مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

تضم سيفاً للملك رمسيس الثاني

اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)
اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)
اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة، وتضم سيفاً للملك «رمسيس الثاني»، في محافظة البحيرة (دلتا مصر).

وعثرت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، خلال عملها بمنطقة «تل الأبقعين» بمركز «حوش عيسى» بالبحيرة، على «مجموعة من الوحدات المعمارية من الطوب اللبن»، أكد رئيس البعثة، الدكتور أحمد سعيد الخرادلي، أنها «ثكنات عسكرية للجنود، ومخازن للأسلحة والطعام والمواد الغذائية في عصر الدولة الحديثة»، مشيراً إلى الكشف عن «عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود».

اكتشاف ثكنات عسكرية في البحرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، في بيان صحافي، إلى أن «الكشف يؤكد الأهمية التاريخية والأثرية لحصن الأبقعين»، موضحاً أن «الحصن يعد من نقاط التمركز العسكري للجيش المصري القديم على الطريق الحربي - الغربي، بهدف حماية الحدود الشمالية - الغربية للبلاد من هجمات القبائل الليبية وشعوب البحر».

وقال إن «الوحدات المعمارية المكتشفة تتميز بتخطيط منتظم ومقسمة إلى مجموعتين متماثلتين في التصميم النمطي المعماري يفصل بينهما ممر صغير، مما يدل على براعة المهندس المصري القديم، وقدرته على استغلال عناصر البيئة المحيطة وتطويعها لخدمة أغراضه المختلفة».

ويقع تل أثار «الأبقعين» على بعد نحو 5 كيلومترات جنوب شرقي مدينة حوش عيسى، في محافظة البحيرة، وتبلغ مساحته 35 فداناً. وسبق أن أعلنت مصر عام 2019 عن اكتشاف بقايا وحدتين معماريتين ملحقتين بالحصن العسكري استُخدمت مخازن للغلال.

قطع متنوعة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، أوضح رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، الدكتور أيمن عشماوي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحصن العسكري الموجود في تل الأبقيعن هو جزء من استراتيجية مصر في تأمين حدودها، حيث عثر على حصون مماثلة في الشرق والجنوب، ما يعكس الفكر العسكري الاستراتيجي عند المصري القديم». وقال: «على الجبهة الغربية كانت هناك حصون عدة ممتدة حتى مرسى مطروح وسيدي براني على الحدود الليبية، وكان هدفها حماية هذه الجبهة من الهجمات».

ولفت عشماوي إلى أن «الحصن اكتشف في الأربعينات من القرن العشرين، في حين تستكمل وزارة الآثار الحفائر فيه منذ عام 2014». وأوضح أنه «خلال الحفائر تبين وجود طبقات أخرى ما يعني أن الحصن يعود إلى ما قبل عهد رمسيس الثاني».

وأثبتت الدراسات الأولية للبعثة أن اللقى الأثرية التي تم اكتشافها تؤكد استخدام بعض الوحدات المعمارية كمخازن لإمداد الجنود بالطعام والمؤن الغذائية يومياً، حيث عثر على صوامع فردية كبيرة الحجم بداخلها بقايا أواني فخارية كبيرة للتخزين، بها بقايا عظام أسماك وحيوانات وبعض من كسر، إضافة إلى أفران من الفخار أسطوانية الشكل، كانت تستخدم لطهي الطعام، بحسب البيان.

لقى أثرية مكتشفة بالحصن (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وعثرت البعثة على سيف طويل من البرونز مزين بنقوش لخرطوش الملك رمسيس الثاني، إضافة إلى مجموعة من اللقى الأثرية التي «تسلط الضوء على الأنشطة اليومية لقاطني الحصن، وفكرهم العقائدي والعسكري»، مثل الأسلحة المستخدمة في الحروب، وأدوات الصيد والزينة والنظافة الشخصية، بينها «مراود التكحيل من العاج وخرزات وجعارين من العقيق الأحمر والقيشاني، وتمائم الحماية».

ووصف عشماوي السيف بأنه «قطعة فريدة»، مشيراً إلى أن «وجوده في الحصن لا يعني أن الملك رمسيس الثاني كان هناك، بل قد يكون أهدي لأحد القادة أو الضباط تكريماً أو تكليفاً له بمهمة عسكرية».

جداريات أثرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وداخل الحصن عثرت البعثة على دفنة لبقرة بوصفها «رمزاً للقوة والوفرة والرخاء التي تميزت بها البقرة كمعبودة في ذلك العصر»، إضافة إلى كتلتين من الحجر الجيري إحداهما عليها كتابة هيروغليفية لألقاب الملك رمسيس الثاني، والأخرى لأحد الموظفين ويدعى «باي»، وجعران من القيشاني مزين بنقش «آمون - سيد السماء»، ويعلو اسمه زهرة اللوتس، وجعران آخر يحمل على قاعدته المعبود «بتاح» من الشست، ونصف خاتم من البرونز عليه نقش للمعبود «آمون حور آختي»، وعقدين من القيشاني والعقيق لـ«زهرة الرومان».


مقالات ذات صلة

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

المشرق العربي لقطة جوية تُظهر قلعة حلب (أ.ف.ب)

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

أتت المعارك في شوارع حلب والقصف الجويّ والصاروخي على كثير من معالم هذه المدينة المُدرجة على قائمة اليونيسكو، لا سيما بين عامي 2012 و2016.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق «مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)

«مستر بيست» يفجر جدلاً في مصر بشأن «تأجير الأهرامات»

أثار «يوتيوبر» أميركي جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد حديثه عن «تأجير الأهرامات»، وهو ما نفته وزارة السياحة والآثار المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرون تحت الماء (جمعية «سوبمير»)

سفينة غارقة قبل 2500 سنة تُخبّئ اكتشافات في صقلية

أسفرت حفريات تحت الماء قبالة سواحل صقلية لحطام سفينة عمرها 2500 عام، عن اكتشاف أدوات ومراسٍ قديمة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إحدى الأيقونات في فيلم «كنيسة أبي سرجة» (يوتيوب)

«أبي سرجة»... فيلم وثائقي يُبرز رحلة العائلة المقدسة في مصر

فوق المغارة التي لجأت إليها العائلة المقدسة خلال رحلتها في مصر، تحديداً في المنطقة المعروفة حالياً بمصر القديمة في «مجمع الأديان».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)
يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)
TT

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)
يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

يُفضِّل الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم وَصْف الحدث بالمبادرة، على حصره بحفل. الخميس، في الـ26 من الشهر الحالي، يُقام «شاينينغ ستارز أوف هوب» (النجوم تلمع أملاً) بموسمه الثاني. تتّحد أصوات فنانين مع نغمات الأوركسترا الحيّة لتُعلن التصدّي لأشكال الخذلان: مرّة هو الزمن ومرّات البشر. فمَن وُلدت من أجلهم المبادرة، هم هذه السنة فنانو لبنان المُهمَلون. غدرت السنوات وتخلّى الآخر، بعد أعمار بذلوها للعطاء. كانوا نجوماً يتلألأون، ثم حلَّ ما يجرُّ إلى الخفوت. ليس معدن المواهب، فهو أصيل؛ وإنما الأولويات وأجندة السوق.

وُلدت المبادرة هذه السنة لدعم فناني لبنان المُهمَلين (من حفل عام 2023)

لم يظنّ ريكاردو كرم أنّ موسماً آخر سيولّد آخر؛ فرغم الإرادة والاجتهاد، يقسو الظرف ويشتدّ العصف. يرى في الحدث إحدى أذرع مؤسّسة «تكريم» التي أسَّسها لتتجاوز كونها خيرية، نحو بناء الجسور وتغيير السردية المتعلّقة بالعرب. يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ التكريمات تشاء شُكْر مَن لا ينالون التقدير على الجهد، ومَن يعملون بصمت أو يُحال تعبهم على الواجب. «نبحث عنهم ونحتفل بهم. يلهموننا التوسُّع في الإنصاف».

على مدى 15 عاماً، عبَرَت «تكريم» من جائزة مُوزَّعة في حفل سنوي نحو نقاش قضايا الإنسان ضمن ورشات عمل ومنتديات، من لبنان والمنطقة إلى أميركا وأوروبا ولاحقاً أستراليا. كبُرت ونضُجت. يراها «واحة في مواجهة رداءة الزمن، تختار الأفضل وتضيء عليه».

«النجوم تلمع أملاً» لحظة إنسانية مُلحَّة

رسالته تجعل «النجوم تلمع أملاً» لحظة إنسانية مُلحَّة. 30 عاماً من المكانة الإعلامية قرَّبت ريكاردو كرم من ممثلين يلمس اليوم معاناتهم. يدرك تفوّق الجهد الجماعي على العون الفردي؛ وأنّ اليد وحدها لا تصفّق رغم نُبل المحاولة. أجرى اتصالاته وكتب للموسم الثاني الحياة.

أراد للحدث أن يعمّ المناطق ولا يقتصر على بهجات ديسمبر. لكنها الاستحالة اللبنانية. ففي فرنسا مثلاً، يُنظَّم شبيهه، ومنه استلهم كرم الفكرة، فيجمع كبار الفنانين لتأدية أغنيات العمالقة. هنا في أرض المباغتات، تخضع الخطط للظرف. يقول: «ينجح مشروع فنفكّر بالتالي، ليحدُث ما ينسف الخطط. الحروب تفرض إيقاعها. اليوم، وبعد مرارات غزة ولبنان، أردنا تذكيراً بإنسانيتنا. طوال الأمسية، سنصغي إلى أغنيات تحاكي المحبة والتسامح والقيم. سنشعر بقدرة الغفران على اجتراح الضوء، والحبّ على التخطّي».

لم يظنّ ريكاردو كرم أنّ موسماً آخر سيولّد آخر لقسوة الظرف (من حفل عام 2023)

في صالة السفراء بـ«كازينو لبنان» المُجاور لخليج جونية المتلألئ بأضواء الميلاد، يُقام الحفل لدعم 105 ممثلين تركوا لمساتهم المسرحية والسينمائية وأخبروا قصصاً لا تُنسى. اليوم، هم منسيّون. نحو 20 فناناً يجتمعون من أجل هذه القضية، ليعلنوا بأصواتهم ومواهبهم أنّ الذهب سيظلّ يلمع، وإن حجب وهجه غيمٌ أسود. بقيادة المايسترا ياسمينا صباح، وبمشاركة أوركسترا من 21 موسيقياً، مع نحو 20 راقصاً، يقول الفنانون برناديت حديب، وبرونو طبّال، وديا عودة، وجنى سلامة، وجو قديح، وكريستيان أو عنّي، ومنال ملاط، ومارك رعيدي باز، وماتيو خضر، ومكسيم شامي، وناريمان أبو رحال، ورند، وسهير نصر الدين، وطلال الجردي، وطوني أبو جودة، ووسام صليبا، وزاف؛ إنّ هذا العرض التطوّعي لا يحتفي بالمواهب اللبنانية وتنوّعها فحسب، وإنما يتحوّل يداً تمتدّ إلى مَن هجرتهم الأيدي، فتُهدّئ إحساسهم بالإهمال.

في «كازينو لبنان» يُقام الحفل لدعم 105 ممثلين تركوا لمساتهم (من حفل عام 2023)

يعود الريع لهم؛ هم بوصف ريكاردو كرم مَن «خانهم العُمر وربما الذاكرة، ولوّعتهم الحرب. الجزء المُهمَّش الذي أحالوه على الماضي وغباره». الفارق بين نسخة 2023 الأولى و2024 الثانية، أنّ الإنهاك أرخى ثقله على هذا العام. ومع ذلك، اتصل بمَن لبّوا النداء: «كانوا كثراً يجعلون التوقّف عند بعضٍ تذرَّعوا للتهرُّب، رغم كونهم أثرياء، مسألة ثانوية. دعمُ الفنانين لا يقتصر على صنفه المادي. كل ما يحتاجون إليه سيصل: دواء، ومواد غذائية، ومساحيق تنظيف، ومكياج، وملابس، وعطور...».

المكانة الإعلامية قرَّبت ريكاردو كرم من ممثلين يلمس معاناتهم (من حفل عام 2023)

يستيقظ يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق. 3 عقود في الإعلام والحوارات والجهود الإنسانية، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن عبر السنوات، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين لإسعاد الآخرين.

يُمازح بأنها «ليست نزعة اشتراكية» تلك المُحرِّضة على العطاء، وإنما رغبته في أن تسود العدالة الاجتماعية بين البشر. ويكشف أنّ الحفل سيشهد إطلاق جَمْع تبرّعات مفتوح عبر مواقع التواصل، بالتعاون مع مؤسسة بريطانية، لرفع المبلغ: «نستطيع الشعور بآلام ممثل رافق مراحل من أعمارنا وشكَّلت نجوميته شعاع أيام عصيبة. أرى في عيون الممثلين المنسيّين خيبات. المهنة جاحدة، والحرب هدَّت الحيل. الدولة والآخر، عمّقا الخذلان. نذكُرهم بالدعم والحبّ والوفاء».