد قانونية وإنسانية معقدة، أضفى على العمل عمقاً إضافياً»، مشيراً إلى أن «المخرجة مريم أبو عوف استطاعت نقل هذه التجربة القاسية بلغة بصرية هادئة، بعيدة تماماً عن المبالغة أو الاستعراض»، على حد تعبيره.